للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رُجُوعِهِ مَاكِثًا وَلَوْ مِنْ طَوِيلٍ لَا إلَى غَيْرِ وَطَنِهِ لِحَاجَةٍ بِأَنْ نَوَى رُجُوعَهُ إلَى وَطَنِهِ أَوْ إلَى غَيْرِهِ لَا لِحَاجَةٍ فَلَا يَقْصُرُ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، فَإِنْ سَافَرَ فَسَفَرٌ جَدِيدٌ، فَإِنْ كَانَ طَوِيلًا قَصَرَ وَإِلَّا فَلَا، فَإِنْ نَوَى الرُّجُوعَ وَلَوْ مِنْ قَصِيرٍ إلَى غَيْرِ وَطَنِهِ لِحَاجَةٍ لَمْ يَنْتَهِ سَفَرُهُ بِذَلِكَ، وَكَنِيَّةِ الرُّجُوعِ التَّرَدُّدُ فِيهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ.

وَالرَّابِعُ: يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِجَوَازِ الْقَصْرِ، فَلَوْ قَصَرَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

أَيْ لَا يُحْسَبُ مِنْهَا يَوْمَا دُخُولِهِ وَخُرُوجِهِ لِخَبَرٍ حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقَامَهَا بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ لِحَرْبِ هَوَازِنَ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ، وَالْحَدِيثُ وَإِنْ ضَعَّفَهُ الْجُمْهُورُ إلَّا أَنَّهُ اعْتَضَدَ بِشَوَاهِدَ جَبَرَتْهُ، وَصَحَّتْ رِوَايَةُ عِشْرِينَ عَلَى عَدِّهِ يَوْمَيْ دُخُولِهِ وَخُرُوجِهِ، وَتِسْعَةَ عَشَرَ عَلَى عَدِّ أَحَدِهِمَا اهـ أج قَوْلُهُ: (وَلَوْ غَيْرَ مُحَارِبٍ) أَيْ مُجَاهِدٍ، وَغَرَضُهُ بِهَذِهِ الْغَايَةِ الرَّدُّ عَلَى قَوْلٍ ضَعِيفٍ يَخُصُّ التَّرَخُّصَ بِالْمُقَاتِلِ. وَبَقِيَ قَوْلَانِ ضَعِيفَانِ أَيْضًا لَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِمَا لَعَلَّهُ لِشِدَّةِ ضَعْفِهِمَا الْأَوَّلُ قِيلَ يَتَرَخَّصُ أَبَدًا. وَالثَّانِي يَتَرَخَّصُ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ فَقَطْ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَقِيلَ: يَقْصُرُ أَرْبَعَةً فَقَطْ لِأَنَّ الْقَصْرَ يَمْتَنِعُ بِنِيَّةِ إقَامَةِ الْأَرْبَعَةِ فَبِفِعْلِهَا أَوْلَى لِأَنَّهُ أَبْلَغُ مِنْ النِّيَّةِ. وَفِي قَوْلٍ: يَقْصُرُ أَبَدًا لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَوْ دَامَتْ الْحَاجَةُ لَدَامَ الْقَصْرُ، وَقِيلَ الْخِلَافُ فِيمَا فَوْقَ الْأَرْبَعَةِ فِي خَائِفِ الْقِتَالِ لَا التَّاجِرِ وَنَحْوِهِ كَالْمُتَفَقِّهِ فَلَا يَقْصُرَانِ فِيمَا فَوْقَهَا لِأَنَّ الْوَارِدَ إنَّمَا كَانَ فِي الْقِتَالِ وَالْمُقَاتِلُ أَحْوَجُ لِلتَّرَخُّصِ، وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْمُرَخِّصَ إنَّمَا هُوَ وَصْفُ السَّفَرِ وَالْمُقَاتِلُ وَغَيْرُهُ فِيهِ سَوَاءٌ اهـ.

قَوْلُهُ: (وَيَنْتَهِي أَيْضًا إلَخْ) أَيْ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ التَّرَخُّصُ فِي مَوْضِعِهِ الَّذِي نَوَى فِيهِ، وَفِي عَوْدِهِ إنْ لَمْ يَبْلُغْ مَسَافَةَ الْقَصْرِ. وَلَوْ قَالَ: وَيَنْقَطِعُ سَفَرُهُ لَكَانَ أَنْسَبَ ق ل قَوْلُهُ: (بِنِيَّةِ رُجُوعِهِ مَاكِثًا) أَيْ لَا سَائِرًا لِجِهَةِ مَقْصِدِهِ لِأَنَّ نِيَّةَ الْإِقَامَةِ مَعَ السَّيْرِ غَيْرُ مُؤَثِّرَةٍ فَنِيَّةُ الرُّجُوعِ مَعَهُ كَذَلِكَ. اهـ. رَمْلِيٌّ مَرْحُومِيٌّ. فَلَا يَقْصُرُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي نَوَى فِيهِ الرُّجُوعَ وَهُوَ مَاكِثٌ فَإِنْ سَارَ إلَى جِهَةِ مَقْصِدِهِ أَوْ رَاجِعًا إلَى وَطَنِهِ فَسَفَرٌ جَدِيدٌ فَيَقْصُرُ فِي الرُّجُوعِ إنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَطَنِهِ مَرْحَلَتَانِ فَأَكْثَرُ قَوْلُهُ: (وَلَوْ مِنْ طَوِيلٍ) أَيْ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ طَوِيلًا أَوْ قَصِيرًا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَحَلِّ الْمَرْجُوعِ مِنْهُ إلَى الْمَحَلِّ الَّذِي يُرْجَعُ إلَيْهِ ح ل قَوْلُهُ: (لَا إلَى غَيْرِ وَطَنِهِ لِحَاجَةٍ) هَذَا النَّفْيُ صَادِقٌ بِثَلَاثِ صُوَرٍ؛ بِأَنْ نَوَى الرُّجُوعَ إلَى وَطَنِهِ مُطْلَقًا، أَيْ سَوَاءٌ كَانَ لِحَاجَةٍ أَوْ لَا، أَوْ نَوَى الرُّجُوعَ إلَى غَيْرِ وَطَنِهِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ، فَفِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ يَنْتَهِي السَّفَرُ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْقَصْرُ وَلَا الْجَمْعُ. مَا دَامَ مُقِيمًا فِي الْمَحَلِّ الَّذِي نَوَى الرُّجُوعَ فِيهِ، وَوَجْهُ أَخْذِ هَذِهِ الصُّوَرِ مِنْ تِلْكَ الْعِبَارَةِ أَنَّ قَوْلَهُ: إلَى غَيْرِ وَطَنِهِ نَفْيٌ " وَلَا " السَّابِقَةُ عَلَيْهِ لِلنَّفْيِ وَنَفْيُ النَّفْيِ إثْبَاتٌ، فَإِذَا أَدْخَلْنَا لَا عَلَى غَيْرِ وَطَنِهِ صَارَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ رَجَعَ إلَى وَطَنِهِ، أَيْ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ لِحَاجَةٍ أَمْ لَا، وَإِذَا سَلَّطْنَا لَا عَلَى لِحَاجَةٍ وَأَبْقَيْنَا غَيْرَ وَطَنَهُ عَلَى حَالِهِ كَانَ الْمَعْنَى رَجَعَ إلَى غَيْرِ وَطَنِهِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ، فَهَذِهِ صُورَةٌ تُضَمُّ لِلِاثْنَتَيْنِ السَّابِقَتَيْنِ، وَأَمَّا مَفْهُومُ هَذَا النَّفْيِ فَصُورَةٌ وَهِيَ مَا إذَا رَجَعَ إلَى غَيْرِ وَطَنِهِ لِحَاجَةٍ فَلَا يَنْتَهِي سَفَرُهُ فَقَوْلُهُ: لَا إلَى غَيْرِ وَطَنِهِ مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ وَيَنْتَهِي سَفَرُهُ بِنِيَّةِ رُجُوعِهِ لِوَطَنِهِ مُطْلَقًا، أَيْ لِحَاجَةٍ أَوْ لَا، وَبِنِيَّةِ رُجُوعِهِ لِغَيْرِ وَطَنِهِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ، فَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ شَامِلٌ لِثَلَاثِ صُوَرٍ قَالَهُ سم قَوْلُهُ: (بِأَنْ نَوَى رُجُوعَهُ إلَخْ) لِحَاجَةٍ أَوْ لَا، كَأَنْ سَافَرَ مِنْ مِصْرَ إلَى دِمْيَاطَ لَكِنْ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَى دِمْيَاطَ بِرُبْعِ يَوْمٍ مَثَلًا مَكَثَ بِبَلْدَةٍ وَنَوَى الرُّجُوعَ إلَى مِصْرَ، وَبَيْنَ الْبَلْدَةِ وَمِصْرَ سَفَرٌ طَوِيلٌ وَهَذَا مِثَالٌ لِقَوْلِهِ: وَلَوْ مِنْ طَوِيلٍ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ قَوْلُهُ: (فَلَا يَقْصُرُ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ) أَيْ الْمَاكِثُ فِيهِ الَّذِي نَوَى فِيهِ الرُّجُوعَ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر: امْتَنَعَ قَصْرُهُ مَا دَامَ فِي ذَلِكَ الْمَنْزِلِ كَمَا جَزَمُوا بِهِ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ سَافَرَ) أَيْ لِمَقْصِدِهِ الْأَوَّلِ أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ لِمَا خَرَجَ مِنْهُ شَرْحِ م ر قَوْلُهُ: (وَلَوْ مِنْ قَصِيرٍ) كَمَا لَوْ نَوَى الْمِصْرِيُّ أَنْ يُسَافِرَ إلَى دِمْيَاطَ، فَلَمَّا وَصَلَ إلَى قَلْيُوبَ نَوَى الرُّجُوعَ إلَى بَلَدٍ فِي الصَّعِيدِ لِحَاجَةٍ فَلَا يَنْتَهِي سَفَرُهُ بِالرُّجُوعِ وَلَا بِنِيَّتِهِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ قَوْلُهُ: (لَمْ يَنْتَهِ سَفَرُهُ بِذَلِكَ) أَيْ بِالنِّيَّةِ الْمَذْكُورَةِ، فَلَهُ الْقَصْرُ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَبَعْدَ رُجُوعِهِ ح ل قَوْلُهُ: (التَّرَدُّدُ فِيهِ) أَيْ فَإِنْ كَانَ التَّرَدُّدُ فِيهِ لِوَطَنِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ انْتَهَى سَفَرُهُ، وَإِنْ كَانَ التَّرَدُّدُ فِي الرُّجُوعِ إلَى غَيْرِ وَطَنِهِ لِحَاجَةٍ لَمْ يَنْتَهِ سَفَرُهُ بِذَلِكَ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ. قَالَ م ر: وَمَا يَقَعُ كَثِيرًا فِي زَمَنِنَا مِنْ دُخُولِ بَعْضِ الْحُجَّاجِ مَكَّةَ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِنَحْوِ يَوْمٍ مَعَ عَزْمِهِمْ عَلَى الْإِقَامَةِ بِمَكَّةَ بَعْدَ رُجُوعِهِمْ مِنْ مِنًى أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ فَأَكْثَرَ، هَلْ يَنْقَطِعُ سَفَرُهُمْ بِمُجَرَّدِ وُصُولِهِمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>