للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنْ الْأَعْذَارِ الِاشْتِغَالُ بِتَجْهِيزِ الْمَيِّتِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَإِسْهَالٌ لَا يَضْبِطُ الشَّخْصُ نَفْسَهُ مَعَهُ وَيَخْشَى مِنْهُ تَلْوِيثَ الْمَسْجِدِ كَمَا فِي التَّتِمَّةِ وَذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي الْجَمَاعَةِ أَنَّ الْحَبْسَ عُذْرٌ إذْ لَمْ يَكُنْ مُقَصِّرًا فِيهِ فَيَكُونُ هُنَا كَذَلِكَ وَأَفْتَى الْبَغَوِيّ بِأَنَّهُ يَجِبُ إطْلَاقُهُ لِفِعْلِهَا وَالْغَزَالِيُّ بِأَنَّ الْقَاضِيَ إنْ رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي مَنْعِهِ مُنِعَ وَإِلَّا فَلَا وَهَذَا أَوْلَى وَلَوْ اجْتَمَعَ فِي الْحَبْسِ أَرْبَعُونَ فَصَاعِدًا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَالْقِيَاسُ أَنَّ الْجُمُعَةَ تَلْزَمُهُمْ.

وَإِذَا كَانَ فِيهِمْ مَنْ لَا يَصْلُحُ لِإِقَامَتِهَا فَهَلْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

مِنْ الْأَعْذَارِ مَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ الْمُشْتَغِلِينَ بِالسَّبَبِ مِنْ خُرُوجِهِمْ لِلْبَيْعِ وَنَحْوِهِ بَعْدَ الْفَجْرِ حَيْثُ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى عَدَمِ خُرُوجِهِمْ ضَرَرٌ كَفَسَادِ مَتَاعِهِمْ، فَتَنَبَّهْ لِذَلِكَ فَإِنَّهُ يَقَعُ فِي قُرَى مِصْرِنَا كَثِيرًا. اهـ. ع ش. وَلَيْسَ فَوَاتُ الدَّرْسِ عُذْرًا لِإِسْقَاطِهَا وَلَوْ كَانَ الْعِلْمُ فَرْضَ عَيْنٍ وَلَا مُجَرَّدَ الْوَحْشَةِ بِالِانْقِطَاعِ عَنْ الرُّفْقَةِ، وَهَلْ مِثْلُ ذَلِكَ سَفَرُ الْمَرَاكِبِ يَوْمَهَا الْمَشْهُورِ بِالْمَعَاشِ لِلتَّدَارُكِ بِيَوْمِ الِاثْنَيْنِ بَعْدَهُ أَوْ يُفَرَّقُ فِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ هُوَ الْأَوَّلُ. قَوْلُهُ: (مِمَّا يُتَصَوَّرُ هُنَا) احْتَرَزَ بِهِ عَنْ شِدَّةِ الرِّيحِ فَإِنَّهَا عُذْرٌ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ لَا فِي صَلَاةِ النَّهَارِ، فَإِذَا وُجِدَتْ نَهَارًا لَا تَكُونُ عُذْرًا فِي تَرْكِ الْجُمُعَةِ، وَقَدْ يُقَالُ: أَلْحَقُوا مَا بَعْدَ الْفَجْرِ بِاللَّيْلِ لِوُجُودِ الظُّلْمَةِ فِيهِ، فَتَكُونُ شِدَّةُ الرِّيحِ عُذْرًا فِي حَقِّ مَنْ بَعُدَتْ دَارُهُ وَتَوَقَّفَ حُضُورُهُ الْجُمُعَةَ عَلَى السَّعْيِ مِنْ الْفَجْرِ وَهُوَ تَصْوِيرٌ حَسَنٌ ع ش عَلَى م ر مُلَخَّصًا. وَانْظُرْ وَجْهَ حُسْنِهِ مَعَ اشْتِرَاطِ بُلُوغِ صَوْتِ الْمُنَادِي لِمُعْتَدِلِ السَّمْعِ وَصَوْتُ الْمُنَادِي لَا يَصِلُ إلَى مَحَلٍّ يَجِبُ فِيهِ السَّعْيُ مِنْ الْفَجْرِ اط ف. وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَحَلَّ اشْتِرَاطِ بُلُوغِ صَوْتِ الْمُنَادِي فِي غَيْرِ الْمُقِيمِ بِمَحَلِّهَا، أَمَّا الْمُقِيمُ بِمَحَلِّهَا فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ سَمَاعُ صَوْتِ الْمُنَادِي كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ مَتْنِ الْمَنْهَجِ مُقِيمٌ بِمَحَلِّ جُمُعَةٍ أَوْ بِمُسْتَوٍ بَلَغَهُ فِيهِ مُعْتَدِلَ سَمْعٍ صَوْتٌ عَالٍ عَادَةً إلَخْ حَيْثُ أَطْلَقَ فِي الْأَوَّلِ وَقَيَّدَ فِيمَا بَعْدَهُ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ سم فَيَكُونُ كَلَامُ ع ش فِي التَّصْوِيرِ مَفْرُوضًا فِي الْمُقِيمِ بِمَحَلِّ الْجُمُعَةِ، فَإِذَا كَانَتْ دَارُهُ بَعِيدَةً بِحَيْثُ لَا يَصِلُ إلَّا إنْ سَارَ بَعْدَ الْفَجْرِ وَجَبَ عَلَيْهِ السَّعْيُ حِينَئِذٍ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ النِّدَاءَ، فَإِذَا وُجِدَتْ شِدَّةُ رِيحٍ حِينَئِذٍ كَانَتْ عُذْرًا فِي حَقِّهِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف.

قَوْلُهُ: (وَمِنْ الْأَعْذَارِ الِاشْتِغَالُ بِتَجْهِيزِ الْمَيِّتِ) صَرِيحُهُ أَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ أَعْذَارِ الْجَمَاعَةِ فَرَاجِعْهُ ق ل. مَعَ أَنَّهُ مِنْهَا بِالْأَوْلَى لِكَوْنِهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ وَالْجُمُعَةُ فَرْضَ عَيْنٍ، وَمِنْ الْأَعْذَارِ اشْتِغَالُ صَاحِبِ الزَّرْعِ بِحَصَادِهِ أَوْ حَرْثِهِ وَكَانَ لَوْ تَرَكَهُ فِي هَذَا الْوَقْتِ لَتَلَفَ الزَّرْعُ وَلَمْ يَحْصُلْ الْإِنْبَاتُ. وَمِثْلُهُ أَيْضًا مَا لَوْ احْتَاجَ إلَى كَشْفِ عَوْرَتِهِ بِحَضْرَةِ النَّاسِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ إلَّا كَذَلِكَ فَتَسْقُطُ عَنْهُ الْجُمُعَةُ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى لِأَنَّهَا تَسْقُطُ بِدُونِ ذَلِكَ مِنْ الْأَعْذَارِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ خَافَ خُرُوجَ الْوَقْتِ فَيَلْزَمُهُ كَشْفُ عَوْرَتِهِ بِحَضْرَةِ النَّاسِ وَعَلَى مَنْ حَضَرَ غَضُّ بَصَرِهِ. اهـ. م ر خ ض. وَالْفَرْقُ أَنَّ لِلْجُمُعَةِ بَدَلًا قَالَ أج نَقْلًا عَنْ التُّحْفَةِ. وَمِنْ الْعُذْرِ هُنَا عَلَى الْأَقْرَبِ حَلِفُ غَيْرِهِ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُصَلِّيَهَا لِخَشْيَةِ مَحْذُورٍ عَلَيْهِ لَوْ خَرَجَ إلَيْهَا لِأَنَّ فِي تَحْنِيثِهِ مَشَقَّةً عَلَيْهِ بِإِلْحَاقِهِ الضَّرَرَ لِمَنْ لَمْ يَتَعَدَّ بِحَلِفِهِ إذْ هُوَ مَعْذُورٌ فِي ظَنِّهِ الْبَاعِثِ لَهُ عَلَى الْحَلِفِ بِشَهَادَةِ قَرِينَةٍ بِهِ، فَإِبْرَارُهُ كَأَنِيسِ مَرِيضٍ بَلْ أَوْلَى اهـ. وَمِنْهُ أَيْضًا مَنْ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي خَلْفَ زَيْدٍ فَوُلِّيَ زَيْدٌ إمَامًا فِي الْجُمُعَةِ فَتَسْقُطُ عَنْهُ الْجُمُعَةُ، وَقِيلَ فِي هَذِهِ: يُصَلِّي خَلْفَهُ وَلَا يَحْنَثُ لِأَنَّهُ مُكْرَهٌ شَرْعًا كَمَنْ حَلَفَ لَيَطَأَنَّ زَوْجَتَهُ اللَّيْلَةَ فَإِذَا هِيَ حَائِضٌ، وَكَمَا لَوْ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَنْزِعُ ثَوْبَهُ فَأَجْنَبَ وَاحْتَاجَ إلَى نَزْعِهِ لِتَعَذُّرِ غُسْلِهِ فِيهِ، وَالْفَرْقُ بِأَنَّ لِلْجُمُعَةِ بَدَلًا فِيهِ نَظَرٌ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الْجُمُعَةِ إذَا كَانَ الْحَالِفُ زَائِدًا عَلَى الْأَرْبَعِينَ وَإِلَّا فَيُصَلِّي خَلْفَهُ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ اهـ. قَالَ الشَّوْبَرِيُّ: وَهَلْ الْأَعْذَارُ مُسْقِطَاتٌ لِلْوُجُوبِ أَوْ مُوجِبَاتٌ لِلتَّرْكِ خِلَافٌ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْقَمُولِيُّ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ. اهـ. إيعَابٌ. أَيْ بِمَعْنَى أَنَّ الْأَعْذَارَ مُسْقِطَةٌ لِلْوُجُوبِ أَيْ مَانِعَةٌ مِنْ تَعَلُّقِ الْوُجُوبِ الْمَعْذُورِ اهـ.

قَوْلُهُ: (وَذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي الْجَمَاعَةِ) أَيْ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ قَوْلَهُ: (إذَا لَمْ يَكُنْ مُقَصِّرًا فِيهِ) أَيْ الْحَبْسِ بِأَنْ كَانَ مُعْسِرًا وَعَجَزَ عَنْ بَيِّنَةِ إعْسَارِهِ اهـ قَوْلُهُ: (فَيَكُونُ هُنَا) أَيْ فِي الْجُمُعَةِ كَذَلِكَ أَيْ عُذْرًا قَوْلُهُ: (فَالْقِيَاسُ أَنَّ الْجُمُعَةَ تَلْزَمُهُمْ) اعْتَمَدَهُ م ر خِلَافًا لحج قَالَ الْمَرْحُومِيُّ: قَوْلُهُ تَلْزَمُهُمْ أَيْ لِأَنَّ إقَامَتَهَا فِي الْمَسْجِدِ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ، وَالتَّعَدُّدُ أَيْ تَعَدُّدُ الْجُمُعَةِ يَجُوزُ عِنْدَ عُسْرِ الِاجْتِمَاعِ فَعِنْدَ تَعَذُّرِهِ بِالْكُلِّيَّةِ أَوْلَى.

قَوْلُهُ: (وَإِذَا كَانَ فِيهِمْ مَنْ لَا يَصْلُحُ لِإِقَامَتِهَا) الْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِقَوْلِهِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مَنْ يَصْلُحُ لِمَا يَلْزَمُ عَلَى عِبَارَتِهِ مِنْ الْإِيهَامِ إذْ تَقْتَضِي أَنَّ فِيهِمْ مَنْ يَصْلُحُ وَمَنْ لَا يَصْلُحُ، وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>