للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِعَدَمِ الْجَوَازِ مِنْ جِهَةِ إطْلَاقِ الْجَائِزِ عَلَى مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ

(فَإِنْ فَاتَتْ) وَفَوَاتُ صَلَاةِ كُسُوفِ الشَّمْسِ بِالِانْجِلَاءِ وَبِغُرُوبِهَا كَاسِفَةً، وَفَوَاتُ صَلَاةِ خُسُوفِ الْقَمَرِ بِالِانْجِلَاءِ وَبِطُلُوعِ الشَّمْسِ لَا بِطُلُوعِ الْفَجْرِ (لَمْ تُقْضَ) لِزَوَالِ الْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِهِ شُرِعَتْ، فَإِنْ حَصَلَ الِانْجِلَاءُ أَوْ الْغُرُوبُ فِي الشَّمْسِ أَوْ طُلُوعُ الشَّمْسِ فِي الْقَمَرِ فِي أَثْنَائِهَا لَمْ تَبْطُلْ بِلَا خِلَافٍ (وَيُصَلِّي) الشَّخْصُ (لِكُسُوفِ الشَّمْسِ وَخُسُوفِ الْقَمَرِ رَكْعَتَيْنِ) فِي كُلِّ رَكْعَةٍ رُكُوعَانِ كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ، فَيُحْرِمُ بِنِيَّةِ صَلَاةِ الْكُسُوفِ وَيَقْرَأُ بَعْدَ الِافْتِتَاحِ وَالتَّعَوُّذِ الْفَاتِحَةَ، وَيَرْكَعُ ثُمَّ يَعْتَدِلُ ثُمَّ يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ ثَانِيًا ثُمَّ يَرْكَعُ ثَانِيًا ثُمَّ يَعْتَدِلُ ثَانِيًا

ــ

[حاشية البجيرمي]

كَانَتْ صَلَاةُ الِاسْتِسْقَاءِ مُتَّفَقًا عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهَا جَعَلَهَا أَصْلًا مَقِيسًا عَلَيْهِ لِلرَّدِّ عَلَى الْقَائِلِ بِوُجُوبِهَا أَيْ صَلَاةِ الْكُسُوفِ، تَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (عَلَى مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ) وَهُوَ الْمُبَاحُ لِأَنَّهُ اسْتَوَى فِعْلُهُ وَعَدَمُ فِعْلِهِ وَهُمَا الطَّرَفَانِ، فَمَعْنَى قَوْلِهِ " لَا يَجُوزُ تَرْكُهَا " أَيْ لَا يُبَاحُ تَرْكُهَا بَلْ هُوَ مَكْرُوهٌ.

قَوْلُهُ: (وَفَوَاتُ صَلَاةِ كُسُوفِ الشَّمْسِ إلَخْ) بِمَعْنَى يَمْتَنِعُ فِعْلُهَا بَعْدَ ذَلِكَ لَا بِمَعْنَى فَوَاتِ الْأَدَاءِ، وَتَقْيِيدُ الْفَوَاتِ بِالصَّلَاةِ يَقْتَضِي أَنَّ الْخُطْبَةَ لَا تَفُوتُ بِذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ إذْ فِي مُسْلِمٍ أَنَّ «خُطْبَةَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِصَلَاةِ الْكُسُوفِ إنَّمَا كَانَتْ بَعْدَ الِانْجِلَاءِ» اهـ عَبْدُ الْبَرِّ مَعَ زِيَادَةٍ.

قَوْلُهُ: (بِالِانْجِلَاءِ) أَيْ التَّامِّ يَقِينًا، فَلَهُ الشُّرُوعُ فِيهَا مَعَ الشَّكِّ فِيهِ، وَإِذَا تَبَيَّنَ الْحَالَ عَمِلَ بِمُقْتَضَاهُ. قَالَ: فَإِنْ قُلْت: لِمَ فَاتَتْ صَلَاةُ الْخُسُوفِ بِالِانْجِلَاءِ وَلَمْ تَفُتْ صَلَاةُ الِاسْتِسْقَاءِ بِالسُّقْيَا؟ قُلْت: لِأَنَّهُ لَا غِنَى لِلنَّاسِ عَنْ مَجِيءِ الْغَيْثِ، فَتَكُونُ صَلَاتُهُمْ ثَمَّ لِطَلَبِ الْغَيْثِ الْمُسْتَقْبَلِ وَهُنَا لِأَجْلِ الْخُسُوفِ وَقَدْ زَالَ بِالِانْجِلَاءِ؛ وَالْمُعْتَمَدُ فِي صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ إذَا فُعِلَتْ بَعْدَ السُّقْيَا أَنَّهُ إنَّمَا يَنْوِي بِهَا الشُّكْرَ عَلَى مَا حَصَلَ فَافْهَمْ وَلَوْ حَالَ دُونَ الشَّمْسِ سَحَابٌ وَشَكَّ فِي الِانْجِلَاءِ أَوْ الْكُسُوفِ وَقَالَ مُنَجِّمٌ وَاحِدٌ أَوْ أَكْثَرُ انْجَلَتْ أَوْ انْكَسَفَتْ لَمْ يُؤَثِّرْ فَتُصَلَّى فِي الْأَوْلَى أَدَاءً، إذْ الْأَصْلُ بَقَاءُ الْكُسُوفِ دُونَ الثَّانِي، إذْ الْأَصْلُ عَدَمُهُ؛ وَقَوْلُ الْمُنَجِّمِينَ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ، وَلَا يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ جَوَازُ الْعَمَلِ بِقَوْلِهِمْ فِي دُخُولِ الْوَقْتِ وَالصَّوْمِ لِأَنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ خَارِجَةٌ عَنْ الْقِيَاسِ فَاحْتِيطَ لَهَا، وَبِأَنَّ دَلَالَةَ عِلْمِهِ أَيْ الْمُنَجِّمِ عَلَى ذَيْنِك أَيْ الْوَقْتِ وَالصَّوْمِ أَقْوَى مِنْهَا هُنَا وَذَلِكَ لِفَوَاتِ سَبَبِهَا. اهـ. م ر. وَلَوْ أَحْرَمَ بِهَا كَسُنَّةِ الظُّهْرِ ظَنًّا بَقَاءَ الْوَقْتِ فَبَانَ خِلَافُهُ وَقَعَتْ نَفْلًا مُطْلَقًا، بِخِلَافِهَا فِي الْكَيْفِيَّةِ الْمَعْرُوفَةِ إذْ لَيْسَ لَنَا نَفْلٌ مُطْلَقٌ عَلَى صُورَتِهَا وَلَا تُوصَفُ بِأَدَاءٍ وَلَا قَضَاءٍ سَوَاءٌ أَدْرَكَ رَكْعَةً فِي الْوَقْتِ أَمْ لَا، اُنْظُرْ خ ض. قَوْلُهُ: (وَبِغُرُوبِهَا كَاسِفَةً) اُنْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ بِغُرُوبِهَا حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا حَتَّى يَدْخُلَ فِيهِ أَيَّامُ الدَّجَّالِ فَلَا يُصَلِّي لَهَا إذَا كَسَفَتْ فِيمَا يُقَدِّرُ أَنَّهُ لَيْلٌ لِأَنَّ هَذَا لَيْلٌ تَقْدِيرًا؟ أَوْ الْمُرَادُ بِغُرُوبِهَا حَقِيقَةً لَا حُكْمًا فَيُصَلِّي لَهَا إذَا كَسَفَتْ فِيمَا يُقَدِّرُ أَنَّهُ لَيْلٌ لَا نَهَارٌ مَوْجُودَةً بِالْفِعْلِ وَيُنْتَفَعُ بِهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ؟ مَالَ شَيْخُنَا ز ي إلَى أَنَّهُ يُصَلِّي لَهَا إذَا كَسَفَتْ فِيمَا يُقَدِّرُ أَنَّهُ لَيْلٌ وَيَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاتِهَا لِأَنَّهُ لَيْلٌ تَقْدِيرًا، فَالْوَجْهُ أَنْ يُرَادَ بِهِمَا مَا يَعُمُّ الْحَقِيقِيَّ وَالْحُكْمِيَّ. وَيُلْغَزُ فَيُقَالُ: لَنَا صَلَاةُ كُسُوفِ شَمْسٍ يُجْهَرُ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ وَصَلَاةُ خُسُوفِ قَمَرٍ مَعَ طُلُوعِ الشَّمْسِ. وَيُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ شَيْخُنَا ز ي أَنَّهُ يُصَلِّي لِلْقَمَرِ إذَا خَسَفَ بَعْدَ الْفَجْرِ لِأَنَّهُ يُنْتَفَعُ بِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ انْتِفَاعًا تَامًّا وَهُوَ مِنْ النَّهَارِ حَقِيقَةً، فَعُهِدَ لَنَا أَنَّا نُصَلِّي لِأَحَدِ الْكُسُوفَيْنِ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ الْمَعْهُودِ اهـ عَبْدُ الْبَرِّ. قَوْلُهُ: (وَبِطُلُوعِ الشَّمْسِ) أَيْ جُزْءٍ مِنْهَا اتِّفَاقًا. قَوْلُهُ: (لَا بِطُلُوعِ الْفَجْرِ) أَيْ وَلَا بِغُرُوبِ الْقَمَرِ خَاسِفًا كَمَا لَوْ اسْتَتَرَ بِغَمَامٍ. وَيُفَارِقُ غُرُوبَ الشَّمْسِ كَاسِفَةً بِأَنَّ اللَّيْلَ مَحَلُّ سُلْطَانِهِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ. وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى التَّحْرِيرِ: قَوْلُهُ: " وَلَا بِطُلُوعِ الْفَجْرِ " لِأَنَّهُ يُنْتَفَعُ بِضَوْئِهِ فِيهِ فَهُوَ مَحَلُّ سُلْطَانِهِ فَأُلْحِقَ بِاللَّيْلِ، بَلْ هُوَ لَيْلٌ حَقِيقَةً عِنْدَ عُلَمَاءِ الْهَيْئَةِ لِأَنَّ النَّهَارَ عِنْدَهُمْ مِنْ ظُهُورِ الشَّمْسِ وَاللَّيْلُ عَدَمُهُ اهـ. وَلَا يُقَالُ: إنَّ طُلُوعَ الْفَجْرِ يُصَيِّرُهَا قَضَاءً؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَ الْفَجْرِ هُنَا كَمَا بَعْدَهُ فَالْوَقْتُ وَاحِدٌ فَلَمْ يَخْرُجْ أَيُّ الْوَقْتِ. اهـ. شَرْحُ الْعُبَابِ لِابْنِ حَجَرٍ اهـ خ ض.

