تَنْبِيهٌ: هَلْ الْمُرَادُ بِالْمُتَقَدِّمِ وَقَسِيمَيْهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الصَّلَاةِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ أَوْ إلَى الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ كَمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ؟ رَأْيَانِ أَظْهَرُهُمَا كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ الْأَوَّلُ وَعَلَيْهِ جَرَى ابْنُ الرِّفْعَةِ فَعَلَيْهِ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ وَنَحْوُهَا كَرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ سَبَبُهَا مُتَقَدِّمٌ، وَعَلَى الثَّانِي قَدْ يَكُونُ مُتَقَدِّمًا وَقَدْ يَكُونُ مُقَارِنًا بِحَسَبِ وُقُوعِهِ فِي الْوَقْتِ، وَمَحَلُّ مَا ذُكِرَ إذَا لَمْ يَتَحَرَّ بِهِ وَقْتَ الْكَرَاهَةِ لِيُوقِعَهَا فِيهِ وَإِلَّا بِأَنْ قَصَدَ تَأْخِيرَ الْفَائِتَةِ أَوْ الْجِنَازَةَ لِيُوقِعَهَا فِيهِ، أَوْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَقْتَ الْكَرَاهَةِ بِنِيَّةِ التَّحِيَّةِ فَقَطْ، أَوْ قَرَأَ آيَةَ سَجْدَةٍ لِيَسْجُدَهَا فِيهِ وَلَوْ قَرَأَهَا قَبْلَ الْوَقْتِ لَمْ تَصِحَّ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ كَخَبَرِ: «لَا تَحَرَّوْا بِصَلَاتِكُمْ طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلَا غُرُوبَهَا» .
ثُمَّ أَخَذَ الْمُصَنِّفُ فِي بَيَانِ الْأَوْقَاتِ الْمَذْكُورَةِ فَقَالَ مُبْتَدِئًا بِأَوَّلِهَا: (بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ) أَدَاءً (حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ)
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: (بِالنِّسْبَةِ إلَى الصَّلَاةِ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ السَّبَبُ مُتَقَدِّمًا عَلَيْهَا كَالْفَائِتَةِ سَبَبُهَا دُخُولُ الْوَقْتِ الَّذِي قَدْ فَاتَ، وَكَرَكْعَتَيْ الْوُضُوءِ سَبَبُهُمَا الْوُضُوءُ الَّذِي تَقَدَّمَ عَلَى فِعْلِهِمَا، وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ سَبَبُهَا انْقِضَاءُ الْغُسْلِ، وَرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ سَبَبُهُمَا الطَّوَافُ الْمُتَقَدِّمُ عَلَيْهِمَا، أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي مِنْ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالتَّقَدُّمِ عَلَى وَقْتِ الْكَرَاهَةِ وَالْمُقَارَنَةِ لَهُ وَالتَّأَخُّرِ عَنْهُ فَفِي هَذِهِ الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ تَارَةً يَكُونُ السَّبَبُ مُتَقَدِّمًا عَلَى وَقْتِ الْكَرَاهَةِ وَتَارَةً يَكُونُ مُقَارِنًا إذَا قَارَنَ وَقْتَهَا بِحَسَبِ وُقُوعِ السَّبَبِ قَبْلَ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ أَوْ فِيهِ، وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ بَعْدَهَا إلَّا فِيمَا سَبَبُهُ مُتَأَخِّرٌ إذَا فَرَغَ مِنْ الصَّلَاةِ آخِرَ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ فَتَأَمَّلْ. اهـ. م د.
قَوْلُهُ: (الْأَوَّلُ) وَعَلَيْهِ لَا يُتَصَوَّرُ سَبَبٌ مُقَارِنٌ أَصْلًا خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ فِي نَحْوِ الْكُسُوفِ لِأَنَّ الْمُقَارِنَ دَوَامُ السَّبَبِ لَا ابْتِدَاؤُهُ فَتَأَمَّلْ ق ل. قَالَ م د عَلَى التَّحْرِيرِ: اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ بِإِحْرَامِهِ بِهَا عِنْدَ حَالِ التَّغَيُّرِ فَحَصَلَتْ الْمُقَارَنَةُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ أَوْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْهَيْئَةِ، فَإِذَا عَلِمَ ذَلِكَ أَحْرَمَ بِهَا مُقَارِنًا لِلتَّغَيُّرِ وَنَقَلَ ح ل عَنْ حَجّ: أَنَّ الْكُسُوفَ مِمَّا سَبَبُهُ مُتَقَدِّمٌ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ لَوْ زَالَ أَثْنَاءَ الصَّلَاةِ أَتَمَّهَا لِتَقَدُّمِ سَبَبِهَا ثُمَّ كَتَبَ وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُ كَوْنِهِ مُقَارِنًا بِأَنَّهُ عِنْدَ التَّحْرِيمِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْكُسُوفُ بَاقِيًا مُسْتَمِرًّا حَتَّى لَوْ زَالَ لَمْ يَصِحَّ الْإِحْرَامُ اهـ. وَتَلَخَّصَ أَنَّهُ إنْ أُرِيدَ بِالْمُقَارَنَةِ اسْتِوَاءَ السَّبَبِ وَالْإِحْرَامَ فِي الزَّمَنِ ابْتِدَاءً كَانَ الْكُسُوفُ مُتَقَدِّمًا عَلَى الصَّلَاةِ إذْ لَا يُحْرِمُ بِهَا إلَّا بَعْدَ ابْتِدَائِهِ، وَإِنْ أُرِيدَ بِالْمُقَارَنَةِ وُقُوعُ الْإِحْرَامِ حَالَ وُقُوعِ السَّبَبِ وَلَوْ فِي أَثْنَائِهِ كَانَ الْكُسُوفُ مُقَارِنًا لِلصَّلَاةِ قَوْلُهُ: (وَمَحَلُّ مَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ الصِّحَّةِ فِي غَيْرِ مَا لَهُ سَبَبٌ مُتَأَخِّرٌ ق ل قَوْلُهُ: (إذَا لَمْ يَتَحَرَّ بِهِ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الصَّلَاةِ قَوْلُهُ: (لِيُوقِعَهَا فِيهِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ وَقْتُ كَرَاهَةٍ وَإِلَّا بِأَنْ أَطْلَقَ فَلَا يَكُونُ مِنْ التَّحَرِّي، وَلَيْسَ مِنْ التَّحَرِّي مَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ صَلَوَاتٌ فَائِتَةٌ وَأَضْمَرَ أَنْ يُصَلِّيَ كُلَّ وَقْتٍ خَلْفَ وَقْتٍ أج. قَالَ م ر: وَلَيْسَ مِنْ تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ لِإِيقَاعِهَا فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ حَتَّى لَا تَنْعَقِدَ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ لِبَعْدِ صَلَاةِ الْعَصْرِ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا يَقْصِدُونَ بِهِ كَثْرَةَ الْمُصَلِّينَ قَوْلُهُ: (تَأْخِيرَ الْفَائِتَةِ) وَلَوْ نَوَى نَفْلًا مُطْلَقًا قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ فَدَخَلَ وَقْتُ الْكَرَاهَةِ، فَإِنْ نَوَى عَدَدًا أَتَمَّهُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ عَدَدًا فَإِنْ دَخَلَ وَقْتُ الْكَرَاهَةِ بَعْدَ فِعْلِ رَكْعَتَيْنِ وَجَبَ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِمَا، فَإِنْ قَامَ لِثَالِثَةٍ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ لَزِمَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهَا. اهـ. سم أج قَوْلُهُ: (فَقَطْ) خَرَجَ بِذَلِكَ مَا لَوْ دَخَلَ لِغَرَضٍ غَيْرِ التَّحِيَّةِ أَوْ لِغَرَضِهِمَا سم قَوْلُهُ: (لَا تَحَرَّوْا) أَصْلُهُ لَا تَتَحَرَّوْا، فَحُذِفَتْ مِنْهُ إحْدَى التَّاءَيْنِ فَصَارَ تَحَرَّوْا. وَأَصْلُهُ لَا تَتَحَرَيُوا تَحَرَّكَتْ الْيَاءُ وَانْفَتَحَ مَا قَبْلَهَا قُلِبَتْ أَلِفًا ثُمَّ حُذِفَتْ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ.
قَوْلُهُ: (أَدَاءً) احْتِرَازًا مِنْ صُبْحِ مَقْضِيَّةٍ فَلَا تُكْرَهُ بَعْدَ فِعْلِهَا، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ أَدَاءً أَيْ مُغَنِّيَةً عَنْ الْقَضَاءِ وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى التَّحْرِيرِ. قَوْلُهُ لِمَنْ صَلَّاهَا أَيْ أَدَاءً وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ، وَإِلَّا فَلَوْ كَانَ فَاقِدَ الطَّهُورَيْنِ وَصَلَّى أَوْ بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ الْوُجُودُ وَتَيَمَّمَ وَصَلَّاهَا فَلَهُ النَّفَلُ بَعْدَهَا قَوْلُهُ: (حَتَّى تَطْلُعَ) أَيْ تَأْخُذَ فِي الطُّلُوعِ وَإِنْ لَمْ تَتَكَامَلْ بِأَنْ بَرَزَ بَعْضُ الْقُرْصِ، وَظَنُّ طُلُوعِهَا بِالِاجْتِهَادِ كَتَيَقُّنِهِ إذْ الِاجْتِهَادُ دَلِيلٌ شَرْعِيٌّ فَلَا يُقَالُ: الْأَصْلُ جَوَازُ الْفِعْلِ حَتَّى يَتَحَقَّقَ الْمَانِعُ. وَالْجَوَابُ أَنَّ الظَّنَّ الْمُرَتَّبَ عَلَى الِاجْتِهَادِ نَزَلَ مَنْزِلَةَ الْيَقِينِ سم. قَالَ م د: وَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفَ قَوْلِهِ: وَتَرْتَفِعُ لِأَنَّهُ عَيَّنَ الْوَقْتَ الَّذِي بَعْدَهُ. وَيُجَابُ بِأَنَّ كَلَامَ الشَّارِحِ صَحِيحٌ لِأَنَّهُ قَبْلَ الطُّلُوعِ تَكُونُ الْكَرَاهَةُ مِنْ حَيْثُ كَوْنِهَا وَاقِعَةً بَعْدَ الصُّبْحِ، وَأَمَّا مِنْ الطُّلُوعِ إلَى الِارْتِفَاعِ فَهِيَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute