للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَهَيْئَاتُهَا) جَمْعُ هَيْئَةٍ، وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا مَا عَدَا الْأَبْعَاضَ مِنْ السُّنَنِ الَّتِي لَا تُجْبَرُ بِالسُّجُودِ، وَهِيَ كَثِيرَةٌ وَالْمَذْكُورَةُ مِنْهَا هُنَا (خَمْسَةَ عَشْرَ خَصْلَةً) الْأُولَى: (رَفْعُ الْيَدَيْنِ) أَيْ رَفْعُ كَفَّيْهِ لِلْقِبْلَةِ مَكْشُوفَتَيْنِ، مَنْشُورَتَيْ الْأَصَابِعِ مُفَرَّقَةً وَسَطًا (عِنْدَ) ابْتِدَاءِ (تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ) مُقَابِلَ مَنْكِبَيْهِ بِأَنْ تُحَاذِيَ أَطْرَافُ أَصَابِعِهِمَا أَعْلَى أُذُنَيْهِ، وَإِبْهَامَاهُ شَحْمَتَيْ أُذُنَيْهِ، وَرَاحَتَاهُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَعَدَمَ اخْتِصَاصِهِ بِمَحَلِّ الْمَشْرُوعِ اهـ خ ض قَوْلُهُ: (وَلَا تُسَنُّ الصَّلَاةُ عَلَى الْآلِ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ) لَا مِنْ الْإِمَامِ وَلَا مِنْ الْمَأْمُومِ إذَا كَانَ مُوَافِقًا، وَالْأَشْبَهُ فِي الْمَأْمُومِ الْمُوَافِقُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْإِمَامُ يُطِيلُ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ إمَّا لِثِقَلِ لِسَانِهِ أَوْ غَيْرِهِ وَأَتَمَّهُ الْمَأْمُومُ سَرِيعًا اُسْتُحِبَّ لَهُ الدُّعَاءُ إلَى أَنْ يَقُومَ إمَامُهُ فَلَا يَأْتِي بِالصَّلَاةِ عَلَى الْآلِ وَمَا بَعْدَهَا، وَأَمَّا الْمَسْبُوقُ إذَا أَدْرَكَ رَكْعَتَيْنِ مِنْ الرُّبَاعِيَّةِ فَإِنَّهُ يَتَشَهَّدُ مَعَ الْإِمَامِ تَشَهُّدَهُ الْأَخِيرَ، وَهُوَ أَوَّلٌ لِلْمَأْمُومِ فَيُسْتَحَبُّ لَهُ الدُّعَاءُ فِيهِ. وَمِنْهُ الصَّلَاةُ عَلَى الْآلِ وَهَلْ بَقِيَّةُ التَّشَهُّدِ كَذَلِكَ أَوْ لَا يَأْتِي بِبَقِيَّةِ التَّشَهُّدِ لِأَنَّهُ كَنَقْلِ الْقَوْلِيِّ. اهـ. ح ل؟ وَاَلَّذِي اعْتَمَدَهُ م ر الْإِتْيَانُ بِبَقِيَّتِهِ، بَلْ يُسْتَحَبُّ الْإِتْيَانُ بِدُعَائِهِ، وَمِنْهُ الصَّلَاةُ عَلَى الْآلِ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر وَذَلِكَ أَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ لِلْمَأْمُومِ أَنْ يَأْتِيَ بِمَا يُسَنُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ وَالْإِمَامُ يُسَنُّ لَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ الْإِتْيَانُ بِذَلِكَ بِخِلَافِهِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَأْمُومُ مُوَافِقًا فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ كَمَا مَرَّ.

قَوْلُهُ: (وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا) خَرَجَ بِهِ الطُّمَأْنِينَةُ لِأَنَّهَا تُسَمَّى هَيْئَةً لِمَا هِيَ فِيهِ ق ل قَوْلُهُ: (الَّتِي لَا تُجْبَرُ بِالسُّجُودِ) لِعَدَمِ وُرُودِ السُّجُودِ لِتَرْكِهَا، فَإِنْ سَجَدَ لِشَيْءٍ مِنْهَا عَالِمًا عَامِدًا أَوْ جَاهِلًا غَيْرَ مَعْذُورٍ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ كَمَا مَرَّ قَوْلُهُ: (رَفْعُ الْيَدَيْنِ) لِإِمَامٍ وَغَيْرِهِ وَلَوْ امْرَأَةً وَإِنْ اضْطَجَعَ، وَالْحِكْمَةُ فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ رَفْعُ الْحِجَابِ بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الرَّبِّ جَلَّتْ عَظَمَتُهُ، وَالْإِشَارَةُ فِي رَفْعِ السَّبَّابَةِ إلَى الْوَحْدَانِيَّةِ، وَالْإِشَارَةُ فِي وَضْعِ الْيَمِينِ عَلَى الشِّمَالِ ذُلٌّ بَيْنَ يَدَيْ عَزِيزٍ. وَيُكْرَهُ لِلْخَطِيبِ رَفْعُ يَدَيْهِ حَالَةَ الْخُطْبَةِ اهـ قَوْلُهُ: (أَيْ رَفْعُ كَفَّيْهِ) أَتَى بِهِ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْيَدِ مِنْ رُءُوسِ الْأَصَابِعِ إلَى الْمَنْكِبِ فَدَفَعَهُ بِذَلِكَ. اهـ. عَبْدُ الْبَرِّ.

