للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْجَهْرِ سَائِرُ السُّنَنِ كَقِرَاءَةِ السُّورَةِ وَالْقُنُوتِ وَتَكْبِيرَاتِ الِانْتِقَالَاتِ. فُرُوعٌ: لَوْ جَهِلَ بُطْلَانَهَا بِالتَّنَحْنُحِ مَعَ عِلْمِهِ بِتَحْرِيمِ الْكَلَامِ فَمَعْذُورٌ لِخَفَاءِ حُكْمِهِ عَلَى الْعَوَامّ، وَلَوْ عَلِمَ تَحْرِيمَ الْكَلَامِ وَجَهِلَ كَوْنَهُ مُبْطِلًا لَمْ يُعْذَرْ، كَمَا لَوْ عَلِمَ تَحْرِيمَ شُرْبِ الْخَمْرِ دُونَ إيجَابِهِ الْحَدَّ فَإِنَّهُ يُحَدُّ إذْ مِنْ حَقِّهِ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالتَّحْرِيمِ الْكَفُّ، وَلَوْ تَكَلَّمَ نَاسِيًا لِتَحْرِيمِ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ بَطَلَتْ كَنِسْيَانِ النَّجَاسَةِ عَلَى ثَوْبِهِ صَرَّحَ بِهِ الْجُوَيْنِيُّ وَغَيْرُهُ.

وَلَوْ جَهِلَ تَحْرِيمَ مَا أَتَى بِهِ مِنْهُ مَعَ عِلْمِهِ بِتَحْرِيمِ جِنْسِ الْكَلَامِ فَمَعْذُورٌ كَمَا شَمَلَهُ كَلَامُ ابْنِ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ وَصَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ، وَكَذَا لَوْ سَلَّمَ نَاسِيًا ثُمَّ تَكَلَّمَ عَامِدًا أَيْ يَسِيرًا كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الصَّوْمِ، وَلَوْ تَنَحْنَحَ إمَامُهُ فَبَانَ مِنْهُ حَرْفَانِ لَمْ يُفَارِقْهُ حَمْلًا عَلَى الْعُذْرِ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ تَحَرُّزُهُ عَنْ الْمُبْطِلِ، وَالْأَصْلُ بَقَاءُ الْعِبَادَةِ، وَقَدْ تَدُلُّ كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ قَرِينَةُ حَالِ الْإِمَامِ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ فَتَجِبُ الْمُفَارَقَةُ. وَلَوْ لَحَنَ فِي الْفَاتِحَةِ لَحْنًا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى وَجَبَتْ مُفَارَقَتُهُ، لَكِنْ لَا تَجِبُ مُفَارَقَتُهُ فِي الْحَالِ بَلْ حَتَّى يَرْكَعَ لِجَوَازِ أَنَّهُ لَحَنَ سَاهِيًا وَقَدْ يَتَذَكَّرُ فَيُعِيدُ الْفَاتِحَةَ، وَلَوْ نَطَقَ بِنَظْمِ الْقُرْآنِ بِقَصْدِ التَّفْهِيمِ كَ {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ} [مريم: ١٢] مُفْهِمًا بِهِ مَنْ اسْتَأْذَنَ أَنَّهُ يَأْخُذُ شَيْئًا إنْ قَصَدَ مَعَ التَّفْهِيمِ قِرَاءَةً لَمْ تَبْطُلْ وَإِلَّا بَطَلَتْ. وَتَبْطُلُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الْمَنْذُورِ فِعْلُهَا فِي جَمَاعَةٍ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لَهَا فَلِلْخُرُوجِ مِنْ الْحُرْمَةِ إذْ الصِّحَّةُ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى الْجَمَاعَةِ، مَثَلًا إذَا نَذَرَ صَلَاةَ الظُّهْرِ فِي جَمَاعَةٍ وَجَبَتْ الْجَمَاعَةُ، فَإِنْ صَلَّاهَا مُنْفَرِدًا صَحَّتْ وَأَجْزَأَتْهُ لَكِنْ مَعَ إثْمِهِ بِتَرْكِ الْجَمَاعَةِ الَّتِي نَذَرَهَا اهـ بِحُرُوفِهِ.

