ثُمَّ يَسْجُدُ السَّجْدَتَيْنِ، وَيَأْتِي بِالطُّمَأْنِينَةِ فِي مَحَلِّهَا فَهَذِهِ رَكْعَةٌ، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَةً ثَانِيَةً كَذَلِكَ لِلِاتِّبَاعِ وَقَوْلُهُمْ: إنَّ هَذَا أَقَلُّهَا أَيْ إذَا شَرَعَ فِيهَا بِنِيَّةِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ وَإِلَّا فَفِي الْمَجْمُوعِ عَنْ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَوْ صَلَّاهَا كَسُنَّةِ الظُّهْرِ صَحَّتْ وَكَانَ تَارِكًا لِلْأَفْضَلِ، وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ أَقَلُّ الْكَمَالِ وَلَا يَجُوزُ زِيَادَةُ رُكُوعٍ ثَالِثٍ فَأَكْثَرَ لِطُولِ مُكْثِ الْكُسُوفِ، وَلَا يَجُوزُ إسْقَاطُ رُكُوعٍ لِلِانْجِلَاءِ كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ لَا يُزَادُ عَلَى أَرْكَانِهَا، وَلَا يُنْقَصُ مِنْهَا وَوَرَدَ ثَلَاثُ رُكُوعَاتٍ وَأَرْبَعُ رُكُوعَاتٍ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ فَأَجَابَ الْجُمْهُورُ بِأَنَّ أَحَادِيثَ الرُّكُوعَيْنِ فِي الصَّحِيحَيْنِ فَهِيَ أَشْهَرُ وَأَصَحُّ، فَقُدِّمَتْ عَلَى بَقِيَّةِ الرِّوَايَاتِ، وَأَكْمَلِهَا (فِي كُلِّ رَكْعَةٍ قِيَامَانِ) قَبْلَ السُّجُودِ.
(يُطِيلُ الْقِرَاءَةَ فِيهِمَا) فَيَقْرَأُ فِي الْقِيَامِ الْأَوَّلِ كَمَا نُصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ، وَسَوَابِقِهَا مِنْ افْتِتَاحٍ وَتَعَوُّذٍ الْبَقَرَةَ بِكَمَالِهَا إنْ أَحْسَنَهَا وَإِلَّا فَقَدْرُهَا، وَيَقْرَأُ فِي الْقِيَامِ الثَّانِي كَمِائَتَيْ آيَةٍ مِنْهَا، وَفِي الْقِيَامِ الثَّالِثِ كَمِائَةٍ وَخَمْسِينَ مِنْهَا، وَفِي الْقِيَامِ الرَّابِعِ كَمِائَةٍ مِنْهَا تَقْرِيبًا فِي الْجَمِيعِ وَنُصَّ فِي الْبُوَيْطِيِّ أَنَّهُ يَقْرَأُ فِي الْقِيَامِ الثَّانِي آلَ عِمْرَانَ أَوْ قَدْرَهَا، وَفِي الثَّالِثِ النِّسَاءَ أَوْ قَدْرَهَا، وَفِي الرَّابِعِ الْمَائِدَةَ أَوْ قَدْرَهَا، وَالْمُحَقِّقُونَ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ اخْتِلَافًا بَلْ هُوَ لِلتَّقْرِيبِ (وَفِي) كُلِّ رَكْعَةٍ (رُكُوعَانِ يُطِيلُ التَّسْبِيحَ فِيهِمَا) فَيُسَبِّحُ فِي الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ مِنْ الرُّكُوعَاتِ الْأَرْبَعَةِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ قَدْرَ مِائَةٍ مِنْ الْبَقَرَةِ، وَفِي الرُّكُوعِ الثَّانِي قَدْرَ ثَمَانِينَ مِنْهَا، وَفِي الرُّكُوعِ الثَّالِثِ قَدْرَ سَبْعِينَ مِنْهَا بِتَقْدِيمِ السِّينِ عَلَى الْمُوَحَّدَةِ كَمَا فِي الْمِنْهَاجِ خِلَافًا لِمَا فِي التَّنْبِيهِ مِنْ تَقْدِيمِ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ عَلَى السِّينِ، وَفِي الرَّابِعِ قَدْرَ خَمْسِينَ
ــ
[حاشية البجيرمي]
لِلْقَمَرِ، ثُمَّ إنْ نَوَاهَا بِرُكُوعَيْنِ تُعَيَّنُ أَوْ كَسُنَّةِ الظُّهْرِ مَثَلًا تُعَيَّنُ وَإِنْ أَطْلَقَ فَسَيَأْتِي ق ل.
قَوْلُهُ: (ثُمَّ يَعْتَدِلُ) أَيْ قَائِلًا: " سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ " وَيَقُولُ ذَلِكَ فِي كُلِّ رَفْعٍ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ فِي أَنَّهُ لَا يَقُولُ ذَلِكَ فِي الرَّفْعِ الْأَوَّلِ بَلْ يَرْفَعُ مُكَبِّرًا لِأَنَّهُ لَيْسَ اعْتِدَالًا اهـ أج مَعَ زِيَادَةِ. قَوْلِهِ: (كَسُنَّةِ الظُّهْرِ) إنَّمَا آثَرَ الظُّهْرَ لِأَنَّهَا أَوَّلُ صَلَاةٍ ظَهَرَتْ فَلَوْ نَوَاهَا كَسُنَّةِ الظُّهْرِ ثُمَّ عَنَّ لَهُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ أَنْ يَزِيدَ رُكُوعًا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ لَمْ يَجُزْ؛ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ بِرْمَاوِيٌّ.
قَوْلُهُ: (وَيُحْمَلُ) أَيْ قَوْلُهُمْ إنَّ هَذَا أَقَلُّهَا.
