للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهِيَ كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ هُنَا وَإِنْ صَحَّحَ فِي التَّحْقِيقِ، وَفِي الطَّهَارَةِ مِنْ الْمَجْمُوعِ أَنَّهَا كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ (وَ) هِيَ (خَمْسَةُ أَوْقَاتٍ لَا يُصَلَّى فِيهَا) أَيْ فِي غَيْرِ حَرَمِ مَكَّةَ (إلَّا صَلَاةً لَهَا سَبَبٌ) غَيْرُ مُتَأَخِّرٍ فَإِنَّهَا تَصِحُّ كَفَائِتَةٍ وَصَلَاةِ كُسُوفٍ وَاسْتِسْقَاءٍ وَطَوَافٍ وَتَحِيَّةٍ وَسُنَّةِ وُضُوءٍ وَسَجْدَةِ تِلَاوَةٍ وَشُكْرٍ وَصَلَاةِ جِنَازَةٍ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ فَائِتَةً فَرْضًا أَمْ نَفْلًا لِأَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى بَعْدَ الْعَصْرِ رَكْعَتَيْنِ وَقَالَ: هُمَا اللَّتَانِ بَعْدَ الظُّهْرِ» ، أَمَّا مَا لَهُ سَبَبٌ مُتَأَخِّرٌ كَرَكْعَتَيْ الِاسْتِخَارَةِ وَالْإِحْرَامِ فَإِنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ كَالصَّلَاةِ الَّتِي لَا سَبَبَ لَهَا.

ــ

[حاشية البجيرمي]

سَبَبٌ. قَوْلُهُ: (كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْأُولَى مَا كَانَتْ بِنَهْيٍ جَازِمٍ، وَالثَّانِيَةَ مَا كَانَتْ بِنَهْيٍ غَيْرِ جَازِمٍ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْحَرَامِ وَكَرَاهَةِ التَّحْرِيمِ أَنَّ الْأَوَّلَ دَلِيلُهُ لَا يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ وَالثَّانِي يَحْتَمِلُهُ. قَوْلُهُ: (تَنْزِيهٍ) وَلَا تَنْعَقِدُ وَإِنْ قُلْنَا بِالتَّنْزِيهِ لِأَنَّ النَّهْيَ فِيهَا لِأَمْرٍ خَارِجٍ لَازِمٍ ق ل. قَالَ م د: قَوْلُهُ كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْخِلَافُ لَفْظِيٌّ لِأَنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ مُطْلَقًا حَتَّى عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّنْزِيهِ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ عَلَى الثَّانِي لَا إثْمَ فِيهَا فَيَكُونُ الْخُلْفُ مَعْنَوِيًّا فَلْيُحَرَّرْ. وَقَوْلُهُ لَا إثْمَ فِيهَا مُشْكِلٌ مَعَ عَدَمِ انْعِقَادِهَا. وَقَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: فَتَكُونُ مَعَ جَوَازِهَا فَاسِدَةً. وَاسْتَشْكَلَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْجَوَازِ وَالْفَسَادِ وَقِيلَ إنَّ الْإِقْدَامَ عَلَيْهَا جَائِزٌ، وَعِبَارَةُ م ر مَعَ زِيَادَةٍ وَلَا تَنْعَقِدُ حَتَّى لَوْ أَحْرَمَ بِصَلَاةٍ أَوْ نَذَرَهَا فِيهِ لَمْ تَنْعَقِدْ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ وَإِنْ قُلْنَا الْكَرَاهَةُ لِلتَّنْزِيهِ لِأَنَّ النَّهْيَ إذَا رَجَعَ إلَى نَفْسِ الْعِبَادَةِ أَوْ لَازِمِهَا اقْتَضَى الْفَسَادَ، سَوَاءٌ كَانَ لِلتَّحْرِيمِ أَوْ لِلتَّنْزِيهِ أَيْ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا فِي الْأَمْكِنَةِ الْمَكْرُوهَةِ فِيهَا الصَّلَاةُ فَإِنَّهَا تَنْعَقِدُ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْفِعْلَ فِي الزَّمَانِ يُذْهِبُ جُزْءًا مِنْهُ فَكَانَ النَّهْيُ مُنْصَرِفًا لِإِذْهَابِ هَذَا الْجُزْءِ فِي الْمَنْهِيِّ فَهُوَ وَصْفٌ لَازِمٌ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ وُجُودُ الْفِعْلِ إلَّا بِإِذْهَابِ جُزْءٍ مِنْ الزَّمَانِ، وَأَمَّا الْمَكَانُ فَلَا يَذْهَبُ جُزْءٌ مِنْهُ وَلَا يَتَأَثَّرُ بِالْفِعْلِ فَالنَّهْيُ فِيهِ لِأَمْرٍ خَارِجٍ مُجَاوِرٍ لَا لَازِمٍ فَحَقِّقْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ نَفِيسٌ قَوْلُهُ: (حَرَمِ مَكَّةَ) سَوَاءٌ الْمَسْجِدُ وَغَيْرُهُ.

قَوْلُهُ: (إلَّا صَلَاةً لَهَا سَبَبٌ) فَإِنْ قِيلَ: عِلَّةُ الْكَرَاهَةِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَغُرُوبِهَا وَاسْتِوَائِهَا وُجُودُ قَرْنِ الشَّيْطَانِ مَعَهَا وَهُوَ مَوْجُودٌ سَوَاءٌ كَانَتْ الصَّلَاةُ لَهَا سَبَبٌ أَوْ لَا فَعِلَّةُ الْكَرَاهَةِ مَوْجُودَةٌ مُطْلَقًا. قُلْنَا: مَا نَهَى عَنْ الصَّلَاةِ إلَّا لِمُوَافَقَةِ مَنْ يَعْبُدُ الشَّمْسَ، فَإِذَا كَانَ لَهَا سَبَبٌ أُحِيلَتْ عَلَى سَبَبِهَا فَخَرَجَتْ عَنْ الْكَرَاهَةِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا سَبَبٌ أُحِيلَتْ عَلَى الْوَقْتِ فَكُرِهَتْ اهـ ش الْحَاوِي لِأَبِي الْبَقَاءِ اهـ عَبْدُ الْبَرِّ.

قَوْلُهُ: (كَفَائِتَةٍ) سَبَبُهَا مُتَقَدِّمٌ أَيْ وَلَوْ نَافِلَةً تُقْضَى لِخَبَرِ «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا» وَلَكِنْ هَلْ الْأَوْلَى أَنْ يُصَلِّيَهَا فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ أَوْ يَتْرُكَهَا؟ قَالَ سم: الْأَقْرَبُ أَنَّهُ يُصَلِّيهَا. وَنَقَلَ الشَّوْبَرِيُّ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ التَّرْكَ. قَالَ شَيْخُنَا: وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ تَكُنْ الْفَائِتَةُ فَرْضًا بِلَا عُذْرٍ وَإِلَّا وَجَبَ الْفِعْلُ، وَخَرَجَ الْمُؤَدَّاةُ فَتُفْعَلُ مُطْلَقًا وَلَوْ مَعَ التَّحَرِّي. وَعِبَارَةُ سم: نَعَمْ تَحَرِّي الْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ بِالْمُؤَدَّاةِ لَا يَمْنَعُ انْعِقَادَهَا لِوُقُوعِهَا فِي وَقْتِهَا الْأَصْلِيِّ كَأَنْ أَخَّرَ الْعَصْرَ لِيُوقِعَهَا فِي وَقْتِ الِاصْفِرَارِ اهـ أج قَوْلُهُ: (وَصَلَاةِ كُسُوفٍ) سَبَبُهَا مُتَقَدِّمٌ ابْتِدَاءً مُقَارِنٌ دَوَامًا وَكَذَا مَا بَعْدَهَا قَوْلُهُ: (وَاسْتِسْقَاءٍ) سَبَبُهَا مُتَقَدِّمٌ وَهُوَ الْحَاجَةُ قَوْلُهُ: (وَطَوَافٍ وَتَحِيَّةٍ وَسُنَّةِ وُضُوءٍ) سَبَبُ الثَّلَاثَةِ مُتَقَدِّمٌ قَوْلُهُ: (وَقَالَ هُمَا اللَّتَانِ بَعْدَ الظُّهْرِ) وَفِي مُسْلِمٍ لَمْ يَزَلْ يُصَلِّيهِمَا حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا، أَيْ لِأَنَّ مِنْ خُصُوصِيَّاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ إذَا عَمِلَ عَمَلًا دَاوَمَ عَلَيْهِ فَفِعْلُهُمَا أَوَّلَ مَرَّةٍ قَضَاءً وَبَعْدَهُ نَفْلًا مُطْلَقًا لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا إلَّا وَاظَبَ عَلَيْهِ، لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَى ذَلِكَ الرَّوَاتِبُ غَيْرُ الْمُؤَكَّدَةِ لِأَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُهَا أَحْيَانًا وَيَتْرُكُهَا أَحْيَانًا إلَّا أَنْ يُقَالَ: مَعْنَى قَوْلِهِ إلَّا وَاظَبَ عَلَيْهِ إلَّا أَحَبَّ أَنْ يُوَاظِبَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: (كَالصَّلَاةِ الَّتِي لَا سَبَبَ لَهَا) كَصَلَاةِ التَّسْبِيحِ. وَقَوْلُهُ: فَإِنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ أَيْ لِأَنَّهُ مُعَانِدٌ لِلشَّرْعِ وَعَبَّرَ الزَّرْكَشِيّ وَغَيْرُهُ بِمُرَاغَمَةِ الشَّرْعِ بِالْكُلِّيَّةِ وَهُوَ مُشْكِلٌ بِتَكْفِيرِهِمْ مَنْ قِيلَ لَهُ قُصَّ أَظْفَارَك فَإِنَّهُ سُنَّةٌ، فَقَالَ: لَا أَفْعَلُ رَغْبَةً عَنْ السُّنَّةِ، فَإِذَا اقْتَضَتْ الرَّغْبَةُ عَنْ السُّنَّةِ التَّكْفِيرَ فَأَوْلَى هَذِهِ الْمُعَانَدَةُ وَالْمُرَاغَمَةُ. وَيُجَابُ بِتَعْيِينِ حَمْلِهِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يُشْبِهُ الْمُرَاغَمَةَ وَالْمُعَانَدَةَ لَا أَنَّهُ مَوْجُودٌ فِيهِ حَقِيقَتُهُمَا وَعِبَارَةُ م د عَلَى التَّحْرِيرِ، وَلَا يَكْفُرُ بِتِلْكَ الصَّلَاةِ لِأَنَّهَا وَإِنْ أَشْبَهَتْ مُرَاغَمَةَ الشَّرْعِ وَمُعَانَدَتَهُ لَمْ تُوجَدْ فِيهَا حَقِيقَتُهَا بِخِلَافِ مَا إذَا قِيلَ لَهُ قُصَّ أَظْفَارَكَ فَقَالَ لَا أَفْعَلُ رَغْبَةً عَنْ السُّنَّةِ حَيْثُ كَفَّرُوهُ لِوُجُودِ مُرَاغَمَةِ الشَّرْعِ وَمُعَانَدَتِهِ بِذَلِكَ حَقِيقَةً فَانْدَفَعَ بِهَذَا الْفَرْقِ الْإِشْكَالُ اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>