للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ثُمَّ الْمِيَاهُ) الْمَذْكُورَةُ (عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ) .

أَحَدُهَا: مَاءٌ (طَاهِرٌ) فِي نَفْسِهِ (مُطَهِّرٌ) لِغَيْرِهِ (غَيْرُ مَكْرُوهٍ) اسْتِعْمَالُهُ (وَهُوَ الْمَاءُ الْمُطْلَقُ) وَهُوَ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ مَاءٍ بِلَا قَيْدٍ بِإِضَافَةٍ كَمَاءِ وَرْدٍ أَوْ بِصِفَةٍ كَمَاءٍ دَافِقٍ، أَوْ فَاللَّامُ عَهْدٍ كَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «نَعَمْ إذَا رَأَتْ الْمَاءَ» يَعْنِي الْمَنِيَّ قَالَ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ: وَلَا يُحْتَاجُ لِتَقْيِيدِ الْقَيْدِ بِكَوْنِهِ لَازِمًا لِأَنَّ الْقَيْدَ الَّذِي لَيْسَ بِلَازِمٍ كَمَاءِ الْبِئْرِ مَثَلًا يَنْطَلِقُ اسْمُ الْمَاءِ عَلَيْهِ بِدُونِهِ، فَلَا حَاجَةَ لِلِاحْتِرَازِ عَنْهُ، وَإِنَّمَا يُحْتَاجُ إلَى الْقَيْدِ فِي جَانِبِ الْإِثْبَاتِ كَقَوْلِنَا غَيْرُ الْمُطْلَقِ هُوَ الْمُقَيَّدُ بِقَيْدٍ لَازِمٍ اهـ.

تَنْبِيهٌ: تَعْرِيفُ الْمُطْلَقِ بِمَا ذَكَرَ هُوَ مَا جَرَى عَلَيْهِ فِي الْمِنْهَاجِ. وَأُورِدَ عَلَيْهِ الْمُتَغَيِّرُ كَثِيرًا بِمَا لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ كَطِينٍ وَطُحْلُبٍ، وَمَا فِي مَقَرِّهِ وَمَمَرِّهِ فَإِنَّهُ مُطْلَقٌ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَعْرَ عَمَّا ذُكِرَ. وَأُجِيبَ بِمَنْعِ أَنَّهُ مُطْلَقٌ وَإِنَّمَا أُعْطِيَ حُكْمَهُ فِي جَوَازِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

لِدُخُولِهِ فِي مَاءِ السَّمَاءِ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ الْمِيَاهُ إلَخْ) لَمَّا فَرَغَ مِنْ تَقْسِيمِ الْمِيَاهِ بِحَسَبِ مَحَالِّهَا الْمُضَافَةِ هِيَ إلَيْهَا شَرَعَ فِي تَقْسِيمِهَا بِحَسْبِ أَوْصَافِهَا فَقَالَ: ثُمَّ إلَخْ. وَثُمَّ لِلتَّرْتِيبِ الذِّكْرِيِّ لَا الْمَعْنَوِيِّ وَأَلْ لِلْعَهْدِ الذِّكْرِيِّ، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ الْمَذْكُورَةُ، وَلَوْ قَالَ ثُمَّ الْمَاءُ لَكَانَ أَوْلَى لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَنْقَسِمُ إلَى هَذِهِ الْجُزْئِيَّاتِ، وَأَمَّا الْجَمْعُ فَلَا يَنْقَسِمُ إلَيْهَا بَلْ إلَى مَا سَبَقَ وَهُوَ مَاءُ السَّمَاءِ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَلْ جِنْسِيَّةٌ تُبْطِلُ الْجَمْعِيَّةَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ عَلَى بِمَعْنَى إلَى، لِأَنَّ الْمَعْنَى تَنْقَسِمُ إلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ وَلَوْ أَسْقَطَهَا الْمُصَنِّفُ لَكَانَ أَخْصَرَ، وَالتَّقْسِيمُ بِاعْتِبَارِ صِحَّةِ الطَّهَارَةِ وَعَدَمِهَا وَالْكَرَاهَةِ وَنَفْيِهَا، وَإِلَّا فَهِيَ فِي الْحَقِيقَةِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ فَقَطْ طَهُورٌ وَطَاهِرٌ وَنَجِسٌ، وَالتَّقْسِيمُ الْمَذْكُورُ مِنْ قَبِيلِ تَقْسِيمِ الْكُلِّيِّ إلَى جُزْئِيَّاتِهِ كَتَقْسِيمِ الْكَلِمَةِ إلَى اسْمٍ وَفِعْلٍ وَحَرْفٍ، لِوُجُودِ شَرْطِ صِحَّتِهِ وَهُوَ صِحَّةُ الْإِخْبَارِ بِالْمُقْسَمِ الَّذِي هُوَ مَحَلُّ وُرُودِ الْقِسْمَةِ عَنْ كُلٍّ مِنْ الْأَقْسَامِ، فَالْمُقْسَمُ هُنَا الْمَاءُ مُفْرَدُ الْمِيَاهِ، وَقِسْمَةُ أَحَدٍ مِنْ الْأَقْسَامِ الْأَرْبَعَةِ مِثْلُ الطَّاهِرِ الْمُطَّهِر الْغَيْرِ الْمَكْرُوهِ هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِمَحَلِّهَا وَهُوَ الْمَاءُ قِسْمٌ، وَبِالنِّسْبَةِ لِأَحَدِ بَقِيَّةِ الْأَقْسَامِ قَسِيمٌ لِأَنَّ الْقِسْمَ بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ مَا كَانَ مُنْدَرِجًا تَحْتَ الْقَسْمِ وَأَخَصَّ مِنْهُ، وَالْقِسْمُ مَحَلُّ وُرُودِ الْقِسْمَةِ، وَالْقَسِيمُ مَا كَانَ مُبَايِنًا لِلشَّيْءِ أَيْ مُخَالِفًا وَمُغَايِرًا لَهُ وَمُنْدَرِجًا مَعَهُ تَحْتَ أَصْلٍ كُلِّيٍّ، وَاخْتِيَارُ صِحَّةِ تَقْسِيمِ الْكُلِّيِّ إلَى جُزْئِيَّاتِهِ بِجَعْلِ الْقِسْمِ مُبْتَدَأً وَالْإِخْبَارِ عَنْهُ بِالْمِقْسَمِ، فَإِنْ صَحَّ الْإِخْبَارُ نَحْوُ الطَّاهِرِ الْمُطَهِّرِ إلَخْ مَاءٌ فَهُوَ مِنْ تَقْسِيمِ الْكُلِّيِّ إلَى جُزْئِيَّاتِهِ، وَإِلَّا فَهُوَ مِنْ تَقْسِيمِ الْكُلِّ إلَى أَجْزَائِهِ كَتَقْسِيمِ الْكَلَامِ إلَى الِاسْمِ وَالْفِعْلِ وَالْحَرْفِ، إذْ لَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ الِاسْمُ كَلَامٌ وَهَكَذَا. وَسَكَتَ عَنْ الْحَرَامِ كَالْمُسَبَّلِ لِعَدَمِ اعْتِبَارِ ضَرَرٍ فِيهِ فِي الْبَدَنِ، قَالَ سم: وَهَذَا تَقْسِيمٌ اعْتِبَارِيٌّ فَلَا يُنَافِي تَدَاخُلَ بَعْضِ الْأَقْسَامِ، فَالْمُشَمَّسُ مُطْلَقٌ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ تَعْرِيفِهِ وَهُوَ مَا يُسَمَّى مَاءً بِلَا قَيْدٍ لِإِجْزَاءِ التَّطْهِيرِ بِهِ.

قَوْلُهُ: (أَحَدُهَا مَاءٌ إلَخْ) جَعَلَ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ طَاهِرٌ خَبَرًا لِهَذَا الْمُبْتَدَأِ، وَلَا يَتَعَيَّنُ لِجَوَازِ جَرِّهِ بِالْبَدَلِيَّةِ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَنَصْبِهِ بِمُقَدَّرٍ، وَإِنْ لَمْ يُسَاعِدْهُ الرَّسْمُ لِجَوَازِ جَرْيِهِ عَلَى قَوْلِ مَنْ رَسَمَ الْمَنْصُوبَ بِصُورَةِ رَسْمِ الْمَرْفُوعِ ع ش.

قَوْلُهُ: (فِي نَفْسِهِ) أَيْ لِذَاتِهِ مِنْ غَيْرِ ضَمٍّ. وَصْفٌ إلَيْهِ كَمَا يُقَالُ قِيمَةُ الْأَمَةِ فِي نَفْسِهَا كَذَا أَيْ: غَيْرُ مَنْظُورٍ فِيهَا إلَى وَصْفٍ زَائِدٍ كَالْحَمْلِ وَاللَّبَنِ. اهـ. ع ش.

قَوْلُهُ: (مُطَهِّرٌ) أَيْ مُجْزِئٌ فِي الطَّهَارَةِ الشَّرْعِيَّةِ مِنْ رَفْعِ حَدَثٍ وَإِزَالَةِ نَجَسٍ وَغَيْرِهِمَا كَالْأَغْسَالِ الْمَنْدُوبَةِ.

قَوْلُهُ: (اسْتِعْمَالُهُ) نَائِبُ فَاعِلِ مَكْرُوهٍ وَقَدَّرَهُ لِأَنَّ ذَاتَ الْمَاءِ لَا يَصِحُّ وَصْفُهَا بِالْكَرَاهَةِ وَلَا غَيْرِهَا مِنْ الْأَحْكَامِ كَمَا قَالَهُ ع ش.

قَوْلُهُ: (بِإِضَافَةٍ) هُوَ وَمَا بَعْدَهُ مُتَعَلِّقٌ بِقَيْدٍ لِإِفَادَةِ بَيَانِ أَنْوَاعِهِ ق ل. وَهُوَ بَدَلٌ مِنْ قَيْدٍ، فَمُرَادُ ق ل التَّعَلُّقُ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى.

قَوْلُهُ: (إذَا رَأَتْ) أَيْ عَلِمَتْ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْقَيْدَ) عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ ذَا الْقَيْدِ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (بِدُونِهِ) أَيْ الْقَيْدِ الْغَيْرِ اللَّازِمِ.

قَوْلُهُ: (عَنْهُ) أَيْ عَنْ خُرُوجِهِ بَلْ هُوَ دَاخِلٌ بِدُونِ الْقَيْدِ. قَوْلُهُ: (بِمَا ذُكِرَ) أَيْ قَوْلُهُ وَهُوَ مَا يُسَمَّى مَاءً بِلَا قَيْدٍ.

قَوْلُهُ: (وَأُورِدَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى تَعْرِيفِ الْمُطْلَقِ. الْحَاصِلُ أَنَّهُ اعْتَرَضَ عَلَى التَّعْرِيفِ بِأَنَّهُ غَيْرُ جَامِعٍ لِعَدَمِ شُمُولِهِ لِلْمَاءِ الْمُتَغَيِّرِ بِمَا فِي الْمَقَرِّ وَنَحْوِهِ وَغَيْرُ مَانِعٍ لِدُخُولِ الْمُسْتَعْمَلِ وَالْمَاءِ الْقَلِيلِ الْمُتَنَجِّسِ بِمُجَرَّدِ اتِّصَالِ النَّجَاسَةِ بِهِ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ. وَأُجِيبَ: بِأَنَّ الْمُرَادَ مَا يُسَمَّى مَاءً بِلَا قَيْدٍ عِنْدَ أَهْلِ الشَّرْعِ وَاللِّسَانِ الْعَالِمِينَ بِأَحْوَالِ الْمِيَاهِ وَهُمْ يُدْخِلُونَ الْأَوَّلَ وَيُخْرِجُونَ الثَّانِيَ.

قَوْلُهُ: (وَطُحْلُبٍ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ مَعَ ضَمِّ ثَالِثِهِ أَوْ فَتْحِهِ شَيْءٌ أَخْضَرُ يَعْلُو الْمَاءَ مِنْ طُولِ الْمُكْثِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بِمَقَرِّهِ وَمَمَرِّهِ أَوْ لَا، نَعَمْ إنْ أُخِذَ

<<  <  ج: ص:  >  >>