للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَلِيهِ فَمَا فَوْقَهُ إلَيْهَا لِتَقْصِيرِهِمْ بِتَرْكِهَا، وَلَا يَتَقَيَّدُ خَرْقُ الصُّفُوفِ بِصَفَّيْنِ كَمَا زَعَمَهُ بَعْضُهُمْ وَإِنَّمَا يَتَقَيَّدُ بِهِ تَخَطِّي الرِّقَابِ الْآتِي فِي الْجُمُعَةِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ سَعَةً أَحْرَمَ ثُمَّ بَعْدَ إحْرَامِهِ جَرَّ إلَيْهِ شَخْصًا مِنْ الصَّفِّ لِيَصْطَفَّ مَعَهُ وَسُنَّ لِمَجْرُورِهِ مُسَاعَدَتُهُ.

(وَيَجُوزُ) لِلْمُصَلِّي الْمُتَوَضِّئِ (أَنْ يَأْتَمَّ) بِالْمُتَيَمِّمِ الَّذِي لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ وَبِمَاسِحِ الْخُفِّ، وَيَجُوزُ لِلْقَائِمِ أَنْ يَقْتَدِيَ بِالْقَاعِدِ وَالْمُضْطَجِعِ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى فِي مَرَضِ مَوْتِهِ قَاعِدًا وَأَبُو بَكْرٍ وَالنَّاسُ قِيَامًا وَأَنْ يَأْتَمَّ الْعَدْلُ (بِالْحُرِّ الْفَاسِقِ) وَلَكِنْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ دُونَ فَضِيلَةِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ، وَنُقِلَ مِثْلُ ذَلِكَ عَنْ الشَّرَفِ الْمُنَاوِيِّ وَعَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ هَذَا وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا قَالَهُ م ر. فِي شَرْحِهِ مِنْ فَوَاتِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ كَالصَّفِّ اهـ أج.

قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ، يُسْتَحَبُّ لِلْمَأْمُومِ أَنْ يُبَادِرَ إلَى الصَّلَاةِ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ لِمَعْنَيَيْنِ: أَحَدُهُمَا اسْتِمَاعُ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ، الثَّانِي أَنَّ الْمُصَلِّيَ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ، أَخْشَعُ لِعَدَمِ اشْتِغَالِ الْمُصَلِّي بِمَنْ أَمَامَهُ وَجِهَةُ الْيَمِينِ أَفْضَلُ قَالَ التِّرْمِذِيُّ الْحَكِيمُ لِأَنَّهُ رُوِيَ " إنَّ الرَّحْمَةَ تَنْزِلُ عَلَى مَنْ عَنْ يَمِينِهِ ثُمَّ عَلَى مَنْ عَنْ يَسَارِهِ، فَإِنْ سَبَقَ وَاحِدٌ إلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ لَمْ يَجُزْ لِلْغَيْرِ تَأْخِيرُهُ إلَّا فِي مَسَائِلَ: إحْدَاهَا: إذَا كَانَ مِمَّنْ يَتَأَذَّى بِهِ الْقَوْمُ بِرَائِحَةٍ كَرِيهَةٍ مِنْ صُنَانٍ وَنَحْوِهِ. الثَّانِيَةُ: إذَا حَضَرَ الْعَبْدُ بِإِذْنِ السَّيِّدِ إلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ فَلِلسَّيِّدِ تَأْخِيرُهُ، وَلَهُ أَنْ يَأْمُرَهُ بِالسَّبْقِ إلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ لِيَحُوزَ لَهُ الْمَوْضِعَ. الثَّالِثَةُ: إذَا تَقَدَّمَتْ امْرَأَةٌ إلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ أُمِرَتْ بِالتَّأْخِيرِ لِلْحَدِيثِ. الرَّابِعَةُ: إذَا صَفَّ خَلْفَ الْإِمَامِ جَاهِلٌ لَا يَصْلُحُ لِلِاسْتِخْلَافِ يَنْبَغِي أَنْ يُؤَخَّرَ وَيَتَقَدَّمَ إلَى خَلْفِ الْإِمَامِ، مَنْ يَصْلُحُ لِلْإِمَامَةِ «لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِيَلِيَنِي مِنْكُمْ أُولُو الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ» الْحَدِيثَ قَوْلُهُ: (الَّذِي يَلِيهِ) أَيْ يَلِي نَفْسَهُ قَوْلُهُ: (فَمَا فَوْقَهُ) وَلَوْ صُفُوفًا كَثِيرَةً اهـ أج.

قَوْلُهُ: (لِتَقْصِيرِهِمْ بِتَرْكِهَا) فَإِنْ لَمْ يُقَصِّرُوا فَلَا كَرَاهَةَ كَأَنْ تَرَكُوا سَدَّ الْفُرْجَةِ لِشِدَّةِ حَرِّهَا كَوَقْتِ الْحَرِّ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِمْ وَلَوْ كَانَ عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ مَحَلٌّ يَسَعُهُ وَقَفَ فِيهِ وَلَمْ يَخْرِقْ وَلَوْ عَرَضَتْ فُرْجَةٌ بَعْدَ كَمَالِ الصَّفِّ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ، فَمُقْتَضَى تَعْلِيلِهِمْ بِالتَّقْصِيرِ عَدَمُ الْخَرْقِ إلَيْهَا وَيُحْتَمَلُ غَيْرُهُ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ فَلَوْ عَرَضَتْ فُرْجَةٌ أَيْ بِأَنْ عَلِمَ عُرُوضَهَا أَمَّا لَوْ وَجَدَهَا وَلَمْ يَعْلَمْ هَلْ كَانَتْ مَوْجُودَةً قَبْلُ أَوْ طَرَأَتْ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَخْرِقُ لِيَصِلَهَا إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ سَدِّهَا لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ أَحْوَالِ الْمَأْمُومِينَ الْمُعْتَادَةِ لَهُمْ. اهـ. ع ش.

قَوْلُهُ: (وَإِنَّمَا يَتَقَيَّدُ بِهِ) أَيْ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَدْخُلُوا فِي الصَّلَاةِ، فَلَمْ يَتَحَقَّقْ تَقْصِيرُهُمْ حَجّ.

قَوْلُهُ: (تَخَطِّي الرِّقَابِ الْآتِي فِي الْجُمُعَةِ) وَالتَّخَطِّي هُوَ الْمَشْيُ بَيْنَ الْقَاعِدِينَ فَهِيَ مُغَايِرَةٌ لِمَسْأَلَتِنَا، إذْ هِيَ شَقُّ الصُّفُوفِ وَهُمْ قَائِمُونَ وَالْفَرْقُ حَيْثُ جَوَّزُوا هُنَا خَرْقَ صُفُوفٍ كَثِيرَةٍ وَمَسْأَلَةُ التَّخَطِّي بِصَفَّيْنِ أَنَّ سَدَّ الْفُرْجَةِ الَّتِي فِي الصُّفُوفِ مَصْلَحَةٌ عَامَّةٌ لَهُ وَلِلْقَوْمِ بِإِتْمَامِ صَلَاتِهِ وَصَلَاتِهِمْ فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصُّفُوفِ مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ. كَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ بِخِلَافِ التَّخَطِّي فَإِنَّ الْإِمَامَ يُسَنُّ لَهُ عَدَمُ إحْرَامِهِ حَتَّى يُسَوِّيَ بَيْنَ صُفُوفِهِمْ اهـ أج قَوْلُهُ: (ثُمَّ بَعْدَ إحْرَامِهِ) أَمَّا قَبْلَهُ فَمَكْرُوهٌ. اهـ. م ر قَوْلُهُ: (جَرَّ إلَيْهِ) أَيْ نَدْبًا أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْمَجْرُورُ حُرًّا وَأَنْ يَجُوزَ مُوَافَقَتُهُ لَهُ وَأَنْ يَكُونَ الصَّفُّ الْمَجْرُورُ مِنْهُ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْنِ. وَأَنْ يَكُونَ الْجَرُّ فِي الْقِيَامِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ فَهَذِهِ شُرُوطٌ خَمْسَةٌ لِنَدْبِ الْجَرِّ وَقَدْ جَمَعَهَا بَعْضُهُمْ فِي بَيْتٍ فَقَالَ:

لَقَدْ سُنَّ جَرُّ الْحُرِّ مِنْ صَفِّ عِدَّةٍ ... يَرَى الْوَفْقَ فَاعْلَمْ فِي قِيَامٍ قَدْ أَحْرَمَا

فَإِنْ كَانَ الْمَجْرُورُ غَيْرَ حُرٍّ فَلَا جَرَّ، لِئَلَّا يَدْخُلَ فِي ضَمَانِهِ حَتَّى لَوْ جَرَّهُ ظَانًّا حُرِّيَّتَهُ فَتَبَيَّنَ رِقُّهُ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ وَكَذَا يُمْتَنَعُ الْجَرُّ، إنْ لَمْ يُجَوِّزْ مُوَافَقَتَهُ لِخَوْفِ الْفِتْنَةِ أَوْ كَانَ الصَّفُّ اثْنَيْنِ فَلَا جَرَّ لِئَلَّا يَصِيرَ الْآخَرُ مُنْفَرِدًا، نَعَمْ إنْ أَمْكَنَهُ الْخَرْقُ لِيَصْطَفَّ مَعَ الْإِمَامِ أَوْ كَانَ مَكَانُهُ يَسَعُ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْنِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَخْرِقَ فِي الْأُولَى، وَيَجُرَّهُمَا مَعًا فِي الثَّانِيَةِ وَالْخَرْقُ فِي الْأُولَى أَفْضَلُ وَإِنْ جَرَّ قَبْلَ الْإِحْرَامِ كُرِهَ وَلَمْ يَحْرُمْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ سَوَّكَ غَيْرَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ بَعْدَ الزَّوَالِ حَيْثُ حَرُمَ أَوْ أَزَالَ دَمَ شَهِيدٍ بِأَنَّ هَذَا مَأْذُونٌ فِيهِ شَرْعًا لَكِنْ تَعَجَّلَ بِخِلَافِ ذَاكَ كَمَا ذَكَرَهُ زي.

قَوْلُهُ: (مُسَاعَدَتُهُ) أَيْ لِيَنَالَ مَعَهُ فَضْلَ الْمُعَاوَنَةِ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى، مَعَ حُصُولِ ثَوَابِ صَفِّهِ الَّذِي كَانَ فِيهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ إلَّا لِعُذْرٍ. اهـ. حَجّ وس ل

قَوْلُهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>