للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِحَيْثُ يَظْهَرُ شِعَارُ الْجَمَاعَةِ بِإِقَامَتِهَا بِمَحَلٍّ فِي الْقَرْيَةِ الصَّغِيرَةِ وَفِي الْكَبِيرَةِ وَالْبَلَدِ بِمَحَالٍّ يَظْهَرُ بِهَا الشِّعَارُ وَيَسْقُطُ الطَّلَبُ بِطَائِفَةٍ وَإِنْ قَلَّتْ، فَلَوْ أَطْبَقُوا عَلَى إقَامَتِهَا فِي الْبُيُوتِ وَلَمْ يَظْهَرْ بِهَا شِعَارٌ لَمْ يَسْقُطْ الْفَرْضُ، فَإِنْ امْتَنَعُوا كُلُّهُمْ مِنْ إقَامَتِهَا عَلَى مَا ذُكِرَ قَاتَلَهُمْ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ دُونَ آحَادِ النَّاسِ، وَهَكَذَا لَوْ تَرَكَهَا أَهْلُ مَحَلَّةٍ فِي الْقَرْيَةِ الْكَبِيرَةِ أَوْ الْبَلَدِ، فَلَا تَجِبُ عَلَى النِّسَاءِ وَمِثْلُهُنَّ الْخَنَاثَى، وَلَا عَلَى مَنْ فِيهِ رِقٌّ لِاشْتِغَالِهِمْ بِخِدْمَةِ السَّادَةِ، وَلَا عَلَى الْمُسَافِرِينَ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي التَّحْقِيقِ وَإِنْ نَقَلَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ أَنَّهَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ أَيْضًا، وَلَا عَلَى الْعُرَاةِ بَلْ هِيَ وَالِانْفِرَادُ فِي حَقِّهِمْ سَوَاءٌ إلَّا أَنْ يَكُونُوا عُمْيًا أَوْ فِي ظُلْمَةٍ فَتُسْتَحَبُّ، وَلَا فِي مَقْضِيَّةٍ خَلْفَ مَقْضِيَّةٍ مِنْ نَوْعِهَا بَلْ تُسَنُّ، أَمَّا مَقْضِيَّةٌ خَلْفَ مُؤَدَّاةٍ أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ خَلْفَ مَقْضِيَّةٍ لَيْسَتْ مِنْ نَوْعِهَا فَلَا تُسَنُّ وَلَا فِي مَنْذُورَةٍ بَلْ وَلَا تُسَنُّ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

جَمْعُ مُحَلَّةٍ، وَهِيَ الْحَارَةُ عَمِيرَةٌ مَرْحُومِيٌّ.

قَوْلُهُ: (الشِّعَارُ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَسْرِهِ جَمْعُ شَعِيرَةٍ بِمَعْنَى الْعَلَامَةِ، وَالْمُرَادُ ظُهُورُهُ عِنْدَ أَهْلِ الْبَلَدِ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَعِنْدَ الطَّارِقِينَ وَالْعَلَامَةُ كَفَتْحِ أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ وَاجْتِمَاعِ النَّاسِ لَهَا بِسُهُولَةٍ. قَالَ شَيْخُنَا ح ف: وَضَابِطُ ظُهُورِ الشِّعَارِ أَنْ لَا تَشُقَّ الْجَمَاعَةُ عَلَى طَالِبِهَا، وَلَا يَحْتَشِمَ كَبِيرٌ وَلَا صَغِيرٌ مِنْ دُخُولِ مَحَالِّهَا، فَإِنْ أُقِيمَتْ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ فِي بَلَدٍ كَبِيرٍ بِحَيْثُ يَشُقُّ عَلَى الْبَعِيدِ حُضُورُهُ أَوْ أُقِيمَتْ فِي الْبُيُوتِ بِحَيْثُ يَسْتَحِيُ مِنْ دُخُولِهَا لَمْ يَحْصُلْ ظُهُورُ الشِّعَارِ فَلَا يَسْقُطُ الْفَرْضُ اهـ.

قَوْلُهُ: (بِطَائِفَةٍ) أَيْ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ وَالْوُجُوبِ، فَلَا يَسْقُطُ بِفِعْلِ غَيْرِ أَهْلِ الْبَلَدِ وَلَا بِالصِّبْيَانِ وَالنِّسَاءِ وَنَحْوِهِمْ كَإِحْيَاءِ الْكَعْبَةِ فَإِنَّهُ لَا يَحْصُلُ بِالصِّبْيَانِ وَلَا بِالْأَرِقَّاءِ، وَمِثْلُهَا رَدُّ السِّلَاحِ فَلَا يَحْصُلُ بِالصِّبْيَانِ بِخِلَافِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَالْجِهَادِ فَيَسْقُطَانِ بِالصِّبْيَانِ، بَلْ سَائِرُ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ يَكْفِي فِيهِ الصِّبْيَانُ كَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالْحِرَفِ إلَّا أَرْبَعَةً صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ وَالْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ وَرَدُّ السَّلَامِ. وَمُرَادُهُ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ إحْيَاءُ الْكَعْبَةِ بِهِمَا كُلَّ عَامٍ وَإِلَّا فَهُمَا فَرْضُ عَيْنٍ، وَلَوْ أَقَامَهَا الْجِنُّ وَظَهَرَ بِهِمْ الشِّعَارُ هَلْ يُكْتَفَى بِهِمْ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَيَنْبَغِي أَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا عَلَى صُورَةِ الْبَشَرِ اُكْتُفِيَ بِهِمْ أَوْ عَلَى صُوَرِهِمْ فَلَا يُكْتَفَى بِهِمْ لِأَنَّ صُوَرَهُمْ مُنَفِّرَةٌ وَيَعْسُرُ الْحُضُورُ مَعَهُمْ اهـ أج. وَلَا بُدَّ مِنْ فِعْلِهَا أَيْضًا فِي مَحَلٍّ يُمْتَنَعُ قَصْرُ الصَّلَاةِ فِيهِ، فَلَا يَكْفِي إقَامَتُهَا فِي مَحَلٍّ لَا تَجُوزُ إقَامَةُ الْجُمُعَةِ فِيهِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ. اهـ. شَوْبَرِيٌّ.

قَوْلُهُ: (عَلَى مَا ذُكِرَ) أَيْ بِحَيْثُ يَظْهَرُ الشِّعَارُ قَوْلُهُ: (قَاتَلَهُمْ) أَيْ كَقِتَالِ الْبُغَاةِ ق ل قَوْلُهُ: (فَلَا تَجِبُ عَلَى النِّسَاءِ) شُرُوعٌ فِي مُحْتَرَزَاتِ الْقُيُودِ السَّابِقَةِ، وَعِبَارَةُ الْعَيْنِيِّ عَلَى الْكَنْزِ. وَلَا يَحْضُرْنَ أَيْ النِّسَاءُ سَوَاءٌ كُنَّ شَوَابَّ أَوْ عَجَائِزَ الْجَمَاعَاتِ لِظُهُورِ الْفَسَادِ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِلْعَجُوزِ أَنْ تَخْرُجَ فِي الْفَجْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، وَعِنْدَهُمَا تَخْرُجُ فِي الْكُلِّ وَبِهِ قَالَتْ الثَّلَاثَةُ وَالْفَتْوَى الْيَوْمَ عَلَى الْمَنْعِ فِي الْكُلِّ، فَلِذَلِكَ أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ. وَيَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ: الْجَمَاعَاتُ الْجُمَعُ وَالْأَعْيَادُ وَالِاسْتِسْقَاءُ وَمَجَالِسُ الْوَعْظِ لَا سِيَّمَا عِنْدَ الْجُهَّالِ الَّذِينَ تَحَلَّوْا بِحِلْيَةِ الْعُلَمَاءِ وَقَصْدُهُمْ الشَّهَوَاتُ وَتَحْصِيلُ الدُّنْيَا قَوْلُهُ: (مَنْ فِيهِ رِقٌّ) وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ مُهَايَأَةٌ وَالنَّوْبَةُ لَهُ سَوَاءٌ انْفَرَدَ الْأَرِقَّاءُ بِالْبَلَدِ أَمْ لَا خِلَافًا لِمَنْ رَجَّحَ خِلَافَ ذَلِكَ شَرْحُ م ر.

قَوْلُهُ: (خَلْفَ مَقْضِيَّةٍ مِنْ نَوْعِهَا) أَيْ اتَّفَقَ شَخْصُهُمَا كَظُهْرٍ وَظُهْرٍ مَثَلًا لَا ظُهْرٍ وَعَصْرٍ أَوْ عِشَاءٍ لِأَنَّهُمَا مُخْتَلِفَانِ نَوْعًا وَإِنْ اتَّفَقَا عَدَدًا اهـ أج. وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى التَّحْرِيرِ قَوْلُهُ: إذَا اتَّفَقَا أَيْ فِي النَّوْعِ كَظُهْرَيْنِ وَإِلَّا كُرِهَتْ، وَإِنْ اتَّفَقَ الْعَدَدُ كَظُهْرٍ وَعَصْرٍ قَالَ شَيْخُنَا م ر: وَمَعَ الْكَرَاهَةِ تَحْصُلُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ كَفَرْضٍ خَلْفَ نَفْلٍ وَعَكْسِهِ، وَمُؤَدَّاةٍ خَلْفَ مَقْضِيَّةٍ وَعَكْسِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ اهـ. فَالْجَمَاعَةُ عَلَى أَقْسَامٍ فَرْضُ عَيْنٍ فِي نَحْوِ الْجُمُعَةِ وَكِفَايَةٍ فِي بَاقِي الْمَكْتُوبَاتِ وَسُنَّةٍ فِي النَّوَافِلِ الَّتِي تُشْرَعُ فِيهَا الْجَمَاعَةُ، وَمَكْرُوهَةٍ فِي مَقْضِيَّتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ وَمُبَاحَةٍ لِلْعُرَاةِ وَحَرَامٍ فِي الصُّورَةِ الَّتِي تَقَدَّمَتْ عَنْ الشَّوْبَرِيِّ اهـ.

قَوْلُهُ: (فَلَا تُسَنُّ) أَيْ وَلَا تُكْرَهُ فَتَكُونُ خِلَافَ السُّنَّةِ قَوْلُهُ: (وَلَا فِي مَنْذُورَةٍ) أَيْ إلَّا إنْ كَانَتْ الْجَمَاعَةُ فِيهَا مَنْدُوبَةً قَبْلَ النَّذْرِ كَالْعِيدِ فَتَسْتَمِرُّ عَلَى سُنِّيَّتِهَا. اهـ. ق ل. وَتَجِبُ الْجَمَاعَةُ فِيهَا إذَا نَذَرَهَا م د. فَقَوْلُ الشَّارِحِ: بَلْ وَلَا تُسَنُّ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ أج قَوْلُهُ: (بَلْ وَلَا تُسَنُّ) قَالَ م ر فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ: بَلْ وَلَا تُكْرَهُ. قَالَ شَيْخُنَا: وَلَا خِلَافَ الْأَوْلَى فَتَكُونُ

<<  <  ج: ص:  >  >>