للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَمْ يَنْتَقِلْ مِنْ مَوْضِعِهِ فَيُسَلِّمُ مِنْ غَيْرِ سُجُودٍ وَإِنْ تَذَكَّرَهُ بَعْدَ السَّلَامِ (وَالزَّمَانُ قَرِيبٌ) وَلَمْ يَطَأْ نَجَاسَةً (أَتَى بِهِ) وُجُوبًا (وَبَنَى عَلَيْهِ) بَقِيَّةَ الصَّلَاةِ وَإِنْ تَكَلَّمَ قَلِيلًا وَاسْتَدْبَرَ الْقِبْلَةَ وَخَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ (وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ) فَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ أَوْ وَطِئَ نَجَاسَةً اسْتَأْنَفَهَا، وَتُفَارِقُ هَذِهِ الْأُمُورُ وَطْءَ النَّجَاسَةِ بِاحْتِمَالِهَا فِي الصَّلَاةِ فِي الْجُمْلَةِ، وَالْمَرْجِعُ فِي طُولِهِ وَقِصَرِهِ إلَى الْعُرْفِ. وَقِيلَ يُعْتَبَرُ الْقِصَرُ بِالْقَدْرِ الَّذِي نُقِلَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي خَبَرِ ذِي الْيَدَيْنِ، وَالْمَنْقُولُ فِي الْخَبَرِ أَنَّهُ قَامَ وَمَضَى إلَى نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ وَرَاجَعَ ذَا الْيَدَيْنِ وَسَأَلَ الصَّحَابَةَ فَأَجَابُوهُ.

ثُمَّ شَرَعَ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي فَقَالَ: (وَالْمَسْنُونُ) أَيْ الْبَعْضُ الْمَتْرُوكُ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا (لَا يَعُودُ إلَيْهِ بَعْدَ التَّلَبُّسِ بِغَيْرِهِ)

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَظَنَّ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ فِي الْأُولَى وَالتَّشَهُّدَ فِي الثَّانِيَةِ ثُمَّ تَذَكَّرَ التَّرْكَ وَأَتَى بِالْمَتْرُوكِ قَوْلُهُ: (عَنْ قُرْبٍ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ إذْ يَجِبُ عَلَيْهِ وَالْحَالَةُ مَا ذُكِرَ الْإِتْيَانُ بِهِ مُطْلَقًا قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ سُكُوتٌ طَوِيلٌ وَتَعَمُّدُهُ لَا يَضُرُّ أج. فَقَوْلُهُ: عَنْ قُرْبٍ لَيْسَ قَيْدًا.

قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَطَأْ نَجَاسَةً) أَوْ وَطِئَهَا وَفَارَقَهَا حَالًا. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَلَمْ تَطْرَأْ نَجَاسَةٌ وَالْمُنَاسِبُ لِلْمُحْتَرِزِ الْأُولَى، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: وَلَمْ يَطَأْ نَجَاسَةً أَيْ رَطْبَةً غَيْرَ مَعْفُوٍّ عَنْهَا بِأَنْ لَمْ يَطَأْ نَجَاسَةً أَصْلًا أَوْ وَطِئَ نَجَاسَةً جَافَّةً وَفَارَقَهَا حَالًا، أَوْ وَطِئَ نَجَاسَةً مَعْفُوًّا عَنْهَا. وَيُزَادُ عَلَى قَوْلِ الشَّارِحِ وَلَمْ يَطَأْ نَجَاسَةً وَلَمْ يَتَكَلَّمْ كَثِيرًا وَلَمْ يَفْعَلْ مُبْطِلًا كَثَلَاثَةِ أَفْعَالٍ مُتَوَالِيَةٍ قَوْلُهُ: (أَتَى بِهِ) أَيْ فَوْرًا أَيْ إنْ لَمْ يَفْعَلْ مِثْلَهُ وَإِلَّا قَامَ الْمَفْعُولُ مَقَامَ الْمَتْرُوكِ وَلَغَا مَا بَيْنَهُمَا قَوْلُهُ: (وَخَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ) أَيْ بِدُونِ أَفْعَالٍ كَثِيرَةٍ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا قَوْلُهُ: (أَوْ وَطِئَ نَجَاسَةً) أَوْ أَتَى بِكَثِيرِ كَلَامٍ أَوْ فِعْلٍ سم قَوْلُهُ: (وَتُفَارِقُ هَذِهِ) أَيْ التَّكَلُّمَ قَلِيلًا وَاسْتِدْبَارَ الْقِبْلَةِ وَالْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْجِدِ قَوْلُهُ: (بِاحْتِمَالِهَا) أَيْ هَذِهِ الْأُمُورِ قَوْلُهُ: (وَالْمَرْجِعُ فِي طُولِهِ) أَيْ الْفَصْلِ قَوْلُهُ: (فِي خَبَرِ ذِي الْيَدَيْنِ) وَاسْمُهُ الْخِرْبَاقُ بِمُعْجَمَةٍ مَكْسُورَةٍ فَرَاءٍ سَاكِنَةٍ فَمُوَحَّدَةٍ فَقَافٍ وَوُصِفَ بِذِي الْيَدَيْنِ لِطُولِهِمَا حَقِيقَةً أَوْ بِالْإِعْطَاءِ عَاشَ بَعْدَ وَفَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَمَانًا كَثِيرًا. وَخَبَرُهُ أَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا صَلَّى الظُّهْرَ سَلَّمَ بَعْدَ رَكْعَتَيْنِ مِنْهُ ثُمَّ مَشَى إلَى جَانِبِ الْمَسْجِدِ وَاسْتَنَدَ إلَى خَشَبَةٍ فِي جَانِبِهِ كَالْغَضْبَانِ فَقَالَ لَهُ ذُو الْيَدَيْنِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَقَصُرَتْ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيتَ؟ فَقَالَ لَهُ: كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ فَقَالَ ذُو الْيَدَيْنِ: بَلْ بَعْضُ ذَلِكَ قَدْ كَانَ، فَالْتَفَتَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى الصَّحَابَةِ وَقَالَ: أَحَقٌّ مَا يَقُولُ ذُو الْيَدَيْنِ؟ قَالُوا: نَعَمْ فَتَذَكَّرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَامَ مُسْتَقْبِلًا وَصَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ الْبَاقِيَتَيْنِ وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ وَسَلَّمَ» . ق ل قَوْلُهُ: (وَرَاجَعَ ذَا الْيَدَيْنِ) فِيهِ أَنَّهُ لَمْ يُرَاجِعْهُ بَلْ رَدَّ عَلَيْهِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ السَّهْوَ وَالْإِغْمَاءَ غَيْرَ الطَّوِيلِ كَمَا اعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ جَائِزَانِ فِي حَقِّ الْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِأَنَّ الْإِغْمَاءَ مَرَضٌ مِنْ الْأَمْرَاضِ الْجَائِزَةِ عَلَيْهِمْ، لَكِنْ لَيْسَ كَإِغْمَاءِ غَيْرِهِمْ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَسْتُرُ مِنْهُمْ حَوَاسَّهُمْ الظَّاهِرَةَ دُونَ قُلُوبِهِمْ. وَلِذَا قُيِّدَ بِغَيْرِ الطَّوِيلِ لِأَنَّهَا إذَا عُصِمَتْ عَنْ النَّوْمِ فَالْإِغْمَاءُ أَوْلَى، وَمَا فِي الْإِحْيَاءِ مِنْ نِسْبَةِ النِّسْيَانِ إلَيْهِمْ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَكَذَا فِي حَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ، فَالْمُرَادُ بِالنِّسْيَانِ فِيهِ السَّهْوُ لِأَنَّ نِسْبَةَ النِّسْيَانِ إلَيْهِمْ نَقْصٌ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمَوَاقِفِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ السَّهْوِ وَالنِّسْيَانِ أَنَّ السَّهْوَ زَوَالُ صُورَةِ الشَّيْءِ عَنْ الْمُدْرِكَةِ مَعَ بَقَائِهَا فِي الْحَافِظَةِ، وَالنِّسْيَانَ زَوَالُ صُورَةِ الشَّيْءِ عَنْهُمَا مَعًا فَيَحْتَاجُ حُصُولُهَا إلَى سَبَبٍ جَدِيدٍ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَوَاسَّ عَشْرَةٌ خَمْسَةٌ ظَاهِرَةٌ وَهِيَ السَّمْعُ وَالْبَصَرُ وَالذَّوْقُ وَالشَّمُّ وَاللَّمْسُ، وَخَمْسَةٌ بَاطِنَةٌ اثْنَانِ فِي مُقَدَّمِ الرَّأْسِ وَهُمَا الْحِسُّ الْمُشْتَرَكُ الْمُدْرِكُ لِلْمَحْسُوسَاتِ وَخِزَانَتُهُ الْخَيَالُ، وَاثْنَانِ فِي مُؤَخَّرِ الرَّأْسِ وَهُمَا الْوَاهِمَةُ وَالْحَافِظَةُ خِزَانَتُهَا، وَالْخَامِسَةُ الْمُفَكِّرَةُ وَهِيَ فِي وَسَطِ الرَّأْسِ.

قَوْلُهُ: (بَعْدَ التَّلَبُّسِ بِغَيْرِهِ) فِي نُسَخٍ بِالْفَرْضِ وَهِيَ أَوْلَى، وَيُشْتَرَطُ فِي الْفَرْضِ أَنْ يَكُونَ فِعْلِيًّا بِخِلَافِ قَطْعِ الْقَوْلِيِّ كَالْفَاتِحَةِ لِلتَّعَوُّذِ وَدُعَاءِ الِافْتِتَاحِ فَلَا يَحْرُمُ. نَعَمْ لَا تَبْعُدُ الْكَرَاهَةُ انْتَهَى. قَالَهُ أج: وَالْمُرَادُ بِالْفَرْضِ هُنَا الِانْتِصَابُ قَائِمًا حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا فِي تَرْكِ أَبْعَاضِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ أَوْ السُّجُودِ بِوَضْعِ الْأَعْضَاءِ السَّبْعَةِ عِنْدَ الشَّارِحِ كَمَا سَيَأْتِي، وَبَعْدَ التَّحَامُلِ وَالتَّنْكِيسِ وَإِنْ لَمْ يَطْمَئِنَّ عِنْدَ شَيْخِنَا فِي تَرْكِ أَبْعَاضِ الْقُنُوتِ ق ل. وَقَوْلُهُ: أَوْ حُكْمًا بِأَنْ صَارَ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبَ قَوْلُهُ: (بَعْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>