قَوْلُهُ: (وَلَا يَجُوزُ زِيَادَةُ رُكُوعٍ ثَالِثٍ) فَتَبْطُلُ بِذَلِكَ كَمَا لَا تَصِحُّ النِّيَّةُ بِهِ ق ل وَلَا يُكَرِّرُهَا قَوْلُهُ: (فِي الصَّحِيحَيْنِ) أَيْ فِي «صَلَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِكُسُوفِ الشَّمْسِ» مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى.
قَوْلُهُ: (بَعْدَ الْفَاتِحَةِ وَسَوَابِقِهَا إلَخْ) صَرِيحٌ فِي أَنَّهَا لَا تَكْبِيرَ فِيهَا كَالْعِيدَيْنِ وَلَا اسْتِغْفَارَ، وَأَمَّا خُطْبَتَاهَا فَسَيَأْتِي يَقُولُ لَكِنْ لَا يُكَبِّرُ فِيهِمَا إلَخْ. نَعَمْ لَا يَبْعُدُ سَنُّ الِاسْتِغْفَارِ فِيهِمَا كَالِاسْتِسْقَاءِ. اهـ. م د. قَوْلُهُ: (الْبَقَرَةَ) أَيْ لِأَنَّهَا فُسْطَاطُ الْقُرْآنِ وَسَنَامُهُ وَلُبَابُهُ تَعَلَّمَهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِفِقْهِهَا وَمَا تَحْتَوِي عَلَيْهِ فِي اثْنَيْ عَشَرَ سَنَةً، وَابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ فِي ثَمَانِ سِنِينَ. وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: فِيهَا أَلْفُ أَمْرٍ وَأَلْفُ نَهْيٍ وَأَلْفُ حُكْمٍ وَأَلْفُ خَبَرٍ، أَخْذُهَا بَرَكَةٌ وَتَرْكُهَا حَسْرَةٌ لَا يَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ وَهُمْ السَّحَرَةُ لِمَجِيئِهِمْ بِالْبَاطِلِ إذَا قُرِئَتْ فِي بَيْتٍ لَمْ تَدْخُلْهُ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ اهـ. دَمِيرِيٌّ.
قَوْلُهُ: (كَمِائَتَيْ آيَةٍ مِنْهَا) أَيْ الْآيَاتِ الْمُعْتَدِلَةِ.
قَوْلُهُ: (وَنُصَّ فِي الْبُوَيْطِيِّ) أَيْ فِي كِتَابِهِ؛ وَهُوَ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ يَحْيَى الْقُرَشِيُّ مِنْ بُوَيْطَ قَرْيَةٍ مِنْ صَعِيدِ مِصْرَ الْأَدْنَى، كَانَ خَلِيفَةَ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَاتَ سَنَةَ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ اهـ أج.
قَوْلُهُ: (أَوْ قَدْرَهَا) ذِكْرُ ذَلِكَ فِي هَذَا وَمَا بَعْدَهُ مُدْرَجٌ فِي النَّصِّ الْمَذْكُورِ، فَكَانَ الْأَوْلَى إسْقَاطَهُ ق ل. وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ اسْتِحْبَابُ هَذِهِ الْإِطَالَةِ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْمَأْمُومُونَ بِهَا. وَيُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَكْتُوبَةِ بِالنُّدُورِ أَوْ بِأَنَّ لَهُ الْخُرُوجَ مِنْهَا بِخِلَافِ الْمَكْتُوبَةِ، وَأَيْضًا الْقَاعِدَةُ أَنَّ كُلَّ أَمْرٍ وَرَدَ الشَّرْعُ بِخُصُوصِ شَيْءٍ فِيهِ لَا يَفْتَقِرُ إلَى رِضَاهُمْ. اهـ. شَرْحُ م ر. وَسَيَذْكُرُ الشَّارِحُ بَعْضَ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (وَفِي الثَّالِثِ النِّسَاءَ) إنْ قُلْت: هَذَا النَّصُّ يَقْتَضِي تَطْوِيلَ الْقِيَامِ الثَّالِثِ عَلَى الثَّانِي إذْ النِّسَاءُ أَطْوَلُ مِنْ آلِ عِمْرَانَ وَهُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ، بِخِلَافِ النَّصِّ الْأَوَّلِ فِيهِ تَطْوِيلُ الثَّانِي عَلَى الثَّالِثِ وَهُوَ الْأَصْلُ، إذْ الثَّانِي فِيهِ مِائَتَانِ وَالثَّالِثُ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ، وَبَيْنَ النَّصَّيْنِ عَلَى مَا تَقَرَّرَ تَفَاوُتٌ كَبِيرٌ فَكَيْفَ يَقُولُ الشَّارِحُ لَيْسَ اخْتِلَافًا إلَخْ؟ قُلْت: نَعَمْ نَظَرَ بَعْضُهُمْ فِي ذَلِكَ بِمَا ذُكِرَ؛ وَلَكِنَّهُمْ رَدُّوهُ بِأَنَّهُ يُسْتَفَادُ مِنْ مَجْمُوعِ النَّصَّيْنِ تَخْيِيرُهُ بَيْنَ تَطْوِيلِ الثَّالِثِ عَلَى الثَّانِي وَنَقْصِهِ عَنْهُ اهـ أج.
قَوْلُهُ: (وَفِي الرَّابِعِ قَدْرُ خَمْسِينَ) هَلَّا قَالَ: قَدْرُ سِتِّينَ؟ قَالَ الشَّوْبَرِيُّ: قَالَ ع ش: وَوَجْهُ مَا قَالَهُ أَنَّهُ جَعَلَ نِسْبَةَ الرَّابِعِ لِلثَّالِثِ كَنِسْبَةِ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ وَقَدْ نَقَصَ عَنْهُ عِشْرِينَ،