مَنْكِبَيْهِ (وَعِنْدَ) الْهَوِيِّ إلَى (الرُّكُوعِ وَ) عِنْدَ (الرَّفْعِ مِنْهُ) وَعِنْدَ الْقِيَامِ إلَى الثَّالِثَةِ مِنْ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ كَمَا صَوَّبَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَفِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ وَجَزَمَ بِهِ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَيْضًا.
(وَ) الثَّانِيَةُ (وَضْعُ) بَطْنِ كَفِّ (الْيَمِينِ عَلَى) ظَهْرِ (الشِّمَالِ) بِأَنْ يَقْبِضَ فِي قِيَامٍ أَوْ بَدَلِهِ بِيَمِينِ كُوعِ يَسَارِهِ وَبَعْضِ سَاعِدِهَا وَرُسْغِهَا تَحْتَ صَدْرِهِ وَفَوْقَ سُرَّتِهِ لِلِاتِّبَاعِ، وَقِيلَ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ بَسْطِ أَصَابِعِ الْيَمِينِ فِي عَرْضِ الْمِفْصَلِ وَبَيْنَ نَشْرِهَا صَوْبَ السَّاعِدِ. وَالْقَصْدُ مِنْ الْقَبْضِ الْمَذْكُورِ تَسْكِينُ الْيَدَيْنِ فَإِنْ أَرْسَلَهُمَا وَلَمْ يَعْبَثْ فَلَا بَأْسَ. وَالْكُوعُ الْعَظْمُ الَّذِي يَلِي إبْهَامَ الْيَدِ وَالْبُوعُ الَّذِي يَلِي إبْهَامَ الرِّجْلِ يُقَالُ الْغَبِيُّ هُوَ الَّذِي لَا يَعْرِفُ كُوعَهُ مِنْ بُوعِهِ وَالرُّسْغُ هُوَ الْمِفْصَلُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
إعْظَامُ إجْلَالِ اللَّهِ وَرَجَاءُ ثَوَابِهِ وَالِاقْتِدَاءُ بِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَوَجْهُ الْإِعْظَامِ مَا تَضَمَّنَهُ الْجَمْعُ بَيْنَ مَا يُمْكِنُ مِنْ اعْتِقَادِ الْقَلْبِ عَلَى اعْتِقَادِ كِبْرِيَائِهِ تَعَالَى وَعَظَمَتِهِ، وَالتَّرْجَمَةِ عَنْهُ بِاللِّسَانِ، وَإِظْهَارِ مَا يُمْكِنُ إظْهَارُهُ مِنْ الْأَرْكَانِ. وَقِيلَ: إشَارَةٌ إلَى طَرْحِ مَا سِوَاهُ تَعَالَى وَالْإِقْبَالِ بِكُلِّهِ عَلَى صَلَاتِهِ، وَقِيلَ الْحِكْمَةُ فِي الرَّفْعِ أَنْ يَرَاهُ الْأَصَمُّ فَيَعْلَمَ دُخُولَهُ فِي الصَّلَاةِ كَالْأَعْمَى يَعْلَمُ سَمَاعَ التَّكْبِيرِ، وَإِشَارَةٌ إلَى رَفْعِ الْحِجَابِ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالْمَعْبُودِ اهـ. وَقِيلَ الْحِكْمَةُ فِي رَفْعِهِمَا أَنَّ الْكُفَّارَ كَانُوا يُصَلُّونَ خَلْفَ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَالْأَصْنَامُ تَحْتَ آبَاطِهِمْ، فَأَمَرَ اللَّهُ النَّبِيَّ بِرَفْعِ الْيَدَيْنِ فَرَفَعَ يَدَيْهِ فَوَافَقَهُ الْمُنَافِقُونَ وَرَفَعُوا أَيْدِيَهُمْ فَسَقَطَتْ أَصْنَامُهُمْ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الرَّفْعِ وَتَفْرِيقِ الْأَصَابِعِ وَكَوْنِهِ وَسَطًا وَإِلَى الْقِبْلَةِ سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ، وَإِذَا فَعَلَ شَيْئًا أُثِيبَ عَلَيْهِ وَفَاتَهُ الْكَمَالُ، وَلَوْ تَرَكَ الرَّفْعَ فِي جَمِيعِ مَا أُمِرَ بِهِ أَوْ فَعَلَهُ حَيْثُ لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ كُرِهَ لَهُ ذَلِكَ
قَوْلُهُ: (وَعِنْدَ الْهَوِيِّ) أَيْ قَبْلَهُ بِأَنْ يَهْوِيَ بَعْدَ تَمَامِ الرَّفْعِ ق ل. وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ خ ض بِأَنْ يَبْتَدِئَ الرَّفْعَ مَعَ ابْتِدَاءِ التَّكْبِيرِ، فَإِذَا حَاذَى كَفَاهُ مَنْكِبَيْهِ انْحَنَى اهـ، وَلَوْ تَرَكَ الرَّفْعَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا حَتَّى شَرَعَ فِي التَّكْبِيرِ رَفَعَ أَثْنَاءَهُ لَا بَعْدَهُ لِزَوَالِ الْهَيْئَةِ قَوْلُهُ: (وَعِنْدَ الرَّفْعِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الرُّكُوعِ بِأَنْ يَبْتَدِئَ الرَّفْعَ مَعَ ابْتِدَاءِ رَفْعِ رَأْسِهِ مِنْ الرُّكُوعِ، فَإِذَا اسْتَوَى أَرْسَلَهُمَا إرْسَالًا خَفِيفًا تَحْتَ صَدْرِهِ فَقَطْ وَوَافَقْنَا عَلَى الرَّفْعِ الْحَنَابِلَةُ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يُسَنُّ رَفْعُ الْيَدَيْنِ فِي الرُّكُوعِ وَالرَّفْعُ مِنْهُ. قَالَ الْعَلَّامَةُ الشَّوْبَرِيُّ: لَا يُقَالُ هَلَّا يُسَنُّ تَرْكُ الرَّفْعِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ قَالَ بِإِبْطَالِهِ الصَّلَاةَ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ. لِأَنَّا نَقُولُ لِمُرَاعَاةِ الْخِلَافِ شُرُوطٌ مِنْهَا أَنْ لَا يُخَالِفَ سُنَّةً ثَابِتَةً وَهَذَا ثَابِتٌ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ رِوَايَةِ نَحْوِ خَمْسِينَ صَحَابِيًّا قَالَهُ فِي الْأَشْبَاهِ اهـ. فَعُلِمَ أَنَّ رَفْعَ الْيَدَيْنِ فِي جَمِيعِ مَحَالِّهِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، فَلَا تُتْرَكُ لِمُرَاعَاةِ الْخِلَافِ عَلَى الرَّاجِحِ عِنْدَ عُلَمَاءِ الْأُصُولِ اهـ.
قَوْلُهُ: (وَعِنْدَ الْقِيَامِ إلَى الثَّالِثَةِ مِنْ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ التَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُصَلِّي فَلَا يَرْفَعُ إذَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الثَّانِيَةِ فَلْيُرَاجَعْ مَدَابِغِيٌّ عَلَى التَّحْرِيرِ.
قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَقْبِضَ) هَذَا هُوَ الْأَفْضَلُ، وَلَوْ أَرْسَلَهُمَا بِلَا عَبَثٍ لَمْ يُكْرَهْ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ بَعْدَ قَوْلِهِ: (وَرُسْغِهَا) أَيْ وَبَعْضِ رُسْغِهَا كَمَا هُوَ صَرِيحٌ. شَرْحُ التَّحْرِيرِ أَيْ فَهُوَ مَجْرُورٌ، وَلَا يُقَالُ الْمَقْبُوضُ جَمِيعُ الرُّسْغِ بِمَعْنَى الْمِفْصَلِ لِأَنَّ هُنَاكَ فُرْجَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا يَلِي الْإِبْهَامَ مِنْ الْكَفِّ. قَالَ الشَّوْبَرِيُّ: لَا يَبْعُدُ فِيمَنْ قُطِعَ كَفُّ يُمْنَاهُ مَثَلًا وَضْعُ طَرَفِ الزَّنْدِ عَلَى يُسْرَاهُ، وَفِيمَنْ قُطِعَ كَفَّاهُ وَضْعُ أَحَدِ الزَّنْدَيْنِ عِنْدَ طَرَفِ الْآخَرِ تَحْتَ صَدْرِهِ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ سُقُوطَ السُّجُودِ عَلَى الْيَدِ إذَا قُطِعَ الْكَفُّ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَاكَ سُقُوطُ الْوُجُوبِ بِسُقُوطِ مَحَلِّهِ دُونَ الِاسْتِحْبَابِ، وَأَيْضًا فَيُمْكِنُ الْفَرْقُ اهـ وَالزَّنْدُ مُوصِلٌ طَرَفَ الذِّرَاعِ فِي الْكَفِّ وَهُمَا زَنْدَانِ جَمْعُهُ زِنَادٌ وَأَزْنَادٌ اهـ قَوْلُهُ: (تَحْتَ صَدْرِهِ وَفَوْقَ سُرَّتِهِ) حَالٌ أَيْ وَلَوْ مُضْطَجِعًا. وَقَالَتْ الْحَنَفِيَّةُ: يَضَعُهُمَا تَحْتَ السُّرَّةِ قَوْلُهُ: (الْمِفْصَلُ) كَمِنْبَرٍ قَوْلُهُ: (وَالْقَصْدُ مِنْ الْقَبْضِ) أَيْ حِكْمَتُهُ ذَلِكَ وَقِيلَ حِكْمَتُهُ حِفْظُ الْإِيمَانِ فِي قَلْبِهِ عَلَى الْعَادَةِ فِيمَنْ أَرَادَ حِفْظَ شَيْءٍ نَفِيسٍ، وَقِيلَ الْحِكْمَةُ فِي جَعْلِهِمَا كَذَلِكَ أَنْ تَكُونَا فَوْقَ أَشْرَفِ الْأَعْضَاءِ وَهُوَ الْقَلْبُ، وَيُسَنُّ أَنْ تَكُونَا إلَى جِهَةِ الْيَسَارِ أَمْيَلَ لِمَا ذُكِرَ إذْ هِيَ مَحَلُّهُ لِأَنَّ مَنْ احْتَفَظَ عَلَى شَيْءٍ جَعَلَ يَدَيْهِ عَلَيْهِ، وَعِنْدَ السَّادَةِ الْمَالِكِيَّةِ الْأَفْضَلُ الْإِرْسَالُ تَشْبِيهًا بِالْمَيِّتِ {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا} [البقرة: ١٤٨] شَيْخُنَا قَوْلُهُ: (وَالْكُوعُ) الْعَظْمُ الَّذِي يَلِي إبْهَامَ الْيَدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute