للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمَارَاتِهِ كَاسْتِرْخَاءِ قَدَمٍ وَمَيْلِ أَنْفٍ وَانْخِسَافِ صُدْغٍ، فَإِنْ شَكَّ فِي مَوْتِهِ أُخِّرَ وُجُوبًا كَمَا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ إلَى الْيَقِينِ بِتَغَيُّرِ الرَّائِحَةِ أَوْ غَيْرِهِ. وَأَقَلُّ الْغُسْلِ تَعْمِيمُ بَدَنِهِ بِالْمَاءِ مَرَّةً لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْفَرْضُ كَمَا فِي الْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ فِي حَقِّ الْحَيِّ، فَلَا يُشْتَرَطُ تَقَدُّمُ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ عَنْهُ كَمَا يَلُوحُ بِهِ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ خِلَافًا لِمَا تُوهِمُهُ عِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ مِنْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ تَقَدُّمُ إزَالَتِهَا، وَلَا تَجِبُ نِيَّةُ الْغَاسِلِ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِغُسْلِ الْمَيِّتِ النَّظَافَةُ وَهِيَ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى نِيَّةٍ، فَيَكْفِي غُسْلُ كَافِرٍ لَا غَرَقٌ لِأَنَّا مَأْمُورُونَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (الْمُسْلِمِ إلَخْ) خَرَجَ الْكَافِرُ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ، فَإِنْ كَانَ حَرْبِيًّا فَلَا يَجِبُ فِيهِ شَيْءٌ وَمِثْلُهُ الْمُرْتَدُّ؛ وَإِنْ كَانَ ذِمِّيًّا أَوْ مُعَاهَدًا أَوْ مُؤْمِنًا وَجَبَ الدَّفْنُ وَالتَّكْفِينُ وَجَازَ الْغُسْلُ وَحُرِّمَتْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَقَالَ خ ض: حَاصِلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الْكَافِرِ حَرَامٌ مُطْلَقًا وَالْغُسْلُ جَائِزٌ مُطْلَقًا، وَالتَّكْفِينُ وَالدَّفْنُ إنْ كَانَ لَهُ ذِمَّةٌ أَوْ عَهْدٌ وَجَبَا وَإِلَّا فَلَا اهـ.

قَوْلُهُ: (غَيْرِ الشَّهِيدِ) فَيَجِبُ فِيهِ اثْنَانِ وَيَحْرُمُ فِيهِ اثْنَانِ وَقَوْلُهُ غَيْرِ الشَّهِيدِ أَيْ وَغَيْرِ السَّقْطِ.

قَوْلُهُ: (عَلَى جِهَةِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ) أَيْ إذَا عَلِمَ بِهِ جَمَاعَةٌ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ إلَّا وَاحِدٌ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ، وَكَذَا إذَا كَانَ عَدَمُ عِلْمِهِ عَنْ تَقْصِيرٍ بِأَنْ كَانَ جَارًا لَهُ فَعُلِمَ أَنَّ تَعَلُّقَ الْوُجُوبِ بِمِنْ عَلِمَ بِهِ وَلَوْ حُكْمًا كَجَارِ قَصَّرَ فِي السُّؤَالِ عَنْهُ؛ وَلِهَذَا قَالَ الْعَلَّامَةُ الشَّوْبَرِيُّ: وَالْمُخَاطَبُ بِهَذِهِ الْأُمُورِ كُلُّ مَنْ عَلِمَ بِمَوْتِهِ أَوْ ظَنَّهُ أَوْ قَصَّرَ لِكَوْنِهِ بِقُرْبِهِ وَنُسِبَ فِي عَدَمِ الْبَحْثِ عَنْهُ إلَى تَقْصِيرٍ مِنْ أَقَارِبِهِ وَغَيْرِهِمْ وَالْمَحْكُومُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ هُوَ الْأَفْعَالُ، وَأَمَّا الْأَعْيَانُ كَثَمَنِ الْمَاءِ وَأُجْرَةِ الْغَاسِلِ وَالْكَفَنِ فَهِيَ مِنْ تَرِكَتِهِ عَلَى مَا يَأْتِي وَإِلَّا فَعَلَى مَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ.

