للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُكْرَهُ خَلْفَهُ، وَإِنَّمَا صَحَّتْ خَلْفَهُ لِمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُصَلِّي خَلْفَ الْحَجَّاجِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَكَفَى بِهِ فَاسِقًا

: وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ وُلَاةِ الْأُمُورِ تَقْرِيرُ فَاسِقٍ إمَامًا فِي الصَّلَوَاتِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يَصِحَّ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَالْمُبْتَدِعُ الَّذِي لَا يَكْفُرُ بِبِدْعَتِهِ كَالْفَاسِقِ

(وَالْعَبْدِ) أَيْ يَجُوزُ لِلْحُرِّ أَنْ يَأْتَمَّ بِالْعَبْدِ لِأَنَّ ذَكْوَانَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى بَعْضِ الْمُدَّعَى وَهُوَ اقْتِدَاءُ الْقَائِمِ بِالْقَاعِدِ لَا بِالْمُضْطَجِعِ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَكَانَ ذَلِكَ يَوْمَ السَّبْتِ أَوْ الْأَحَدِ، وَتُوُفِّيَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - ضَحْوَةَ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ فَكَانَ نَاسِخًا لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَائِشَةَ «إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ» إلَى أَنْ قَالَ «وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعِينَ» فَإِنْ قُلْت لَا يَلْزَمُ مِنْ نَسْخِ وُجُوبِ الْقُعُودِ وُجُوبُ الْقِيَامِ. بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فِي الْجَوَابِ الْأَصْلُ الْقِيَامُ وَإِنَّمَا وَجَبَ الْقُعُودُ لِمُتَابَعَةِ الْإِمَامِ فَلَمَّا نُسِخَ ذَلِكَ زَالَ اعْتِبَارُ مُتَابَعَةِ الْإِمَامِ، فَلَزِمَ وُجُوبُ الْقِيَامِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ أهـ أج.

قَوْلُهُ: (بِالْجَرِّ) هَذِهِ نُسْخَةٌ وَهُنَاكَ نُسْخَةٌ أُخْرَى وَهِيَ وَيَجُوزُ أَنْ يَأْتَمَّ الْحُرُّ بِالْعَبْدِ وَعَلَيْهَا أَنْ يَكُونَ الشَّارِحُ غَيَّرَ إعْرَابَ الْمَتْنِ بِخِلَافِهِ عَلَى الْأَوْلَى قَوْلُهُ: (وَلَكِنْ تُكْرَهُ خَلْفَهُ) وَإِنْ اخْتَصَّ بِصِفَاتٍ مُرَجِّحَةٍ لِأَنَّهُ يَخَافُ مِنْهُ أَنْ لَا يُحَافِظَ عَلَى الْوَاجِبَاتِ «لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنْ سَرَّكُمْ أَنْ تُقْبَلَ صَلَاتُكُمْ فَلْيَؤُمَّكُمْ خِيَارُكُمْ فَإِنَّهُمْ وَفْدُكُمْ فِيمَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ رَبِّكُمْ» قَوْلُهُ: (وَإِنَّمَا صَحَّتْ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ وَإِنَّمَا جَازَ أَيْ الِائْتِمَامُ الْمَأْخُوذُ مِنْ قَوْلِهِ يَجُوزُ أَنْ يَأْتَمَّ إلَخْ قَوْلُهُ: (كَانَ يُصَلِّي خَلْفَ الْحَجَّاجِ) . فِيهِ أَنَّ فِعْلَ الصَّحَابِيِّ لَيْسَ بِحُجَّةٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ فَعَلَهُ بِمَحْضَرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَلَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ فَصَارَ إجْمَاعًا سُكُوتِيًّا

قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ وُلَاةِ الْأُمُورِ) وَمِثْلُهُمْ نُظَّارُ الْمَسَاجِدِ قَوْلُهُ: (لَمْ يَصِحَّ) أَيْ تَقْرِيرُهُ وَلَا يَسْتَحِقُّ أُجْرَةً بِخِلَافِ الْمُؤَذِّنِ غَيْرِ الْأَهْلِ فَيَحْرُمُ عَلَى الْإِمَامِ، أَوْ نَائِبِهِ مَعَ الصِّحَّةِ وَاسْتِحْقَاقِ الْأُجْرَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَقِيلَ يَسْتَحِقُّ هُنَا كَالْأَذَانِ قَوْلُهُ: (كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ) كَالشِّهَابِ م ر وَالشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ خِلَافًا لِمَا تُوهِمُهُ عِبَارَةُ م ر فِي شَرْحِهِ، حَيْثُ قَالَ: وَيَحْرُمُ إلَخْ إذْ الْحُرْمَةُ لَا تُنَافِي الصِّحَّةَ، بَلْ نُقِلَ عَنْهُ خَارِجَ الشَّرْحِ الصِّحَّةُ مَعَ الْحُرْمَةِ، وَالْمُعْتَمَدُ مَا قَالَهُ الشِّهَابُ م ر وَابْنُ حَجَرٍ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِمُرَاعَاةِ الْمَصَالِحِ وَلَيْسَ مِنْهَا أَنْ يُوقِعَ النَّاسَ فِي صَلَاةٍ مَكْرُوهَةٍ. وَيُؤْخَذُ مِنْهُ كَمَا قَالَهُ م ر حُرْمَةُ نَصْبِ كُلِّ مَنْ يُكْرَهُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ اهـ. اج.

وَسَوَاءٌ كَانَ النَّاصِبُ لَهُ الْإِمَامَ أَوْ الْوَاقِفَ أَوْ النَّاظِرَ حَجّ، قَالَ شَيْخُنَا: وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْمَعْلُومِ وَإِنْ بَاشَرَ كَالْأَهْلِ إنْ لَمْ يُبَاشِرْ وَلَمْ يُنِبْ أَهْلًا. وَلَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ مُرَاعَاةَ الْخِلَافِ أَوْ اقْتَضَى عُرْفُهُ الْمُطَّرِدُ، ذَلِكَ وَجَبَتْ بِأَنْ لَا يَأْتِيَ بِمُبْطِلٍ عِنْدَ الْمَأْمُومِ وَإِلَّا لَمْ يَسْتَحِقَّ الْمَعْلُومَ نَقَلَهُ شَيْخُنَا عَنْ شَيْخِهِ م ر. وَيَجُوزُ الِاسْتِنَابَةُ فِي التَّدْرِيسِ وَسَائِرِ الْوَظَائِفِ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ الْوَاقِفُ إذَا اسْتَنَابَ مِثْلَهُ أَوْ خَيْرًا مِنْهُ، وَيَسْتَحِقُّ الْمُنِيبُ جَمِيعَ الْمَعْلُومِ خِلَافًا لِمَا أَفْتَى بِهِ النَّوَوِيُّ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ عَدَمِ اسْتِحْقَاقِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَيْئًا ز ي. فِي الْجَعَالَةِ اهـ. رَحْمَانِيٌّ وَاعْتَمَدَ م ر تَبَعًا لِوَالِدِهِ وَغَيْرِهِ حُصُولَ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ خَلْفَ الْفَاسِقِ وَالْمُعْتَزِلِيِّ وَالرَّافِضِيِّ وَالْقَدَرِيِّ، وَالْمُتَّهَمِ وَالْمُخَالِفِ الَّذِي لَا يَعْتَقِدُ وُجُوبَ بَعْضِ الْوَاجِبَاتِ وَمَحَلُّ كَرَاهَةِ إمَامَةِ الْفَاسِقِ لِغَيْرِ الْفَاسِقِ أَمَّا لِمِثْلِهِ وَلَوْ اخْتَلَفَ الْفِسْقُ فَلَا تُكْرَهُ مَا لَمْ يَكُنْ فِسْقُ الْإِمَامِ أَفْحَشَ اهـ م د. عَلَى التَّحْرِيرِ.

قَوْلُهُ: (الَّذِي لَا يَكْفُرُ بِبِدْعَتِهِ) كَالْمُجَسِّمِ وَالرَّافِضِيِّ وَمِثْلُهُ مَنْ يَعْتَقِدُ سُنِّيَّةَ بَعْضِ الْأَرْكَانِ كَالْحَنَفِيِّ ق ل. وَكَالْقَائِلِ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ أَوْ عَدَمِ الرُّؤْيَةِ. وَأَمَّا مَا نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى تَكْفِيرِ نَافِي الرُّؤْيَةِ وَالْقَائِلِ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ فَهُوَ مُؤَوَّلٌ بِكُفْرِ النِّعَمِ اهـ مُنَاوِيٌّ. وَأَمَّا مَنْ يَكْفُرُ بِبِدْعَتِهِ كَالْمُجَسِّمِ صَرِيحًا وَمُنْكِرِ الْعِلْمِ بِالْجُزْئِيَّاتِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ إمَامًا بِحَالٍ كَمَا قَالَهُ فِي التَّحْرِيرِ.

قَوْلُهُ: كَالْمُجَسِّمِ هَذَا مَرْجُوحٌ وَعَدَمُ تَكْفِيرِهِ هُوَ الرَّاجِحُ، وَالْمُرَادُ بِهِ مَنْ يَعْتَقِدُ الْجِسْمِيَّةَ فَقَطْ وَإِنْ كَانَ يُلَازِمُهَا الْعَرَضُ كَالْبَيَاضِ وَالسَّوَادِ أَوْ لَزِمَهَا الْجِهَةُ إذْ لَازِمُ الْمَذْهَبِ لَيْسَ بِمَذْهَبٍ، وَلَا يَكْفُرُ مُعْتَقِدُ الْجِهَةِ عَلَى الرَّاجِحِ فَتَأَمَّلْ ق ل وَكَتَبَ الشَّوْبَرِيُّ قَوْلَهُ: كَالْمُجَسِّمِ صَرِيحًا، قَالَ حَجّ: وَهُوَ الَّذِي يَتَّجِهُ تَرْجِيحُهُ مِنْ تَنَاقُضِ مَا وَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ لَكِنَّ مَحَلَّهُ فِيمَنْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ تَعَالَى جِسْمٌ كَالْأَجْسَامِ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ إطْلَاقُ الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ يَكْفُرُ. أَمَّا مَنْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ جِسْمٌ لَا كَالْأَجْسَامِ فَلَا يَكْفُرُ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ إطْلَاقُ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا بَلْ الْمَشْهُورُ عِنْدَ أَئِمَّتِنَا أَنَّهُ لَيْسَ بِكُفْرٍ اهـ. وَجَمَعَ فِي الْإِيعَابِ

<<  <  ج: ص:  >  >>