قَوْلُهُ: (فُرُوعٌ) هِيَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ فَرْعًا قَوْلُهُ: (لَوْ جَهِلَ بُطْلَانَهَا إلَخْ) لَعَلَّهُ فِي قَلِيلِ التَّنَحْنُحِ ق ل قَوْلُهُ: (فَمَعْذُورٌ) لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ بُطْلَانِهَا بِالْكَلَامِ بُطْلَانُهَا بِالتَّنَحْنُحِ لِأَنَّهُ دُونَهُ قَوْلُهُ: (وَلَوْ عَلِمَ تَحْرِيمَ الْكَلَامِ) أَيْ عَلِمَ أَنَّ كُلَّ كَلَامٍ مُحَرَّمٌ حَتَّى مَا أَتَى بِهِ وَبِهَذَا فَارَقَ مَا سَيَذْكُرُهُ قَوْلُهُ: (وَلَوْ جَهِلَ تَحْرِيمَ مَا أَتَى بِهِ إلَخْ) هَذِهِ تَقَدَّمَتْ وَتَقَدَّمَ تَقْيِيدُهَا بِمَنْ قَرُبَ عَهْدُهُ إلَخْ، وَأَنَّهَا فِيمَا إذَا كَانَ مَا أَتَى بِهِ قَلِيلًا عُرْفًا، وَإِلَّا بَطَلَتْ وَإِنَّمَا أَعَادَهَا لِأَجْلِ سَنَدِهَا لِصَاحِبِهَا قَوْلُهُ: (وَكَذَا لَوْ سَلَّمَ نَاسِيًا إلَخْ) أَيْ لَوْ سَلَّمَ نَاسِيًا فَظَنَّ بُطْلَانَ صَلَاتِهِ بِهِ فَتَكَلَّمَ يَسِيرًا عَمْدًا لَمْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ، وَاَلَّذِي رَجَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي مِثْلِ هَذِهِ فِي الصَّوْمِ بُطْلَانُ الصَّوْمِ فَلْيُرَاجَعْ لِأَنَّهُ كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِمْسَاكُ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ اغْتَفَرَ جِنْسُ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ ق ل. وَقَوْلُهُ فِي مِثْلِ هَذِهِ أَيْ إذَا أَكَلَ نَاسِيًا فَظَنَّ بُطْلَانَ الصَّوْمِ ثُمَّ أَكَلَ عَمْدًا يَسِيرًا وَقَوْلُهُ: بِأَنَّهُ اُغْتُفِرَ جِنْسُ الْكَلَامِ أَيْ عَمْدًا كَالْحَرْفِ الْغَيْرِ الْمُفْهِمِ فَلَا يَرِدُ أَنَّ جِنْسَ الْأَكْلِ اُغْتُفِرَ أَيْضًا فِي الصَّوْمِ لَكِنْ نِسْيَانًا قَوْلُهُ: (وَقَدْ تَدُلُّ كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ قَرِينَةٌ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ كَانَ شَأْنُهُ التَّقْصِيرَ وَفِعْلَ الْمُبْطِلَاتِ كَثِيرًا فَقَوْلُهُ: عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ أَيْ عَدَمُ عُذْرِهِ قَوْلُهُ: (حَتَّى يَرْكَعَ إلَخْ) وَلَا يُتَابِعُهُ لِأَنَّهُ إمَّا مُتَعَمِّدٌ أَنَّ عَلَيْهِ إعَادَةَ الْفَاتِحَةِ فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ، أَوْ نَاسٍ فَيَكُونُ مُخْطِئًا فَلَا يُوَافِقُهُ عَلَى كُلِّ حَالَةٍ وَهَذِهِ طَرِيقَةٌ فِي الْمَسْأَلَةِ. وَهُنَاكَ طَرِيقَةٌ ثَانِيَةٌ تَقُولُ: لَا يُفَارِقُهُ بَلْ يَنْتَظِرُهُ إلَى الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ لَعَلَّهُ يُعِيدُ الْقِرَاءَةَ عَلَى الصَّوَابِ فَيُتَابِعُهُ، وَكَذَا يَنْتَظِرُهُ إلَى الثَّالِثَةِ إنْ لَمْ يُعِدْهَا عَلَى الصَّوَابِ فِي الثَّانِيَةِ، وَهَكَذَا حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ صَلَاتِهِ فَيُكْمِلَ الْمَأْمُومُ صَلَاتَهُ مُنْفَرِدًا وَيُغْتَفَرُ لَهُ هَذَا التَّخَلُّفُ لِأَنَّ فِعْلَ الْإِمَامِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ لِأَنَّ مَا بَعْدَ الْمَتْرُوكِ لَغْوٌ.

قَوْلُهُ: (بِنَظْمِ الْقُرْآنِ) زَادَ لَفْظُ نَظْمٍ لِصِحَّةِ التَّفْصِيلِ بَعْدَهُ ق ل وَخَرَجَ بِنَظْمِ الْقُرْآنِ مَا لَوْ أَتَى بِكَلِمَاتٍ مِنْهُ مُتَوَالِيَةٍ مُفْرَدَاتُهَا فِيهِ دُونَ نَظْمِهَا كَقَوْلِهِ: يَا إبْرَاهِيمُ سَلَامٌ كُنْ فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ شَرْحُ الْمَنْهَجِ قَالَ أج: مَا لَمْ يَقْصِدْ بِكُلِّ قِرَاءَةٍ بِمُفْرَدِهِ فَلَا تَبْطُلُ وَإِنْ أَتَى بِهَا مَجْمُوعَةً اهـ م د. وَلَوْ قَالَ: الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ بَطَلَتْ إنْ تَعَمَّدَ وَإِلَّا فَلَا وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. فَلَوْ قَالَ ذَلِكَ مُتَعَمِّدًا مُعْتَقِدًا كَفَرَ كَمَا فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ، وَكَذَا يَكْفُرُ أَيْضًا فِيمَا لَوْ وَقَفَ {عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا} [البقرة: ١٠٢] ثُمَّ سَكَتَ زِيَادَةً عَلَى سَكْتَةِ التَّنَفُّسِ وَالْعِيِّ ثُمَّ ابْتَدَأَ بِمَا بَعْدَهَا قَوْلُهُ: (وَإِلَّا بَطَلَتْ) أَيْ إنْ قَصَدَ التَّفْهِيمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>