للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَيْنَ الْكَفِّ وَالسَّاعِدِ

(وَ) الثَّالِثَةُ دُعَاءُ (التَّوَجُّهِ) نَحْوَ: " وَجَّهْتُ وَجْهِي لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا أَنَا مِنْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

أَيْ أَصْلَ إبْهَامِ الْيَدِ إلَخْ. وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ أَصْلٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْكُوعِ، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْبُوعِ فَلَا تَقْدِيرَ قَوْلُهُ: (الْغَبِيُّ) الْغَبَاوَةُ نِهَايَةُ الْبَلَادَةِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ الْغَبِيُّ هُوَ الَّذِي لَا يَعْرِفُ كُوعَهُ مِنْ كُرْسُوعِهِ لِأَنَّ الْكُرْسُوعَ قَرِيبٌ مِنْ الْكُوعِ. فَيَكُونُ عَدَمُ تَمْيِيزِهِ بَيْنَهُمَا غَايَةً فِي غَبَاوَتِهِ قَوْلُهُ: (وَالرُّسْغُ) بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ الْمِفْصَلُ أَيْ مَا فَوْقَ الْمِفْصَلِ مِنْ عِظَامِ الْأَصَابِعِ بَيْنَ الْكُوعِ الْمَذْكُورِ وَالْكُرْسُوعِ وَهُوَ الْعَظْمُ الَّذِي يَلِي الْخِنْصَرَ ق ل. وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الصِّحَاحِ وَغَيْرِهِ مِنْ كُتُبِ اللُّغَةِ مِنْ أَنَّ الْأَسْمَاءَ الثَّلَاثَةَ أَسْمَاءٌ لِمَا اتَّصَلَ بِالسَّاعِدِ لَا بِالْكَفِّ، فَهِيَ أَجْزَاءٌ مِنْ السَّاعِدِ لَا مِنْ الْكَفِّ م د. وَقَدْ جَمَعَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ فَقَالَ:

وَعَظْمٌ يَلِي الْإِبْهَامَ كُوعٌ وَمَا يَلِي ... لِخِنْصَرِهِ الْكُرْسُوعُ وَالرُّسْغُ مَا وَسَطَ

وَعَظْمٌ يَلِي إبْهَامَ رِجْلٍ مُلَقَّبٌ ... بِبُوعٍ فَخُذْ بِالْعِلْمِ وَاحْذَرْ مِنْ الْغَلَطِ

وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ قَوْلِهِ: بِأَنْ يَقْبِضَ إلَخْ هِيَ الْكَيْفِيَّةُ الْفُضْلَى، وَوَرَاءَهَا كَيْفِيَّتَانِ بَسْطُ أَصَابِعِ الْيَمِينِ فِي عَرْضِ الْمِفْصَلِ أَوْ نَشْرُهَا صَوْبَ السَّاعِدِ، فَلِوَضْعِ الْيَدَيْنِ ثَلَاثُ كَيْفِيَّاتٍ. تَنْبِيهٌ: فُهِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ الرَّفْعُ لِلسُّجُودِ وَالرَّفْعُ مِنْهُ بِخِلَافِ الرُّكُوعِ وَالرَّفْعِ مِنْهُ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْيَدَ فِي حَالِ الْقِيَامِ فَارِغَةٌ عَنْ الشُّغْلِ فَيُسَنُّ لَهَا الرَّفْعُ كَحَالَةِ الِافْتِتَاحِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ عِنْدَ السُّجُودِ فَإِنَّ الْيَدَ هُنَاكَ مَشْغُولَةٌ بِالْوَضْعِ عَلَى الْفَخِذِ، وَالِاعْتِمَادِ عَلَى الْأَرْضِ، فَلَمْ يُسَنَّ لَهَا شُغْلٌ آخَرُ فَيَشْغَلَهَا عَنْهُ، وَلَا يُسَنُّ رَفْعُ الْيَدَيْنِ لِلْقِيَامِ مِنْ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ

قَوْلُهُ: (دُعَاءُ التَّوَجُّهِ) فِيهِ تَغْيِيرُ إعْرَابِ الْمَتْنِ، وَالْمُصَنِّفُ يَفْعَلُ ذَلِكَ كَثِيرًا أَيْ دُعَاءُ الِافْتِتَاحِ سَوَاءٌ كَانَتْ الصَّلَاةُ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا إلَّا صَلَاةَ الْجِنَازَةِ، فَلَا يُنْدَبُ فِيهَا كَالصُّورَةِ طَلَبًا لِلتَّخْفِيفِ وَإِنْ صَلَّى عَلَى غَائِبٍ أَوْ قَبْرٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِابْنِ الْعِمَادِ، وَلَا يُطْلَبُ إلَّا إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ وَلَمْ يَكُنْ مَسْبُوقًا اهـ اج. وَفِي تَسْمِيَتِهِ دُعَاءً تَجَوُّزٍ لِأَنَّ الدُّعَاءَ طَلَبٌ وَهَذَا لَا طَلَبَ فِيهِ، وَإِنَّمَا هُوَ إخْبَارٌ فَسُمِّيَ دُعَاءً بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ يُجَازَى عَلَيْهِ كَمَا يُجَازَى عَلَى الدُّعَاءِ اهـ اج. وَقَالَ شَيْخُنَا ح ف: سُمِّيَ دُعَاءً بِاعْتِبَارِ آخِرِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَذْكُورًا هُنَا وَهُوَ: اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدَتْ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ. فَإِنَّ هَذَا مِنْهُ، وَمَحَلُّهُ بَعْدَ التَّحَرُّمِ، وَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ وَيَفُوتُ بِشُرُوعِهِ فِي التَّعَوُّذِ أَوْ الْقِرَاءَةِ وَلَوْ سَهْوًا وَبِجُلُوسِهِ مَعَ إمَامِهِ بِأَنْ أَدْرَكَهُ فِي التَّشَهُّدِ وَجَلَسَ مَعَهُ. قَالَ الشَّوْبَرِيُّ عَلَى الْمَنْهَجِ: لَيْسَ لَنَا مَسْبُوقٌ يَأْتِي بِدُعَاءِ الِافْتِتَاحِ إلَّا مَنْ أَحْرَمَ فَسَلَّمَ إمَامُهُ، أَوْ قَامَ أَيْ الْإِمَامُ مِنْ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ قَبْلَ جُلُوسِهِ أَيْ الْمَأْمُومِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ دُعَاءَ الِافْتِتَاحِ إنَّمَا يُسَنُّ بِشُرُوطٍ خَمْسَةٍ أَنْ يَكُونَ فِي غَيْرِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ، وَأَنْ لَا يَخَافَ فَوْتَ وَقْتِ الْأَدَاءِ، وَأَنْ لَا يَخَافَ الْمَأْمُومُ فَوْتَ بَعْضِ الْفَاتِحَةِ، وَأَنْ لَا يُدْرِكَ الْإِمَامَ فِي غَيْرِ الْقِيَامِ، فَلَوْ أَدْرَكَهُ فِي الِاعْتِدَالِ لَمْ يَفْتَتِحْ كَمَا فِي شَرْحِ م ر، وَأَنْ لَا يَشْرَعَ الْمُصَلِّي مُطْلَقًا فِي التَّعَوُّذِ أَوْ الْقِرَاءَةِ، وَشُرُوطُ التَّعَوُّذِ شُرُوطُ دُعَاءِ الِافْتِتَاحِ إلَّا أَنَّهُ يُسَنُّ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَعِبَارَةُ ابْنِ شَرَفٍ قَوْلُهُ: وَافْتِتَاحُ مَحَلِّهِ مَا لَمْ يَخَفْ فَوْتَ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ مَعَ الْإِمَامِ أَوْ خُرُوجَ الْوَقْتِ عَنْ الصَّلَاةِ أَوْ بَعْضِهَا، لَكِنْ فِي الثَّانِي نَظَرٌ بَلْ لَهُ الْإِتْيَانُ بِهِ وَإِنْ خَافَ خُرُوجَ الْوَقْتِ لِأَنَّهُ مِنْ الْمَدِّ وَهُوَ جَائِزٌ وَلَوْ بِالسُّكُوتِ الْعَمْدِ اهـ. وَفِي فَتَاوَى م ر سُئِلَ عَنْ الشَّخْصِ إذَا صَلَّى آخِرَ الْوَقْتِ وَلَوْ أَتَى بِسُنَنِ الصَّلَاةِ يَخْرُجُ بَعْضُهَا هَلْ يَأْتِي بِهَا أَوْ لَا فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَمَسْأَلَةِ الْوُضُوءِ إذَا بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُ الصَّلَاةَ فَإِنَّهُ يَأْتِي بِفَرَائِضِ الْوُضُوءِ فَقَطْ؟ فَأَجَابَ حَيْثُ شَرَعَ فِي الصَّلَاةِ وَفِي وَقْتِهَا مَا يَسَعُ جَمِيعَهَا كَانَ لَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِسُنَنِهَا وَإِنْ خَرَجَ وَقْتُهَا، وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْوُضُوءِ أَنَّهُ وَسِيلَةٌ لَا يُقْصَدُ لِذَاتِهِ وَاشْتِغَالَهُ بِسُنَنِهَا مِنْ مَصَالِحِهَا اهـ. وَتَعْبِيرُنَا فِيمَا تَقَدَّمَ بِقَوْلِنَا بَعْدَ التَّحَرُّمِ أَحْسَنُ مِنْ تَعْبِيرِ بَعْضِهِمْ بِعَقِبَ، إذْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ سَكَتَ بَعْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>