الْقَصْرَ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ فَيُحْتَاطُ فِيهِ بِتَحَقُّقِ تَقْدِيرِ الْمَسَافَةِ، وَالْمِيلُ أَرْبَعَةُ آلَافِ خُطْوَةٍ، وَالْخُطْوَةُ ثَلَاثَةُ أَقْدَامٍ، وَالْقَدَمَانِ ذِرَاعٌ، وَالذِّرَاعُ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ أُصْبُعًا مُعْتَرِضَاتٍ، وَالْأُصْبُعُ سِتُّ شَعِيرَاتٍ مُعْتَدِلَاتٍ مُعْتَرِضَاتٍ، وَالشَّعِيرَةُ سِتُّ شَعَرَاتٍ مِنْ شَعْرِ الْبِرْذَوْنِ وَخَرَجَ بِالْهَاشِمِيَّةِ الْمَنْسُوبَةِ لِبَنِي هَاشِمٍ، الْأُمَوِيَّةُ الْمَنْسُوبَةُ لِبَنِي أُمَيَّةَ، فَالْمَسَافَةُ بِهَا أَرْبَعُونَ إذْ كُلُّ خَمْسَةٍ مِنْهَا قَدْرُ سِتَّةٍ هَاشِمِيَّةٍ.
(وَ) الشَّرْطُ الثَّالِثُ (أَنْ يَكُونَ مُؤَدِّيًا لِلصَّلَاةِ) الْمَقْصُورَةِ فِي أَحَدِ أَوْقَاتِهَا الْأَصْلِيِّ أَوْ الْعُذْرِيِّ أَوْ الضَّرُورِيِّ فَلَا تُقْصَرُ فَائِتَةُ الْحَضَرِ فِي السَّفَرِ لِأَنَّهَا ثَبَتَتْ فِي ذِمَّتِهِ تَامَّةً، وَكَذَا لَا تُقْصَرُ فِي السَّفَرِ فَائِتَةٌ مَشْكُوكٌ فِي أَنَّهَا فَائِتَةُ سَفَرٍ أَوْ
ــ
[حاشية البجيرمي]
حَيْثُ كَانَ الْحُكْمُ فِيهِمَا عَلَى التَّقْرِيبِ بِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ بَيَانُ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ فِيهِمَا عَنْ الصَّحَابَةِ بِخِلَافِ مَا هُنَا اهـ قَوْلُهُ: (خُطْوَةٌ) بِالضَّمِّ وَالْمُرَادُ بِالْخُطْوَةِ خُطْوَةُ الْبَعِيرِ، وَبِالْقَدَمِ قَدَمُ الْآدَمِيِّ قَوْلُهُ: (الْخُطْوَةُ ثَلَاثَةُ أَقْدَامٍ) وَالْقَدَمُ نِصْفُ ذِرَاعٍ، فَالْخُطْوَةُ ذِرَاعٌ وَنِصْفٌ، وَالذِّرَاعُ أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ أُصْبُعًا مُعْتَرِضَاتٍ فَهُوَ أَيْ الْمِيلُ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ قَدَمٍ قَوْلُهُ: (وَالْقَدَمَانِ ذِرَاعٌ) فَهُوَ سِتَّةُ آلَافِ ذِرَاعٍ، وَالْمُرَادُ ذِرَاعُ الْآدَمِيِّ وَهُوَ يَنْقُصُ عَنْ ذِرَاعِ الْقِيَاسِ بِنَحْوِ ثُمُنِهِ ق ل. قَالَ عَبْدُ الْبَرِّ: وَقَدْ حَرَّرَ بَعْضُهُمْ هَذَا الذِّرَاعَ بِذِرَاعِ الْحَدِيدِ الْمُسْتَعْمَلِ الْآنَ بِمِصْرَ وَالْحِجَازِ فِي هَذِهِ الْأَعْصَارِ فَوَجَدَهُ يَنْقُصُ عَنْ ذِرَاعِ الْحَدِيدِ بِقَدْرِ الثُّمُنِ، فَعَلَى هَذَا فَالْمَسَافَةُ بِذِرَاعِ الْحَدِيدِ خَمْسَةُ آلَافٍ وَمِائَتَانِ وَخَمْسُونَ ذِرَاعًا وَهَذِهِ فَائِدَةٌ جَلِيلَةٌ قَلَّ مَنْ نَبَّهَ عَلَيْهَا قَوْلُهُ: (سِتُّ شَعِيرَاتٍ) أَيْ تُوضَعُ بَطْنُ هَذِهِ لِظَهْرِ تِلْكَ. اهـ. شَوْبَرِيٌّ قَوْلُهُ: (مُعْتَرِضَاتٍ) أَيْ فِي عَرْضِ الْأُصْبُعِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ قَبْلُ أُصْبُعًا مُعْتَرِضَاتٍ، فَجُمْلَةُ الْمَسَافَةِ بِالْأَقْدَامِ خَمْسُمِائَةِ أَلْفٍ وَسِتَّةٌ وَسَبْعُونَ أَلْفًا، وَبِالْأَذْرُعِ مِائَتَا أَلْفٍ وَثَمَانِيَةٌ وَثَمَانُونَ أَلْفًا، وَبِالْأَصَابِعِ سِتَّةُ آلَافِ أَلْفٍ وَتِسْعُمِائَةِ أَلْفٍ وَاثْنَا عَشَرَ أَلْفًا، وَبِالشَّعِيرَاتِ أَحَدٌ وَأَرْبَعُونَ أَلْفَ أَلْفٍ وَثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ أَلْفَ أَلْفٍ وَبِالشَّعَرَاتِ أَلْفُ أَلْفٍ وَثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ أَلْفَ أَلْفٍ وَثَمَانِمِائَةٍ وَاثْنَانِ وَثَلَاثُونَ أَلْفًا. اهـ. شَرْحِ الرَّوْضِ قَوْلُهُ: (الْبِرْذَوْنُ) أَيْ الْبَغْلُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْبِرْذَوْنُ بِكَسْرِ الْبَاءِ وَإِعْجَامِ الذَّالِ الْفَرَسُ الَّذِي أَبَوَاهُ أَعْجَمِيَّانِ وَالْأُنْثَى بِرْذَوْنَةٌ وَالْجَمْعُ بَرَاذِينُ وَذَكَرَ صَاحِبُ مَنْطِقِ الطَّيْرِ أَنَّ الْبِرْذَوْنَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ اُرْزُقْنِي قُوتَ يَوْمٍ بِيَوْمٍ اهـ مِنْ مُخْتَصَرِ حَيَاةِ الْحَيَوَانِ لِلسُّيُوطِيِّ قَوْلُهُ: (لِبَنِي هَاشِمٍ) أَيْ بَنِي الْعَبَّاسِ لِتَقْدِيرِهِمْ لَهَا وَقْتَ خِلَافَتِهِمْ وَلَيْسَتْ مَنْسُوبَةً إلَى تَقْدِيرِ هَاشِمٍ جَدِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَوْلُهُ: (الْأُمَوِيَّةُ) هُوَ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا شَوْبَرِيٌّ وَفِي ع ش عَلَى م ر مَا نَصُّهُ قَالَ السُّيُوطِيّ فِي الْأَنْسَابِ الْأُمَوِيُّ بِالْفَتْحِ نِسْبَةً إلَى أَمَةَ بْنِ بَجَالَةَ بْنِ مَازِنِ بْنِ ثَعْلَبَةَ وَالْأُمَوِيُّ بِالضَّمِّ نِسْبَةً إلَى بَنِي أُمَيَّةَ قَالَ فِي جَامِعِ الْأُصُولِ بَعْدَ ذِكْرِ الْفَتْحِ وَالضَّمِّ وَالْفَتْحُ قَلِيلٌ اهـ وَمُرَادُهُ أَنَّ الْمَنْسُوبِينَ إلَى أَمَةَ قَلِيلٌ وَالْكَثِيرُ هُمْ الْمَنْسُوبُونَ إلَى بَنِي أُمَيَّةَ لَا أَنَّ فِي هَذِهِ النِّسْبَةِ لُغَتَيْنِ مُطْلَقًا فَمَا هُنَا بِالضَّمِّ لَا غَيْرُ اهـ. وَبِهَذَا تَعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ: (إذْ كُلُّ خَمْسَةٍ مِنْهَا إلَخْ) بِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْهَاشِمِيَّةِ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ أَمْيَالَهَا بِالْهَاشِمِيَّةِ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ وَبِالْأُمَوِيَّةِ أَرْبَعُونَ فَيَصِحُّ التَّقْدِيرُ بِالْأُمَوِيَّةِ أَيْضًا، وَلَكِنَّهُ إنَّمَا احْتَرَزَ عَنْهَا لَأَجْلِ قَوْلِهِ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ إذْ بَعْدَ هَذَا الْعَدَدِ يَجِبُ التَّقْيِيدُ بِالْهَاشِمِيَّةِ اهـ.
قَوْلُهُ: (أَنْ يَكُونَ مُؤَدِّيَا لِلصَّلَاةِ) دَخَلَ فِيهِ مَا لَوْ سَافَرَ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُ رَكْعَةً فَإِنَّهُ يَقْصُرُهَا سَوَاءٌ شَرَعَ فِيهَا فِي الْوَقْتِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِكَوْنِهَا مُؤَدَّاةً، أَمْ صَلَّاهَا بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ لِأَنَّهَا فَائِتَةُ سَفَرٍ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ م ر. وَصَرَّحَ بِهِ ز ي وَالْبِرْمَاوِيُّ حَيْثُ قَالَ: مُؤَدَّاةٌ يَقِينًا وَلَوْ أَدَاءً مَجَازِيًّا بِأَنْ شَرَعَ فِيهَا بَعْدَ شُرُوعِهِ فِي السَّفَرِ وَأَدْرَكَ مِنْهَا رَكْعَةً فِي الْوَقْتِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ.
وَقَوْلُ ز ي: يَكْفِي إدْرَاكُ مَا يَسَعُ رَكْعَةً مِنْ الْوَقْتِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي السَّفَرِ، مُرَادُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ قَصْرُهَا لِكَوْنِهَا فَائِتَةَ سَفَرٍ خِلَافًا لِلْعَلَّامَةِ الْخَطِيبِ مِنْ مَنْعِ قَصْرِهَا لِأَنَّهَا عِنْدَهُ فَائِتَةُ حَضَرٍ قَوْلُهُ: (أَوْ الضَّرُورِيُّ) فِيهِ نَظَرٌ وَاضِحٌ لِأَنَّ الْمَعْنَى عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute