بِمُجَاوَزَةِ الْحِلَّةِ عُرْفًا وَيَنْتَهِي سَفَرُهُ بِبُلُوغِ مَبْدَإِ سَفَرٍ مِنْ سُوَرٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ وَطَنِهِ أَوْ مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ رَجَعَ مِنْ سَفَرِهِ إلَيْهِ أَوَّلًا وَقَدْ نَوَى قَبْلَ بُلُوغِهِ وَهُوَ مُسْتَقِلٌّ إقَامَةً بِهِ وَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ لَهَا إمَّا مُطْلَقًا وَإِمَّا أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ صِحَاحٍ، وَبِإِقَامَتِهِ وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ إرْبَهُ لَا يَنْقَضِي فِيهَا وَإِنْ تَوَقَّعَهُ كُلَّ وَقْتٍ قَصَرَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا صِحَاحًا وَلَوْ غَيْرَ مُحَارِبٍ، وَيَنْتَهِي أَيْضًا سَفَرُهُ بِنِيَّةِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: (فِي رَبْوَةٍ) أَيْ عُلْوَةٍ قَوْلُهُ: (فِي وَهْدَةٍ) أَيْ وَطِيَّةٍ قَوْلُهُ: (اكْتَفَى بِمُجَاوَزَةِ الْحِلَّةِ عُرْفًا) أَيْ مَعَ مُجَاوَزَةِ مَرَافِقِهَا، وَيُعْتَبَرُ فِي سَيْرِ السَّفِينَةِ فِي الْبَحْرِ الْمُتَّصِلِ سَاحِلُهُ كَأَهْلِ جُدَّةَ وَالسُّوَيْسِ وَالطُّورِ وَبُولَاقَ وَدِمْيَاطَ وَالْإِسْكَنْدَرِيَّة جَرْيُ السَّفِينَةِ أَوْ الزَّوْرَقِ إلَيْهَا آخِرًا قَالَهُ الْبَغَوِيّ، وَأَقَرَّهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ مَعَ مَا نُقِلَ عَنْ الْبَغَوِيِّ أَنَّ سَيْرَ الْبَحْرِ يُخَالِفُ سَيْرَ الْبَرِّ وَكَأَنَّهُ لِأَنَّ الْعُرْفَ لَا يَعُدُّ الْمُسَافِرَ فِيهِ مُسَافِرًا إلَّا بَعْدَ رُكُوبِ السَّفِينَةِ أَوْ الزَّوْرَقِ أَيْ آخَرَ مَرَّةٍ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَيْهَا وَإِنْ لَمْ تَتَحَرَّكْ مِنْ مَكَانِهَا لِأَنَّ مَنْ بِهَا صَارَ فِي قُوَّةِ الْمُسَافِرِ بِخِلَافِهِ فِي الْبَرِّ فَإِنَّهُ بِمُجَرَّدِ مُجَاوَزَةِ الْعُمْرَانِ، وَإِنْ الْتَصَقَ ظَهْرُهُ بِهِ يُعَدُّ مُسَافِرًا وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ.
وَمَحَلُّ مَا تَقَدَّمَ مَا لَمْ تَجْرِ السَّفِينَةُ مُحَاذِيَةً لِلْبَلَدِ، فَإِنْ سَافَرَ مِنْ بُولَاقَ إلَى جِهَةِ الصَّعِيدِ فَلَا بُدَّ مِنْ مُفَارَقَةِ الْعُمْرَانِ اهـ.
وَقَوْلُهُ: وَمَحَلُّ مَا تَقَدَّمَ إلَخْ لَا فَرْقَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بَيْنَ بَلْدَةٍ لَهَا سُورٌ وَغَيْرِهَا خِلَافُ مَا حَاوَلَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. اهـ. عَبْدُ الْبَرِّ قَوْلُهُ: (وَيَنْتَهِي سَفَرُهُ إلَخْ) لَمَّا بَيَّنَ الْمَحَلَّ الَّذِي يَصِيرُ مُسَافِرًا إذَا وَصَلَ إلَيْهِ شَرَعَ يُبَيِّنُ الْمَحَلَّ الَّذِي إذَا وَصَلَ إلَيْهِ يَنْقَطِعُ سَفَرُهُ. وَحَاصِلُ مَا يُقَالُ إنَّهُ إذَا رَجَعَ مِنْ سَفَرِهِ إلَى وَطَنِهِ انْتَهَى مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ نَوَى الْإِقَامَةَ بِهِ أَوْ لَا، كَانَ لَهُ فِيهِ حَاجَةٌ أَمْ لَا، وَأَمَّا إذَا رَجَعَ إلَى غَيْرِ وَطَنِهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ حَاجَةٌ وَنَوَى قَبْلَ الْوُصُولِ إلَيْهِ إقَامَةً مُطْلَقًا أَوْ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ صِحَاحٍ وَكَانَ وَقْتَ النِّيَّةِ مَاكِثًا مُسْتَقِلًّا انْتَهَى سَفَرُهُ بِمُجَرَّدِ وُصُولِ السُّورِ أَيْضًا، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَنْوِ أَصْلًا أَوْ نَوَى إقَامَةَ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ فَلَا يَنْتَهِي سَفَرُهُ بِوُصُولِ السُّورِ وَإِنَّمَا يَنْتَهِي بِإِقَامَةِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ صِحَاحٍ غَيْرِ يَوْمَيْ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ. وَصُورَتُهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ حَاجَةٌ. وَأَمَّا إذَا كَانَ لَهُ حَاجَةٌ وَلَمْ يَتَوَقَّعْهَا بَلْ جَزَمَ بِأَنَّهَا لَا تُقْضَى فِي الْأَرْبَعَةِ انْتَهَى سَفَرُهُ بِمُجَرَّدِ الْمُكْثِ وَالِاسْتِقْرَارِ، سَوَاءٌ نَوَى الْإِقَامَةَ بَعْدَ الْوُصُولِ أَمْ لَا.
قَوْلُهُ: (بِبُلُوغِ مَبْدَإِ سَفَرٍ) أَيْ لِوُصُولِهِ إلَى مَا شُرِطَتْ مُجَاوَزَتُهُ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ. وَإِنْ لَمْ يَنْوِ إقَامَةً ق ل. وَإِنَّمَا تَوَقَّفَ ابْتِدَاءُ السَّفَرِ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْإِقَامَةُ، وَلَا يَتَحَقَّقُ قَطْعُهَا إلَّا بِتَحَقُّقِ السَّفَرِ وَهُوَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى الْخُرُوجِ وَالسَّفَرُ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ، فَانْقَطَعَ بِمُجَرَّدِ الْوُصُولِ لِلْوَطَنِ وَإِنْ كَانَ مَارًّا بِهِ فِي سَفَرِهِ. اهـ. ز ي أج.
قَوْلُهُ: (مِنْ وَطَنِهِ) وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْإِقَامَةَ بِخِلَافِ مَا بَعْدَهُ لِأَنَّ الْوَطَنَ لَهُ قُوَّةٌ لَا تُوجَدُ فِي غَيْرِهِ قَوْلُهُ: (رَجَعَ مِنْ سَفَرِهِ إلَيْهِ) كَأَنْ يَخْرُجَ الشَّامِيُّ مِنْ مِصْرَ إلَى مَكَّةَ ثُمَّ يَرْجِعَ مِنْ مَكَّةَ إلَى مِصْرَ. وَقَوْلُهُ (أَوَّلًا) : كَأَنْ يَخْرُجَ الشَّامِيُّ مَثَلًا مِنْ مِصْرَ قَاصِدًا مَكَّةَ فَإِنَّهُ يَنْتَهِي سَفَرُهُ بِبُلُوغِهِ سُورَ مَكَّةَ بِالنِّيَّةِ الْمَذْكُورَةِ، لِأَنَّ وُصُولَهُ سُورَ مَكَّةَ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ بَلَغَ مَبْدَأَ سَفَرٍ أَيْ لِغَيْرِ هَذَا الْمُسَافِرِ، وَلِذَا أَتَى بِهِ الشَّارِحُ نَكِرَةً وَبَعْضُهُمْ تَوَهَّمَ أَنَّ الْمُرَادَ مَبْدَأُ سَفَرِهِ فَارْتَبَكَ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف قَوْلُهُ: (وَقَدْ نَوَى) حَالٌ فَلَا يَكْفِي فِي انْقِطَاعِ سَفَرِهِ مُجَرَّدُ وُصُولِهِ إلَيْهِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الْإِقَامَةِ وَهُوَ مُسْتَقِلٌّ قَبْلَ بُلُوغِهِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَنْوِ الْإِقَامَةَ أَوْ نَوَاهَا بَعْدَ بُلُوغِهِ فَلَا يَنْتَهِي سَفَرُهُ بِذَلِكَ أَيْ بِبُلُوغِ الْمَوْضِعِ الْآخَرِ، وَإِنَّمَا يَنْتَهِي بِإِقَامَةِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ فِي الْأُولَى وَبِالنِّيَّةِ الْمَذْكُورَةِ بِشَرْطِ الْمُكْثِ وَالِاسْتِقْلَالِ فِي الثَّانِيَةِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَشَرْحِ م ر قَوْلُهُ: (وَهُوَ مُسْتَقِلٌّ) خَرَجَ غَيْرُ الْمُسْتَقِلِّ كَقِنٍّ وَزَوْجَةٍ فَلَا أَثَرَ لِنِيَّتِهِ الْمُخَالِفَةِ لِنِيَّةِ مَتْبُوعِهِ م ر. قَالَ سم: لَكِنْ لَا يَبْعُدُ أَنَّهُ لَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ مَاكِثًا وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الْمُخَالَفَةِ وَصَمَّمَ عَلَى قَصْدِ الْمُخَالَفَةِ أَثَّرَتْ نِيَّتُهُ اهـ أج قَوْلُهُ: (وَإِمَّا أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ صِحَاحٍ) أَيْ غَيْرُ يَوْمَيْ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ شَرْحِ الْمَنْهَجِ إذْ فِي الْأَوَّلِ الْحَطُّ وَفِي الثَّانِي الرَّحِيلُ، وَهُمَا مِنْ مُهِمَّاتِ السَّفَرِ الْمُقْتَضِي لِلرُّخْصَةِ اهـ أج. قَوْلُهُ: (وَبِإِقَامَتِهِ) أَيْ بِالْفِعْلِ وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ إرْبَهُ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَإِسْكَانِ ثَانِيهِ وَبِفَتْحِهِمَا أَيْ حَاجَتَهُ لَا يَنْقَضِي فِيهَا أَيْ الْأَرْبَعَةِ.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ تَوَقَّعَهُ كُلَّ وَقْتٍ) مِنْ ذَلِكَ انْتِظَارُ الرِّيحِ لِرَاكِبِ السَّفِينَةِ وَخُرُوجِ الرُّفْقَةِ إلَيْهِ وَإِلَّا سَافَرَ وَحْدَهُ، فَإِنْ نَوَى أَنْ لَا يُسَافِرَ إلَّا مَعَ الرُّفْقَةِ لَمْ يَتَرَخَّصْ لِعَدَمِ جَزْمِهِ بِالسَّفَرِ ز ي وَح ل قَوْلُهُ: (قَصَرَ) أَيْ تَرَخَّصَ إذْ لَهُ سَائِرُ رُخَصِ السَّفَرِ اهـ أج وَح ل. فَلَوْ قَالَ: تَرَخَّصَ ثَمَانِيَة عَشَرَ لَكَانَ أَعَمَّ لَكِنْ اقْتَصَرَ عَلَى الْقَصْرِ لِكَوْنِ الْكَلَامِ فِيهِ قَوْلُهُ: (ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا صِحَاحًا)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute