للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَأْمُومِ، وَكَمُجْتَهِدَيْنِ اخْتَلَفَا فِي إنَاءَيْنِ مِنْ الْمَاءِ طَاهِرٍ وَمُتَنَجِّسٍ، فَإِنْ تَعَدَّدَ الطَّاهِرُ صَحَّ اقْتِدَاءُ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ مَا لَمْ يَتَعَيَّنْ إنَاءُ إمَامٍ لِلنَّجَاسَةِ، فَلَوْ اشْتَبَهَ خَمْسَةٌ مِنْ آنِيَةٍ فِيهَا نَجَسٌ عَلَى خَمْسَةٍ فَظَنَّ كُلٌّ طَهَارَةَ إنَاءٍ مِنْهَا فَتَوَضَّأَ بِهِ وَأَمَّ بِالْبَاقِينَ فِي صَلَاةٍ مِنْ الْخَمْسِ أَعَادَ مَا ائْتَمَّ بِهِ آخِرًا، وَلَا يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِمُقْتَدٍ وَلَا بِمَنْ تَلْزَمُهُ إعَادَةٌ كَمُتَيَمِّمٍ لِبَرْدٍ

وَلَا يَصِحُّ أَنْ (يَأْتَمَّ) ذَكَرٌ (رَجُلٌ) أَوْ صَبِيٌّ (مُمَيِّزٌ) وَلَا خُنْثَى (بِ) أُنْثَى (امْرَأَةٍ) أَوْ صَبِيَّةٍ مُمَيِّزَةٍ وَلَا خُنْثَى مُشْكِلٍ لِأَنَّ الْأُنْثَى نَاقِصَةٌ عَنْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

بِمَا إذَا نَسِيَ الْإِمَامُ كَوْنَهُ مُفْتَصِدًا، أَيْ وَعَلِمَ الْمَأْمُومُ بِذَلِكَ لِتَكُونَ نِيَّتُهُ جَازِمَةً فِي اعْتِقَادِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَلِمَهُ أَيْ الْإِمَامُ لِأَنَّهُ مُتَلَاعِبٌ عِنْدَنَا أَيْضًا لِعَدَمِ جَزْمِهِ بِالنِّيَّةِ شَرْحُ م ر وَأَقَرَّهُ سم. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِمَامَ وَالْمَأْمُومَ إمَّا أَنْ يَكُونَا عَالِمَيْنِ بِالْفَصْدِ أَوْ جَاهِلَيْنِ بِهِ، أَوْ الْإِمَامُ عَالِمًا وَالْمَأْمُومُ جَاهِلًا أَوْ بِالْعَكْسِ، فَلَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ فِي الْأُولَى وَيَصِحُّ فِي الثَّلَاثَةِ الْأَخِيرَةِ، وَيُشْتَرَطُ فِيمَا إذَا كَانَ الْإِمَامُ جَاهِلًا بِالْفَصْدِ أَيْ نَاسِيًا لَهُ وَكَانَ الْمَأْمُومُ عَالِمًا بِهِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الْإِمَامَ جَاهِلٌ بِهِ لِيَكُونَ جَازِمًا بِالنِّيَّةِ كَمَا قَالَهُ ع ش.

قَوْلُهُ: (اعْتِبَارًا بِاعْتِقَادِ الْمَأْمُومِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ الْإِمَامُ الْبَسْمَلَةَ لَمْ تَصِحَّ قُدْوَةُ الشَّافِعِيِّ بِهِ، وَلَوْ كَانَ الْمُقْتَدَيْ بِهِ الْإِمَامَ الْأَعْظَمَ أَوْ نَائِبَهُ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ.

وَسُئِلَ الشِّهَابُ م ر عَنْ إمَامِ مَسْجِدٍ يُصَلِّي بِعُمُومِ النَّاسِ بِأَنْ كَانَ رَاتِبًا هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُرَاعِيَ الْخِلَافَ أَوْ لَا وَيَقْتَصِرَ عَلَى مَذْهَبِهِ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ رِعَايَةُ الْخِلَافِ اهـ. قَالَ شَيْخُنَا: أَمَّا لَوْ قُرِّرَ إمَامٌ لِلْحَنَفِيَّةِ مَثَلًا فَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَهُوَ قَضِيَّةُ إفْتَاءِ م ر. ثُمَّ قَالَ شَيْخُنَا بَعْدَ ذَلِكَ: إذَا كَانَ يُصَلِّي خَلْفَهُ شَافِعِيٌّ يَنْبَغِي وُجُوبُ رِعَايَةِ الْخِلَافِ. قُلْت: وَفِيهِ مَا فِيهِ إذْ هُوَ مُقَيَّدٌ بِإِمَامَةٍ عَلَى مَذْهَبٍ مُعَيَّنٍ، وَلَا يَلْزَمُ الْإِمَامَ تَصْحِيحُ صَلَاةِ الْغَيْرِ وَبِهَذَا فَارَقَتْ مَسْأَلَةَ إفْتَاءِ م ر اهـ أج.

قَوْلُهُ: (فِيهَا نَجَسٌ) فَلَوْ كَانَ فِي الْخَمْسَةِ نَجَسَانِ صَحَّتْ صَلَاةُ كُلٍّ خَلْفَ اثْنَيْنِ فَقَطْ أَوْ النَّجَسُ مِنْهَا ثَلَاثَةٌ فَبِوَاحِدٍ فَقَطْ، وَلَوْ كَانَ النَّجَسُ أَرْبَعَةً لَمْ يَقْتَدِ أَحَدٌ مِنْهُمْ بِأَحَدٍ، وَلَوْ سَمِعَ صَوْتَ حَدَثٍ أَوْ شَمَّ بَيْنَ خَمْسَةٍ وَتَنَاكَرُوهُ وَأَمَّ كُلٌّ فِي صَلَاةٍ فَكَمَا ذَكَرَ فِي الْأَوَانِي شَرْحُ م ر قَوْلُهُ: (فَتَوَضَّأَ) أَوْ اغْتَسَلَ بِهِ أَوْ غَسَلَ بِهِ ثَوْبَهُ ز ي قَوْلُهُ: (أَعَادَ) أَيْ أَعَادَ كُلٌّ مِنْهُمْ مَا صَلَّاهُ مَأْمُومًا آخَرَ، فَإِذْ ابْتَدَءُوا بِالصُّبْحِ أَعَادُوا الْعِشَاءَ إلَّا إمَامَهَا فَيُعِيدُ الْمَغْرِبَ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِمْ الِائْتِمَامُ فِي الْعِشَاءِ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ الِائْتِمَامُ فِي الْمَغْرِبِ اهـ ابْنُ حَجَرٍ لِتَعْيِينِ إنَاءَيْ إمَامَيْهِمَا لِلنَّجَاسَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْكُلِّ بِالنَّظَرِ لِإِمَامِ الْعِشَاءِ وَبِالنِّسْبَةِ لِإِمَامِهَا بِالنَّظَرِ لِإِمَامِ الْمَغْرِبِ اهـ. وَقَوْلُهُ: أَعَادُوا الْعِشَاءَ مُقْتَضَاهُ صِحَّتُهَا مَعَ أَنَّ النَّجَاسَةَ مُنْحَصِرَةٌ فِي إنَاءِ إمَامِهَا، وَيُجَابُ بِأَنَّهُمْ نَسَبُوا انْحِصَارَ النَّجَاسَةِ فِي إنَاءِ إمَامِهَا. وَقَوْلُهُ فَيَحْرُمُ أَيْ عِنْدَ الْعِلْمِ بِذَلِكَ قَوْلُهُ: (مَا ائْتَمَّ) أَيْ أَعَادَ الصَّلَاةَ الَّتِي ائْتَمَّ فِيهَا آخِرًا قَوْلُهُ: (بِمُقْتَدٍ) أَيْ حَالَ اقْتِدَائِهِ وَلَوْ حُكْمًا كَالْفِرْقَةِ الثَّانِيَةِ فِي صَلَاةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ، فَإِنْ بَانَ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ صَلَاتِهِ أَنَّ إمَامَهُ كَانَ مُقْتَدِيًا فَلَا إعَادَةَ ق ل. وَإِذَا انْقَطَعَتْ الْقُدْوَةُ إمَّا بِسَلَامِ الْإِمَامِ أَوْ بِنِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ فَيَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَصِحُّ اقْتِدَاءُ بَعْضِ الْمَأْمُومِينَ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ بِبَعْضٍ، لَكِنَّهُ لَا ثَوَابَ فِيهِ لِأَنَّ نِيَّةَ الْقُدْوَةِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ إلَّا فِي الْجُمُعَةِ فَلَا يَصِحُّ كَمَا ذَكَرَ الرَّحْمَانِيُّ، وَالْمَشْكُوكُ فِي مَأْمُومِيَّتِهِ كَأَنْ وَجَدَ رَجُلَيْنِ يُصَلِّيَانِ وَشَكَّ فِي أَيِّهِمَا الْإِمَامُ فَلَا يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَإِنْ ظَنَّهُ الْإِمَامُ وَلَوْ بِالِاجْتِهَادِ فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ اهـ قَوْلُهُ: (وَلَا بِمَنْ تَلْزَمُهُ إعَادَةٌ) مَحَلُّهُ إنْ عَلِمَ الْمَأْمُومُ بِحَالِهِ حَالَ الِاقْتِدَاءِ أَوْ قَبْلَهُ وَنَسِيَ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ مُطْلَقًا أَوْ إلَّا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَلَا إعَادَةَ لِصِحَّةِ الْقُدْوَةِ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّ الْإِمَامَ مُحْدِثٌ وَتَبَيُّنَ حَدَثِ الْإِمَامِ بَعْدَ الصَّلَاةِ لَا يُوجِبُ الْإِعَادَةَ اهـ ع ش.

قَوْلُهُ: (كَمُتَيَمِّمٍ لِبَرْدٍ) اُسْتُشْكِلَ هَذَا بِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَأْمُرْ مَنْ صَلَّى خَلْفَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ بِالْإِعَادَةِ وَهُوَ كَانَ مُتَيَمِّمًا لِلْبَرْدِ. وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ عَدَمَ الْآمِرِ بِالْإِعَادَةِ لَا يَسْتَلْزِمُ عَدَمَهَا لِأَنَّهَا عَلَى التَّرَاخِي وَتَأْخِيرُ الْبَيَانِ إلَى وَقْتِ الْحَاجَةِ جَائِزٌ، وَلِجَوَازِ كَوْنِهِمْ عَالِمِينَ وَقَضَوْا مَا عَلَيْهِمْ اهـ أج.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَأْتَمُّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ) يُقْرَأُ الْمَتْنُ بِالرَّفْعِ وَيَكُونُ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَقْرَأَ يَأْتَمُّ بِالنَّصْبِ عَطْفٌ عَلَى يَأْتَمُّ الْمُتَقَدِّمُ لِأَنَّهُ يَصِيرُ الْمَعْنَى، وَيَجُوزُ أَنْ لَا يَأْتَمَّ الرَّجُلُ بِالْمَرْأَةِ وَهَذَا فِيهِ تَهَافُتٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَقْصُودًا، وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ عَدَمُ الصِّحَّةِ لَا جَوَازُ عَدَمِ الِائْتِمَامِ. وَأَمَّا قَوْلُ الشَّارِحِ: وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَأْتَمَّ رَجُلٌ فَهُوَ حَلٌّ مَعْنًى لَا إعْرَابٌ اهـ قَوْلُهُ: (رَجُلٌ) أَيْ

<<  <  ج: ص:  >  >>