للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَجْهِ الْعَدُوِّ) لِلْحِرَاسَةِ (وَفِرْقَةٌ) تَقِفُ (خَلْفَهُ فَيُصَلِّي بِالْفِرْقَةِ الَّتِي خَلْفَهُ رَكْعَةً) مِنْ الثُّنَائِيَّةِ بَعْدَ أَنْ يَنْحَازَ بِهِمْ إلَى حَيْثُ لَا يَبْلُغُهُمْ سِهَامُ الْعَدُوِّ (ثُمَّ) إذَا قَامَ الْإِمَامُ لِلثَّانِيَةِ فَارَقَتْهُ بِالنِّيَّةِ بَعْدَ الِانْتِصَابِ نَدْبًا وَقَبْلَهُ بَعْدَ الرَّفْعِ مِنْ السُّجُودِ جَوَازًا، و (تَتِمُّ لِنَفْسِهَا) الرَّكْعَةُ الثَّانِيَةُ (وَتَمْضِي) بَعْدَ سَلَامِهَا (إلَى وَجْهِ الْعَدُوِّ) لِلْحِرَاسَةِ. وَيُسَنُّ لِلْإِمَامِ تَخْفِيفُ الْأُولَى لِاشْتِغَالِ قُلُوبِهِمْ بِمَا هُمْ فِيهِ، وَيُسَنُّ لَهُمْ كُلِّهِمْ تَخْفِيفُ الثَّانِيَةِ الَّتِي انْفَرَدُوا بِهَا لِئَلَّا يَطُولَ الِانْتِظَارُ (وَتَجِيءُ الطَّائِفَةُ) أَيْ الْفِرْقَةُ (الْأُخْرَى) بَعْدَ ذَهَابِ أُولَئِكَ إلَى جِهَةِ الْعَدُوِّ وَالْإِمَامُ قَائِمٌ فِي الثَّانِيَةِ، وَيُطِيلُ الْقِيَامَ نَدْبًا إلَى لُحُوقِهِمْ (فَيُصَلِّي بِهَا) بَعْدَ اقْتِدَائِهَا بِهِ (رَكْعَةً) فَإِذَا جَلَسَ الْإِمَامُ لِلتَّشَهُّدِ قَامَتْ (وَتُتِمُّ لِنَفْسِهَا) ثَانِيَتَهَا وَهُوَ مُنْتَظِرٌ لَهَا وَهِيَ غَيْرُ مُنْفَرِدَةٍ عَنْهُ بَلْ مُقْتَدِيَةٌ بِهِ وَلَحِقَتْهُ وَهُوَ جَالِسٌ (ثُمَّ يُسَلِّمُ بِهَا) لِتَحُوزَ فَضِيلَةَ التَّحَلُّلِ مَعَهُ كَمَا حَازَتْ الْأُولَى فَضِيلَةَ التَّحَرُّمِ مَعَهُ. وَهَذِهِ صِفَةُ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذَاتِ الرِّقَاعِ مَكَانٌ مِنْ نَجْدٍ بِأَرْضِ غَطَفَانَ. رَوَاهَا الشَّيْخَانِ وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - لَفُّوا بِأَرْجُلِهِمْ الْخِرَقَ لَمَّا تَقَرَّحَتْ، وَقِيلَ بِاسْمِ شَجَرَةٍ هُنَاكَ، وَقِيلَ بِاسْمِ جَبَلٍ فِيهِ بَيَاضٌ وَحُمْرَةٌ وَسَوَادٌ يُقَالُ لَهُ الرِّقَاعُ، وَقِيلَ لِتَرَقُّعِ صَلَاتِهِمْ فِيهَا. وَيَقْرَأُ الْإِمَامُ بَعْدَ قِيَامِهِ لِلرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ الْفَاتِحَةَ وَسُورَةً بَعْدَهَا فِي زَمَنِ انْتِظَارِهِ الْفِرْقَةَ الثَّانِيَةِ، وَيَتَشَهَّدُ فِي جُلُوسِهِ لِانْتِظَارِهَا، فَإِنْ صَلَّى الْإِمَامُ مَغْرِبًا عَلَى كَيْفِيَّةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ فَبِفِرْقَةٍ رَكْعَتَيْنِ وَبِالثَّانِيَةِ رَكْعَةً وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ عَكْسِهِ الْجَائِزِ أَيْضًا، وَيَنْتَظِرُ مَجِيءَ الثَّانِيَةِ وَلَهُمْ فِي جُلُوسِ تَشَهُّدِهِ أَوْ قِيَامِ الثَّالِثَةِ وَهُوَ أَفْضَلُ، أَوْ صَلَّى رُبَاعِيَّةً فَبِكُلِّ رَكْعَتَيْنِ، فَلَوْ فَرَّقَهُمْ أَرْبَعَ فِرَقٍ وَصَلَّى بِكُلِّ فِرْقَةٍ رَكْعَةً صَحَّتْ صَلَاةُ الْجَمِيعِ. وَسَهْوُ كُلِّ فِرْقَةٍ مَحْمُولٌ فِي

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَكَذَا قَوْلُهُ " فِرْقَتَيْنِ " قَالَ الشَّمْسُ الشَّوْبَرِيُّ: هَلْ الْخِيَرَةُ فِي جَعْلِ إحْدَى الْفِرْقَتَيْنِ تُصَلِّي مَعَهُ الْأُولَى وَالْأُخْرَى الثَّانِيَةُ لِلْإِمَامِ أَوْ يُقْرِعَ إذَا حَصَلَ نِزَاعٌ؟ اهـ قَالَ شَيْخُنَا: الْخِيَرَةُ لِلْإِمَامِ وَإِذَا أَمَرَهُمْ بِشَيْءٍ وَجَبَ فَإِنْ لَمْ يَأْمُرْ بِشَيْءٍ فَالْخِيَرَةُ لِلْقَوْمِ، فَإِنْ تَنَازَعُوا فَيَنْبَغِي أَنْ يُقْرِعُوا؛ وَالْمُرَادُ بِالْإِمَامِ إمَامُ الْجَيْشِ فَإِنْ فَوَّضَهُ لِإِمَامِ الصَّلَاةِ كَانَ نَائِبًا عَنْهُ اهـ أج.

قَوْلُهُ: (إلَى حَيْثُ) أَيْ مَكَانٌ مُنْعَطِفٌ، وَقَوْلُهُ " لَا يَبْلُغُهُمْ سِهَامُ الْعَدُوِّ " أَيْ فِيهِ.

قَوْلُهُ: (جَوَازًا) وَعِنْدَ رُكُوعِهَا وُجُوبًا لِئَلَّا يَحْصُلَ السَّبْقُ بِرُكْنَيْنِ فِعْلِيَّيْنِ، أَيْ لَوْ رَكَعَ وَاعْتَدَلَ وَهَوَى لِلسُّجُودِ قَبْلَ نِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ لِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ السَّبْقُ بِرُكْنَيْنِ إلَّا عِنْدَ الْهَوِي لِلسُّجُودِ، وَحِينَئِذٍ فَكَانَ وُجُوبُ نِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ عِنْدَ الِاعْتِدَالِ لَا عِنْدَ الرُّكُوعِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ نِيَّةَ الْمُفَارَقَةِ لَا بُدَّ مِنْهَا لَكِنَّ حُكْمَهَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمَحَالِّ الثَّلَاثَةِ. اهـ. م د.

قَوْلُهُ: (وَيُطِيلُ إلَخْ) فَإِنْ لَمْ يُطِلْ جَازَ ذَلِكَ وَحِينَئِذٍ تَكُونُ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى مَسْبُوقَةً.

قَوْلُهُ: (فَيُصَلِّي بِهَا بَعْدَ اقْتِدَائِهَا بِهِ رَكْعَةً) هَذَا إنْ أَدْرَكَتْ مَعَهُ الرُّكُوعَ فَإِنْ لَمْ تُدْرِكْ مَعَهُ الرُّكُوعَ وَجَلَسَ الْإِمَامُ لِلتَّشَهُّدِ يَقُومُونَ فَيُصَلُّونَ الرَّكْعَتَيْنِ وَالْإِمَامُ مُنْتَظِرٌ لَهُمْ لِيُسَلِّمَ بِهِمْ كَمَا لَوْ صَلَّى بِأَرْبَعِ فِرَقٍ صَلَاةً رُبَاعِيَّةً، فَإِنَّ الْفِرْقَةَ الرَّابِعَةَ تَأْتِي بِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ وَالْإِمَامُ مُنْتَظِرٌ لَهُمْ، أَوْ تُصَلِّي رَكْعَةً بَعْدَ جُلُوسِهِ وَرَكْعَةً بَعْدَ سَلَامِهِ، أَوْ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِمْ عَدَمُ الْقِيَامِ إلَّا أَنْ يُسَلِّمَ الْإِمَامُ فَيَقُومُونَ كَالْمَسْبُوقِ فِي الْأَمْنِ؛ قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ: احْتِمَالَاتٌ ثَلَاثٌ اهـ قَالَ شَيْخُنَا: الْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ بَعْدَ أَنْ تَوَقَّفَ، وَقَالَ: لَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ شَيْئًا اهـ أج.

قَوْلُهُ: (غَطَفَانُ) بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ الْمَفْتُوحَتَيْنِ.

قَوْلُهُ: (وَسُمِّيَتْ) أَيْ هَذِهِ الْبُقْعَةُ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الصَّحَابَةَ) هَذَا هُوَ الْأَرْجَحُ لِوُرُودِهِ فِي السِّيَرِ فِي تِلْكَ الْغَزْوَةِ، وَمِنْ ثَمَّ قَدَّمَهُ الشَّارِحُ.

قَوْلُهُ (لَفُّوا بِأَرْجُلِهِمْ الْخِرَقَ) وَالْخِرَقُ تُسَمَّى رِقَاعًا، فَظَهَرَ وَجْهُ الْمُنَاسَبَةِ.

قَوْلُهُ: (وَقِيلَ بِاسْمِ جَبَلٍ) فِيهِ مُسَامَحَةٌ إذْ اسْمُ الْجَبَلِ جُزْءُ الِاسْمِ أَيْ وَالِاسْمُ بِتَمَامِهِ ذَاتُ الرِّقَاعِ، فَهُوَ مِنْ الْأَعْلَامِ الْمُرَكَّبَةِ.

قَوْلُهُ: (لِتَرَقُّعِ صَلَاتِهِمْ) لِأَنَّ بَعْضَهَا جَمَاعَةٌ وَبَعْضَهَا فُرَادَى وَبَعْضَهَا فِيهِ الِاقْتِدَاءُ حَقِيقِيٌّ وَبَعْضَهَا فِيهِ الِاقْتِدَاءُ حُكْمِيٌّ، وَقِيلَ: لِأَنَّهُمْ رَفَعُوا فِيهَا رَايَاتِهِمْ.

قَوْلُهُ: (فَبِفِرْقَةٍ رَكْعَتَيْنِ) أَيْ وَتُفَارِقُهُ بَعْدَ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ مَعَهُ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ تَشَهُّدِهِمْ، قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ شَرْحُ م ر أج.

قَوْلُهُ: (أَفْضَلُ مِنْ عَكْسِهِ) لِسَلَامَتِهِ مِنْ التَّطْوِيلِ فِي عَكْسِهِ بِزِيَادَةِ تَشَهُّدٍ فِي أُولَى الْفِرْقَةِ الثَّانِيَةِ، أَيْ زِيَادَةِ التَّشَهُّدِ عَلَيْهِمْ وَأَنَّهُمْ يَتَّبِعُونَ الْإِمَامَ فِي التَّشَهُّدِ.

قَوْلُهُ (الْجَائِزِ) أَشَارَ بِقَوْلِهِ " الْجَائِزُ " إلَى أَنَّ أَفْعَلَ التَّفْضِيلِ لَيْسَ عَلَى بَابِهِ، إذْ صُورَةُ الْعَكْسِ مَكْرُوهَةٌ كَمَا فِي شَرْحِ م ر أج وَقَوْلُهُ " لَيْسَ عَلَى بَابِهِ " فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ بِالنَّظَرِ لِلْكَرَاهَةِ عَلَى بَابِهِ.

قَوْلُهُ: (فَبِكُلِّ رَكْعَتَيْنِ) أَيْ فَبِكُلِّ فِرْقَةٍ رَكْعَتَيْنِ، فَلَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>