للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوُصْلَةِ عَنْهُ وَيَجُوزُ إقَامَةُ الْجُمُعَةِ فِيهِ وَلَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا فَرْسَخٌ اهـ وَالضَّابِطُ فِيهِ أَنْ لَا يَكُونَ بِحَيْثُ تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ قَبْلَ مُجَاوَزَتِهِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ.

وَلَوْ لَازَمَ أَهْلُ الْخِيَامِ مَوْضِعًا مِنْ الصَّحْرَاءِ وَلَمْ يَبْلُغْهُمْ النِّدَاءُ مِنْ مَحَلِّ الْجُمُعَةِ فَلَا جُمُعَةَ عَلَيْهِمْ وَلَا تَصِحُّ مِنْهُمْ لِأَنَّهُمْ عَلَى هَيْئَةِ الْمُسْتَوْفِزِينَ وَلَيْسَ لَهُمْ أَبْنِيَةُ الْمُسْتَوْطِنِينَ، وَلِأَنَّ قَبَائِلَ الْعَرَبِ كَانُوا مُقِيمِينَ حَوْلَ الْمَدِينَةِ وَمَا كَانُوا يُصَلُّونَهَا وَمَا أَمَرَهُمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهَا.

(وَ) الثَّانِي مِنْ شُرُوطِ الصِّحَّةِ (أَنْ يَكُونَ الْعَدَدُ أَرْبَعِينَ) رَجُلًا وَلَوْ مَرْضَى وَمِنْهُمْ الْإِمَامُ (مِنْ أَهْلِ الْجُمُعَةِ) وَهُمْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

فِي التُّحْفَةِ: هُوَ بِكَسْرِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ نِسْبَةً لِبِزْرِ الْكَتَّانِ اهـ. وَاَلَّذِي فِي طَبَقَاتِ الْإِسْنَوِيِّ بِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ ثُمَّ رَاءٍ مُهْمَلَةٍ ثُمَّ زَايٍ مُعْجَمَةٍ نِسْبَةً إلَى بَرْزَةَ قَرْيَةٍ بِدِمَشْقَ. وَهُوَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مَحْمُودُ بْنُ أَحْمَدَ الدِّمَشْقِيُّ وَيُعْرَفُ أَيْضًا بِالْخُشَنِيِّ بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ مَضْمُومَةٍ وَشِينٍ مُعْجَمَةٍ مَفْتُوحَةٍ بَعْدَهَا نُونٌ وَكَانَ يَحْفَظُ مُخْتَصَرَ الْمُزَنِيِّ اهـ. وَعَلَيْهِ فَلَعَلَّ مَا ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ غَيْرُ هَذَا اهـ أج.

قَوْلُهُ: (وَخَرِبَ) بَابُهُ عَلِمَ. قَوْلُهُ: (فَرْسَخٌ) عِبَارَةُ حَجّ فَرَاسِخُ. قَوْلُهُ: (وَالضَّابِطُ) أَيْ لِصِحَّةِ الْجُمُعَةِ فِي الْمَسْجِدِ الْمُنْفَصِلِ عَنْ الْبَلَدِ قَوْلُهُ: (أَنْ لَا يَكُونَ) أَيْ ابْتِدَاءً أَوْ دَوَامًا ق ل اعْتَمَدَهُ م ر وَابْنُ حَجَرٍ.

قَوْلُهُ: (قَبْلَ مُجَاوَزَتِهِ) بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَتْ خِيَامُهُمْ فِي خِلَالِ الْأَبْنِيَةِ وَهُمْ مُسْتَوْطِنُونَ فَتَلْزَمُهُمْ الْجُمُعَةُ، وَتَنْعَقِدُ بِهِمْ لِأَنَّهُمْ فِي خِلَالِ الْأَبْنِيَةِ فَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُمْ فِي أَبْنِيَةٍ اهـ حَجّ.

فَرْعٌ: لَوْ كَانَ بِقَرْيَةٍ مَسْجِدٌ ثُمَّ خَرِبَ مَا حَوْلَهُ فَصَارَ مُنْفَرِدًا وَلَمْ يُهْجَرْ بَلْ اسْتَمَرَّ النَّاسُ يَتَرَدَّدُونَ إلَيْهِ فِي الصَّلَوَاتِ وَغَيْرِهَا صَحَّتْ الْجُمُعَةُ فِيهِ وَلَوْ بَعُدَ الْعُمْرَانُ عَنْهُ، إذْ بَقَاؤُهُ عَامِرًا بِالتَّرَدُّدِ إلَيْهِ لِلصَّلَاةِ يَصِيرُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَامِرِ مِنْ الْخَرَابِ كَخَرَابٍ تَخَلَّلَ بَيْنَ الْعُمْرَانِ، وَهُوَ مَعْدُودٌ مِنْ الْبَلَدِ أَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ اهـ أج وَابْنُ شَرَفٍ عَلَى التَّحْرِيرِ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُمْ عَلَى هَيْئَةِ الْمُسْتَوْفِزِينَ) أَيْ الْمُسَافِرِينَ أَيْ شَأْنُهُمْ ذَلِكَ وَإِنْ أَقَامُوا بِهَا أَبَدًا قَوْلُهُ: (مُقِيمِينَ حَوْلَ الْمَدِينَةِ) أَيْ فِي مَحَلٍّ لَا يَسْمَعُونَ نِدَاءَهَا مِنْهُ كَمَا هُوَ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ ق ل.

قَوْلُهُ: (أَرْبَعِينَ رَجُلًا) وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ صَلَّاهَا فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى. وَحِكْمَةُ هَذَا الْعَدَدِ أَنَّهُ مِقْدَارُ زَمَنِ بَعْثِ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَأَنَّهُ مِقْدَارُ زَمَنِ مِيقَاتِ مُوسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَّهُ كَمَا قِيلَ مِقْدَارُ عَدَدٍ لَمْ يَجْتَمِعْ مِثْلُهُ إلَّا وَفِيهِمْ وَلِيٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، وَشَرْطُهُمْ صِحَّةُ إمَامَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِالْبَاقِينَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ الْجِنِّ حَيْثُ عُلِمَتْ ذُكُورَتُهُمْ وَلَوْ كَانُوا عَلَى غَيْرِ سُورَةِ الْآدَمِيِّينَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْأَرْبَعُونَ مِنْ الْآدَمِيِّينَ الَّذِينَ اتَّفَقَتْ أُمِّيَّتُهُمْ بِأَنْ اتَّفَقُوا فِي الْحَرْفِ الْمَعْجُوزِ عَنْهُ وَلَيْسُوا مُقَصِّرِينَ صَحَّتْ جُمُعَتُهُمْ لِأَنْفُسِهِمْ ق ل وَعِبَارَةُ ز ي: وَلَوْ كَانُوا أَرْبَعِينَ فِيهِمْ أُمِّيٌّ قَصَّرَ فِي التَّعَلُّمِ لَمْ تَصِحَّ جُمُعَتُهُمْ لِبُطْلَانِ صَلَاتِهِ فَيَنْقُصُونَ، فَإِنْ لَمْ يُقَصِّرْ صَحَّتْ جُمُعَتُهُمْ إنْ كَانَ الْإِمَامُ قَارِئًا اهـ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ صِحَّةُ إمَامَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِالْبَاقِينَ.

وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي الْعَدَدِ الَّذِي تَنْعَقِدُ بِهِ الْجُمُعَةُ. وَلِلْعُلَمَاءِ فِيهِ خَمْسَةَ عَشَرَ قَوْلًا:

أَحَدُهَا: تَصِحُّ مِنْ الْوَاحِدِ؛ رَوَاهُ ابْنُ حَزْمٍ. وَتَأَمَّلْ هَذَا الْقَوْلَ مَعَ أَنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْجَمَاعَةَ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهَا كَمَا فِي شَرْحِ الْمِشْكَاةِ لِابْنِ حَجَرٍ وَعِبَارَتُهُ: وَفِيهِ أَيْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْجُمُعَةُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فِي جَمَاعَةٍ» أَنَّ الْجَمَاعَةَ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهَا وَهُوَ إجْمَاعٌ وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي الْعَدَدِ الَّذِي تَحْصُلُ بِهِ وَمَذْهَبُنَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَرْبَعِينَ كَامِلِينَ.

الثَّانِي: اثْنَانِ كَالْجَمَاعَةِ وَهُوَ قَوْلُ النَّخَعِيِّ وَأَهْلِ الظَّاهِرِ.

الثَّالِثُ: اثْنَانِ مَعَ الْإِمَامِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَاللَّيْثِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>