وَإِطْلَاقُ الْيَدَيْنِ عَلَى الْكَفَّيْنِ مَجَازٌ مِنْ إطْلَاقِ الْكُلِّ عَلَى الْجُزْءِ، فَلَوْ قُطِعَتْ الْيَدُ مِنْ الْكُوعِ رَفَعَ السَّاعِدَ أَوْ مِنْ الْمِرْفَقِ رَفَعَ الْعَضُدَ لِأَنَّ الْمَيْسُورَ لَا يَسْقُطُ بِالْمَعْسُورِ، وَلَوْ قُطِعَتْ إحْدَاهُمَا رَفَعَ سَاعِدَهَا مَعَ الْأُخْرَى، وَلَوْ رَفَعَ إحْدَاهُمَا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى رَفْعِ الْأُخْرَى لَمْ يَحْصُلْ لَهُ أَصْلُ السُّنَّةِ بَلْ يُكْرَهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ شَرَفٍ قَوْلُهُ: (لِلْقِبْلَةِ) أَيْ مَا يُصَلَّى إلَيْهِ فَيَشْمَلُ مَقْصِدَ الْمُسَافِرِ أَوْ مَنْ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ رَحْمَانِيٌّ. وَقَوْلُهُ مَنْشُورَتَيْ الْأَصَابِعِ لِيَكُونَ لِكُلِّ عُضْوٍ اسْتِقْلَالٌ فِي الْعِبَادَةِ.

ضَابِطٌ لِلْأَصَابِعِ فِي الصَّلَاةِ سِتُّ حَالَاتٍ: إحْدَاهَا حَالَةُ الرَّفْعِ فِي تَحَرُّمٍ وَرُكُوعٍ وَاعْتِدَالٍ وَقِيَامٍ مِنْ تَشَهُّدٍ أَوَّلٍ فَيُنْدَبُ تَفْرِيقُهَا. الثَّانِيَةُ: حَالُ قِيَامٍ فِي غَيْرِ التَّشَهُّدِ فَلَا تُفَرَّقُ. الثَّالِثَةُ: حَالُ رُكُوعٍ فَيُنْدَبُ تَفْرِيقُهَا عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ. الرَّابِعَةُ: حَالُ سُجُودٍ فَتُضَمُّ وَتُوَجَّهُ لِلْقِبْلَةِ. الْخَامِسَةُ: حَالُ قُعُودٍ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ كَالسُّجُودِ. السَّادِسَةُ: التَّشَهُّدُ فَالْيَمِينُ مَضْمُومَةُ الْأَصَابِعِ إلَّا الْمُسَبِّحَةَ وَالْيُسْرَى مَبْسُوطَةٌ وَالْأَصَحُّ فِيهَا الضَّمُّ. اهـ. مُنَاوِيٌّ.

قَوْلُهُ: (عِنْدَ ابْتِدَاءِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ) بِالْإِجْمَاعِ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ. وَقَوْلُهُ: عِنْدَ ابْتِدَاءٍ مُتَعَلِّقٌ بِالرَّفْعِ، أَيْ ابْتِدَاءِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ ابْتِدَاءِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ. وَقَوْلُهُ: مُقَابِلُ مَنْكِبَيْهِ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ يُنْهِيهِمَا مُقَابِلُ مَنْكِبَيْهِ قَوْلُهُ: (مَنْكِبَيْهِ) تَثْنِيَةُ مَنْكِبٍ وَهُوَ مَجْمَعُ عَظْمِ الْعَضُدَيْنِ وَالْكَتِفِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا تَحْصُلُ السُّنَّةُ بِرَفْعِ الْيَدَيْنِ دُونَ حَذْوِ الْمَنْكِبَيْنِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ ذَلِكَ يُبْطِلُ الصَّلَاةَ مَعَ فِعْلٍ ثَالِثٍ وَتَوَالَتْ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِمَطْلُوبٍ ق ل عَلَى التَّحْرِيرِ. وَمَا ذَكَرَ هُوَ الْأَكْمَلُ، وَالسُّنَّةُ تَحْصُلُ بِأَيِّ رَفْعٍ. اهـ. م د خِلَافًا لِلْقَلْيُوبِيِّ. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ خَبَرُ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ إذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَلْ قَالَ الْبُخَارِيُّ: رَوَى الرَّفْعَ سَبْعَةَ عَشَرَ صَحَابِيًّا وَلَمْ يَثْبُتْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ خِلَافُهُ، وَقَدْ صَنَّفَ الْبُخَارِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي ذَلِكَ تَصْنِيفًا رَدَّ فِيهِ عَلَى مُنْكِرِي الرَّفْعِ، وَحِكْمَتُهُ كَمَا قَالَ إمَامُنَا الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -:

<<  <  ج: ص:  >  >>