للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالتَّلَفُّظُ بِقُرْبَةٍ كَنَذْرٍ وَعِتْقٍ بِلَا تَعْلِيقٍ، وَخِطَابٍ وَلَوْ كَانَ النَّاطِقُ بِذَلِكَ مُكْرَهًا لِنُدْرَةِ الْإِكْرَاهِ فِيهَا، وَشَرْطُهُ فِي الِاخْتِيَارِ (الْعَمْدُ) مَعَ الْعِلْمِ بِتَحْرِيمِهِ وَأَنَّهُ فِي صَلَاةٍ فَلَا تَبْطُلُ بِقَلِيلِ كَلَامٍ نَاسِيًا لِلصَّلَاةِ، أَوْ سَبَقَ إلَيْهِ لِسَانُهُ، أَوْ جَهِلَ تَحْرِيمَهُ فِيهَا وَإِنْ عَلِمَ تَحْرِيمَ جِنْسِ الْكَلَامِ فِيهَا وَقَرُبَ إسْلَامُهُ أَوْ بَعُدَ عَنْ الْعُلَمَاءِ بِخِلَافِ مَنْ بَعُدَ إسْلَامُهُ وَقَرُبَ مِنْ الْعُلَمَاءِ لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ التَّعَلُّمِ، وَالتَّنَحْنُحُ وَالضَّحِكُ وَالْبُكَاءُ وَلَوْ مِنْ خَوْفِ الْآخِرَةِ، وَالْأَنِينُ وَالتَّأَوُّهُ وَالنَّفْخُ مِنْ الْفَمِ أَوْ الْأَنْفِ إنْ ظَهَرَ بِوَاحِدٍ مِنْ ذَلِكَ حَرْفَانِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِلَّا فَلَا. وَلَوْ سَلَّمَ إمَامُهُ فَسَلَّمَ مَعَهُ ثُمَّ سَلَّمَ الْإِمَامُ ثَانِيًا فَقَالَ لَهُ الْمَأْمُومُ: قَدْ سَلَّمْت قَبْلَ هَذَا. فَقَالَ: كُنْت نَاسِيًا لَمْ تَبْطُلْ صَلَاةُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَيُسَلِّمُ الْمَأْمُومُ وَيُنْدَبُ لَهُ سُجُودُ السَّهْوِ لِأَنَّهُ تَكَلَّمَ بَعْدَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

آخَرُ وَجَبَتْ الْإِجَابَةُ وَبَطَلَتْ الصَّلَاةُ تَغْلِيبًا لِلْمَانِعِ قَوْلُهُ: (كَنَذْرٍ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يُسْتَثْنَى إلَّا نَذْرُ التَّبَرُّرِ النَّاجِزِ كَلِلَّهِ عَلَيَّ كَذَا بِخِلَافِ نَذْرِ اللَّجَاجِ وَهُوَ مَا تَعَلَّقَ بِهِ حَثٌّ أَوْ مَنْعٌ أَوْ تَحْقِيقُ خَبَرٍ. وَالْمُعَلَّقُ كَإِنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ كَذَا، فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ كَمَا تَبْطُلُ بَقِيَّةُ الْقُرَبِ كَالْعِتْقِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّ نَذْرَ التَّبَرُّرِ مُنَاجَاةٌ لِلَّهِ كَالدُّعَاءِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ اهـ م د قَوْلُهُ: (وَلَوْ كَانَ النَّاطِقُ) هُوَ تَعْمِيمٌ فِي الْكَلَامِ الَّذِي تَبْطُلُ بِهِ ق ل قَوْلُهُ: (فِي الِاخْتِيَارِ) الصَّوَابُ حَذْفُهُ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الِاخْتِيَارِ وَالْإِكْرَاهِ كَمَا مَرَّ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ قَوْلُهُ: (بِقَلِيلِ كَلَامٍ) مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ، أَيْ كَلَامٌ قَلِيلٌ وَهُوَ سِتُّ كَلِمَاتٍ عُرْفِيَّةٍ فَأَقَلُّ ق ل. فَمَفْهُومُ الْعَمْدِ فِيهِ تَفْصِيلٌ فَإِنَّهُ فِي الْكَثِيرِ يَضُرُّ مُطْلَقًا قَوْلُهُ: (أَوْ جَهِلَ تَحْرِيمَهُ) أَيْ وَمَا أَتَى بِهِ يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ بِالْأَوْلَى صِحَّةُ صَلَاةٍ نَحْوَ الْمُبَلِّغِ وَالْفَاتِحِ بِقَصْدِ الْإِعْلَامِ وَالْفَتْحِ الْجَاهِلِينَ بِامْتِنَاعِ ذَلِكَ وَإِنْ عَلِمْنَا امْتِنَاعَ جِنْسِ الْكَلَامِ سم عَلَى حَجّ.

وَزَادَ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمَتْنِ: بَلْ يَنْبَغِي صِحَّتُهَا حِينَئِذٍ وَإِنْ لَمْ يَقْرُبْ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ وَلَا نَشَأَ بَعِيدًا عَنْ الْعُلَمَاءِ لِمَزِيدِ خَفَاءِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مِنْ الدَّقَائِقِ. تَنْبِيهٌ: إعْذَارُ الْجَاهِلِ مِنْ بَابِ التَّخْفِيفِ لَا مِنْ حَيْثُ جَهْلُهُ وَإِلَّا لَكَانَ الْجَهْلُ خَيْرًا مِنْ الْعِلْمِ إذَا كَانَ يَحُطُّ عَنْ الْعَبْدِ أَعْبَاءَ التَّكْلِيفِ أَيْ ثِقْلَهُ وَيُرِيحُ قَلْبَهُ عَنْ ضُرُوبِ التَّعْنِيفِ، وَلَا حُجَّةَ لِلْعَبْدِ فِي جَهْلِهِ بِالْحُكْمِ بَعْدَ التَّبْلِيغِ وَالتَّمَكُّنِ {لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: ١٦٥] قَالَهُ الشَّافِعِيُّ شَرْحُ الْعُبَابِ اهـ خ ض.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ عَلِمَ تَحْرِيمَ جِنْسِ الْكَلَامِ) مُشْكِلٌ بِأَنَّ الْجِنْسَ لَا تَحَقُّقَ لَهُ إلَّا فِي ضِمْنِ أَفْرَادِهِ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّ بَعْضَ أَفْرَادِ الْكَلَامِ لَا يَحْرُمُ لِكَوْنِهِ يَتَعَلَّقُ بِالصَّلَاةِ كَأَنْ أَرَادَ إمَامُهُ أَنْ يَقُومَ فَقَالَ لَهُ: اُقْعُدْ أَيْ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْجِنْسِ حَقِيقَتَهُ، بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَعْلَمُ حُرْمَةَ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَعْلَمَ حُرْمَةَ مَا أَتَى بِهِ ع ش. وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ عَلَى حَذْفِ مُضَافَيْنِ أَيْ وَإِنْ عَلِمَ تَحْرِيمَ بَعْضِ أَفْرَادِ الْجِنْسِ قَوْلُهُ: (أَوْ بَعُدَ عَنْ الْعُلَمَاءِ) وَيَظْهَرُ ضَبْطُ الْبُعْدِ بِمَا لَا يَجِدُ مُؤْنَةً يَجِبُ عَلَيْهِ بَذْلُهَا فِي الْحَجِّ تُوَصِّلُهُ إلَيْهِ. اهـ. حَجّ. وَالْمُرَادُ بِالْعُلَمَاءِ هُنَا الْعَالِمُونَ بِهَذَا الْحُكْمِ الْمَجْهُولِ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا عُلَمَاءَ عُرْفًا. اهـ. شَوْبَرِيُّ قَوْلُهُ: (وَالتَّنَحْنُحُ) أَيْ لِغَيْرِ غَلَبَةٍ وَلَا لِتَعَذُّرِ رُكْنٍ قَوْلِيٍّ ق ل. وَالتَّنَحْنُحُ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ الْآتِي فِي قَوْلِهِ إنْ ظَهَرَ بِوَاحِدٍ حَرْفَانِ قَوْلُهُ: (وَلَوْ مِنْ خَوْفِ الْآخِرَةِ) الْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ عَنْ الْأَنِينِ وَالتَّأَوُّهِ لِأَنَّهُ رَاجِعٌ إلَيْهِمَا أَيْضًا كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ حَيْثُ قَالَ بَعْدَ ذِكْرِهَا: وَلَوْ كَانَ كُلٌّ مِنْ الثَّلَاثَةِ مِنْ خَوْفِ الْآخِرَةِ خِلَافًا لِمَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَبَعْضِ أَصْحَابِنَا، فَالْغَايَةُ لِلرَّدِّ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْبُطْلَانِ فِي الْكُلِّ إذَا كَانَتْ مِنْ خَوْفِ الْآخِرَةِ قَوْلُهُ: (حَرْفَانِ) أَيْ أَوْ حَرْفٌ مُفْهِمٌ إلَخْ قَوْلُهُ: (لَمْ تَبْطُلْ صَلَاةُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا) لِأَنَّ مَا وَقَعَ مِنْهُمَا مِنْ الْكَلَامِ قَلِيلٌ عُرْفًا بِعُذْرٍ فَإِنَّ سَلَامَ الْإِمَامِ الْأَوَّلِ وَقَعَ نِسْيَانًا، وَكَلَامُهُ بَعْدَ سَلَامِهِ الثَّانِي بَعْدَ فَرَاغِ الصَّلَاةِ، وَسَلَامُ الْمَأْمُومِ أَيْ مَعَ الْإِمَامِ وَكَلَامُهُ أَيْ قَوْلُهُ قَدْ سَلَّمْت قَبْلَ هَذَا لِظَنِّهِ فَرَاغَ الصَّلَاةِ بِسَلَامِ الْإِمَامِ الْأَوَّلِ

وَقَوْلُهُ لِأَنَّهُ تَكَلَّمَ بَعْدَ انْقِطَاعِ الْقُدْوَةِ أَيْ بِسَلَامِ الْإِمَامِ الثَّانِي فَلَمْ يَتَحَمَّلْ عَنْهُ الْإِمَامُ مُقْتَضَى السُّجُودِ وَهُوَ السَّهْوُ، وَمِثْلُ ذَلِكَ فِي عَدَمِ الْبُطْلَانِ مَا لَوْ ظَنَّ بُطْلَانَ صَلَاتِهِ بِكَلَامِهِ نَاسِيًا ثُمَّ تَكَلَّمَ يَسِيرًا عَامِدًا اهـ اج.

<<  <  ج: ص:  >  >>