خَفِيفَتَيْنِ ثُمَّ يَجْلِسُ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ: «جَاءَ سُلَيْكٌ الْغَطَفَانِيُّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْطُبُ، فَجَلَسَ فَقَالَ لَهُ: يَا سُلَيْكُ قُمْ فَارْكَعْ رَكْعَتَيْنِ وَتَجَوَّزْ فِيهِمَا ثُمَّ قَالَ: إذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ وَلْيَتَجَوَّزْ فِيهِمَا» هَذَا إنْ صَلَّى سُنَّةَ الْجُمُعَةِ وَإِلَّا صَلَّاهَا مُخَفَّفَةً وَحَصَلَتْ التَّحِيَّةُ وَلَا يَزِيدُ عَلَى رَكْعَتَيْنِ بِكُلِّ حَالٍ، فَإِنْ لَمْ تَحْصُلْ تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ كَأَنْ كَانَ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ، لَمْ يُصَلِّ شَيْئًا فَإِطْلَاقُهُمْ وَمَنْعُهُمْ فِي الرَّاتِبَةِ مَعَ قِيَامِ سَبَبِهَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ تَذَكَّرَ فِي هَذَا الْوَقْتِ فَرْضًا لَا يَأْتِي بِهِ، وَأَنَّهُ لَوْ أَتَى بِهِ لَمْ يَنْعَقِدْ وَهُوَ الظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَمَّا الدَّاخِلُ فِي آخِرِ الْخُطْبَةِ فَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ إنْ صَلَّاهُمَا فَاتَتْهُ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ مَعَ الْإِمَامِ لَمْ يُصَلِّ التَّحِيَّةَ بَلْ يَقِفُ حَتَّى تُقَامَ الصَّلَاةُ، وَلَا يَقْعُدْ لِئَلَّا يَكُونَ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ قَبْلَ التَّحِيَّةِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَلَوْ صَلَّاهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ اُسْتُحِبَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَزِيدَ فِي كَلَامِ الْخُطْبَةِ بِقَدْرِ مَا يُكْمِلُهَا، وَمَا قَالَهُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ، وَالْمُرَادُ بِالتَّخْفِيفِ فِيمَا ذُكِرَ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْوَاجِبَاتِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيّ لَا الْإِسْرَاعُ قَالَ: وَيَدُلُّ لَهُ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ أَنَّهُ إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ وَأَرَادَ الْوُضُوءَ اقْتَصَرَ عَلَى الْوَاجِبَاتِ، وَيَجِبُ أَيْضًا تَخْفِيفُ الصَّلَاةِ عَلَى مَنْ كَانَ فِيهَا عِنْدَ صُعُودِ الْخَطِيبِ الْمِنْبَرَ وَجُلُوسِهِ، وَلَا تُبَاحُ لِغَيْرِ الْخَطِيبِ مِنْ الْحَاضِرِينَ نَافِلَةٌ بَعْدَ صُعُودِهِ الْمِنْبَرَ وَجُلُوسِهِ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ الْخَطِيبَ لِإِعْرَاضِهِ عَنْهُ بِالْكُلِّيَّةِ، وَنَقَلَ الْمَاوَرْدِيُّ فِيهِ الْإِجْمَاعَ، وَالْفَرْقُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
لَكِنَّ الْحَامِلَ لِلشَّارِحِ عَلَى حَمْلِهَا عَلَى تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ قَوْلُهُ رَكْعَتَيْنِ وَلَمْ يَقُلْ سُنَّةَ الْجُمُعَةِ خَفِيفَةً كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ.
قَوْلُهُ: (قُمْ) فِيهِ أَنَّ التَّحِيَّةَ تَفُوتُ بِالْجُلُوسِ. وَالْجَوَابُ أَنَّ الْجَالِسَ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا لَا تَفُوتُهُ التَّحِيَّةُ إلَّا إنْ طَالَ الْفَصْلُ قَوْلُهُ: (وَتَجُوزْ) أَيْ خَفِّفْ فِيهِمَا قَوْلُهُ: (إنْ صَلَّى سُنَّةَ الْجُمُعَةِ) أَيْ صَلَّاهَا خَارِجَ الْمَسْجِدِ، أَيْ مَحَلُّ كَوْنِهِ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ التَّقْيِيدُ بِالتَّحِيَّةِ فِي كَلَامِهِ لِأَنَّهُ مُلَاحِظٌ لَهُ كَمَا فَهِمَهُ الشَّارِحُ، قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ قَوْلُهُ: (وَحَصَلَتْ التَّحِيَّةُ) أَيْ سَوَاءٌ نَوَاهَا أَمْ لَا لِحُصُولِهَا بِدُونِ نِيَّةٍ مَا لَمْ يَنْفِهَا، فَإِذَا نَفَاهَا لَمْ تَصِحَّ الصَّلَاةُ وَلَمْ تَنْعَقِدْ سم عَلَى الْمَتْنِ قَوْلُهُ: (فَإِطْلَاقُهُمْ إلَخْ) أَيْ إطْلَاقُهُمْ الْمَنْعَ مِنْ الصَّلَاةِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَتْ ذَاتَ سَبَبٍ وَغَيْرِهَا وَلَمْ يُفَصِّلُوا كَمَا فَصَّلُوا فِي الصَّلَاةِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ بَيْنَ ذِي السَّبَبِ وَغَيْرِهِ. وَقَوْلُهُ: وَمَنَعَهُمْ هَذَا مِنْ إفْرَادِ مَا دَخَلَ تَحْتَ إطْلَاقِهِمْ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ، وَهَذَا أَعْنِي قَوْلَهُ " فَإِطْلَاقُهُمْ " مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ فَلَا يُصَلِّي شَيْئًا وَيَكُونُ مَفْرُوضًا فِي دَاخِلٍ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ وَكَانَ الْمَكَانُ غَيْرُ مَسْجِدٍ وَيَصِحُّ أَنْ يُفْرَضَ فِي الْجَالِسِ إذَا قَامَ يُنْشِئُ صَلَاةً وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ قَوْلُهُ: (وَهُوَ الظَّاهِرُ) وَهُوَ كَذَلِكَ لِمَنْعِ الصَّلَاةِ مُطْلَقًا فِي هَذَا الْوَقْتِ إجْمَاعًا؛ نَعَمْ إنْ حَصَلَ مَعَهُ التَّحِيَّةُ لَمْ يَمْتَنِعْ كَمَا مَرَّ ق ل قَوْلُهُ: (لَمْ يُصَلِّ التَّحِيَّةَ) أَيْ لَمْ تُنْدَبْ لَهُ التَّحِيَّةُ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ قَوْلُهُ: (الِاقْتِصَارُ عَلَى الْوَاجِبَاتِ) قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ: وَفِيهِ نَظَرٌ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ وَاضِحٌ؛ وَحِينَئِذٍ فَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ تَرْكُ التَّطْوِيلِ عُرْفًا اهـ بِحُرُوفِهِ. وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ ضَعِيفٌ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْمُرَادَ التَّخْفِيفُ عُرْفًا فَإِنْ طَوَّلَ عُرْفًا بَطَلَتْ.
قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ أَيْضًا تَخْفِيفُ الصَّلَاةِ إلَخْ) فَإِنْ زَادَ عَلَى الْوَاجِبِ عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِإِعْرَاضِهِ قَوْلُهُ: (لِغَيْرِ الْخَطِيبِ) لَوْ سَكَتَ عَنْ هَذِهِ لَكَانَ أَقْوَمَ ق ل. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَأَمَّا الْخَطِيبُ فَلَهُ سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ إذَا قَرَأَ آيَتَهَا بِخِلَافِ الْحَاضِرِينَ قَوْلُهُ: (نَافِلَةٌ) لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ مِثْلُهُ الْفَرْضُ كَمَا تَقَدَّمَ. وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى التَّحْرِيرِ: فَرْضًا كَانَتْ الصَّلَاةُ أَوْ نَفْلًا وَلَوْ مَقْضِيَّةً فَوْرِيَّةً.
قَوْلُهُ: (بَعْدَ صُعُودِهِ الْمِنْبَرَ وَجُلُوسِهِ) عِبَارَةُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي التَّحْرِيرِ: وَبَعْدَ جُلُوسِ خَطِيبٍ. قَالَ الشَّوْبَرِيُّ: اُنْظُرْ قَبْلَهُ وَبَعْدَ شُرُوعِهِ فِي الصُّعُودِ نَظَرْنَا فَرَأَيْنَاهَا لَا تَحْرُمُ، وَكَتَبَ أَيْضًا: اُنْظُرْ قُبَيْلَ الصُّعُودِ بِزَمَنٍ لَا يَسَعُ فَرَاغَ الصَّلَاةِ قَبْلَ جُلُوسِ الْإِمَامِ أَوْ قَبْلَ شُرُوعِهِ اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُصَلِّي وَيُخَفِّفُ قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ الْخَطِيبَ لِإِعْرَاضِهِ) وَالْمُرَادُ أَنَّ شَأْنَ الْمُصَلِّي الْإِعْرَاضُ عَمَّا سِوَى صَلَاتِهِ وَمِنْ ثَمَّ بَحَثَ أَنَّ الطَّوَافَ لَيْسَ مِثْلَهَا وَكَذَا سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ اهـ مُنَاوِيٌّ. وَتَقَدَّمَ عَنْ الرَّحْمَانِيِّ أَنَّ سُجُودَ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ كَالصَّلَاةِ فَيَمْتَنِعُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِعْرَاضِ، وَلَوْ سَجَدَهَا الْخَطِيبُ، فَحَرَّرَ الْمُعْتَمَدُ فِي ذَلِكَ اهـ تَقَدَّمَ تَحْرِيرُهُ. وَهُوَ أَنَّ الْمَأْمُومَ لَا يَسْجُدُ وَإِنْ سَجَدَ الْخَطِيبُ قَوْلُهُ: (وَنَقَلَ الْمَاوَرْدِيُّ فِيهِ الْإِجْمَاعَ) أَيْ إجْمَاعَ الْأَئِمَّةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute