. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[حاشية البجيرمي]
بَيْنَهُمَا بِأَنَّ مَا هُنَا مَحَلُّهُ إنْ صَرَّحَ بِشَيْءٍ مِنْ لَوَازِمِ الْجِسْمِيَّةِ كَالْبَيَاضِ وَالسَّوَادِ وَمَا هُنَاكَ فِيمَا إذَا لَمْ يُصَرِّحْ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ الْأَصَحَّ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ أَنَّ لَازِمَ الْمَذْهَبِ لَيْسَ بِمَذْهَبٍ. وَقَوْلُهُ: لَيْسَ بِمَذْهَبٍ وَإِنْ كَانَ كُفْرًا مَا لَمْ يَلْتَزِمْهُ صَاحِبُهُ اهـ. وَذَكَرَ حَجّ فِي فَتَاوِيهِ الْحَدِيثِيَّةِ نَقْلًا عَنْ الْأَذْرَعِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْمَشْهُورَ عَدَمُ تَكْفِيرِ الْمُجَسِّمَةِ وَإِنْ قَالُوا لَهُ جِسْمٌ كَالْأَجْسَامِ لِأَنَّهُمْ مَعَ ذَلِكَ قَدْ لَا يَعْتَقِدُونَ لَوَازِمَ الْأَجْسَامِ اهـ.
وَفِي الْمُسَايَرَةِ وَشَرْحِهَا وَمَنْ سَمَّاهُ جِسْمًا وَقَالَ: لَا كَالْأَجْسَامِ يَعْنِي فِي نَفْيِ لَوَازِمِ الْجِسْمِيَّةِ كَبَعْضِ الْكَرَّامِيَّةِ، فَإِنَّهُمْ قَالُوا: هُوَ جِسْمٌ بِمَعْنَى مَوْجُودٍ. وَآخَرُونَ مِنْهُمْ قَالُوا: هُوَ جِسْمٌ بِمَعْنَى قَائِمٍ بِنَفْسِهِ خَطَأٌ لَكِنْ خَطَؤُهُ فِي إطْلَاقِ الِاسْمِ لَا فِي الْمَعْنَى اهـ. وَقَوْلُهُ صَرِيحًا بِخِلَافِ الْمُجَسِّمِ ضِمْنًا كَالْقَائِلِ بِالْجِهَةِ أَوْ بِلَوْنٍ مَثَلًا لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ لَوَازِمِ الْأَجْسَامِ، وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ تَكْفِيرِ الْمُجَسِّمَةِ مُطْلَقًا وَكَذَا الْجَهَوِيَّةُ أَيْ لِغَلَبَةِ التَّجَسُّمِ عَلَى النَّاسِ وَأَنَّهُمْ لَا يَفْهَمُونَ مَوْجُودًا فِي غَيْرِ جِهَةٍ. وَعِبَارَةُ الْعَنَانِيِّ قَوْلُهُ: كَالْمُجَسِّمِ صَرِيحًا أَيْ الْمُعْتَقِدِ كَوْنَهُ تَعَالَى كَالْأَجْسَامِ، بِخِلَافِ مَا إذَا اعْتَقَدَ أَنَّهُ جِسْمٌ لَا كَالْأَجْسَامِ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ اعْتِقَادُهُ مُطْلَقَ التَّجَسُّمِ أَوْ أَنَّهُ كَالْأَجْسَامِ فَالْمُجَسِّمُ مَنْ يُثْبِتُ لِلَّهِ جِسْمًا، تَعَالَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيرًا. وَاحْتَرَزَ بِالتَّصْرِيحِ عَمَّنْ يَقُولُ بِالْجِهَةِ، يَعْنِي أَنَّهُ تَعَالَى فِي جِهَةٍ وَيَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّهُ جِسْمٌ لَكِنَّهُ لَيْسَ صَرِيحًا فَلَا يَكْفُرُ اهـ بِالْحَرْفِ وَأَصْلُهُ لِلزِّيَادِيِّ.
قُلْت: وَالْقَلْبُ إلَى التَّفْصِيلِ أَمْيَلُ، فَقَدْ قَالَ حَجّ فِي الْأَعْلَامِ: وَالْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ كَمَا قَالَهُ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ أَنَّ الْمُجَسِّمَةَ لَا يَكْفُرُونَ، لَكِنْ أَطْلَقَ فِي الْمَجْمُوعِ تَكْفِيرَهُمْ وَيَنْبَغِي حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَى مَا إذَا قَالُوا جِسْمٌ لَا كَالْأَجْسَامِ، وَالثَّانِي مَا إذَا قَالُوا جِسْمٌ كَالْأَجْسَامِ لِأَنَّ النَّقْصَ اللَّازِمَ عَلَى الْأَوَّلِ قَدْ لَا يَلْتَزِمُونَهُ. وَمَرَّ أَنَّ لَازِمَ الْمَذْهَبِ غَيْرُ مَذْهَبٍ بِخِلَافِ الثَّانِي فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي الْحُدُوثِ وَالتَّرْكِيبِ وَالْأَلْوَانِ وَالِاتِّصَالِ، فَيَكُونُ كُفْرًا لِأَنَّهُ أَثْبَتَ لِلْقَدِيمِ مَا هُوَ مَنْفِيٌّ عَنْهُ بِالْإِجْمَاعِ وَمَا عُلِمَ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ انْتِفَاؤُهُ عَنْهُ وَلَا يَنْبَغِي التَّوَقُّفُ فِي ذَلِكَ اهـ بِالْحَرْفِ. فَتَلَخَّصَ فِي الْمُجَسِّمَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: التَّكْفِيرُ مُطْلَقًا، وَعَدَمُهُ مُطْلَقًا، وَالتَّفْصِيلُ. وَاَللَّهُ الْهَادِي إلَى سَوَاءِ السَّبِيلِ. وَذَكَرَ حَجّ فِي الْكِتَابِ الْمَذْكُورِ أَنَّ الْقَائِلِينَ بِالْجِهَةِ لَا يَكْفُرُونَ عَلَى الصَّحِيحِ. قَالَ: نَعَمْ إنْ اعْتَقَدُوا لَازِمَ قَوْلِهِمْ مِنْ الْحُدُوثِ أَوْ غَيْرِهِ كَفَرُوا إجْمَاعًا اهـ فَلْيُحْفَظْ.
فَإِنْ قُلْت: مَا الْمُعْتَمَدُ فَإِنَّ الزِّيَادِيَّ وق ل وَالْعَنَانِيَّ أَطْبَقُوا عَلَى أَنَّ الْمُعْتَمَدَ عَدَمُ تَكْفِيرِ الْمُجَسِّمَةِ مُطْلَقًا وَابْنُ حَجَرٍ فَصَّلَ. قُلْت: الْقَلْبُ إلَى التَّفْصِيلِ أَمْيَلُ اهـ. وَقَوْلُهُ: وَمُنْكِرُ الْعِلْمِ بِالْجُزْئِيَّاتِ وَبِالْمَعْدُومِ وَالْبَعْثِ وَالْحَشْرِ لِلْأَجْسَامِ فَمُنْكِرُ الْعِلْمِ بِالْجُزْئِيَّاتِ وَهُوَ مَنْ يُثْبِتُ لِلَّهِ تَعَالَى الْعِلْمَ بِالْكُلِّيَّاتِ وَيَنْفِي الْعِلْمَ بِالْجُزْئِيَّاتِ كَافِرٌ أَيْ لِأَنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ عَلَى عُمُومِ عِلْمِهِ تَعَالَى لِلْكُلِّيَّاتِ وَالْجُزْئِيَّاتِ وَلَوْ الْغَيْرَ الْمُتَنَاهِيَةِ، وَلِذَاتِهِ الْأَقْدَسِ وَلِلْمَعْدُومِ قَالَ اللَّقَانِيِّ: وَالْمُسْتَحِيلُ وَمَعْنَى عِلْمِهِ بِهِ عِلْمُهُ بِاسْتِحَالَتِهِ وَأَنَّهُ لَوْ تَصَوَّرَ وُقُوعَهُ لَزِمَهُ مِنْ الْفَسَادِ كَذَا وَبِهَذَا تَمَيَّزَ عَنْ عِلْمِنَا نَحْنُ بِالْمُسْتَحِيلِ اهـ. وَاعْلَمْ أَنَّ مُنْكِرَ الْعِلْمِ بِالْجُزْئِيَّاتِ هُمْ الْفَلَاسِفَةُ وَقَدْ قَالُوا أَيْضًا بِقِدَمِ الْعَالَمِ وَعَدَمِ حَشْرِ الْأَجْسَادِ وَقَدْ قُلْت فِي ذَلِكَ:
بِثَلَاثَةٍ كَفَرَ الْفَلَاسِفَةُ الْعِدَا ... إذْ أَنْكَرُوهَا وَهِيَ قَطْعًا مُثْبَتَهْ
عِلْمٌ بِجُزْئِيٍّ حُدُوثُ عَوَالِمَ ... حَشْرٌ لِأَجْسَادٍ وَكَانَتْ مَيِّتَهْ
اهـ. م د عَلَى التَّحْرِيرِ. قَالَ النَّوَوِيُّ كَغَيْرِهِ: وَيُكْرَهُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَؤُمَّ قَوْمًا وَأَكْثَرُهُمْ يَكْرَهُونَهُ لِمَعْنًى مَذْمُومٍ شَرْعًا، كَوَالٍ ظَالِمٍ وَمَنْ تَغَلَّبَ عَلَى إمَامَةِ الصَّلَاةِ وَلَا يَسْتَحِقُّهَا، أَوْ لَا يُحْتَرَزُ عَنْ النَّجَاسَةِ، أَوْ يَمْحَقُ هَيْئَاتِ الصَّلَاةِ، أَوْ يَتَعَاطَى مَعِيشَةً مَذْمُومَةً، أَوْ يُعَاشِرُ أَهْلَ الْفُسُوقِ وَنَحْوِهِمْ، أَوْ شِبْهُ ذَلِكَ سَوَاءٌ نَصَّبَهُ الْإِمَامُ أَمْ لَا. قَالَ: وَأَمَّا الْمَأْمُونُ الَّذِينَ يَكْرَهُونَهُ فَلَا يُكْرَهُ لَهُمْ الصَّلَاةُ وَرَاءَهُ، وَهَذِهِ الْكَرَاهَةُ لِلتَّنْزِيَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْقَمُولِيُّ وَغَيْرُهُمَا بِخِلَافِ مَا إذَا كَرِهَهُ كُلُّهُمْ فَإِنَّهَا لِلتَّحْرِيمِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي الشَّهَادَاتِ عَنْ صَاحِبِ الْعُدَّةِ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَقَالَ: وَلَا يَحِلُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute