للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَاتَتْهُمْ الْجُمُعَةُ فَلَهُمْ الرُّجُوعُ وَتَرْكُ الْجُمُعَةِ عَلَى الْأَصَحِّ نَعَمْ لَوْ دَخَلَ وَقْتُهَا قَبْلَ انْصِرَافِهِمْ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ تَرْكُهَا.

وَيَحْرُمُ عَلَى مَنْ لَزِمَتْهُ الْجُمُعَةُ السَّفَرُ بَعْدَ الزَّوَالِ لِأَنَّ وُجُوبَهَا تَعَلَّقَ بِهِ بِمُجَرَّدِ دُخُولِ الْوَقْتِ إلَّا أَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يُدْرِكُ الْجُمُعَةَ فِي مَقْصِدِهِ أَوْ طَرِيقِهِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ، أَوْ يَتَضَرَّرُ بِتَخَلُّفِهِ لَهَا عَنْ الرُّفْقَةِ فَلَا يَحْرُمُ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهُ، أَمَّا مُجَرَّدُ انْقِطَاعِهِ عَنْ الرُّفْقَةِ بِلَا ضَرَرٍ فَلَيْسَ بِعُذْرٍ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ التَّيَمُّمِ لِأَنَّ الظُّهْرَ يَتَكَرَّرُ فِي كُلِّ يَوْمٍ بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ،

ــ

[حاشية البجيرمي]

تَوَجَّهُوا إلَيْهِ وَلَمْ يُدْرِكُوهُ سَقَطَ عَنْهُمْ الْعَوْدُ لِلْجُمُعَةِ لِوُجُودِ الْمَشَقَّةِ، وَأَمَّا لَوْ حَضَرُوا لِبَيْعِ أَسْبَابِهِمْ فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُمْ الْحُضُورُ سَوَاءٌ رَجَعُوا إلَى مَحَلِّهِمْ أَمْ لَا ع ش.

قَوْلُهُ: (فَلَهُمْ الرُّجُوعُ) أَيْ تَخْفِيفًا عَلَيْهِمْ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ تَرَكُوا الْمَجِيءَ لِلْعِيدِ وَجَبَ عَلَيْهِمْ الْحُضُورُ لِلْجُمُعَةِ عَلَى الْأَوْجَهِ. اهـ. م د.

قَوْلُهُ: (وَتَرْكُ الْجُمُعَةِ) أَيْ لِلْمَشَقَّةِ اهـ ع ش. قَوْلُهُ: (قَبْلَ انْصِرَافِهِمْ) كَأَنْ دَخَلَ عَقِبَ سَلَامِهِمْ مِنْ الْعِيدِ شَرْحُ الْمَنْهَجِ وَم ر. وَكَذَا بَعْدَهُ حَيْثُ لَمْ يَصِلُوا إلَى مَحَلٍّ تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ ح ل.

قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ عَلَى مَنْ لَزِمَتْهُ إلَخْ) بِأَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهَا وَإِنْ لَمْ تَنْعَقِدْ بِهِ، كَمُقِيمٍ لَا يَجُوزُ لَهُ الْقَصْرُ اهـ خ ض. وَلَوْ طَرَأَ مُسْقِطٌ كَجُنُونٍ أَوْ مَوْتٍ بَعْدَ سَفَرِهِ سَقَطَ إثْمُ تَضْيِيعِهِ الْجُمُعَةَ لَا إثْمُ قَصْدِ تَعْطِيلِهَا عَلَى مَا حَقَّقَهُ سم. قَالَ أج: فَتَلَخَّصَ أَنَّ إثْمَ الْإِقْدَامِ بَاقٍ م د. وَعِبَارَتُهُ عَلَى التَّحْرِيرِ: وَلَوْ عَصَى بِالسَّفَرِ ثُمَّ مَاتَ أَوْ جُنَّ سَقَطَ الْإِثْمُ عَنْهُ كَمَنْ أَفْسَدَ صَوْمَهُ بِجِمَاعٍ ثُمَّ مَاتَ فَإِنَّهُ تَسْقُطُ عَنْهُ الْكَفَّارَةُ لِأَنَّهُ لَمْ يُفْسِدْ صَوْمَ يَوْمٍ، وَمَحَلُّ الْمَنْعِ أَيْضًا مَا لَمْ يَجِبْ السَّفَرُ فَوْرًا، فَإِنْ وَجَبَ كَذَلِكَ كَإِنْقَاذِ نَاحِيَةٍ وَطِئَهَا الْكُفَّارُ أَوْ أُسَرَاءَ اخْتَطَفُوهُمْ وَظَنَّ أَوْ جَوَّزَ إدْرَاكَهُمْ وَحَجّ تَضَيَّقَ وَقْتُهُ وَخَافَ فَوْتَهُ فَيَجِبُ السَّفَرُ كَمَا فِي شَرْحِ م ر. فَالْحُرْمَةُ مُقَيَّدَةٌ بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ أَنْ لَا تُمْكِنَهُ فِي طَرِيقِهِ، وَلَمْ يَتَضَرَّرْ بِتَخَلُّفِهِ، وَلَمْ يَجِبْ السَّفَرُ فَوْرًا. قَوْلُهُ: (السَّفَرُ إلَخْ) فَإِذَا سَافَرَ فَهُوَ عَاصٍ وَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ رُخَصُ السَّفَرِ حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُهَا أَوْ إلَى الْيَأْسِ مِنْ إدْرَاكِهَا، وَخَرَجَ بِالسَّفَرِ النَّوْمُ قَبْلَ الزَّوَالِ فَلَا يَحْرُمُ وَإِنْ عَلِمَ فَوْتَ الْجُمُعَةِ بِهِ كَمَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا م ر. لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَأْنِ النَّوْمِ الْفَوَاتُ، وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ، وَيُكْرَهُ السَّفَرُ لَيْلَتَهَا بِأَنْ يُجَاوِزَ السُّورَ قَبْلَ الْفَجْرِ. قَالَ فِي الْإِحْيَاءِ: لِأَنَّهُ وَرَدَ فِي حَدِيثٍ ضَعِيفٍ جِدًّا أَنَّ «مَنْ سَافَرَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ دَعَا عَلَيْهِ مَلَكَاهُ أَيْ قَالَا: لَا نَجَّاهُ اللَّهُ مِنْ سَفَرِهِ، وَلَا أَعَانَهُ عَلَى قَضَاءِ حَاجَتِهِ» .

وَإِذَا كَانَ هَذَا فِي سَفَرِ اللَّيْلِ الَّذِي لَا إثْمَ فِيهِ فَيَكُونُ فِي سَفَرِ النَّهَارِ الَّذِي فِيهِ الْإِثْمُ أَوْلَى كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا ح ف قَوْلُهُ: (بَعْدَ الزَّوَالِ) قَدَّمَ هَذَا لِأَنَّهُ لَمْ يُخْتَلَفْ فِيهِ بِخِلَافِ السَّفَرِ بَعْدَ الْفَجْرِ فَإِنَّهُ وَقَعَ فِيهِ خِلَافٌ اهـ شَيْخُنَا. وَسَيَأْتِي قَوْلُ الشَّارِحِ: وَقَبْلَ الزَّوَالِ وَأَوَّلُهُ الْفَجْرُ كَبَعْدِهِ.

قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ جَوَازُ السَّفَرِ، وَإِنْ لَزِمَ عَلَيْهِ تَعْطِيلُ جُمُعَةِ بَلَدِهِ كَأَنْ يَكُونَ مِنْ الْأَرْبَعِينَ وَبِهِ صَرَّحَ ز ي وم ر وسم. وَاسْتَوْجَهَ ق ل الْحُرْمَةَ وَنَصُّهُ ظَاهِرُهُ جَوَازُ السَّفَرِ لَهُ وَإِنْ لَزِمَ عَلَيْهِ تَعْطِيلُ جُمُعَةِ بَلَدِهِ كَأَنْ يَكُونَ مِنْ الْأَرْبَعِينَ. وَالْوَجْهُ فِي هَذِهِ حُرْمَةُ السَّفَرِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مِثْلِ ذَلِكَ فِي التَّخَلُّفِ عَنْ الرُّفْقَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَلَكِنَّ الَّذِي فِي شَرْحِ شَيْخِنَا م ر وَالْعَلَّامَةِ سم الْجَوَازُ قَوْلُهُ: (لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ) وَهُوَ إدْرَاكُهَا، فَلَوْ تَبَيَّنَ خِلَافُ ظَنِّهِ بَعْدَ السَّفَرِ فَلَا إثْمَ وَالسَّفَرُ غَيْرُ مَعْصِيَةٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. نَعَمْ إنْ أَمْكَنَ عَوْدُهُ وَإِدْرَاكُهَا فَيُتَّجَهُ وُجُوبُهُ اهـ شَرْحُ م ر وسم عَلَى التُّحْفَةِ. قَوْلُهُ: (أَوْ يَتَضَرَّرُ بِتَخَلُّفِهِ) أَيْ وَكَانَتْ رُفْقَتُهُ خَرَجُوا قَبْلَ الْفَجْرِ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ هُوَ مِنْ الْخُرُوجِ إلَّا بَعْدَ الْفَجْرِ، أَوْ كَانَتْ رُفْقَتُهُ لَا تَلْزَمُهُمْ الْجُمُعَةُ كَالصِّبْيَانِ مَثَلًا قَوْلُهُ: (فَلَا يَحْرُمُ) أَيْ وَلَوْ بَعْدَ الزَّوَالِ. قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: وَإِلَّا أَيْ وَإِنْ لَمْ يَخْشَ ضَرَرًا وَلَا أَمْكَنَهُ إدْرَاكُهَا فِيمَا ذُكِرَ وَسَافَرَ عَصَى بِسَفَرِهِ لِتَفْوِيتِهَا بِهِ بِلَا ضَرَرٍ، وَلَمْ يَتَرَخَّصْ مَا لَمْ تَفُتْ الْجُمُعَةُ وَيُحْسَبُ ابْتِدَاءُ سَفَرِهِ مِنْ فَوَاتِهَا لِأَنَّهَا سَبَبُ الْمَعْصِيَةِ. اهـ. مَرْحُومِيٌّ.

قَوْلُهُ: (أَمَّا مُجَرَّدُ انْقِطَاعِهِ) أَيْ مُجَرَّدُ وَحْشَتِهِ بِانْقِطَاعِهِ إلَخْ. وَعِبَارَةُ غَيْرِهِ خَرَجَ بِالضَّرَرِ مُجَرَّدُ الْوَحْشَةِ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ، أَيْ أَنَّهُ إذَا كَانَ لَوْ تَخَلَّفَ عَنْ الرُّفْقَةِ لِأَجْلِ حُضُورِ الْجُمُعَةِ اسْتَوْحَشَ وَلَا يَحْصُلُ لَهُ ضَرَرٌ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ عُذْرًا.

قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ نَظِيرِهِ) أَيْ إذَا كَانَ بِحَيْثُ لَوْ حَصَلَ الْمَاءُ لِلطَّهَارَةِ ذَهَبَتْ الرُّفْقَةُ وَاسْتَوْحَشَ فَإِنَّ لَهُ الْعُدُولَ لِلتَّيَمُّمِ، أَيْ فَإِنَّهُ عُذْرٌ فِيهِ قَالَ ع ش: وَلَيْسَ مِنْ التَّضَرُّرِ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ أَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَقْصِدُ السَّفَرَ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>