للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ وَخُسُوفِ الْقَمَرِ وَالِاسْتِسْقَاءِ. وَالتَّرَاوِيحِ وَوِتْرِ رَمَضَانَ وَرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ لَيْلًا أَوْ وَقْتَ الصُّبْحِ (وَالْإِسْرَارُ) بِهَا (فِي مَوْضِعِهِ) فَيُسِرُّ فِي غَيْرِ مَا ذَكَرَ إلَّا فِي نَافِلَةِ اللَّيْلِ الْمُطْلَقَةِ، فَيَتَوَسَّطُ فِيهَا بَيْنَ الْإِسْرَارِ وَالْجَهْرِ إنْ لَمْ يُشَوِّشْ عَلَى نَائِمٍ أَوْ مُصَلٍّ أَوْ نَحْوِهِ. وَمَحَلُّ الْجَهْرِ وَالتَّوَسُّطِ فِي الْمَرْأَةِ حَيْثُ لَا يَسْمَعُ أَجْنَبِيٌّ. وَوَقَعَ فِي الْمَجْمُوعِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

» الْآيَةَ. أَيْ لَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِك كُلِّهَا وَلَا تُخَافِتْ بِصَلَاتِك كُلِّهَا {وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا} [الإسراء: ١١٠] بِأَنْ تَجْهَرَ بِصَلَاةِ اللَّيْلِ وَتُخَافِتَ بِصَلَاةِ النَّهَارِ، فَكَانَ يُخَافِتُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا مُسْتَعِدِّينَ فِي هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ، وَيَجْهَرُ فِي الْمَغْرِبِ لِشُغْلِهِمْ فِيهِ بِالْأَكْلِ وَالْعَشَاءِ، وَالصُّبْحِ لِكَوْنِهِمْ رُقُودًا، وَفِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ لِأَنَّ إقَامَتَهُمَا كَانَتْ بِالْمَدِينَةِ وَمَا كَانَ لِلْكُفَّارِ فِيهَا مِنْ قُوَّةٍ. وَهَذَا الْعُذْرُ وَإِنْ زَالَ بِغَلَبَةِ الْمُسْلِمِينَ فَالْحُكْمُ بَاقٍ لِأَنَّ بَقَاءَهُ يُسْتَغْنَى بِهِ عَنْ بَيَانِ السَّبَبِ لِأَنَّهُ خُلِّفَ عَنْهُ عُذْرٌ آخَرُ هُوَ كَثْرَةُ اشْتِغَالِ النَّاسِ فِي هَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ دُونَ غَيْرِهِمَا، وَقَدْ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى الْجَهْرِ فِيمَا ذُكِرَ اهـ.

قَوْلُهُ: (وَالِاسْتِسْقَاءِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا بِدَلِيلِ الْإِطْلَاقِ فِيهَا وَالتَّقْيِيدِ فِي الطَّوَافِ. اهـ. ابْنُ شَرَفٍ قَوْلُهُ: (وَوِتْرِ رَمَضَانَ) أَيْ وَلَوْ لِمُنْفَرِدٍ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِالتَّرَاوِيحِ قَوْلُهُ: (إلَّا فِي نَافِلَةِ اللَّيْلِ الْمُطْلَقَةِ) خَرَجَ بِهَا غَيْرُهَا كَسُنَّةِ الْعِشَاءَيْنِ فَيُسِرُّ فِيهَا اهـ خ ض قَوْلُهُ: (فَيَتَوَسَّطُ إلَخْ) حَدُّ الْجَهْرِ أَنْ يُسْمِعَ مَنْ يَلِيهِ، وَالْإِسْرَارِ أَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَالتَّوَسُّطُ بَيْنَهُمَا يُعْرَفُ بِالْمُقَايَسَةِ بِهِمَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا} [الإسراء: ١١٠] قَالَ الزَّرْكَشِيّ: وَالْأَحْسَنُ فِي تَفْسِيرِهِ مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ أَنْ يَجْهَرَ تَارَةً وَيُسِرَّ أُخْرَى إذْ لَا تُعْقَلُ الْوَاسِطَةُ. اهـ. ز ي.

وَفَسَّرَ الْحَلَبِيُّ التَّوَسُّطَ بِأَنْ يَزِيدَ عَلَى الْإِسْرَارِ إلَى أَنْ لَا يَبْلُغَ حَدَّ الْجَهْرِ بِأَنْ يَزِيدَ عَلَى أَدْنَى مَا يُسْمِعُ نَفْسَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَبْلُغَ تِلْكَ الزِّيَادَةُ إلَى سَمَاعِ مَنْ يَلِيهِ اهـ. وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَا يُنَاسِبُ قَوْلَ الشَّارِحِ إنْ لَمْ يُشَوِّشْ عَلَى نَائِمٍ إلَخْ، لِأَنَّهُ إذَا كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ مَقْطُوعٌ بِعَدَمِ التَّشْوِيشِ تَأَمَّلْ. فَالصَّوَابُ تَفْسِيرُ التَّوَسُّطِ بِمَا تَقَدَّمَ قَوْلُهُ: (إنْ لَمْ يُشَوِّشْ عَلَى نَائِمٍ أَوْ مُصَلٍّ) وَإِلَّا أَسَرَّ نَدْبًا إنْ شَرَعَا فِي النَّوْمِ أَوْ الصَّلَاةِ قَبْلَ تَحَرُّمِهِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَيُحْتَمَلُ الْأَخْذُ بِإِطْلَاقِهِمْ قَالَهُ الشَّيْخُ ابْنُ حَجَرٍ وَالْوَجْهُ هُوَ الْأَخْذُ بِإِطْلَاقِهِمْ. اهـ. شَوْبَرِيٌّ. أَيْ فَيُنْدَبُ وَلَوْ عَرَضَ ذَلِكَ بَعْدَ تَحَرُّمِهِ. قَالَ الرَّحْمَانِيُّ: فَإِنْ شَوَّشَ حُرِّمَ عِنْدَ ابْنِ الْعِمَادِ وَكُرِهَ عِنْدَ حَجّ، وَقَيَّدَهُ ابْنُ قَاسِمٍ بِغَيْرِ مَنْ يُسَنُّ إيقَاظُهُ لِلصَّلَاةِ وَإِلَّا فَلَا يُكْرَهُ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ إنْ شَوَّشَ كُرِهَ فَقَطْ وَلَا يَحْرُمُ الْجَهْرُ لِأَنَّ الْإِيذَاءَ غَيْرُ مُحَقَّقٍ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الْبَرِّ قَوْلُهُ: (أَوْ نَحْوِهِ) كَمُدَرِّسٍ أَوْ مُتَفَكِّرٍ فِي آلَاءِ اللَّهِ تَعَالَى، وَمِثْلُهُ الْخَوْفُ مِنْ الرِّيَاءِ وَإِلَّا سُنَّ لَهُ الْإِسْرَارُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ. وَيُقَاسُ عَلَى مَا ذَكَرَ مَنْ يَجْهَرُ بِذِكْرٍ أَوْ قُرْآنٍ بِحَضْرَةِ مَنْ يَشْتَغِلُ بِمُطَالَعَةٍ أَوْ تَدْرِيسٍ أَوْ تَصْنِيفٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ اهـ. وَلَا خَفَاءَ أَنَّ الْحُكْمَ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْجَهْرِ وَالْإِسْرَارِ بِكَوْنِهِ سُنَّةً مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ فَلَا يُنَافِي أَنْ يَجْهَرَ بِهِ أَوْ يُسِرّ يَكُونُ وَاجِبًا اهـ.

قَوْلُهُ: (وَمَحَلُّ الْجَهْرِ وَالتَّوَسُّطِ إلَخْ) أَيْ مَحَلُّ طَلَبِهِمَا قَوْلُهُ: (حَيْثُ لَا يَسْمَعُ أَجْنَبِيٌّ) أَفْهَمَ أَنَّ الْخُنْثَى يَجْهَرُ كَالْمَرْأَةِ بِحَضْرَةِ النِّسَاءِ، وَلِذَا قَالَ: وَقَعَ فِي الْمَجْمُوعِ مَا يُخَالِفُهُ فِي الْخُنْثَى أَيْ فَقَالَ إنَّهُ يُسِرُّ بِحَضْرَةِ النِّسَاءِ وَالرِّجَالِ الْأَجَانِبِ مَعَ أَنَّهُ مَعَ النِّسَاءِ إمَّا رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ فَلَا وَجْهَ لِإِسْرَارِهِ. قَالَ م ر: وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْمُخَالَفَةِ لِأَنَّهُ مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا اجْتَمَعَ النِّسَاءُ وَالرِّجَالُ الْأَجَانِبُ، وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الْجَوَابُ الْمَذْكُورُ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر هَذَا كُلُّهُ بِالنِّسْبَةِ لِلذَّكَرِ، أَمَّا الْأُنْثَى وَالْخُنْثَى فَيَجْهَرَانِ إنْ لَمْ يَسْمَعْهُمَا أَجْنَبِيٌّ، وَيَكُونُ جَهْرُهُمَا دُونَ جَهْرِ الذَّكَرِ، فَإِنْ كَانَ ثَمَّ أَجْنَبِيٌّ يَسْمَعُهُمَا كُرِهَ بَلْ يُسِرَّانِ، فَإِنْ جَهَرَا لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُمَا وَوَقَعَ فِي الْمَجْمُوعِ وَالتَّحْقِيقِ أَنَّ الْخُنْثَى يُسِرُّ بِحَضْرَةِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، وَرَدَّهُ فِي الْمُهِمَّاتِ لِأَنَّهُ بِحَضْرَةِ النِّسَاءِ إمَّا ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى، وَيُسْتَحَبُّ لَهُ الْجَهْرُ فِي الْحَالَتَيْنِ وَيَجُوزُ حَمْلُ كَلَامِهِمَا عَلَى إسْرَارِهِ حَالَةَ اجْتِمَاعِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>