الرَّأْسِ عَنْ الظَّهْرِ فِي رُكُوعِهِ.
وَتُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِي الْأَسْوَاقِ وَالرِّحَابِ الْخَارِجَةِ عَنْ الْمَسْجِدِ، وَفِي الْحَمَّامِ وَلَوْ فِي مَسْلَخِهِ، وَفِي الطَّرِيقِ فِي الْبُنْيَانِ دُونَ الْبَرِّيَّةِ، وَفِي الْمَزْبَلَةِ وَنَحْوِهَا كَالْمَجْزَرَةِ، وَفِي الْكَنِيسَةِ وَهِيَ مَعْبَدُ النَّصَارَى، وَفِي الْبِيعَةِ بِكَسْرِ الْبَاءِ وَهِيَ مَعْبَدُ الْيَهُودِ وَنَحْوِهِمَا مِنْ أَمَاكِنِ الْكُفْرِ، وَفِي عَطَنِ الْإِبِلِ، وَفِي الْمَقْبَرَةِ الطَّاهِرَةِ وَهِيَ الَّتِي لَمْ
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَبْلَ دُخُولِ جَهَنَّمَ. وَقَالَ الْقَاضِي: إنَّ أَهْلَ النَّارِ إذَا تَعِبُوا مِنْ الْقِيَامِ فِي الْمَوْقِفِ يَسْتَرِيحُونَ مِنْ الْقِيَامِ بِالِاخْتِصَارِ. اهـ. مُنَاوِيٌّ عَلَى الْخَصَائِصِ قَوْلُهُ: (وَالْمُبَالَغَةُ فِي خَفْضِ الرَّأْسِ) لَوْ أَسْقَطَ الْمُبَالَغَةَ لَكَانَ أَوْلَى لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى خَفْضِ الرَّأْسِ عَنْ الظَّهْرِ فِي الرُّكُوعِ أَقَلُّهُ وَأَكْمَلُهُ. اهـ. ق ل. وَعِبَارَةُ أج. وَالْمُبَالَغَةُ فِي خَفْضِ الرَّأْسِ عَنْ الظَّهْرِ فِي رُكُوعِهِ وَكَذَا خَفْضُهُ عَنْ أَكْمَلِ الرُّكُوعِ، وَإِنْ لَمْ يُبَالِغْ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ. اهـ.
قَوْلُهُ: (وَفِي الْحَمَّامِ) أَيْ غَيْرِ الْجَدِيدِ وَهُوَ الَّذِي لَمْ تُكْشَفْ فِيهِ الْعَوْرَاتُ ق ل لِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ مَأْوَى الشَّيَاطِينِ إلَّا بِكَشْفِ الْعَوْرَاتِ فِيهِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْخَلَاءِ الْجَدِيدِ بِأَنَّ الْخَلَاءَ يَصِيرُ مُسْتَقْذَرًا وَمَأْوًى لِلشَّيَاطِينِ بِمُجَرَّدِ اتِّخَاذِهِ، وَالْحَمَّامُ لَا يَصِيرُ مَأْوًى لِلشَّيَاطِينِ إلَّا بِكَشْفِ الْعَوْرَةِ فِيهِ، فَيُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ تَقْيِيدُهُ بِغَيْرِ الْجَدِيدِ كَمَا تَقَدَّمَ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ عَلَى سَطْحِهِ فَلَا تُكْرَهُ، وَمِثْلُهُ سَطْحُ الْحُشِّ كَمَا قَالَهُ الزِّيَادِيُّ. وَتُنْدَبُ إعَادَةُ الصَّلَاةِ الْوَاقِعَةِ فِي الْحَمَّامِ وَلَوْ مُنْفَرِدًا لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَكَذَا كُلُّ صَلَاةٍ اُخْتُلِفَ فِي صِحَّتِهَا يُسْتَحَبُّ إعَادَتُهَا عَلَى وَجْهٍ يَخْرُجُ بِهِ مِنْ الْخِلَافِ وَلَوْ مُنْفَرِدًا وَخَارِجَ الْوَقْتِ. اهـ. م ر. وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ فِي الْكُلِّ مَا لَمْ يُعَارِضْهَا خَشْيَةَ خُرُوجِ الْوَقْتِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَقْتَضِ النَّهْيُ عَنْهَا الْفَسَادَ عِنْدَنَا بِخِلَافِ كَرَاهَةِ الزَّمَانِ لِأَنَّ تَعَلُّقَ الصَّلَاةِ بِالْأَوْقَاتِ أَشَدُّ لِأَنَّ الشَّارِعَ جَعَلَ لَهَا أَوْقَاتًا مَخْصُوصَةً لَا تَصِحُّ فِي غَيْرِهَا، فَكَانَ الْخِلَافُ فِيهَا أَشَدَّ بِخِلَافِ الْأَمْكِنَةِ تَصِحُّ الصَّلَاةُ فِي كُلِّهَا، وَلَوْ كَانَ الْمَحَلُّ مَغْصُوبًا لِأَنَّ النَّهْيَ فِيهِ كَالْحَرِيرِ لِأَمْرٍ خَارِجٍ مُنْفَكٍّ عَنْ الْعِبَادَةِ فَلَا يَقْتَضِي فَسَادَهَا كَمَا فِي شَرْحِ م ر قَوْلُهُ: (وَلَوْ فِي مَسْلَخِهِ) مَوْضِعُ الْحَوَائِجِ، وَسُمِّيَ مَسْلَخًا لِأَنَّهُ مَوْضِعُ سَلْخِ الْحَوَائِجِ أَيْ نَزْعِهَا شُبِّهَ بِسَلْخِ الْجِلْدِ عَنْ الشَّاةِ مَثَلًا وَمِثْلُ الْحَمَّامِ كُلُّ مَحَلِّ مَعْصِيَةٍ كَالصَّاغَةِ وَمَحَلِّ الْمَكْسِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْمَعْصِيَةُ مَوْجُودَةً حِينَ صَلَاتِهِ لِأَنَّ مَا هُوَ كَذَلِكَ مَأْوًى لِلشَّيَاطِينِ كَمَا قَالَهُ ع ش قَوْلُهُ: (دُونَ الْبَرِّيَّةِ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْبُنْيَانِ وَالْبَرِّيَّةِ إذْ الْحُكْمُ مُعَلَّلٌ بِعِلَّتَيْنِ، إحْدَاهُمَا: اشْتِغَالُ الْقَلْبِ بِمُرُورِ النَّاسِ فِيهِ. وَالثَّانِيَةُ: غَلَبَةُ النَّجَاسَةِ. وَكُلٌّ مِنْهُمَا عِلَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ فَيَبْقَى الْحُكْمُ مَا بَقِيَتْ عِلَّتُهُ اهـ أج وَقَالَ الرَّشِيدِيُّ: التَّحْقِيقُ أَنَّ مَدَارَ الْكَرَاهَةِ عَلَى كَثْرَةِ مُرُورِ النَّاسِ وَمَدَارُ عَدَمِهَا عَلَى عَدَمِ كَثْرَةِ مُرُورِهِمْ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى خُصُوصِ الْبُنْيَانِ وَالصَّحْرَاءِ اهـ. وَفِي حَاشِيَةِ الزِّيَادِيِّ وَمِثْلُهُ فِي ذَلِكَ الْمَطَافُ لِشُغْلِهِ بِمُرُورِ النَّاسِ أَيْ الصَّلَاةُ فِيهِ اهـ.
قَوْلُهُ: (وَفِي الْمَزْبَلَةِ) وَنَحْوِهَا الْمَزْبَلَةُ مَحَلُّ الزُّبُلِ وَهِيَ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَضَمِّهَا وَالْمُرَادُ بِنَحْوِهَا كُلُّ نَجَاسَةٍ مُتَيَقَّنَةٍ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا بُسِطَ عَلَيْهَا حَائِلٌ وَكَانَتْ مُحَقَّقَةً وَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ النَّجَاسَةَ وَبَسْطَ الْحَائِلِ فَلَا كَرَاهَةَ لِضَعْفِ ذَلِكَ بِالْحَائِلِ اهـ شَرْحُ م ر اهـ أَحْ.
قَوْلُهُ: (وَفِي الْكَنِيسَةِ) بِفَتْحِ الْكَافِ أَيْ وَلَوْ جَدِيدَةً فِيمَا يَظْهَرُ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْحَمَّامِ الْجَدِيدِ بِغِلَظِ أَمْرِهَا بِكَوْنِهَا مُعَدَّةً لِلْعِبَادَةِ الْفَاسِدَةِ فَأَشْبَهَتْ الْخَلَاءَ الْجَدِيدَ. بَلْ أَوْلَى. كَمَا صَرَّحَ بِهِ ع ش عَلَى م ر. وَمَحَلُّ جَوَازِ دُخُولِهَا لِذَلِكَ إنْ دَخَلَهَا بِإِذْنِهِمْ وَإِلَّا حَرُمَتْ صَلَاتُهُ فِيهَا لِأَنَّ لَهُمْ مَنْعَنَا مِنْ دُخُولِهَا إنْ كَانُوا يُقَرُّونَ عَلَيْهَا وَإِلَّا جَازَ دُخُولُهَا بِغَيْرِ إذْنِهِمْ لِأَنَّهَا وَاجِبَةُ الْإِزَالَةِ كَمَا فِي كَنَائِسِ مِصْرَ وَقُرَاهَا كَمَا قَالَهُ حَجّ.
قَوْلُهُ: (وَهِيَ مَعْبَدُ النَّصَارَى) وَهَذَا الْعُرْفُ الطَّارِئُ وَإِلَّا فَالْأَصْلُ عَكْسُ مَا ذَكَرَهُ فِيهِمَا ق ل. وَفِي شَرْحِ م ر الْكَنِيسَةُ مُتَعَبَّدُ الْيَهُودِ وَالْبِيعَةُ مُتَعَبَّدُ النَّصَارَى اهـ.
قَوْلُهُ: (عَطَنُ الْإِبِلِ) بِفَتْحِ أَوَّلَيْهِ الْمُهْمَلَتَيْنِ وَهُوَ مَحَلُّ اجْتِمَاعِهَا بِخِلَافِ مِثْلِ ذَلِكَ فِي غَيْرِهَا كَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ، وَالْكَلَامُ حَيْثُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهَا نِفَارٌ مُشَوَّشٌ بِالْفِعْلِ وَلَمْ يَكُنْ بِمَحَلِّهَا نَجَاسَةٌ وَإِلَّا فَلَا فَرْقَ فِي الْكَرَاهَةِ بَيْنَ الْإِبِلِ وَغَيْرِهَا أَيْ وَلَوْ طَاهِرًا، وَهُوَ الْمَحَلُّ الَّذِي تُنَحَّى إلَيْهِ إذَا شَرِبَتْ لِيَشْرَبَ غَيْرُهَا، فَإِذَا اجْتَمَعَتْ سِيقَتْ مِنْهُ إلَى الْمَرْعَى وَالْعَطَنُ لَيْسَ قَيْدًا بَلْ مَأْوَاهَا لَيْلًا، وَمَقِيلُهَا وَمَبَارِكُهَا بَلْ وَسَائِرُ مَوَاضِعِهَا كَذَلِكَ لَكِنَّ الْكَرَاهَةَ فِي الْعَطَنِ أَشَدُّ مِنْ مَأْوَاهَا إذْ نِفَارُهَا فِي الْعَطَنِ أَكْثَرُ. نَعَمْ لَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute