للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَوَّلُ: (الْغُسْلُ) لِمَرِيدِ حُضُورِهَا وَإِنْ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ لِحَدِيثِ «إذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ» وَتُفَارِقُ الْجُمُعَةُ الْعِيدَ حَيْثُ لَمْ يَخْتَصَّ بِمَنْ يَحْضُرُ بِأَنَّ غُسْلَهُ لِلزِّينَةِ وَإِظْهَارِ السُّرُورِ، وَهَذَا لِلتَّنْظِيفِ وَدَفْعِ الْأَذَى عَنْ النَّاسِ، وَمِثْلُهُ يَأْتِي فِي التَّزْيِينِ وَرُوِيَ: «غُسْلُ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ» أَيْ مُتَأَكِّدٌ.

وَوَقْتُهُ مِنْ الْفَجْرِ الصَّادِقِ وَتَقْرِيبُهُ مِنْ ذَهَابِهِ إلَى الْجُمُعَةِ أَفْضَلُ لِأَنَّهُ أَفْضَى إلَى الْمَقْصُودِ مِنْ انْتِفَاءِ الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ، وَلَوْ تَعَارَضَ الْغُسْلُ وَالتَّبْكِيرُ فَمُرَاعَاةُ الْغُسْلِ أَوْلَى، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْمَاءِ كَأَنْ تَوَضَّأَ ثُمَّ عَدِمَهُ أَوْ كَانَ جَرِيحًا فِي غَيْرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ تَيَمَّمَ بِنِيَّةِ الْغُسْلِ بِأَنْ يَنْوِيَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

عَنْ الْخَبَرِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يُقَدَّرُ قَبْلَ قَوْلِهِ وَالْمَذْكُورُ مِنْهَا تَقْدِيرُهُ كَثِيرَةٌ قَوْلُهُ: (أَيْ الْحَالَةُ إلَخْ) دُفِعَ بِهِ مَا قَدْ يُقَالُ إنَّ هَيْئَةَ الشَّيْءِ مَا كَانَتْ مِنْهُ كَهَيْئَاتِ الصَّلَاةِ، فَإِنَّهَا مِنْهَا، وَالْغُسْلُ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ لَيْسَ مِنْ نَفْسِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ، بَلْ هُوَ مُقَدَّمٌ عَلَيْهَا؛ فَلِذَا يُفَسِّرُهُ بِقَوْلِهِ " أَيْ الْحَالَةُ إلَخْ " وَاللَّامُ فِيهَا لِلْجِنْسِ فَشَمِلَ الْأَرْبَعَةَ، وَإِلَّا فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: أَيْ الْحَالَاتُ، كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ. فَالْمُرَادُ بِالْهَيْئَاتِ هُنَا الْأَحْوَالُ الَّتِي تُطْلَبُ لِأَجْلِهَا فِي يَوْمِهَا أَوْ لَيْلَتِهَا قَوْلُهُ: (لِمُرِيدِ حُضُورِهَا) أَيْ إذَا جَازَ لَهُ الْحُضُورُ فَخَرَجَتْ الْمَرْأَةُ إذَا أَرَادَتْ الْمَجِيءَ بِغَيْرِ إذْنِ حَلِيلِهَا فَلَا يُنْدَبُ لَهَا الْغُسْلُ، هَكَذَا يُؤْخَذُ مِنْ ح ل. لَكِنْ اعْتَمَدَ شَيْخُنَا ح ف أَنَّهُ يُسَنُّ الْغُسْلُ مُطْلَقًا حَرُمَ الْحُضُورُ أَوْ لَا. وَعِبَارَةُ أج: قَوْلُهُ (" وَإِنْ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ ") ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ مَنْهِيًّا عَنْ الْحُضُورِ كَامْرَأَةٍ بِغَيْرِ إذْنِ حَلِيلٍ؛ وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ لِأَمْرٍ خَارِجٍ وَهُوَ الْمُخَالَفَةُ. وَأَمَّا الْغُسْلُ فَطَلَبٌ لِلْجَمَاعَةِ اهـ قَوْلُهُ: (إذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ) أَيْ أَرَادَ مَجِيئَهَا؛ وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اغْتَسِلُوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَإِنَّهُ مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَلَهُ كَفَّارَةٌ مَا بَيْنَ الْجُمُعَةِ إلَى الْجُمُعَةِ وَزِيَادَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ» . إنْ قُلْتَ: إذَا كَانَ شَخْصٌ مُلَازِمًا لِلْغُسْلِ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ فَأَيْنَ الثَّلَاثَةُ الزَّائِدَةُ؟ قُلْتُ: أُجِيبَ بِأَنَّهُ رُبَّمَا طَرَأَ لَهُ سَفَرٌ أَوْ مَرَضٌ، فَإِنْ لَمْ يَطْرَأْ لَهُ ذَلِكَ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ ثَوَابًا جَزِيلًا فِي مُقَابَلَةِ تِلْكَ الثَّلَاثَةِ اهـ، قَرَّرَهُ ح ف. وَقَالَ بَعْضُ الْعَارِفِينَ: حِكْمَةُ الْأَمْرِ بِالْغُسْلِ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ وَهِيَ أَيَّامُ الْجُمُعَةِ، فَإِذَا انْقَضَتْ جُمُعَةٌ دَارَتْ الْأَيَّامُ فَلَا تَنْصَرِفُ عَنْك دَوْرَةُ إلَّا عَنْ طَهَارَةٍ تُحْدِثُهَا فِيهَا إكْرَامًا لِذَلِكَ وَتَقْدِيسًا. وَاخْتُلِفَ فِي غُسْلِ الْجُمُعَةِ، فَذَهَبَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَمَالِكٌ إلَى وُجُوبِهِ أَخْذًا بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ. وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى نَدْبِهِ لِحَدِيثِ: «مَنْ تَوَضَّأَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ» إلَخْ اهـ.

قَوْلُهُ: (وَتُفَارِقُ الْجُمُعَةُ الْعِيدَ) أَيْ غُسْلَ الْعِيدِ اهـ قَوْلُهُ: (وَمِثْلُهُ يَأْتِي فِي التَّزْيِينِ) أَيْ فَيُسْتَحَبُّ لِحَاضِرِ الْجُمُعَةِ دُونَ مَنْ لَمْ يَحْضُرْ وَيُسْتَحَبُّ يَوْمُ الْعِيدِ لِمَنْ يَحْضُرُ صَلَاتَهُ وَغَيْرِهِ قَوْلُهُ: (أَيْ مُتَأَكِّدٌ) وَقَالَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ كَانَ وَاجِبًا فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ نُسِخَ.

قَوْلُهُ: (مِنْ الْفَجْرِ الصَّادِقِ) إلَى صُعُودِ الْخَطِيبِ إلَى الْمِنْبَرِ أَوْ فَرَاغِ الصَّلَاةِ قَوْلُهُ: (وَتَقْرِيبُهُ مِنْ ذَهَابِهِ) أَيْ لِأَنَّهُ أَفْضَى إلَى الْغَرَضِ مِنْ التَّنْظِيفِ، وَإِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: الْأَقْرَبُ أَنَّهُ إنْ كَانَ بِجَسَدِهِ عَرَقٌ كَثِيرٌ وَرِيحٌ كَرِيهٌ أَخَّرَ وَإِلَّا بَكَّرَ قَوْلُهُ: (فَمُرَاعَاةُ الْغُسْلِ أَوْلَى) لِلِاخْتِلَافِ فِي وُجُوبِهِ وَلِتَعَدِّي نَفْعِهِ لِلْغَيْرِ، بِخِلَافِ التَّبْكِيرِ؛ وَلَا يُبْطِلُهُ حَدَثٌ وَلَا جَنَابَةٌ سم قَوْلُهُ: (فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْمَاءِ) أَيْ مَاءِ الْغُسْلِ أَخْذًا مِنْ تَصْوِيرِهِ. وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا قَوْلُ بَعْضِهِمْ: هَذَا إنْ وَجَدَ مَاءً لِوُضُوئِهِ، فَإِنْ فَقَدْ الْمَاءَ بِالْكُلِّيَّةِ سُنَّ لَهُ بَعْدَ تَيَمُّمِهِ عَنْ حَدَثِهِ تَيَمُّمٌ عَنْ الْغُسْلِ قَوْلُهُ: (كَأَنْ تَوَضَّأَ ثُمَّ عَدِمَهُ) صَوَّرَهُ بِمَا ذَكَرَ لِيَكُونَ عَجَزَ عَنْ الْمَاءِ لِلْغُسْلِ فَقَطْ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ " أَوْ كَانَ جَرِيحًا فِي غَيْرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ " فَيَكُونُ الْعَجْزُ عَنْ الْمَاءِ حِسًّا أَوْ شَرْعًا بِالنِّسْبَةِ لِلْغُسْلِ فَقَطْ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا لَا يَتَعَيَّنُ، وَإِنَّمَا صَوَّرَهُ بِمَا ذَكَرَ لِيَكُونَ الْمَطْلُوبُ مِنْهُ تَيَمُّمًا وَاحِدًا عَنْ الْغُسْلِ، فَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ حَدَثٌ أَصْغَرُ وَلَمْ يَجِدْ مَاءً لِوُضُوئِهِ أَيْضًا وَأَرَادَ التَّيَمُّمَ عَنْ غُسْلِ الْجُمُعَةِ أَوْ نَحْوِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَيَمُّمَيْنِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ حَدَثٌ أَكْبَرُ وَأَرَادَ غُسْلًا مَسْنُونًا فَإِنَّهُ يَكْفِيه تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ بِنِيَّتِهِمَا. قَالَ الشَّوْبَرِيُّ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا بِأَنَّ التَّيَمُّمَ فِي هَذِهِ بَدَلٌ عَنْ غُسْلِ جَمِيعِ الْبَدَنِ بِخِلَافِ الَّتِي قَبْلَهَا، فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَنْ غَسْلِ الْأَعْضَاءِ الْأَرْبَعَةِ وَيَدُلُّ عَنْ غُسْلِ جَمِيعِ الْبَدَنِ فَافْتَرَقَا. وَمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَيَمُّمَيْنِ اسْتَظْهَرَهُ أج وَنَقَلَهُ عَنْ إفْتَاءِ م ر.

قَوْلُهُ: (فِي غَيْرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ) أَيْ لِيَكُونَ قَادِرًا عَلَى الْوُضُوءِ قَوْلُهُ: (بِنِيَّةِ الْغُسْلِ) أَيْ بَدَلًا عَنْهُ قَوْلُهُ: (عَنْ غُسْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>