انْقِطَاعِ الْقُدْوَةِ. وَلَوْ سَلَّمَ مِنْ ثِنْتَيْنِ ظَانًّا كَمَالَ صَلَاتِهِ فَكَالْجَاهِلِ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الصِّيَامِ. أَمَّا الْكَثِيرُ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُعْذَرُ فِيهِ لِأَنَّهُ يَقْطَعُ نَظْمَ الصَّلَاةِ وَالْقَلِيلُ يُحْتَمَلُ لِقِلَّتِهِ، وَلِأَنَّ السَّبْقَ وَالنِّسْيَانَ فِي الْكَثِيرِ نَادِرٌ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الصَّوْمِ حَيْثُ لَا يَبْطُلُ بِالْأَكْلِ الْكَثِيرِ عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّ الْمُصَلِّيَ مُتَلَبِّسٌ بِهَيْئَةٍ مُذَكَّرَةٍ لِلصَّلَاةِ يَبْعُدُ مَعَهَا النِّسْيَانُ بِخِلَافِ الصَّائِمِ. وَيُعْذَرُ فِي الْيَسِيرِ عُرْفًا مِنْ التَّنَحْنُحِ وَنَحْوِهِ مِمَّا مَرَّ كَالسُّعَالِ وَالْعُطَاسِ وَإِنْ ظَهَرَ مِنْهُ حَرْفَانِ وَلَوْ مِنْ كُلِّ نَفْخَةٍ وَنَحْوِهَا لِلْغَلَبَةِ إذْ لَا تَقْصِيرَ، وَيُعْذَرُ فِي التَّنَحْنُحِ لِتَعَذُّرِ رُكْنٍ قَوْلِيٍّ، أَمَّا إذَا كَثُرَ التَّنَحْنُحُ وَنَحْوُهُ لِلْغَلَبَةِ كَأَنْ ظَهَرَ مِنْهُ حَرْفَانِ مِنْ ذَلِكَ فَأَكْثَرَ فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ فِي الضَّحِكِ وَالسُّعَالِ، وَالْبَاقِي فِي مَعْنَاهُمَا لِأَنَّ ذَلِكَ يَقْطَعُ نَظْمَ الصَّلَاةِ، وَمَحَلُّ هَذَا إذَا لَمْ يَصِرْ السُّعَالُ وَنَحْوُهُ مَرَضًا مُلَازِمًا لَهُ، أَمَّا إذَا صَارَ السُّعَالُ وَنَحْوُهُ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ كَمَنْ بِهِ سَلَسُ بَوْلٍ وَنَحْوُهُ بَلْ أَوْلَى وَلَا. يُعْذَرُ فِي يَسِيرِ التَّنَحْنُحِ لِلْجَهْرِ لِأَنَّهُ سُنَّةٌ لَا ضَرُورَةَ إلَى التَّنَحْنُحِ لَهُ، وَفِي مَعْنَى
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: (وَيُسَلِّمُ) أَيْ ثَانِيًا قَوْلُهُ: (فَكَالْجَاهِلِ) أَيْ الْمُتَقَدِّمُ فِي قَوْلِهِ أَوْ جَهِلَ تَحْرِيمَهُ إلَخْ أَيْ فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ قَوْلُهُ: (أَمَّا الْكَثِيرُ مِنْ ذَلِكَ) وَهُوَ مَا زَادَ عَلَى سِتِّ كَلِمَاتٍ عُرْفِيَّةٍ أَخْذًا مِنْ «حَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ حَيْثُ قَالَ أَقَصُرَتْ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيتَ» ؟ مَعَ قَوْلِهِ: بَعْضُ ذَلِكَ قَدْ كَانَ بِجَعْلِ أَمْ نَسِيتَ كَلِمَةً وَاحِدَةً عُرْفًا وَكَذَا قَدْ كَانَ، وَمِنْهُ أَيْضًا مَا صَدَرَ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهُ قَالَ: «كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ وَالْتَفَتَ لِلصَّحَابَةِ عِنْدَ قَوْلِ ذِي الْيَدَيْنِ: بَعْضُ ذَلِكَ قَدْ كَانَ، فَقَالَ: أَحَقٌّ مَا يَقُولُ ذُو الْيَدَيْنِ؟ فَقَالُوا: نَعَمْ» وَمَجْمُوعُ ذَلِكَ سِتُّ كَلِمَاتٍ عُرْفِيَّةٍ لَكِنْ سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ فِي بَابِ سُجُودِ السَّهْوِ أَنَّهُ يَقُولُ: وَالْمُعْتَبَرُ فِي الطُّولِ وَالْقِصَرِ الْعُرْفُ، وَقِيلَ يُعْتَبَرُ الْقِصَرُ بِالْقَدْرِ الَّذِي نُقِلَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ فَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ بَيْنَهُمَا تَفَاوُتًا وَقَدْ عَلِمْتَ رُجُوعَ الْأَوَّلِ لِلثَّانِي. وَاعْتَرَضَ بِأَنَّ ذَا الْيَدَيْنِ لَمْ يَكُنْ نَاسِيًا. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ فِي حُكْمِ النَّاسِي قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ لَا يُعْذَرُ فِيهِ) أَيْ بِجَهْلٍ وَلَا نِسْيَانٍ فَتَبْطُلُ بِهِ مُطْلَقًا قَوْلُهُ: (وَالْفَرْقُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْفَرْقَ إنَّمَا ذَكَرُوهُ بَيْنَ عَدَمِ بُطْلَانِ الصَّوْمِ بِكَثِيرِ الْأَكْلِ سَهْوًا وَبُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِهِ، وَأَيْنَ بُطْلَانُهَا بِكَثِيرِ الْكَلَامِ مِنْ عَدَمِ بُطْلَانِ الصَّوْمِ بِكَثِيرِ الْأَكْلِ مَعَ اخْتِلَافِ الْمُبْطِلِ، وَأَمَّا اشْتِرَاكُهُمَا فِي مُطْلَقِ الْكَثْرَةِ فَلَا يَكْفِي فِي الْجَامِعِ قَوْلُهُ: (لَا يَبْطُلُ بِالْأَكْلِ الْكَثِيرِ) أَيْ نَاسِيًا قَوْلُهُ: (وَيُعْذَرُ فِي الْيَسِيرِ) هَذَا مُحْتَرَزُ قَيْدٍ مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ مَحَلُّ الْبُطْلَانِ بِالتَّنَحْنُحِ وَنَحْوِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ إذَا ظَهَرَ حَرْفَانِ إلَخْ مَا لَمْ يَكُنْ لِلْغَلَبَةِ، فَإِنْ كَانَ لِلْغَلَبَةِ فَيُغْتَفَرُ الْيَسِيرُ وَلَوْ ظَهَرَ حَرْفَانِ فَأَكْثَرُ
قَوْلُهُ: (وَإِنْ ظَهَرَ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الْمُرَادَ هُنَا ذَاتُ التَّنَحْنُحِ وَنَحْوُهُ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْحُرُوفِ فِيهِ ق ل قَوْلُهُ: (وَيُعْذَرُ فِي التَّنَحْنُحِ) دُونَ غَيْرِهِ مِمَّا مَرَّ لِتَعَذُّرِ رُكْنٍ قَوْلِيٍّ أَوْ بَعْضِهِ وَإِنْ كَثُرَ وَكَثُرَتْ حُرُوفُهُ ق ل وم ر قَوْلُهُ: (كَأَنْ ظَهَرَ مِنْهُ حَرْفَانِ) الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ: وَظَهَرَ مِنْهُ حَرْفَانِ لِأَنَّ الْمُرَادَ هُنَا ذَاتُ التَّنَحْنُحِ وَنَحْوُهُ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْحُرُوفِ، فَإِذَا كَثُرَ لَا تَبْطُلُ إلَّا إذَا ظَهَرَ مِنْهُ حَرْفَانِ فَأَكْثَرُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ م ر وَفِي نُسْخَةٍ: أَمَّا إذَا كَثُرَ التَّنَحْنُحُ وَنَحْوُهُ مَعَ ظُهُورِ حَرْفَيْنِ فَأَكْثَرَ وَهِيَ أَظْهَرُ خِلَافًا لِلْمَحَلِّيِّ. وَحَاصِلُ تَقْرِيرِ الْمَسْأَلَةِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ شَرْحِ م ر وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يُعْذَرُ فِي التَّنَحْنُحِ الْيَسِيرِ وَنَحْوِهِ لِلْغَلَبَةِ وَإِنْ ظَهَرَ حَرْفَانِ، وَيُعْذَرُ فِي التَّنَحْنُحِ فَقَطْ لِتَعَذُّرِ رُكْنٍ قَوْلِيٍّ وَإِنْ كَثُرَ التَّنَحْنُحُ وَالْحُرُوفُ وَلَا يُعْذَرُ فِي تَنَحْنُحٍ وَنَحْوِهِ لِلْغَلَبَةِ إنْ كَثُرَ التَّنَحْنُحُ وَنَحْوُهُ، وَكَثْرَةُ الْحُرُوفِ هَكَذَا يَجِبُ أَنْ يُفْهَمَ، وَأَيَّدَ ذَلِكَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا بِقَوْلِهِ سَمِعْت ذَلِكَ مِنْ ح ل أج.
قَوْلُهُ: (مِنْهُ) أَيْ الْمُصَلِّي وَقَوْلُهُ مِنْ ذَلِكَ أَيْ مِنْ التَّنَحْنُحِ قَوْلُهُ: (مُلَازِمًا لَهُ) بِأَنْ لَمْ يَبْقَ لَهُ زَمَنٌ خَالٍ عَنْ ذَلِكَ أَصْلًا.
أَمَّا إذَا كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّأْخِيرُ إلَيْهِ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ فَإِنْ صَلَّى فِي غَيْرِهِ فَكَغَيْرِهِ فَيُفْصَلُ فِيهِ إنْ ظَهَرَ حَرْفٌ أَوْ حَرْفَانِ ضَرَّ وَإِلَّا فَلَا اهـ قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ سُنَّةٌ) وَالْمُتَّجِهُ كَمَا فِي الْمُهِمَّاتِ أَنَّهُ إذَا تَوَقَّفَ الْعِلْمُ بِانْتِقَالَاتِ الْإِمَامِ عَلَى الْجَهْرِ بِالتَّكْبِيرَاتِ وَتَوَقَّفَ عَلَى تَنَحْنُحٍ وَنَحْوِهِ لَمْ يَضُرَّ شَرْحُ الْبَهْجَةِ، وَقَيَّدَهُ الشَّوْبَرِيُّ بِمَا إذَا كَانَتْ الْجَمَاعَةُ شَرْطًا كَمَا فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى فِي الْجُمُعَةِ وَكَمَا فِي الْمُعَادَةِ وَعِبَارَةُ اج: يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ دَعَتْ ضَرُورَةٌ إلَيْهِ كَتَكْبِيرِ الِانْتِقَالَاتِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَالْمُعَادَةِ مُطْلَقًا وَالْمَنْذُورَةِ جَمَاعَةٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ لِتَوَقُّفِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ اهـ. قُلْت: الْوُجُوبُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute