للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَكُونُ أَهْلًا لِلْإِمَامَةِ

(وَلَا) يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِمَنْ يَعْتَقِدُ بُطْلَانَ صَلَاتِهِ كَشَافِعِيٍّ اقْتَدَى بِحَنَفِيٍّ مَسَّ فَرْجَهُ لَا إنْ افْتَصَدَ اعْتِبَارًا بِاعْتِقَادِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الشَّوْبَرِيُّ. وَبِمَا ذُكِرَ عُلِمَ أَنَّهُ يُقَدَّمُ التَّابِعِيُّ عَلَى الصَّحَابِيِّ بِأَنْ أَسْلَمَ وَلَمْ يَجْتَمِعْ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ بَعْدَ سَنَةٍ مَثَلًا أَسْلَمَ شَخْصٌ وَاجْتَمَعَ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ اجْتَمَعَا فَيُقَدَّمُ التَّابِعِيُّ الْمُجْتَمِعُ بِالصَّحَابِيِّ عَلَى الصَّحَابِيِّ لِأَنَّ سِنَّهُ فِي الْإِسْلَامِ أَكْثَرُ، وَلِهَذَا قَالُوا الصَّحَابِيُّ لَيْسَ كُفُؤًا لِبِنْتِ تَابِعِيٍّ لِأَنَّ لَهُ أَصْلًا فِي الْإِسْلَامِ بِخِلَافِ الصَّحَابِيِّ اهـ فَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ يُوجَدُ فِي الْمَفْضُولِ مَا لَا يُوجَدُ فِي الْفَاضِلِ.

قَوْلُهُ: (وَبَدَنًا) الْوَاوُ بِمَعْنَى الْفَاءِ فِيهِ وَفِيمَا بَعْدَهُ لِأَنَّهَا مُرَتَّبَةٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِظَاهِرِ كَلَامِهِ، وَيُقَدَّمُ عَلَيْهَا الْأَحْسَنُ ذِكْرًا أَيْ سِيرَةً وَلَوْ تَعَارَضَتْ هَذِهِ الثَّلَاثَةُ بِأَنْ وُجِدَ أَنْظَفُ ثَوْبًا وَآخَرُ أَنْظَفُ بَدَنًا وَآخَرُ أَنْظَفُ صَنْعَةً، فَاَلَّذِي يَظْهَرُ تَقْدِيمُ الْأَنْظَفِ ثَوْبًا ثُمَّ بَدَنًا ثُمَّ صَنْعَةً، قَالَ الزَّرْكَشِيّ وَيَنْبَغِي رِعَايَةُ صِفَاتِ الثَّوْبِ كَالْأَبْيَضِ «لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَيْرُ ثِيَابِكُمْ الْبَيَاضُ» حَتَّى يُقَدَّمَ عَلَى لَابِسِ الْأَسْوَدِ. اهـ. م د قَوْلُهُ: (وَصَنْعَةً) أَيْ كَسْبًا فَيُقَدَّمُ الزَّارِعُ وَالتَّاجِرُ عَلَى غَيْرِهِمَا بِرْمَاوِيٌّ قَوْلُهُ: (فَأَحْسَنُ صَوْتًا) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ الصَّلَاةُ سِرِّيَّةً لِأَنَّ حُسْنَ الصَّوْتِ تَمِيلُ إلَيْهِ الْقُلُوبُ فِي الْجُمْلَةِ وَلَوْ لِسَمَاعِهِ فِي نَحْوِ التَّكْبِيرِ اهـ قَوْلُهُ: (فَأَحْسَنُ صُورَةً) أَيْ وَجْهًا وَهَذَا لَا يُغْنِي عَنْهُ أَنْظَفُ بَدَنًا إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْأَنْظَفِ الْأَحْسَنُ، وَبَعْدَ ذَلِكَ الْمُتَزَوِّجُ فَالْأَحْسَنُ زَوْجَةً، فَالْأَبْيَضُ ثَوْبًا. وَقَالَ ع ش: لَعَلَّ الْمُرَادَ بِالصُّورَةِ سَلَامَتُهُ فِي بَدَنِهِ مِنْ آفَةٍ تُنْقِصُهُ كَعَرَجٍ وَشَلَلٍ لِبَعْضِ أَعْضَائِهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصِّفَاتِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ: الْأَفْقَهُ ثُمَّ الْأَقْرَأُ ثُمَّ الْأَزْهَدُ ثُمَّ الْأَوْرَعُ ثُمَّ الْأَقْدَمُ هِجْرَةً ثُمَّ الْأَسَنُّ ثُمَّ. الْأَنْسَبُ ثُمَّ الْأَحْسَنُ ذِكْرًا ثُمَّ الْأَنْظَفُ ثَوْبًا فَوَجْهًا فَبَدَنًا فَصَنْعَةً ثُمَّ الْأَحْسَنُ صَوْتًا فَصُورَةً. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْمُرَادُ بِحُسْنِ الصُّورَةِ تَنَاسُبُ الْأَعْضَاءِ وَالْمُعْتَمَدُ تَرْتِيبُهُمْ كَمَا فِي هَذَا النَّظْمِ:

يُقَدَّمُ الْأَفْقَهُ حَيْثُ يُوجَدُ ... فَأَقْرَأُ فَأَوْرَعُ فَأَزْهَدُ

مُهَاجِرٌ فَأَقْدَمُ فِي الْهِجْرَةِ ... أَسَنُّهُمْ أَشْرَفُهُمْ فِي النِّسْبَةِ

أَحْسَنُهُمْ ذِكْرًا وَبَعْدُ الْأَنْظَفُ ... ثَوْبًا فَجِسْمًا ثُمَّ مَا يَحْتَرِفُ

فَخَيْرُهُمْ فِي الصَّوْتِ ثُمَّ الْخَلْقِ ... فَالْوَجْهُ فَالزَّوْجَةُ يَا ذَا السَّبْقِ

فَأَبْيَضُ ثَوْبًا فَإِنْ نِزَاعٌ ... جَرَى فِي الِاسْتِوَاءِ فَالْإِقْرَاعُ

هَذَا كُلُّهُ حَيْثُ لَا رَاتِبٌ أَوْ أَسْقَطَ حَقَّهُ. وَإِلَّا قُدِّمَ الرَّاتِبُ عَلَى الْكُلِّ، وَهُوَ مَنْ وَلَّاهُ النَّاظِرُ وِلَايَةً صَحِيحَةً أَوْ كَانَ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ اهـ قَوْلُهُ: (وَلِمُقَدَّمٍ بِمَكَانٍ) أَيْ وَيُبَاحُ لِمُقَدَّمٍ بِمَكَانٍ تَقْدِيمٌ لَا بِصِفَاتٍ، فَلَا يُبَاحُ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ يَجُوزُ لَهُ مَعَ الْكَرَاهَةِ، وَالْمُقَدَّمُ بِالْمَكَانِ هُوَ الْوَالِي وَالْإِمَامُ الرَّاتِبُ وَالسَّاكِنُ بِحَقٍّ ح ف. وَاَلَّذِي فِي شَرْحِ م ر: أَنَّ التَّقَدُّمَ مَنْدُوبٌ إذَا كَانَ الْمُقَدَّمُ سَاكِنًا بِحَقٍّ وَكَانَ غَيْرَ أَهْلٍ لِلْإِمَامَةِ، وَسَكَتَ عَنْ حُكْمِ التَّقْدِيمِ مِنْ السَّاكِنِ الَّذِي هُوَ أَهْلٌ، وَمِنْ الْوَالِي وَالرَّاتِبِ وَلَعَلَّهُ مُرَادُ شَيْخِنَا ح ف بِقَوْلِهِ أَيْ يُبَاحُ وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ: وَالْمُقَدَّمُ بِمَكَانٍ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِلصَّلَاةِ كَالْكَافِرِ وَالْمَرْأَةِ لِرِجَالٍ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ أَوْلَى بِالْإِمَامَةِ مِنْ غَيْرِهِ بِخِلَافِ مَنْ قَدَّمَهُ الْقَوْمُ بِالصِّفَةِ لَا يَكُونُ أَوْلَى بِالْإِمَامَةِ مِنْ غَيْرِهِ اهـ. وَقَوْلُهُ: كَالْكَافِرِ، اُعْتُرِضَ بِأَنَّ الْكَافِرَ وَالْمَرْأَةَ لَا يُقَالُ لَهُمَا مُقَدَّمَانِ لِأَنَّ الْمُقَدَّمَ مَنْ يَسُوغُ لَهُ الصَّلَاةُ بِالْقَوْمِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَيْنِ يُقَالُ لَهُمَا مُقَدَّمَانِ عَلَى فَرْضِ زَوَالِ الْمَانِعِ اهـ.

قَوْلُهُ: (لَا بِصِفَاتٍ) أَيْ الْمُقَدَّمُ بِالصِّفَاتِ كَالْأَفْقَهِ لَيْسَ لَهُ التَّقْدِيمُ. اهـ. م د. أَيْ يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ.

قَوْلُهُ: (بِمَنْ يَعْتَقِدُ بُطْلَانَ صَلَاتِهِ) بِأَنْ يَظُنَّهُ ظَنًّا غَالِبًا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ مَا اصْطَلَحَ عَلَيْهِ الْأُصُولِيُّونَ وَهُوَ الْجَزْمُ الْمُطَابِقُ لِلْوَاقِعِ اهـ أج. بِدَلِيلِ تَمْثِيلِهِ بِقَوْلِهِ وَكَمُجْتَهَدِينَ إلَخْ قَوْلُهُ: (بِمَنْ يَعْتَقِدُ) لَمْ يَبْرُزْ الضَّمِيرُ مَعَ كَوْنِ الصِّلَةِ جَرَتْ عَلَى غَيْرِ مَنْ هِيَ لَهُ لِأَنَّ الْإِبْرَازَ لَا يَجِبُ إلَّا فِي الْوَصْفِ وَهَذَا فِعْلٌ قَوْلُهُ: (لَا إنْ افْتَصَدَ) صَوَّرَ الْمَسْأَلَةَ صَاحِبُ الْخَوَاطِرِ السَّرِيعَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>