للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأُلْحِقَ بِالذُّكُورِ الْخَنَاثَى احْتِيَاطًا. وَاحْتَرَزَ بِالتَّخَتُّمِ عَنْ اتِّخَاذِ أَنْفٍ أَوْ أُنْمُلَةٍ أَوْ سِنٍّ فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ اتِّخَاذُهَا مِنْ ذَهَبٍ عَلَى مَقْطُوعِهَا وَإِنْ أَمْكَنَ اتِّخَاذُهَا مِنْ الْفِضَّةِ

(وَيَحِلُّ لِلنِّسَاءِ) لُبْسُ الْحَرِيرِ وَاسْتِعْمَالُهُ بِفُرُشٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَالتَّخَتُّمُ بِالذَّهَبِ وَالتَّحَلِّي بِهِ لِلْحَدِيثِ الْمَارِّ (وَيَسِيرُ الذَّهَبِ وَكَثِيرُهُ فِي) حُكْمِ (التَّحْرِيمِ) عَلَى مَنْ حُرِّمَ عَلَيْهِ (سَوَاءٌ) بِلَا فَرْقٍ (وَإِذَا كَانَ بَعْضُ الثَّوْبِ إبْرِيسَمًا) وَهُوَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَبِفَتْحِ الرَّاءِ وَفَتْحِهِمَا وَبِكَسْرِهِمَا ثَلَاثُ لُغَاتٍ الْحَرِيرُ (وَبَعْضُهُ قُطْنًا أَوْ كَتَّانًا جَازَ لُبْسُهُ مَا لَمْ يَكُنْ الْإِبْرَيْسَمُ غَالِبًا) فَإِنَّهُ يَحْرُمُ تَغْلِيبًا لِلْأَكْثَرِ بِخِلَافِ مَا أَكْثَرُهُ مِنْ غَيْرِهِ.

وَالْمُسْتَوِي مِنْهُمَا لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يُسَمَّى ثَوْبَ حَرِيرٍ، وَالْأَصْلُ الْحِلُّ وَتَغْلِيبًا لِلْأَكْثَرِ فِي الْأُولَى. وَلِلْوَلِيِّ إلْبَاسُ مَا ذُكِرَ مِنْ الْحَرِيرِ وَمَا أَكْثَرَهُ مِنْهُ صَبِيًّا إذْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

يَتَّصِفَ بِالْحُرْمَةِ فِعْلُ الْمُكَلَّفِ لَا ذَاتُ الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ؛ لِأَنَّهُ لَا تَكْلِيفَ إلَّا بِفِعْلٍ وَأُجِيبُ أَيْضًا بِأَنَّ حَرَامَ اسْمُ مَصْدَرٍ وَهُوَ كَالْمَصْدَرِ يَسْتَوِي فِيهِ الْمَثْنَى وَغَيْرُهُ أَوْ أَنَّ الْمَعْنَى حَرَامٌ كُلٌّ مِنْهُمَا.

قَوْلُهُ: (حِلٌّ لِإِنَاثِهِمْ) مَحَلُّهُ فِي الذَّهَبِ إذَا كَانَ حُلِيًّا، بِخِلَافِ أَوَانِي الذَّهَبِ فَإِنَّهَا تَحْرُمُ عَلَيْهِنَّ.

قَوْلُهُ: (وَاحْتُرِزَ بِالتَّخَتُّمِ إلَخْ) فَهُوَ احْتِرَازٌ عَنْ أَمْرٍ خَاصٍّ وَإِلَّا فَغَيْرُ التَّخَتُّمِ مِثْلُهُ مِنْ غَيْرِ الْمَذْكُورَاتِ وَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ " وَاحْتُرِزَ بِالذَّهَبِ عَنْ الْفِضَّةِ لِجَوَازِ التَّخَتُّمِ بِهَا " حَيْثُ كَانَ عَلَى الْوَجْهِ الْمُتَقَدِّمِ وَلَا يَضُرُّ نَقْشُ اسْمِهِ عَلَيْهِ لِيَخْتِمَ بِهِ، قَرَّرَهُ ح ف.

قَوْلُهُ: (عَنْ اتِّخَاذِ أَنْفٍ إلَخْ) وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ " أَنَّ عَرْفَجَةَ بْنَ أَسْعَدَ قُطِعَ أَنْفُهُ يَوْمَ الْكُلَابِ " بِضَمِّ الْكَافِ اسْمٌ لِمَاءٍ كَانَتْ الْوَاقِعَةُ عِنْدَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَاِتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ فِضَّةٍ فَأَنْتَنَ عَلَيْهِ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاِتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ ذَهَبٍ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَقِيسَ بِالْأَنْفِ الْأُنْمُلَةُ وَالسِّنُّ.

قَوْلُهُ: (أَوْ أُنْمُلَةٍ) وَأَمَّا الْأُنْمُلَتَانِ فَإِنْ كَانَتَا مِنْ أَعْلَى الْأُصْبُعِ جَازَ اتِّخَاذُهُمَا لِوُجُودِ الْعَمَلِ بِوَاسِطَةِ الْأُنْمُلَةِ السُّفْلَى، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ سم؛ وَإِنْ كَانَتَا مِنْ أَسْفَلِ الْأُصْبُعِ امْتَنَعَ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ م ر فِي شَرْحِهِ.

قَوْلُهُ: (وَاسْتِعْمَالُهُ بِفَرْشٍ) سَوَاءٌ الْحِلْيَةُ وَغَيْرُهَا فَيُحْمَلَ لَهَا ذَلِكَ أَيْ اسْتِعْمَالُ ذَلِكَ لُبْسًا وَفَرْشًا؛ وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْحَرِيرِ وَمَا أَكْثَرُهُ حَرِيرٌ، أَمَّا الْمُطَرَّزُ أَوْ الْمَنْسُوجُ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ فَيَحِلُّ لَهَا لُبْسُهُ وَيَمْتَنِعُ عَلَيْهَا فَرْشُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقُونَوِيُّ؛ لِأَنَّ الرَّافِعِيَّ يُحَرِّمُ عَلَيْهَا فَرْشَ الْحَرِيرِ، وَلَمْ يَسْتَدْرِكْ عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ إلَّا فِي الْحَرِيرِ، فَعُلِمَ مِنْ اسْتِدْرَاكِهِ عَلَيْهِ فِي الْحَرِيرِ أَنَّ الْمُطَرَّزَ بِالذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ أَوْ الْمَنْسُوجَ بِهِمَا أَوْ بِأَحَدِهِمَا يَحْرُمُ عَلَيْهَا فَرْشُهُ وَالْجُلُوسُ عَلَيْهِ، كَذَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ز ي فِي دَرْسِهِ خ ض وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَنْسُوجَ الْمَذْكُورَ وَالْمُمَوَّهَ وَالْمُطَرَّزَ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ لَا يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ مِنْ اسْتِعْمَالِهَا إلَّا اللُّبْسُ؛ لِأَنَّ عِلَّةَ الْحِلِّ تَزَيُّنُهَا الدَّاعِي إلَى الْمَيْلِ إلَيْهَا وَوَطْئِهَا الْمُؤَدِّي إلَى كَثْرَةِ النَّسْلِ الْمَطْلُوبَةِ لِلشَّارِعِ وَذَلِكَ لَا يُوجَدُ فِي غَيْرِ اللُّبْسِ مِنْ الْفَرْشِ وَالتَّدَثُّرِ وَنَحْوِهِمَا، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَمِنْ ثَمَّ اقْتَصَرَ فِي الْمَنْهَجِ عَلَى اللُّبْسِ فَقَالَ: وَلِامْرَأَةٍ لُبْسُ حُلِّيهِمَا وَمَا نُسِجَ بِهِمَا لَا إنْ بَالَغَتْ فِي سَرَفٍ وَقَوْلُهُ: " لَا إنْ بَالَغَتْ فِي سَرَفٍ " الْمُعْتَمَدُ: لَا إنْ أَسْرَفَتْ؛ فَإِنَّهَا إنْ أَسْرَفَتْ حُرِّمَ وَإِنْ لَمْ تُبَالِغْ فِي الْإِسْرَافِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ مُحَشُّوهُ، وَمَا نَقَلَهُ ق ل عَنْ شَيْخِهِ مِنْ حُرْمَةِ الْمُمَوَّهِ عَلَيْهَا مُطْلَقًا ضَعِيفٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّ سَائِرَ أَنْوَاعِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ لِلنِّسَاءِ إلَّا فِي صُورَتَيْنِ فَقَطْ، الْأُولَى: اسْتِعْمَالُ الْأَوَانِي، الثَّانِيَةُ: إذَا أَخَذَتْ الْحَرِيرَ وَزَرْكَشَتْهُ بِالذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ وَفَرَشَتْهُ تَحْتَهَا أَوْ تَدَثَّرَتْ بِهِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهَا ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ إضَافَةِ النَّقْدَيْنِ اهـ م د عَلَى التَّحْرِيرِ.

قَوْلُهُ: (مَنْ حُرِّمَ عَلَيْهِ) وَهُوَ الرَّجُلُ وَالْخُنْثَى.

قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ يُحَرَّمُ تَغْلِيبًا) وَكَذَا إذَا شَكَّ هَلْ الْأَكْثَرُ حَرِيرٌ أَوْ لَا خِلَافًا لحج وَعِبَارَةُ م د وَلَوْ شُكَّ فِي كَثْرَةِ الْحَرِيرِ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ اسْتِوَائِهِمَا حُرِّمَ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ كَالتَّفْسِيرِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ حَمْلُهُ مَعَ الْحَدِيثِ تَعْظِيمًا لِلْقُرْآنِ فِي حَالَةِ الشَّكِّ وَالِاسْتِوَاءِ، وَلَا بُدَّ مِنْ تَحْقِيقِ زِيَادَةِ التَّفْسِيرِ وَلَوْ بِشَيْءٍ يَسِيرٍ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدَمِ حُرْمَةِ الْمُضَبَّبِ إذَا شُكَّ فِي كِبَرِ الضَّبَّةِ وَصِغَرِهَا بِالْعَمَلِ بِالْأَصْلِ فِيهِمَا، إذْ الْأَصْلُ حِلُّ اسْتِعْمَالِ الْإِنَاءِ قَبْلَ تَضْبِيبِهِ وَالْأَصْلُ تَحْرِيمُ الْحَرِيرِ لِغَيْرِ الْمَرْأَةِ وَاسْتِمْرَارُهُ مُلَابَسَةَ الْمَلْبُوسِ لِجَمِيعِ الْبَدَنِ، بِخِلَافِ الْإِنَاءِ؛ وَغَلَبَةُ الظَّنِّ كَافِيَةٌ كَالْيَقِينِ؛ وَلِذَا قَالَ: وَلَا يُشْتَرَطُ الْيَقِينُ أَيْ بَلْ يَكْفِي غَلَبَةُ الظَّنِّ.

قَوْلُهُ: (وَلِلْوَلِيِّ إلَخْ) الْمُرَادُ بِهِ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ التَّأْدِيبِ فَيَشْمَلُ الْأُمَّ وَالْأَخَ الْكَبِيرَ فَيَجُوزُ لَهُمَا إلْبَاسُهُ الْحَرِيرَ فِيمَا يَظْهَرُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>