للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِمُخَالَفَتِهِ حَالَ الْقُدْوَةِ، فَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ الْإِمَامُ كَأَنْ تَرَكَهُ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا سَجَدَ الْمَأْمُومُ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ جَبْرًا لِلْخَلَلِ، وَلَوْ اقْتَدَى مَسْبُوقٌ بِمَنْ سَهَا بَعْدَ اقْتِدَائِهِ أَوْ قَبْلَهُ سَجَدَ مَعَهُ ثُمَّ يَسْجُدُ أَيْضًا فِي آخِرِ صَلَاتِهِ لِأَنَّهُ مَحَلُّ السَّهْوِ الَّذِي لَحِقَهُ، فَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ الْإِمَامُ سَجَدَ الْمَسْبُوقُ آخِرَ صَلَاةِ نَفْسِهِ لِمَا مَرَّ.

(وَسُجُودُ السَّهْوِ) وَإِنْ كَثُرَ السَّهْوُ (سَجْدَتَانِ) لِاقْتِصَارِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْهِمَا فِي قِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ مَعَ تَعَدُّدِهِ، فَإِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَلَّمَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

لِقَوْلِهِ: وَيَلْحَقُ الْمَأْمُومَ إلَخْ وَمَحَلُّ سُجُودِهِ مَعَهُ إنْ كَانَ الْمَأْمُومُ فَرَغَ مِنْ التَّشَهُّدِ الْوَاجِبِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْوَاجِبَةِ وَإِلَّا لَمْ تَجُزْ لَهُ مُتَابَعَتُهُ، وَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ السُّجُودُ فِي هَذِهِ بَعْدَ فَرَاغِ تَشَهُّدِهِ وَلَوْ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ كَمَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا م ر. فَإِنْ سَلَّمَ مِنْ غَيْرِ سُجُودٍ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ ق ل. وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ: لَزِمَهُ مُتَابَعَتُهُ قَضِيَّتُهُ وَلَوْ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ بِأَقَلَّ التَّشَهُّدِ، وَجَرَى عَلَيْهِ الْعُبَابُ ثُمَّ يُتِمُّ تَشَهُّدَهُ وَعَلَيْهِ هَلْ يُعِيدُ السُّجُودَ أَوْ لَا؟ وَجَرَى عَلَى الْأَوَّلِ وَالِدُ شَيْخِنَا اهـ وَقَالَ ح ف: وَهُوَ ضَعِيفٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ.

قَوْلُهُ: (عَمْدًا) قَيْدٌ أَخْرَجَ بِهِ مَا إذَا تَرَكَ الْمَأْمُومُ الْمُتَابَعَةَ سَهْوًا فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ، وَيَسْتَقِرُّ عَلَى الْمَأْمُومِ الْمُوَافِقِ بِفِعْلِ الْإِمَامِ لَهُ حَتَّى لَوْ سَلَّمَ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ سَاهِيًا عَنْهُ أَوْ جَاهِلًا لَزِمَهُ أَنْ يَعُودَ إلَيْهِ إنْ قَرُبَ الْفَصْلُ وَإِلَّا أَعَادَ الصَّلَاةَ كَمَا لَوْ تَرَكَ رُكْنًا مِنْهَا، أَمَّا الْمَسْبُوقُ إذَا تَأَخَّرَ عَنْ سُجُودِ الْإِمَامِ سَهْوًا وَفَاتَهُ بِهِ لَمْ يَأْتِ بِهِ بَعْدَهُ لِأَنَّهُ لِمَحْضِ الْمُتَابَعَةِ وَقَدْ فَاتَتْ، وَإِنْ فَاتَهُ بِسَجْدَةٍ مِنْهُ وَجَبَ أَنْ يُوَافِقَهُ فِي السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ وَلَا يَزِيدُ عَلَيْهَا بَعْدَهُ وَلَا يَلْزَمُهُ آخِرَ صَلَاتِهِ، وَلَوْ اقْتَصَرَ إمَامُهُ عَلَى سَجْدَةٍ فَإِنْ كَانَ مُوَافِقًا سَجَدَ أُخْرَى، وَإِنْ كَانَ مَسْبُوقًا لَمْ يَسْجُدْ أُخْرَى. قَالَ سم: نَعَمْ لَوْ كَانَ الْإِمَامُ يَرَى السُّجُودَ بَعْدَ السَّلَامِ فَالْمُتَّجَهُ عَدَمُ اسْتِقْرَارِهِ بِسُجُودِ الْإِمَامِ بَعْدَ السَّلَامِ لِانْقِطَاعِ الْقُدْوَةِ بِسَلَامِهِ فِي اعْتِقَادِ الْمَأْمُومِ م د.

قَوْلُهُ: (بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) أَيْ إذَا تَخَلَّفَ عَنْهُ بِفِعْلَيْنِ بِأَنْ هَوَى الْإِمَامُ لِلسَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ قَبْلَ شُرُوعِهِ هُوَ فِي الْأُولَى، وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَعْزِمْ عَلَى تَرْكِ السُّجُودِ ابْتِدَاءً وَإِلَّا فَبِمُجَرَّدِ هُوِيِّ الْإِمَامِ لَهُ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ قَصَدَ الْمُبْطِلَ وَشَرَعَ فِيهِ بِتَخَلُّفِهِ، وَمَحَلُّ وُجُوبِهِ بِسَلَامِ الْإِمَامِ إذَا لَمْ يَنْوِ الْمَأْمُومُ الْمُفَارَقَةَ أَوَّلَ شُرُوعِهِ فِيهِ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ وَإِلَّا سَقَطَ هُوَ أَوْ مَا بَقِيَ مِنْهُ فَاحْفَظْهُ م د.

قَوْلُهُ: (سَجَدَ مَعَهُ) أَيْ وُجُوبًا، وَلَا نَظَرَ إلَى أَنَّ مَوْضِعَهُ آخِرُ صَلَاتِهِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ اقْتَصَرَ إمَامُهُ عَلَى سَجْدَةٍ لَمْ يَسْجُدْ أُخْرَى بِخِلَافِ الْمُوَافِقِ شَرْحُ م ر. قَالَ سم فِي شَرْحِ الْكِتَابِ: فَلَوْ سَهَا الْمَأْمُومُ أَيْ الْمَسْبُوقُ عَنْ سُجُودِ الْإِمَامِ حَتَّى سَلَّمَ فَالْمُتَّجَهُ سُقُوطُ السُّجُودِ عَنْهُ لِأَنَّهُ مَحْضُ مُتَابَعَةٍ. وَقَدْ فَاتَتْ، وَهَلْ يَلْزَمُهُ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْمُتَّجَهُ أَيْضًا لَا اهـ وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمُوَافِقِ أَيْ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ أُخْرَى لَوْ اقْتَصَرَ إمَامُهُ عَلَى سَجْدَةٍ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ تَرَكَهَا سَهْوًا وَقَوْلُهُ: ثُمَّ يَسْجُدُ أَيْ نَدْبًا قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ مَحَلُّ السَّهْوِ) أَيْ مَحَلُّ جَبْرِ السَّهْوِ قَوْلُهُ: (لِمَا مَرَّ) أَيْ لِأَنَّهُ مَحَلُّ السَّهْوِ الَّذِي لَحِقَهُ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَثُرَ السَّهْوُ) سَوَاءٌ كَانَ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ أَوْ بِهِمَا، وَيُجْبَرُ جَمِيعُ الْخَلَلِ إنْ قَصَدَهُ أَوْ أَطْلَقَ، فَإِنْ قَصَدَ جَبْرَ بَعْضٍ حَصَلَ جَبْرُهُ وَفَاتَ جَبْرُ غَيْرِهِ وَلَا يُكَرِّرُهُ لَهُ وَفَارَقَ سُجُودَ التِّلَاوَةِ أَيْ حَيْثُ يَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْمُقْتَضِي بِعَدَمِ الِانْحِصَارِ هُنَا ق ل. وَعِبَارَةُ سم: وَلَا يَخْفَى ظُهُورُ كَلَامِهِمْ أَوْ صَرَاحَتُهُ فِي امْتِنَاعِ تَعَدُّدِ سُجُودِ السَّهْوِ بِتَعَدُّدِ الْمُقْتَضِي بِخِلَافِ سُجُودِ التِّلَاوَةِ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ السَّبَبَ هُنَا قَدْ يَكُونُ بِغَيْرِ الِاخْتِيَارِ وَقَدْ لَا يَنْحَصِرُ، فَلَوْ طَلَبَ تَعَدُّدَ السُّجُودِ رُبَّمَا تَسَلْسَلَ اهـ وَهَذَا بِظَاهِرِهِ عَامٌّ لِمَا لَوْ خَصَّ بِهِ بَعْضَ الْخَلَلِ أَوْ لَا اهـ أج. وَالْغَايَةُ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ لِلتَّعْمِيمِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ إنَّهُ إذَا كَانَ السَّهْوُ جِنْسَيْنِ كَالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ سَجَدَ لِكُلِّ وَاحِدٍ سَجْدَتَيْنِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمِيزَانِ، وَنَصُّهُ اتَّفَقَ الْأَئِمَّةُ عَلَى أَنَّهُ يَكْفِي لِلسَّهْوِ أَنْ تُكَرَّرَ سَجْدَتَانِ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: إنَّهُ إنْ كَانَ السَّهْوُ جِنْسَيْنِ كَالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ سَجَدَ لِكُلِّ وَاحِدٍ سَجْدَتَيْنِ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى: إنَّهُ يَسْجُدُ لِكُلِّ سَهْوٍ سَجْدَتَيْنِ مُطْلَقًا قَوْلُهُ: (سَجْدَتَانِ) أَيْ يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِجِلْسَةٍ، فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى سَجْدَةٍ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إنْ أَتَى بِهَا بِقَصْدِ الِاقْتِصَارِ عَلَيْهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَرَادَ ذَلِكَ بَعْدَ فِعْلِهَا لِأَنَّ غَايَتَهُ تَرْكُ إتْمَامِ النَّفْلِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>