للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْجُمُعَةِ فِي أَرْكَانٍ وَسُنَنٍ لَا فِي شُرُوطٍ، خِلَافًا لِلْجُرْجَانِيِّ وَحُرْمَةُ قِرَاءَةِ الْجُنُبِ آيَةً فِي إحْدَاهُمَا لَيْسَ لِكَوْنِهَا رُكْنًا فِيهَا، بَلْ لِكَوْنِ الْآيَةِ قُرْآنًا لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي أَدَاءِ السُّنَّةِ الْإِسْمَاعُ وَالسَّمَاعُ، وَكَوْنُ الْخُطْبَةِ عَرَبِيَّةً، وَيُسَنُّ أَنْ يُعَلِّمَهُمْ فِي عِيدِ فِطْرٍ الْفِطْرَةَ وَفِي عِيدِ أَضْحًى الْأُضْحِيَّةَ

فَرْعٌ: قَالَ أَئِمَّتُنَا: الْخُطَبُ الْمَشْرُوعَةُ عَشْرٌ: خُطْبَةُ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ وَالْكُسُوفَيْنِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَأَرْبَعٌ فِي الْحَجِّ، وَكُلُّهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ إلَّا خُطْبَتَيْ الْجُمُعَةِ وَعَرَفَةَ فَقَبْلَهَا، وَكُلٌّ مِنْهَا اثْنَتَانِ إلَّا الثَّلَاثَةَ الْبَاقِيَةَ فِي الْحَجِّ فَفُرَادَى (وَيُكَبِّرُ) نَدْبًا (فِي) افْتِتَاحِ الْخُطْبَةِ (الْأُولَى تِسْعًا) بِتَقْدِيمِ الْمُثَنَّاةِ عَلَى السِّينِ (وَ) يُكَبِّرُ (فِي) افْتِتَاحِ (الثَّانِيَةِ سَبْعًا) بِتَقْدِيمِ السِّينِ عَلَى الْمُوَحَّدَةِ وَلَاءً إفْرَادًا فِي الْجَمِيعِ تَشْبِيهًا لِلْخُطْبَتَيْنِ بِصَلَاةِ الْعِيدِ، فَإِنَّ الرَّكْعَةَ الْأُولَى تَشْتَمِلُ عَلَى تِسْعِ تَكْبِيرَاتٍ فَإِنَّ فِيهَا سَبْعَ تَكْبِيرَاتٍ وَتَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ وَتَكْبِيرَةَ الرُّكُوعِ، وَالرَّكْعَةُ الثَّانِيَةَ عَلَى سَبْعِ تَكْبِيرَاتٍ فَإِنَّ فِيهَا خَمْسَ تَكْبِيرَاتٍ وَتَكْبِيرَةَ الْقِيَامِ وَتَكْبِيرَةَ الرُّكُوعِ وَالْوَلَاءُ سُنَّةٌ فِي التَّكْبِيرَاتِ وَكَذَا الْإِفْرَادُ، فَلَوْ تَخَلَّلَ ذِكْرٌ بَيْنَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ أَوْ قُرِنَ بَيْنَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ جَازَ وَالتَّكْبِيرَاتُ الْمَذْكُورَاتُ لَيْسَتْ مِنْ الْخُطْبَةِ بَلْ مُقَدِّمَةٌ لَهَا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ، وَافْتِتَاحُ الشَّيْءِ قَدْ يَكُونُ بِمُقَدِّمَتِهِ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْهُ، وَسُنَّ غُسْلٌ لِلْعِيدَيْنِ وَإِنْ لَمْ يُرَدْ لِحُضُورٍ لِأَنَّهُ يَوْمُ زِينَةٍ وَيَدْخُلُ وَقْتُهُ بِنِصْفِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

كَالرَّاتِبَةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ إذَا قُدِّمَتْ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ؛ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهَا تَحْرُمُ لِأَنَّهُ مُتَعَاطٍ عِبَادَةً فَاسِدَةً كَالْأَذَانِ قَبْلَ الْوَقْتِ وَنُوزِعَ فِي التَّحْرِيمِ إذَا قَصَدَ الْخُطْبَةَ. اهـ. ز ي. وَفِي ق ل: فَلَوْ قَدَّمَهُمَا لَمْ يَصِحَّ وَيَحْرُمُ إنْ تَعَمَّدَ لِأَنَّهُ تَلَبُّسٌ بِعِبَادَةٍ فَاسِدَةٍ اهـ.

قَوْلُهُ: (لِجَمَاعَةٍ) أَيْ وَلَوْ مِنْ الْعَبِيدِ وَالصِّبْيَانِ وَكَذَا النِّسَاءُ، لَكِنْ لَا يَخْطُبُ لَهُنَّ إلَّا ذَكَرٌ، وَلَوْ قَامَتْ وَاحِدَةٌ وَعَظَتْهُنَّ بِغَيْرِ خُطْبَةٍ فَلَا بَأْسَ؛ وَالْخَنَاثَى كَالنِّسَاءِ. اهـ. ق ل.

قَوْلُهُ: (لَا لِمُنْفَرِدٍ) عِبَارَةُ الشَّيْخِ عَبْدِ الْبَرِّ: وَمَنْ يُصَلِّي وَحْدَهُ لَا يَخْطُبُ لِعَدَمِ فَائِدَتِهِ اهـ. قَوْلُهُ: (لَا فِي شُرُوطٍ) كَالْقِيَامِ وَالسِّتْرِ وَالطَّهَارَةِ وَالْجُلُوسِ بَيْنَهُمَا، وَيُسَنُّ الْجُلُوسُ قَبْلَهُمَا لِلِاسْتِرَاحَةِ كَمَا أَفَادَهُ عَبْدُ الْبَرِّ.

قَوْلُهُ: (وَحُرْمَةُ قِرَاءَةِ الْجُنُبِ إلَخْ) لِأَنَّهُ لَا بُدَّ لِصِحَّةِ الْخُطْبَةِ مِنْ قَصْدِ الْقِرَاءَةِ لِكَوْنِ الْجَنَابَةِ صَارِفَةً، وَمَتَى قَصَدَهَا حَرُمَ عَلَيْهِ، وَإِذَا لَمْ يَقْصِدْهَا لَمْ تَصِحَّ الْخُطْبَةُ، تَأَمَّلْ. وَهَذَا، أَعْنِي قَوْلَهُ " وَحُرْمَةُ قِرَاءَةِ الْجُنُبِ إلَخْ " جَوَابُ اعْتِرَاضٍ وَارِدٍ عَلَى قَوْلِهِ " لَا فِي شُرُوطٍ " فَكَانَ مُقْتَضَاهُ أَنَّهَا لَا تَحْرُمُ قِرَاءَةُ الْآيَةِ؛ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ لَيْسَتْ شَرْطًا. فَأَجَابَ بِأَنَّ حُرْمَةَ الْقِرَاءَةِ لِكَوْنِ الْآيَةِ قُرْآنًا لَا لِكَوْنِ الطَّهَارَةِ شَرْطًا، وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُبَدِّلَ قَوْلَهُ " لَيْسَ لِكَوْنِهَا رُكْنًا فِيهَا " بِقَوْلِهِ " لَيْسَ لِكَوْنِ الطَّهَارَةِ شَرْطًا " وَعِبَارَةُ الْمَرْحُومِيِّ: أَيْ لَيْسَتْ الْحُرْمَةُ لِأَجْلِ كَوْنِ الْآيَةِ رُكْنًا فَيَقْتَضِي اشْتِرَاطَ كَوْنِ الْخَطِيبِ مُتَطَهِّرًا حَالَ الْخُطْبَةِ، بَلْ الْحُرْمَةُ لِأَجْلِ قُرْآنِيَّتِهَا لِأَنَّ فِي الْآيَةِ جِهَتَيْنِ كَوْنَهَا رُكْنًا فِي الْخُطْبَةِ وَكَوْنَهَا قُرْآنًا، فَالْحُرْمَةُ لِأَجْلِ الْجِهَةِ الثَّانِيَةِ لَا لِلْأُولَى. قَوْلُهُ: (لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّهُ يُعْتَبَرُ إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ " لَا فِي شُرُوطٍ ".

قَوْلُهُ: (يُعْتَبَرُ فِي أَدَاءِ السُّنَّةِ) أَيْ وَفِي صِحَّةِ الْخُطْبَةِ أَيْضًا فِي هَذَا الْمَحَلِّ وَفِي غَيْرِهِ مِنْ سَائِرِ الْخُطَبِ الْإِسْمَاعُ وَالسَّمَاعُ، وَكَوْنُ الْخُطْبَةِ عَرَبِيَّةً، وَكَذَا كَوْنُ الْخَطِيبِ ذَكَرًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ ق ل.

قَوْلُهُ: (الْفِطْرَةَ) أَيْ أَحْكَامَهَا، وَهِيَ بِكَسْرِ الْفَاءِ.

قَوْلُهُ: (وَكُلُّهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ) نَعَمْ يَصِحُّ تَقْدِيمُ خُطْبَةِ الِاسْتِسْقَاءِ كَمَا يَأْتِي ق ل. قَوْلُهُ: (إلَّا الثَّلَاثَةَ الْبَاقِيَةَ) وَهِيَ الَّتِي فِي يَوْمِ التَّرْوِيَةِ، أَيْ يَوْمِ السَّابِعِ وَاَلَّتِي فِي يَوْمِ الْعِيدِ وَاَلَّتِي فِي يَوْمِ النَّفْرِ مِنْ مِنًى، يُعَلِّمُهُمْ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مَا أَمَامَهُمْ مِنْ الْمَنَاسِكِ؛ وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ مَتْرُوكَةٌ الْآنَ أج.

قَوْلُهُ: (وَلَاءً) بِأَنْ لَا يُفْصَلَ بَيْنَهَا، وَقَوْلُهُ " إفْرَادًا " أَيْ بِأَنْ يُفْرِدَ كُلَّ تَكْبِيرَةٍ بِنَفَسٍ وَيَفُوتُ بِالشُّرُوعِ فِي الْخُطْبَةِ ق ل. وَأَفْرَادًا بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا الْأَوَّلُ جَمْعٌ وَالثَّانِي مُفْرَدٌ؛ وَعِبَارَةُ أج: قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ: لَا يَبْعُدُ فَوَاتُ هَذَا التَّكْبِيرِ بِالشُّرُوعِ فِي أَرْكَانِ الْخُطْبَةِ كَمَا يَفُوتُ التَّكْبِيرُ فِي الصَّلَاةِ بِالشُّرُوعِ فِي الْقِرَاءَةِ اهـ.

قَوْلُهُ: (تَشْبِيهًا) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ " تِسْعًا وَسَبْعًا ".

قَوْلُهُ: (وَسُنَّ غُسْلٌ لِلْعِيدَيْنِ) وَلَوْ لِغَيْرِ مُمَيِّزٍ فَيُغَسِّلُهُ وَلِيُّهُ، كَمَا قِيلَ بِهِ فِي غُسْلِ إسْلَامِ الْكَافِرِ الصَّغِيرِ تَبَعًا لِأَبِيهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>