قَوْلُهُ: (إذَا تَيَقَّنَّ مَوْتُهُ إلَخْ) وَالْمَوْتُ مُفَارَقَةُ الرُّوحِ الْجَسَدَ، وَقِيلَ: عَرَضٌ يُضَادُّ الْحَيَاةَ، وَقِيلَ: عَدَمُ الْحَيَاةِ عَمَّا مِنْ شَأْنِهِ الْحَيَاةُ؛ وَهَذَا هُوَ الْأَحْسَنُ لِدُخُولِ السَّقْطِ وَإِخْرَاجِ الْجَمَادَاتِ، لِأَنَّ الْأَوَّلَ يَرُدُّ عَلَيْهِ السَّقْطُ الَّذِي لَمْ تُنْفَخْ فِيهِ الرُّوحُ، لِأَنَّهُ يُقَالُ عَلَيْهِ مَيِّتٌ مَعَ أَنْ رُوحَهُ لَمْ تَدْخُلْ جَسَدَهُ حَتَّى يُقَالَ فَارَقَتْهُ وَيَرُدُّ عَلَى الثَّانِي الْجَمَادَاتُ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ عَلَيْهَا مَيِّتَةٌ مَعَ قِيَامِ الْعَرَضِ بِهَا وَالرُّوحُ عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِينَ جِسْمٌ لَطِيفٌ مُشْتَبِكٌ بِالْبَدَنِ كَاشْتِبَاكِ الْمَاءِ بِالْعُودِ الْأَخْضَرِ وَالرُّوحُ بَاقٍ لَا يَفْنَى، وَأَمَّا.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا} [الزمر: ٤٢] فَفِيهِ تَقْدِيرٌ، أَيْ حِينَ مَوْتِ أَجْسَادِهَا وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَرْوَاحَ عَلَى خَمْسَةِ أَقْسَامٍ: أَرْوَاحُ الْأَنْبِيَاءِ: وَأَرْوَاحُ الشُّهَدَاءِ، وَأَرْوَاحُ الْمُطِيعِينَ، وَأَرْوَاحُ الْعُصَاةِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَرْوَاحُ الْكُفَّارِ فَأَمَّا أَرْوَاحُ الْأَنْبِيَاءِ فَتَخْرُجُ مِنْ أَجْسَادِهَا وَتَصِيرُ عَلَى صُورَتِهَا مِثْلَ الْمِسْكِ وَالْكَافُورِ وَتَكُونُ فِي الْجَنَّةِ تَأْكُلُ وَتَتَنَعَّمُ وَتَأْوِي بِاللَّيْلِ إلَى قَنَادِيلَ مُعَلَّقَةٍ تَحْتَ الْعَرْشِ وَأَرْوَاحُ الشُّهَدَاءِ إذَا خَرَجَتْ مِنْ أَجْسَادِهَا فَإِنَّ اللَّهَ يَجْعَلُهَا فِي أَجْوَافِ طُيُورٍ خُضْرٍ تَدُورُ بِهَا فِي أَنْهَارِ الْجَنَّةِ وَتَأْكُلُ مِنْ ثِمَارِهَا وَتَشْرَبُ مِنْ مَائِهَا وَتَأْوِي إلَى قَنَادِيلَ مِنْ ذَهَبٍ مُعَلَّقَةٍ فِي ظِلِّ الْعَرْشِ؛ هَكَذَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَّا أَرْوَاحُ الْمُطِيعِينَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ فَهِيَ فِي رِيَاضِ الْجَنَّةِ لَا تَأْكُلُ وَلَا تَتَنَعَّمُ لَكِنْ تَنْظُرُ فِي الْجَنَّةِ فَقَطْ وَأَمَّا أَرْوَاحُ الْعُصَاةِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ فَبَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ فِي الْهَوَاءِ وَأَمَّا أَرْوَاحُ الْكُفَّارِ فَهِيَ فِي أَجْوَافِ طُيُورٍ سُودٍ فِي سِجِّينٍ، وَسِجِّينٌ تَحْتُ الْأَرْضِ السَّابِعَةِ، وَهِيَ مُتَّصِلَةٌ بِأَجْسَادِهَا، فَتُعَذَّبُ أَرْوَاحُهَا، فَيَتَأَلَّمُ بِذَلِكَ الْجَسَدُ كَالشَّمْسِ فِي السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ وَنُورُهَا فِي الْأَرْضِ؛ كَمَا أَنَّ أَرْوَاحَ الْمُؤْمِنِينَ فِي عِلِّيِّينَ مُتَنَعِّمَةٌ وَنُورُهَا مُتَّصِلٌ بِالْجَسَدِ. اهـ. عَبْدُ الْبَرِّ.

قَوْلُهُ: (تَعْمِيمُ بَدَنِهِ بِالْمَاءِ مَرَّةً) حَتَّى مَا يَظْهَرُ مِنْ فَرْجِ الثَّيِّبِ عِنْدَ جُلُوسِهَا عَلَى قَدَمَيْهَا نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي الْحَيِّ ر م.

قَوْلُهُ: (فَلَا يُشْتَرَطُ تَقَدُّمُ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ) أَيْ الْحُكْمِيَّةِ.

قَوْلُهُ: (خِلَافًا لِمَا تُوهِمُهُ عِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ) أُجِيبُ عَنْهُ بِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا مَنَعَتْ النَّجَاسَةُ إيصَالَ الْمَاءِ إلَى الْبَدَنِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا تَجِبُ نِيَّةُ الْغَاسِلِ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَيَنْبَغِي نَدْبُ نِيَّةِ الْغُسْلِ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ؛ وَكَيْفِيَّتُهَا أَنْ يَنْوِيَ نَحْوَ أَدَاءِ الْغُسْلِ عَنْهُ أَوْ اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ، فَلَوْ يُمِّمَ بَدَّلَ الْغُسْلِ فَلَا تَجِبُ نِيَّةُ التَّيَمُّمِ أَيْضًا كَمَا أَنَّهَا لَا تَجِبُ فِي أَصْلِهِ، شَيْخُنَا: قَالَ الشَّعْرَانِيُّ فِي الْمِيزَانِ: قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ فِي أَصَحِّ قَوْلَيْهِ: إنَّهُ لَا تَجِبُ نِيَّةُ الْغَاسِلِ، وَقَالَ مَالِكٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>