قَوْلُهُ: (لَمْ تُقْضَ) أَيْ لَمْ يَصِحَّ قَضَاؤُهَا. وَعِبَارَةُ أج: لَمْ تُقْضَ أَيْ لَمْ يُطْلَبْ قَضَاؤُهَا بَلْ لَا يَصِحُّ اهـ.

قَوْلُهُ: (لَمْ تَبْطُلْ بِلَا خِلَافٍ) لَكِنْ إذَا غَرَبَتْ وَقَدْ بَقِيَ الرَّكْعَتَانِ أَوْ رَكْعَةٌ جَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ، كَمَا إذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ فِي خُسُوفِ الْقَمَرِ حَيْثُ يُسِرُّ فِيمَا بَقِيَ، كَمَا لَوْ صَلَّى مِنْ الصُّبْحِ رَكْعَةً وَطَلَعَتْ الشَّمْسُ أَوْ غَرَبَتْ بَعْدَ فِعْلِ رَكْعَةٍ مِنْ الْعَصْرِ حَيْثُ يُسِرُّ فِي رَكْعَةِ الصُّبْحِ وَيَجْهَرُ فِي رَكْعَةِ الْعَصْرِ. أَمَّا لَوْ شَرَعَ فِيهَا ظَانًّا بَقَاءَهُ فَتَبَيَّنَ الِانْجِلَاءَ قَبْلَ تَحَرُّمِهِ بَطَلَتْ، وَلَا تَنْعَقِدُ نَفْلًا مُطْلَقًا إنْ صُلِّيَتْ عَلَى الْهَيْئَةِ الْمَذْكُورَةِ إذْ لَيْسَ لَنَا نَفْلٌ عَلَى هَيْئَتِهَا اهـ سم.

قَوْلُهُ: (فَيُحْرِمُ بِنِيَّةِ صَلَاةِ الْكُسُوفِ) وَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ كَوْنِهَا لِلشَّمْسِ أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>