للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصِّحَاحِ وَالْمُرَادُ هُنَا الثَّانِي (وَلَا هَدْمٍ) بِإِسْكَانِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ ضَارٍّ يَهْدِمُ الْمَسَاكِنَ وَلَوْ تَضَرَّرُوا بِكَثْرَةِ الْمَطَرِ، فَالسُّنَّةُ أَنْ يَسْأَلُوا اللَّهَ رَفْعَهُ بِأَنْ يَقُولُوا كَمَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ اُشْتُكِيَ إلَيْهِ ذَلِكَ: «اللَّهُمَّ عَلَى الظِّرَابِ وَالْآكَامِ» بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ جَمْعُ ظَرِبٍ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ ثَانِيهِ جَبَلٌ صَغِيرٌ، وَالْآكَامُ بِالْمَدِّ جَمْعُ أُكُمٍ بِضَمَّتَيْنِ جَمْعُ إكَامٍ بِوَزْنِ كِتَابٍ جَمْعُ أَكَمٍ بِفَتْحَتَيْنِ جَمْعُ أَكَمَةٍ وَهُوَ التَّلُّ الْمُرْتَفِعُ مِنْ الْأَرْضِ إذَا لَمْ يَبْلُغْ أَنْ يَكُونَ جَبَلًا «وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ وَبُطُونِ الْأَوْدِيَةِ» جَمْعُ وَادٍ وَهُوَ اسْمٌ لِلْحُفْرَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ «اللَّهُمَّ» اجْعَلْ الْمَطَرَ «حَوَالَيْنَا» بِفَتْحِ اللَّامِ «وَلَا» تَجْعَلْهُ «عَلَيْنَا» فِي الْأَبْنِيَةِ وَالْبُيُوتِ، وَهُمَا فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ أَوْ الْمَفْعُولِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْأَثِيرِ وَلَا يُصَلِّي لِذَلِكَ لِعَدَمِ وُرُودِ الصَّلَاةِ لَهُ، وَيَدْعُو فِي الْخُطْبَةِ الْأُولَى أَيْضًا بِمَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا اسْتَسْقَى قَالَ: «اللَّهُمَّ» أَيْ يَا اللَّهُ «أَسْقِنَا» بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ مِنْ أَسْقَى وَوَصْلِهَا مِنْ سَقَى، فَقَدْ وَرَدَ الْمَاضِي ثُلَاثِيًّا وَرُبَاعِيًّا قَالَ تَعَالَى {لأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا} [الجن: ١٦] {وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا} [الإنسان: ٢١] (غَيْثًا) بِمُثَلَّثَةٍ أَيْ مَطَرًا «مُغِيثًا» بِضَمِّ الْمِيمِ أَيْ مُنْقِذًا مِنْ الشِّدَّةِ بِإِرْوَائِهِ «هَنِيئًا» بِالْمَدِّ وَالْهَمْزِ أَيْ طَيِّبًا لَا يُنَغِّصُهُ شَيْءٌ «مَرِيئًا» بِوَزْنِ هَنِيئًا أَيْ مَحْمُودَ الْعَاقِبَةِ «مَرِيعًا» بِفَتْحِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

فَاعِلٍ نَحْوِ كَفَى بِاَللَّهِ قَوْلُهُ: (أَيْ ضَارٍّ) أَيْ وَلَا سُقْيَا شَيْءٍ ضَارٍّ يَهْدِمُ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ تَضَرَّرُوا إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ قَوْلَهُ اللَّهُمَّ عَلَى الظِّرَابِ إلَخْ، لَا يُقَالُ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ أَيْ قَبْلَ نُزُولِ الْمَطَرِ كَمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بَلْ عِنْدَ التَّضَرُّرِ بِكَثْرَةِ الْمَطَرِ؛ وَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَ ذَلِكَ عَنْ الدُّعَاءِ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ فِي الْخُطْبَةِ بَلْ عِنْدَ التَّضَرُّرِ بِكَثْرَةِ الْمَطَرِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ. قَوْلُهُ: (وَالْآكَامُ بِالْمَدِّ) فَأَقَلُّ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ آكَامٌ أَحَدٌ وَثَمَانُونَ أَكَمَةً وَأُكُمٌ عَلَى سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ وَإِكَامٌ عَلَى تِسْعٍ وَأَكَمٌ بِفَتْحَتَيْنِ عَلَى ثَلَاثَةٍ؛ لِأَنَّ أَقَلَّ الْجَمْعِ ثَلَاثَةٌ، وَنَظِيرُ ذَلِكَ جَمْعُ ثَمَرَةٍ عَلَى ثَمَرٍ كَشَجَرَةٍ وَشَجَرٍ وَجَمْعُ ثَمَرٍ بِفَتْحَتَيْنِ عَلَى ثِمَارٍ كَجَبَلٍ وَجِبَالٍ وَجَمْعُ ثِمَارٍ عَلَى ثَمَرٍ كَكِتَابٍ وَكُتُبٍ وَجَمْعُ ثَمَرٍ عَلَى أَثْمَارٍ كَعُنُقٍ وَأَعْنَاقٍ؛ ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ هِشَامٍ فِي شَرْحِ " بَانَتْ سُعَادُ " قَالَ: لَا أَعْرِفُ لَهُمَا أَيْ الْآكَامِ وَأَثْمَارٍ نَظِيرًا فِي الْعَرَبِيَّةِ. وَقَدْ أَلْغَزَ بَعْضُهُمْ فِي ذَلِكَ فَقَالَ:

أَفِدْنِي مَا اسْمٌ مُفْرَدٌ جَاءَ جَمْعُهُ ... وَقَدْ جَاءَ جَمْعُ الْجَمْعِ أَيْضًا مُقَرَّرَا

وَجَمْعُك جَمْعَ الْجَمْعِ أَيْضًا مُحَقَّقُ ... وَمِنْ بَعْدِ هَذَا الْجَمْعِ جَمْعٌ تَحَرَّرَا

وَهَذِي جُمُوعٌ أَرْبَعٌ قَدْ تَرَتَّبَتْ ... لَهَا مُفْرَدَاتٌ أَرْبَعٌ كُنَّ مُحَرِّرَا

وَاخْتَصَرَهَا بَعْضُهُمْ فَقَالَ:

أَفِدْنِي جُمُوعًا أَرْبَعًا قَدْ تَرَتَّبَتْ ... وَكُلٌّ غَدَا جَمْعًا لِمَا هُوَ قَبْلَهُ

وَقُلْت مُجِيبًا:

جَوَابُك فِي الْأَثْمَارِ يَبْدُو بِلَا خِفَا ... كَذَلِكَ آكَامٌ بِمَدٍّ تَقَرَّرَا

قَوْلُهُ: (اسْمٌ لِلْحُفْرَةِ) وَالْمُرَادُ هُنَا مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ. اهـ. ق ل.

وَالْمَشْهُورُ فِي الْعُرْفِ أَنَّ الْوَادِيَ الْمَحَلُّ الْوَاسِعُ بَيْنَ جَبَلَيْنِ وَنَحْوِهِمَا.

قَوْلُهُ: (وَهُمَا فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ) هُوَ ظَاهِرٌ فِي الْأَوَّلِ، فَإِنَّهُ مَنْصُوبٌ بِالْيَاءِ لِأَنَّهُ مُلْحَقٌ بِالْمُثَنَّى، وَقَالَ الرَّحْمَانِيُّ: إنَّهُ جَمْعٌ عَلَى صُورَةِ الْمُثَنَّى مُفْرَدُهُ حَوْلٌ وَحَوْلُ الشَّيْءِ مَا يُمْكِنُ تَحَوُّلُهُ إلَيْهِ، وَنُقِلَ عَنْ النَّوَوِيِّ أَنَّهُ مُثَنًّى مُفْرَدُهُ حَوَالٌ، وَقَوْلُهُ: " نُصِبَ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ أَوْ الْمَفْعُولِ " فِي كَلَامِهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ، فَالظَّرْفِيَّةُ رَاجِعَةٌ لِقَوْلِهِ " حَوَالَيْنَا " وَالْمَفْعُولِيَّةُ لِقَوْلِهِ " عَلَيْنَا " أَيْ وَلَا تَجْعَلْهُ وَاقِعًا عَلَيْنَا، فَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَفْعُولِ الْمُقَدَّرِ. " وَأَوْ " فِي كَلَامِ الشَّارِحِ بِمَعْنَى الْوَاوِ. وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ الِاعْتِرَاضُ عَلَى الشَّارِحِ. وَقَوْلُهُ " فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ " غَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّ حَوَالَيْنَا مَنْصُوبٌ بِالْيَاءِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يُصَلِّي لِذَلِكَ) أَيْ لِتَضَرُّرِهِمْ بِكَثْرَةِ الْمَطَرِ، أَيْ لَا يُصَلِّي جَمَاعَةً بَلْ فُرَادَى بِنِيَّةِ رَفْعِ الْمَطَرِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر

<<  <  ج: ص:  >  >>