للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ ثِنْتَيْنِ وَتَكَلَّمَ وَمَشَى لِأَنَّهُ يَجْبُرُ مَا قَبْلَهُ وَمَا وَقَعَ فِيهِ وَمَا بَعْدَهُ، حَتَّى لَوْ سَجَدَ لِلسَّهْوِ ثُمَّ سَهَا قَبْلَ سَلَامِهِ بِكَلَامٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ سَجَدَ لِلسَّهْوِ ثَلَاثًا سَهْوًا فَلَا يَسْجُدُ ثَانِيًا لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ وُقُوعَ مِثْلِهِ فِي السُّجُودِ ثَانِيًا فَيَتَسَلْسَلُ. قَالَ الدَّمِيرِيُّ: وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ الَّتِي سُئِلَ عَنْهَا أَبُو يُوسُفَ الْكِسَائِيَّ لَمَّا ادَّعَى أَنَّ مَنْ تَبَحَّرَ فِي عِلْمٍ اهْتَدَى بِهِ إلَى سَائِرِ الْعُلُومِ فَقَالَ لَهُ: أَنْتَ إمَامٌ فِي النَّحْوِ وَالْأَدَبِ فَهَلْ تَهْتَدِي إلَى الْفِقْهِ؟ فَقَالَ: سَلْ مَا شِئْت. فَقَالَ: لَوْ سَجَدَ سُجُودَ السَّهْوِ ثَلَاثًا هَلْ يَلْزَمُهُ أَنْ يَسْجُدَ؟ قَالَ: لَا؛ لِأَنَّ الْمُصَغَّرَ لَا يُصَغَّرُ

وَكَيْفِيَّتُهُمَا كَسُجُودِ الصَّلَاةِ فِي وَاجِبَاتِهِ وَمَنْدُوبَاتِهِ كَوَضْعِ الْجَبْهَةِ وَالطُّمَأْنِينَةِ وَالتَّحَامُلِ وَالتَّنْكِيسِ وَالِافْتِرَاشِ فِي الْجُلُوسِ بَيْنَهُمَا وَالتَّوَرُّكُ بَعْدَهُمَا. وَيَأْتِي بِذِكْرِ سُجُودِ الصَّلَاةِ فِيهِمَا.

وَهُوَ (سُنَّةٌ) لِلْأَحَادِيثِ الْمَارَّةِ فَلَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِتَرْكِهِ (وَمَحَلُّهُ) بَعْدَ تَشَهُّدِهِ وَ (قَبْلَ السَّلَامِ) لِأَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى بِهِمْ الظُّهْرَ فَقَامَ مِنْ الْأُولَتَيْنِ وَلَمْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَعِبَارَةُ م د عَلَى التَّحْرِيرِ: لَوْ أَتَى بِوَاحِدَةٍ قَالَ الْقَفَّالُ: تُجْزِيهِ. وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: لَا تُجْزِيهِ وَحُمِلَ الْأَوَّلُ عَلَى مَا إذَا أَرَادَ ابْتِدَاءً أَنْ يَأْتِيَ بِسَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ أَتَى بِوَاحِدَةٍ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهَا فَإِنَّ صَلَاتَهُ لَا تَبْطُلُ، وَهَلْ لَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالسَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ لَا، فِيهِ تَفْصِيلٌ وَهُوَ إنْ طَالَ الزَّمَنُ لَمْ يَأْتِ بِهَا، وَإِنْ لَمْ يَطُلْ الزَّمَنُ أَتَى بِهَا وَحُمِلَ الثَّانِي عَلَى مَا إذَا أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ بِوَاحِدَةٍ ابْتِدَاءً فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ بِالشُّرُوعِ فِيهَا، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا إذَا أَرَادَ تَرْكَ الطُّمَأْنِينَةِ فِيهِ فَيَضُرُّ ابْتِدَاءً فَقَطْ دُونَ مَا إذَا عَرَضَ لَهُ، وَلَوْ فَعَلَ مَا يَقْتَضِي السُّجُودَ كَتَرْكِهِ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ وَمَا لَا يَقْتَضِيهِ كَتَرْكِ التَّسْبِيحَاتِ وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ وَقَصَدَهُمَا هَلْ تَبْطُلُ الصَّلَاةُ أَوْ لَا لِوُجُودِ مُقْتَضَيْهِ. قَالَ شَيْخُنَا بِالْبُطْلَانِ لِأَنَّ هَذَا مُقْتَضٍ وَمَانِعٌ وَإِذَا اجْتَمَعَا غَلَبَ الْمَانِعُ اهـ أج.

قَوْلُهُ: (مَعَ تَعَدُّدِهِ) أَيْ السَّهْوُ قَوْلُهُ: (وَمَا وَقَعَ فِيهِ) وَلَا يَجْبُرُ نَفْسَهُ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ، وَلَوْ ظَنَّ سَهْوًا فَسَجَدَ فَبَانَ عَدَمُهُ سَجَدَ قَوْلُهُ: (هَلْ يَلْزَمُهُ أَنْ يَسْجُدَ) الْأَنْسَبُ هَلْ يُطْلَبُ مِنْهُ سُجُودٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ السَّائِلُ حَنَفِيٌّ وَسُجُودُ السَّهْوِ وَاجِبٌ عِنْدَهُ أج، أَيْ الْمَشْهُورُ عِنْدَهُمْ الْوُجُوبُ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ الْمِيزَانِ وَعِبَارَتُهُ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالْكَرْخِيُّ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ: إنَّ سُجُودَ السَّهْوِ وَاجِبٌ. وَقَالَ مَالِكٌ: إنَّهُ يَجِبُ فِي النُّقْصَانِ وَيُسَنُّ فِي الزِّيَادَةِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي رِوَايَةٍ وَالشَّافِعِيُّ إنَّهُ مَسْنُونٌ عَلَى الْإِطْلَاقِ قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْمُصَغَّرَ لَا يُصَغَّرُ) أَيْ وَهَذَا يُشْبِهُهُ فَلَا يُصَغَّرُ أَيْضًا بِالسُّجُودِ ثَانِيًا، وَوَجْهُ تَشْبِيهِهِ بِالْمُصَغَّرِ أَنَّ فِي الْمُصَغَّرِ زِيَادَةَ حَرْفٍ كَعُمَيْرِ تَصْغِيرِ عُمَرَ وَسُجُودُ السَّهْوِ سَجْدَتَانِ، فَإِذَا أَتَى بِثَلَاثَةٍ أَشْبَهَ الْمُصَغَّرَ كَمَا ذَكَرَهُ م د وَمَعْنَى كَوْنِهِ لَا يُصَغَّرُ أَنَّهُ لَا يُزَادُ سَجْدَتَانِ ثَانِيًا كَمَا أَنَّ عُمَيْرًا لَا يُصَغَّرُ أَيْ لَا يُزَادُ عَلَيْهِ حَرْفٌ آخَرُ

قَوْلُهُ: (كَسُجُودِ الصَّلَاةِ) وَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةٍ لِغَيْرِ الْمَأْمُومِ، فَإِنْ سَجَدَ بِدُونِهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ ق ل.

قَوْلُهُ: (وَمَنْدُوبَاتُهُ) نَعَمْ إنْ كَانَ فِي صَلَاةِ التَّسْبِيحِ لَمْ يُسَبِّحْ فِيهِ عَشْرًا كَمَا فِي الْبَحْرِ، وَارْتَضَاهُ فِي الْأَذْكَارِ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ: وَالْأَلْيَقُ أَنْ يَقُولَ فِي سُجُودِ السَّهْوِ سُبْحَانَ الَّذِي لَا يَنَامُ وَلَا يَسْهُو. قَالَ الزَّرْكَشِيّ: هَذَا إنَّمَا يَتِمُّ إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ مَا يَقْتَضِي السُّجُودَ، فَإِنْ تَعَمَّدَهُ فَلَيْسَ ذَلِكَ لَائِقًا بِالْحَالِ بَلْ اللَّائِقُ الِاسْتِغْفَارُ، وَسَكَتُوا عَنْ الذِّكْرِ بَيْنَهُمَا وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ كَالذِّكْرِ بَيْنَ سَجْدَتَيْ الصَّلَاةِ، فَلَوْ أَخَلَّ بِشَرْطٍ مِنْ شُرُوطِ السَّجْدَةِ أَوْ الْجُلُوسِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ فِي السَّجْدَةِ مِنْ أَنَّهُ إنْ نَوَى الْإِخْلَالَ بِهِ قَبْلَ فِعْلِهِ أَوْ مَعَهُ وَفَعَلَهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ طَرَأَ لَهُ أَثْنَاءَ فِعْلِهِ الْإِخْلَالُ بِهِ وَأَنَّهُ يَتْرُكُهُ فَتَرَكَهُ فَوْرًا لَمْ تَبْطُلْ، وَعَلَى هَذَا الْأَخِيرِ يُحْمَلُ إطْلَاقُ الْإِسْنَوِيِّ عَدَمَ الْبُطْلَانِ شَرْحُ م ر. قَالَ سم: وَلَوْ أَتَى بِهِ قَبْلَ الصَّلَاةِ عَلَى الْآلِ وَمَا بَعْدَهَا أَجْزَأَ اهـ. أَيْ وَيَحْصُلُ لَهُ أَصْلُ سُنَّةِ السُّجُودِ، وَعِبَارَةُ م ر وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ سَجَدَ لِلسَّهْوِ قَبْلَ صَلَاتِهِ عَلَى الْآلِ ثُمَّ أَتَى بِهَا بِالْمَأْثُورِ حَصَلَ أَصْلُ سُنَّةِ السُّجُودِ وَامْتَنَعَ عَلَيْهِ إعَادَتُهُ اهـ أج. وَفِي ق ل مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ بَعْدَ تَشَهُّدِهِ أَيْ الْمُشْتَمِلِ عَلَى الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَيُجْزِئُ بَعْدَ وَاجِبِهِ وَلَوْ قَبْلَ فِعْلِ الْمَنْدُوبِ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى الْآلِ وَمَا بَعْدَهَا، وَلَوْ تَخَلَّفَ الْمَأْمُومُ عَنْ الْإِمَامِ عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِمُجَرَّدِ هُوِيِّ الْإِمَامِ لَهُ إنْ قَصَدَ الْمُخَالَفَةَ وَإِلَّا فَبِهُوِيِّهِ إلَى السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ، وَإِنْ كَانَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا لَمْ تَبْطُلْ وَيَسْقُطُ عَنْهُ وُجُوبُهُ إنْ كَانَ مَسْبُوقًا فَلَهُ تَرْكُهُ، وَلَهُ السُّجُودُ وَلَوْ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ وَكَذَا لَوْ نَوَى مُفَارَقَةَ الْإِمَامِ قَبْلَهُ، وَلَوْ سَجَدَ سَجْدَةً فَقَطْ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ إنْ قَصَدَ تَرْكَ الثَّانِيَةِ بَعْدَ فِعْلِ الْأُولَى وَإِلَّا بَطَلَتْ بِشُرُوعِهِ فِيهَا، فَإِنْ أَرَادَ السُّجُودَ بَعْدَ التَّرْكِ فَلَا بُدَّ مِنْ سَجْدَتَيْنِ. اهـ. ق ل.

<<  <  ج: ص:  >  >>