للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَرَضٍ شَرْعِيٍّ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا

(وَ) الشَّرْطُ الثَّانِي (أَنْ تَكُونَ مَسَافَتُهُ) أَيْ السَّفَرِ الْمُبَاحِ ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعِينَ مِيلًا هَاشِمِيَّةً ذَهَابًا وَهِيَ مَرْحَلَتَانِ، وَهُمَا سَيْرُ يَوْمَيْنِ مُعْتَدِلَيْنِ بِسَيْرِ الْأَثْقَالِ وَهِيَ (سِتَّةَ عَشَرَ فَرْسَخًا) وَلَوْ قَطَعَ هَذِهِ الْمَسَافَةَ فِي لَحْظَةٍ فِي بَرٍّ أَوْ بَحْرٍ فَقَدْ كَانَ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ يَقْصُرَانِ وَيُفْطِرَانِ فِي أَرْبَعَةٍ بُرُدٍ، وَمِثْلُهُ إنَّمَا يُفْعَلُ بِتَوْقِيفٍ. وَخَرَجَ ب ذَهَابًا الْإِيَابُ مَعَهُ فَلَا يُحْسَبُ حَتَّى لَوْ قَصَدَ مَكَانًا عَلَى مَرْحَلَةٍ بِنِيَّةِ أَنْ لَا يُقِيمَ فِيهِ، بَلْ يَرْجِعُ فَلَيْسَ لَهُ الْقَصْرُ وَإِنْ نَالَهُ مَشَقَّةُ مَرْحَلَتَيْنِ مُتَوَالِيَتَيْنِ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى سَفَرًا طَوِيلًا، وَالْغَالِبُ فِي الرُّخَصِ الِاتِّبَاعُ وَالْمَسَافَةُ تَحْدِيدٌ لَا تَقْرِيبٌ لِثُبُوتِ التَّقْدِيرِ بِالْأَمْيَالِ عَنْ الصَّحَابَةِ، وَلِأَنَّ

ــ

[حاشية البجيرمي]

رُخَصِ السَّفَرِ حَيْثُ كَانَ سَبَبَ الِاضْطِرَارِ السَّفَرُ. اهـ. مَرْحُومِيٌّ قَوْلُهُ: (وَأُلْحِقَ بِسَفَرِ الْمَعْصِيَةِ) قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا حَاجَةَ إلَى الْإِلْحَاقِ لِأَنَّهُ مِنْهُ ق ل. وَعِبَارَةُ ع ش قَوْلِهِ وَأُلْحِقَ بِسَفَرِ الْمَعْصِيَةِ هَذَا سَفَرُ مَعْصِيَةٍ فَمَا وَجْهُ الْإِلْحَاقِ؟ سم. أَقُولُ: وَجْهُ الْإِلْحَاقِ أَنَّ الْغَرَضَ الَّذِي حَمَلَهُ عَلَى السَّفَرِ لَيْسَ مَعْصِيَةً وَلَكِنَّهُ صَيَّرَهُ مَعْصِيَةً مِنْ حَيْثُ إتْعَابِ الدَّابَّةِ فِي السَّيْرِ بِلَا غَرَضٍ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ الْمَعْصِيَةِ فِي السَّفَرِ لِأَنَّ السَّيْرَ نَفْسَهُ مُحَرَّمٌ الْآنَ فَالْتَحَقَ بِالسَّفَرِ الَّذِي سَبَبُهُ مَعْصِيَةٌ قَوْلُهُ: (أَنْ يُتْعِبَ نَفْسَهُ أَوْ دَابَّتَهُ) أَوْ يُحَمِّلَهَا مَا لَا تُطِيقُ حَمْلَهُ عَلَى الدَّوَامِ، أَوْ يَضْرِبَهَا فَوْقَ الْعَادَةِ أَوْ عَلَى الْعَادَةِ وَكَانَتْ تَعْبَانَةً أَوْ يَنْخُسَهَا مُطْلَقًا. اهـ. م د.

قَوْلُهُ: (سَيْرُ يَوْمَيْنِ) أَوْ لَيْلَتَيْنِ مُعْتَدِلَتَيْنِ، أَوْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَإِنْ لَمْ يَعْتَدِلَا. وَالْمُرَادُ بِالِاعْتِدَالِ أَنْ يَكُونَ مِقْدَارُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَهُوَ ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ دَرَجَةً اهـ. وَهَذَا تَحْدِيدٌ لِلْمَسَافَةِ بِالزَّمَانِ. وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ لِتَحْدِيدِهَا بِالْمَسَافَةِ بِقَوْلِهِ سِتَّةَ عَشَرَ فَرْسَخًا قَوْلُهُ: (مُعْتَدِلَتَيْنِ) أَيْ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ مِنْ النُّزُولِ لِاسْتِرَاحَةٍ وَأَكْلٍ وَصَلَاةٍ، فَيُعْتَبَرُ زَمَنُ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ. وَالْأَثْقَالُ الْحَيَوَانَاتُ الْمُثْقَلَةُ بِالْأَحْمَالِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِبِلِ وَغَيْرِهَا، وَالْمَشْهُورُ عَلَى أَلْسِنَةِ الْمَشَايِخِ أَنَّ الْمُرَادَ بِسَيْرِ الْإِبِلِ. اهـ. ح ل قَوْلُهُ: (سِتَّةَ عَشَرَ) فِيهِ تَغْيِيرُ إعْرَابِ الْمَتْنِ لِأَنَّهُ فِي مَحَلِّ نَصْبِ خَبَرُ يَكُونَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَالشَّارِحُ قَدَّرَ لَهُ مُبْتَدَأً وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمَتْنَ وَالشَّارِحَ امْتَزَجَا وَصَارَا كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَطَعَ هَذِهِ الْمَسَافَةَ) غَايَةٌ. فَإِنْ قُلْتَ: إذَا قَطَعَ الْمَسَافَةَ فِي لَحْظَةٍ صَارَ مُقِيمًا فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ تَرَخُّصُهُ فِيهَا؟ قُلْنَا: لَا يَلْزَمُ مِنْ وُصُولِ الْمَقْصِدِ انْتِهَاءُ الرُّخْصَةِ لِكَوْنِهِ نَوَى فِيهِ إقَامَةً لَا تَقْطَعُ السَّفَرَ، أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ بِاللَّحْظَةِ الْقِطْعَةُ مِنْ الزَّمَانِ الَّتِي تَسَعُ التَّرَخُّصَ قَوْلُهُ: (فَقَدْ كَانَ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ إلَخْ) ذَكَرَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ أَنَّ ابْنَ خُزَيْمَةَ رَوَاهُ فِي صَحِيحِهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا م ر عَلَى الرَّوْضِ. اهـ. مَرْحُومِيٌّ قَوْلُهُ: (فِي أَرْبَعَةِ بُرُدٍ) وَالْبَرِيدُ أَرْبَعَةُ فَرَاسِخَ وَالْفَرْسَخُ ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ. اهـ. ق ل وَالْبَرِيدُ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الرَّسُولُ وَمِنْهُ قَوْلُ بَعْضِ الْعَرَبِ الْحُمَّى بَرِيدُ الْمَوْتِ أَيْ رَسُولُهُ ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ فِي الْمَسَافَةِ الَّتِي يَقْطَعُهَا وَهِيَ اثْنَا عَشَرَ مِيلًا وَالْجَمْعُ بُرُدٌ بِضَمَّتَيْنِ وَيُقَالُ لِلدَّابَّةِ الَّتِي يَرْكَبُهَا أَيْضًا الْبَرِيدُ فَهُوَ مُسْتَعَارٌ مِنْ الْمُسْتَعَارِ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ قَوْلُهُ: (وَمِثْلُهُ) أَيْ مِثْلُ الْمَذْكُورِ مِنْ الْقَصْرِ وَالْفِطْرِ فِي أَرْبَعَةِ بُرُدٍ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ قَوْلُهُ: (بِتَوْقِيفٍ) أَيْ سَمَاعٍ مِنْ النَّبِيِّ أَوْ رُؤْيَةِ فِعْلِهِ لَا مِنْ قِبَلِ الرَّأْيِ لِأَنَّهُ لَا دَخْلَ لِلِاجْتِهَادِ فِيهِ، فَصَحَّ كَوْنُهُ دَلِيلًا كَمَا قَالَهُ ق ل. وَهَذَا أَعْنِي قَوْلَهُ وَمِثْلُهُ إنَّمَا يُفْعَلُ بِتَوْقِيفِ جَوَابٍ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ إنَّ هَذَا فِعْلُ صَحَابِيٍّ وَفِعْلُهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ. فَأَجَابَ عَنْهُ بِأَنَّ مِثْلَهُ إنَّمَا يَفْعَلُ بِتَوْقِيفٍ بَلَغَهُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَحِينَئِذٍ يُسْتَدَلُّ بِهِ اهـ.

قَوْلُهُ: (مَعَهُ) لَوْ أَخَّرَهُ عَنْ قَوْلِهِ فَلَا يُحْسَبُ لَكَانَ أَظْهَرَ لِأَنَّهُ مَعْمُولٌ لَهُ قَوْلُهُ: (وَالْغَالِبُ فِي الرُّخَصِ إلَخْ) أَشَارَ بِقَوْلِهِ: وَالْغَالِبُ إلَى مَا هُوَ الرَّاجِحُ فِي الْأُصُولِ أَنَّ الرُّخَصَ لَا يَدْخُلُهَا الْقِيَاسُ قَالَهُ ع ش. وَفِي س ل: وَمِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ الْقِيَاسُ عَلَيْهَا كَمَا فِي الْحَجَرِ الْوَارِدِ فِي الِاسْتِنْجَاءِ قِيسَ عَلَيْهِ مَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ كُلِّ جَامِدٍ إلَخْ قَوْلُهُ: (تَحْدِيدٌ) وَلَوْ بِالِاجْتِهَادِ. لَا يُقَالُ هَذَا رُخْصَةٌ وَهِيَ لَا يُصَارُ إلَيْهَا إلَّا بِيَقِينٍ. لِأَنَّا نَقُولُ هَذَا مِنْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي أَقَامَ فِيهَا الْفُقَهَاءُ الظَّنَّ مُقَامَ الْيَقِينِ تَأَمَّلْ شَوْبَرِيٌّ وَعِبَارَةُ سم. وَلَا يُشْتَرَطُ تَيَقُّنُ التَّحْدِيدِ بَلْ يَكْفِي الظَّنُّ بِالِاجْتِهَادِ قَالَ أج: وَفَارَقَتْ الْمَسَافَةُ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ وَالْقُلَّتَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>