للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَيْعَلَاتٍ وَتَثْوِيبٍ وَكَلِمَتَيْ إقَامَةٍ فَيُحَوْقِلُ فِي كُلِّ كَلِمَةٍ فِي الْأُولَى، وَيَقُولُ فِي الثَّانِيَةِ: صَدَقْت وَبَرَرْت، وَفِي الثَّالِثَةِ: أَقَامَهَا اللَّهُ وَأَدَامَهَا وَجَعَلَنِي مِنْ صَالِحِي أَهْلِهَا.

وَيُسَنُّ لِكُلٍّ مِنْ مُؤَذِّنٍ وَمُقِيمٍ وَسَامِعٍ وَمُسْتَمِعٍ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ، ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ وَالصَّلَاةِ الْقَائِمَةِ آتِ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ، وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي وَعَدَّتْهُ. تَنْبِيهٌ: الْأَذَانُ وَحْدَهُ أَفْضَلُ مِنْ الْإِمَامَةِ، وَقِيلَ إنَّ الْأَذَانَ مَعَ الْإِقَامَةِ أَفْضَلُ مِنْ الْإِمَامَةِ، وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ هَذَا فِي نُكَتِهِ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

نَفْسَهُ أَخْذًا مِنْ مُقْتَضَى الْأَحَادِيثِ اهـ. وَإِذَا سَمِعَ مُؤَذِّنًا بَعْدَ مُؤَذِّنٍ فَالْمُخْتَارُ أَنَّ أَصْلَ الْفَضِيلَةِ شَامِلَةٌ لِلْجَمِيعِ إلَّا أَنَّ الْأَوَّلَ يُكْرَهُ تَرْكُهُ. وَقَالَ الْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: إجَابَةُ الْأَوَّلِ أَفْضَلُ إلَّا أَذَانَيْ الصُّبْحِ فَلَا أَفْضَلِيَّةَ فِيهِمَا لِتَقَدُّمِ الْأَوَّلِ وَوُقُوعِ الثَّانِي فِي الْوَقْتِ، وَإِلَّا أَذَانَيْ الْجُمُعَةِ لِتَقَدُّمِ الْأَوَّلِ وَمَشْرُوعِيَّةِ الثَّانِي فِي زَمَنِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -. قَالَ م ر: وَمِمَّا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى إذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُونَ وَاخْتَلَطَتْ أَصْوَاتُهُمْ عَلَى السَّامِعِ وَصَارَ بَعْضُهُمْ يَسْبِقُ بَعْضًا فَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تُسْتَحَبُّ إجَابَةُ هَؤُلَاءِ.

وَاَلَّذِي أَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ أَنَّهُ تُسْتَحَبُّ إجَابَتُهُمْ اهـ اج وَقَوْلُهُ لِسَامِعِ الْمُؤَذِّنِ إلَخْ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مُصَلِّيًا وَلَوْ لِنَفْلٍ وَلَمْ يُكْرَهْ لَهُ الْكَلَامُ كَقَاضِي الْحَاجَةِ وَالْمَجَامِعِ وَمَنْ يَسْمَعُ الْخَطِيبَ ح ل.

قَوْلُهُ: (فِي كُلِّ كَلِمَةٍ) أَيْ مِنْ الْحَيْعَلَاتِ، وَفِي بِمَعْنَى اللَّامِ فَلَا يَلْزَمُ تَعَلُّقُ حَرْفَيْ جَرٍّ بِمَعْنًى وَاحِدٍ بِعَامِلٍ وَاحِدٍ

قَوْلُهُ: (الدَّعْوَةِ) أَيْ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ قَوْلُهُ: (التَّامَّةِ) أَيْ السَّالِمَةِ مِنْ تَطَرُّقِ نَقْصٍ إلَيْهَا وَالْقَائِمَةُ الَّتِي سَتُقَامُ. وَالْوَسِيلَةُ مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ، وَالْمَقَامُ الْمَحْمُودُ مَقَامُ الشَّفَاعَةِ فِي فَصْلِ الْقَضَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَرْحُ الْمَنْهَجِ. وَقَوْلُهُ: الَّذِي وَعَدْتَهُ أَيْ بِقَوْلِهِ {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: ٧٩] قَوْلُهُ: (وَالْفَضِيلَةُ) مُرَادِفٌ أَوْ مَا أُعْطِيَهُ مِنْ الْفَضَائِلِ ق ل. أَوْ الْمُرَادُ بِالْفَضِيلَةِ الشَّفَاعَةُ فِي فَصْلِ الْقَضَاءِ وَالْوَسِيلَةُ مَنْزِلَتُهُ فِي الْجَنَّةِ، أَمَّا لَوْ أُرِيدَ بِالْوَسِيلَةِ مَنْزِلَتُهُ فِي الْجَنَّةِ وَبِالْفَضِيلَةِ مَنْزِلَةُ إبْرَاهِيمَ وَآلِهِ فَالْكَلَامُ مُشْكِلٌ، إذْ كَيْفَ يُطْلَبُ لِلنَّبِيِّ مَا لِإِبْرَاهِيمَ وَآلِهِ؟ فَالصَّوَابُ التَّفْسِيرُ الْأَوَّلُ؛ وَفَائِدَةُ طَلَبِ ذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ ثَابِتٌ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَوْدُ الثَّوَابِ عَلَى الدَّاعِي أَوْ إظْهَارُ شَرَفِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَوْلُهُ: (مَقَامًا) مَفْعُولٌ بِهِ لِابْعَثْهُ بِتَضْمِينِهِ مَعْنَى أَعْطِهِ، أَوْ مَفْعُولٌ فِيهِ أَيْ أَقِمْهُ فِي مَقَامٍ أَوْ حَالٍ أَيْ ابْعَثْهُ ذَا مَقَامٍ مَحْمُودٍ شَرْحُ الْبُخَارِيِّ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ قَوْلُهُ: (وَحْدَهُ) مُعْتَمَدٌ قَوْلُهُ: (أَفْضَلُ) قَالُوا لِخَبَرِ «لَا يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ جِنٌّ وَلَا إنْسٌ وَلَا شَيْءٌ إلَّا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» وَلِأَنَّهُ لِإِعْلَامِهِ بِالْوَقْتِ أَكْثَرُ نَفْعًا مِنْهَا شَرْحُ الْمَنْهَجِ، وَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الْمُؤَذِّنُونَ أَطْوَلُ أَعْنَاقًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» أَيْ أَكْثَرُ رَجَاءً، لِأَنَّ رَاجِيَ الشَّيْءِ يَمُدُّ عُنُقَهُ إلَيْهِ، وَقِيلَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ أَيْ إسْرَاعًا إلَى الْجَنَّةِ، وَإِنَّمَا كَانَ الْأَذَانُ أَفْضَلَ مَعَ كَوْنِهِ سُنَّةً، وَالْإِمَامَةُ فَرْضَ كِفَايَةٍ لِأَنَّ السُّنَّةَ قَدْ تَفْضُلُ الْفَرْضَ كَرَدِّ السَّلَامِ مَعَ ابْتِدَائِهِ شَرْحُ م ر، وَلِحَدِيثِ «الْإِمَامُ ضَامِنٌ وَالْمُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ، اللَّهُمَّ أَرْشِدْ الْأَئِمَّةَ وَاغْفِرْ لِلْمُؤَذِّنِينَ» وَالْأَمَانَةُ أَعْلَى مِنْ الضَّمَانِ، وَالْمَغْفِرَةُ أَعْلَى مِنْ الْإِرْشَادِ اهـ اج. وَقَوْلُ الْمَنْهَجِ قَالُوا إلَخْ تَبَرُّؤٌ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ الْأَذَانِ عَلَى الْإِمَامَةِ. وَقَدَّمَ الْجِنَّ عَلَى الْإِنْسِ لِتَأَثُّرِهِمْ بِالْأَذَانِ أَكْثَرَ مِنْ الْإِنْسِ، فَالْأَوْلَى الِاسْتِدْلَال عَلَى كَوْنِ الْأَذَانِ أَفْضَلَ مِنْ الْإِمَامَةِ لِأَنَّهُ مُشْتَمِلٌ عَلَى أُصُولِ الدِّينِ وَفُرُوعِهِ، فَالْأُصُولُ فِيهِ التَّكْبِيرُ وَالشَّهَادَتَانِ، وَالْفُرُوعُ مِنْ قَوْلِهِ حَيِّ عَلَى الصَّلَاةِ إلَخْ. وَإِنَّمَا طُلِبَتْ هَذِهِ الْأَلْفَاظُ مِنْ الْمُجِيبِ لِلْخَبَرِ الْوَارِدِ فِي ذَلِكَ، وَلِأَنَّ الْحَيْعَلَتَيْنِ دُعَاءٌ إلَى الصَّلَاةِ فَلَا يَلِيقُ بِغَيْرِ الْمُؤَذِّنِ إذْ لَوْ قَالَهُ السَّامِعُ لَكَانَ النَّاسُ كُلُّهُمْ دُعَاةً، فَمنْ الْمُجِيبُ فَيُسَنُّ لِلْمُجِيبِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ تَفْوِيضٌ مَحْضٌ إلَى اللَّهِ تَعَالَى اهـ اج. تَنْبِيهٌ: لِيُحْذَرْ مِنْ أَغْلَاطٍ تُبْطِلُ الْأَذَانَ بَلْ يُكَفَّرُ مُتَعَمِّدُ بَعْضِهَا كَمَدِّ بَاءِ أَكْبَرُ وَهَمْزَتِهِ، وَهَمْزَةِ أَشْهَدُ وَأَلِفِ اللَّهُ، وَمِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>