للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِوَاحِدٍ مِنْ الْبَلَدِ الَّتِي لَا يَعْسُرُ فِيهَا الِاجْتِمَاعُ إقَامَةُ الْجُمُعَةِ لَهُمْ أَمْ لَا؟ وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ.

وَتَلْزَمُ الشَّيْخَ الْهَرِمَ وَالزَّمِنَ إنْ وَجَدَا مَرْكَبًا مِلْكًا أَوْ إجَارَةً أَوْ إعَارَةً وَلَوْ آدَمِيًّا كَمَا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَمْ يَشُقَّ الرُّكُوبُ عَلَيْهِمَا كَمَشَقَّةِ الْمَشْيِ فِي الْوَحْلِ لِانْتِفَاءِ الضَّرَرِ، وَلَا يَجِبُ قَبُولُ الْمَوْهُوبِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمِنَّةِ، وَالشَّيْخُ مَنْ جَاوَزَ الْأَرْبَعِينَ، فَإِنَّ النَّاسَ صِغَارٌ وَأَطْفَالٌ وَصِبْيَانٌ وَذَرَارِيُّ إلَى الْبُلُوغِ، وَشُبَّانٌ وَفِتْيَانٌ إلَى الثَّلَاثِينَ، وَكُهُولٌ إلَى الْأَرْبَعِينَ وَبَعْدَ الْأَرْبَعِينَ الرَّجُلُ شَيْخٌ وَالْمَرْأَةُ شَيْخَةٌ وَاسْتَنْبَطَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ مِنْ الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ قَالَ تَعَالَى {وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا} [مريم: ١٢] {قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ} [الأنبياء: ٦٠] {وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلا} [آل عمران: ٤٦] {إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا} [يوسف: ٧٨] وَالْهَرَمُ أَقْصَى الْكِبَرِ، وَالزَّمَانَةُ الِابْتِلَاءُ وَالْعَاهَةُ، وَتَلْزَمُ الْأَعْمَى إنْ وَجَدَ قَائِدًا وَلَوْ بِأُجْرَةِ مِثْلٍ يَجِدُهَا أَوْ مُتَبَرِّعًا أَوْ مِلْكًا، فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ لَمْ يَلْزَمْهُ الْحُضُورُ وَإِنْ كَانَ يُحْسِنُ الْمَشْيَ بِالْعَصَا خِلَافًا لِلْقَاضِي حُسَيْنٍ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّعَرُّضِ لِلضَّرَرِ نَعَمْ إنْ كَانَ قَرِيبًا مِنْ الْجَامِعِ بِحَيْثُ لَا يَتَضَرَّرُ بِذَلِكَ يَنْبَغِي وُجُوبُ الْحُضُورِ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ عَدَمُ الضَّرَرِ وَهَذَا لَا يَتَضَرَّرُ.

وَمَنْ صَحَّ ظُهْرُهُ مِمَّنْ لَا تَلْزَمُهُ جُمُعَةٌ صَحَّتْ جُمُعَتُهُ لِأَنَّهَا إذَا صَحَّتْ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ فَمِمَّنْ لَا تَلْزَمُهُ أَوْلَى وَتُغْنِي عَنْ ظُهْرِهِ وَلَهُ أَنْ يَنْصَرِفَ مِنْ الْمُصَلَّى قَبْلَ إحْرَامِهِ بِهَا إلَّا نَحْوَ مَرِيضٍ كَأَعْمَى لَا يَجِدُ قَائِدًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْصَرِفَ قَبْلَ إحْرَامِهِ إنْ دَخَلَ وَقْتُهَا، وَلَمْ يَزِدْ ضَرَرُهُ بِانْتِظَارِهِ فِعْلَهَا أَوْ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ، نَعَمْ لَوْ أُقِيمَتْ وَكَانَ ثَمَّ مَشَقَّةٌ لَا تُحْتَمَلُ كَمَنْ بِهِ إسْهَالٌ

ــ

[حاشية البجيرمي]

يَصْلُحُ أَصْلًا وَلِذَا عَبَّرَ م ر بِقَوْلِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مَنْ يَصْلُحُ أَصْلًا اهـ أج قَوْلُهُ: (الَّتِي لَا يَعْسُرُ) وَكَذَا إنْ عَسُرَ بِالْأَوْلَى. قَوْلُهُ: (أَنَّ لَهُ ذَلِكَ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ، وَيَظْهَرُ الْوُجُوبُ وَفِي شَرْحِ م ر الْجَوَازُ ق ل.

قَوْلُهُ: (وَالزَّمِنَ) هُوَ مَنْ بِهِ عَاهَةٌ أَضْعَفَتْ حَرَكَتَهُ وَإِنْ كَانَ شَابًّا فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الشَّيْخِ لَا عَلَى الْهَرَمِ قَوْلُهُ: (وَلَوْ آدَمِيًّا) أَيْ إنْ لَمْ يُزْرِ بِهِ قَوْلَهُ: (وَاسْتَنْبَطَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ) أَيْ مَجْمُوعَ ذَلِكَ إذْ لَيْسَ فِي الدَّلِيلِ شَابٌّ وَلَا فِي الْمَدْلُولِ كَهْلٌ فَتَأَمَّلْ ق ل. وَفِيهِ أَنَّ الْكَهْلَ مَوْجُودٌ فِي الْمَدْلُولِ. وَاعْتَرَضَ قَوْلُهُ: وَاسْتَنْبَطَ بِأَنَّ الِاسْتِنْبَاطَ يَحْتَاجُ لِتَأَمُّلٍ كَاسْتِنْبَاطِ الْأَحْكَامِ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَأَخَذَ بَعْضُهُمْ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (وَالزَّمَانَةُ) هِيَ مَسْأَلَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهَا ذِكْرٌ وَقَدْ يُقَالُ: قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ الْهَرَمِ وَالزَّمِنِ فَاحْتَاجَ لِتَعْرِيفِ الْهَرَمِ وَالزَّمَانَةِ لِاشْتِقَاقِهِمَا مِنْهُمَا تَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (يَجِدُهَا) أَيْ زَائِدَةً عَلَى مَا فِي الْفِطْرَةِ ق ل قَوْلُهُ: (خِلَافًا لِلْقَاضِي حُسَيْنٍ) فَإِنَّهُ أَوْجَبَ عَلَيْهِ الْحُضُورَ إنْ كَانَ يُحْسِنُ الْمَشْيَ بِالْعَصَا وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْجَامِعُ قَرِيبًا بِحَيْثُ لَا يَتَضَرَّرُ كَمَا سَيَأْتِي فِي الِاسْتِدْرَاكِ.

قَوْلُهُ: (مِمَّنْ لَا تَلْزَمُهُ جُمُعَةٌ) كَالصَّبِيِّ وَالرَّقِيقِ وَالْمَرْأَةِ وَالْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ قَوْلُهُ: (أَوْلَى) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ صِحَّتَهَا مِمَّنْ يَصِحُّ ظُهْرُهُ تَبَعٌ لِمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ، وَحِينَئِذٍ لَيْسَتْ الصِّحَّةُ مِنْهُ أَوْلَى شَوْبَرِيٌّ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ صِحَّتِهَا مِنْ الْأَصْلِ صِحَّتُهَا مِنْ التَّابِعِ بِالْأَوْلَى. وَبَعْضُهُمْ وَجَّهَ الْأَوْلَوِيَّةَ بِقَوْلِهِ: لِأَنَّهَا إذَا صَحَّتْ مِمَّنْ لَا عُذْرَ لَهُمْ صَحَّتْ مِمَّنْ لَهُ عُذْرٌ بِالْأَوْلَى، أَوْ يُقَالُ: لِأَنَّهَا إذَا صَحَّتْ مِنْ الْكَامِلِ الْأَصْلِيِّ صَحَّتْ مِنْ النَّاقِصِ التَّابِعِ بِالْأَوْلَى مَعَ أَنَّهَا فِي الصُّورَةِ أَنْقُصُ مِنْ الظُّهْرِ وَإِنْ كَانَتْ أَكْمَلَ فِي الْوَاقِعِ س ل. وَقَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ: الْمُرَادُ بِالصِّحَّةِ الْإِجْزَاءُ كَمَا قَالَهُ الْأُصُولِيُّونَ، وَالْمُرَادُ بِالْإِجْزَاءِ الْكِفَايَةُ فِي سُقُوطِ الطَّلَبِ أَيْ لِأَنَّهَا إذَا أَجْزَأَتْ الْكَامِلِينَ مَعَ قَصْرِهَا وَإِنْ كَانَتْ أَكْمَلَ فِي الْمَعْنَى فَتُجْزِئُ النَّاقِصِينَ بِالْأَوْلَى. وَعَبَّرَ الرَّافِعِيُّ بِالْإِجْزَاءِ بَدَلَ الصِّحَّةِ.

قَوْلُهُ: (قَبْلَ إحْرَامِهِ) أَمَّا بَعْدَ إحْرَامِهِ فَيَمْتَنِعُ لِحُرْمَةِ قَطْعِ الْفَرْضِ. لَكِنْ قَالَ م ر: مَا لَمْ يُطَوِّلْ الْإِمَامُ صَلَاتَهُ كَأَنْ قَرَأَ الْجُمُعَةَ وَالْمُنَافِقِينَ، فَإِنْ طَوَّلَ كَذَلِكَ جَازَ الِانْصِرَافُ وَلَوْ بَعْدَ الْإِحْرَامِ اهـ أج. وَالْحَاصِلُ أَنَّ نَحْوَ الْمَرِيضِ لَهُ الِانْصِرَافُ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَهُوَ الزَّوَالُ مُطْلَقًا وَيَمْتَنِعُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ مُطْلَقًا مَا لَمْ يَحْصُلْ لَهُ مَشَقَّةٌ تُحْتَمَلُ، وَأَمَّا بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>