للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُكَفَّنَ بِثَلَاثَةٍ، وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ فَقَالَ الْغُرَمَاءُ: يُكَفَّنُ فِي ثَوْبٍ وَالْوَرَثَةُ فِي ثَلَاثَةٍ أُجِيبَ الْغُرَمَاءُ، وَلَوْ قَالَ الْغُرَمَاءُ: يُكَفَّنُ بِسَاتِرِ الْعَوْرَةِ وَالْوَرَثَةُ، بِسَاتِرِ جَمِيعِ الْبَدَنِ أُجِيبَ الْوَرَثَةُ وَلَوْ اتَّفَقَتْ الْغُرَمَاءُ وَالْوَرَثَةُ عَلَى ثَلَاثَةٍ جَازَ بِلَا خِلَافٍ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْكَفَنَ بِالنِّسْبَةِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى سَتْرُ الْعَوْرَةِ فَقَطْ، وَبِالنِّسْبَةِ لِلْغُرَمَاءِ سَتْرُ جَمِيعِ الْبَدَنِ، وَبِالنِّسْبَةِ لِلْوَرَثَةِ ثَلَاثَةٌ فَلَيْسَ لِلْوَارِثِ الْمَنْعُ مِنْهَا تَقْدِيمًا لِحَقِّ الْمَالِكِ، وَفَارَقَ الْغَرِيمُ بِأَنَّ حَقَّهُ سَابِقٌ وَبِأَنَّ مَنْفَعَةَ صَرْفِ الْمَالِ لَهُ تَعُودُ إلَى الْمَيِّتِ بِخِلَافِ الْوَارِثِ فِيهِمَا هَذَا إذَا كُفِّنَ مِنْ تَرِكَتِهِ، أَمَّا إذَا كُفِّنَ مِنْ غَيْرِهَا فَلَا يَلْزَمُ مَنْ يُجَهِّزُهُ مِنْ قَرِيبٍ وَسَيِّدٍ وَزَوْجٍ وَبَيْتِ مَالٍ إلَّا ثَوْبٌ وَاحِدٌ سَاتِرٌ لِجَمِيعِ بَدَنِهِ بَلْ لَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ الرَّوْضَةِ، وَكَذَا إذَا كُفِّنَ مِمَّا وُقِفَ لِلتَّكْفِينِ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ قَالَ: وَيَكُونُ سَابِغًا أَيْ فَلَا يَكْفِي سَتْرُ الْعَوْرَةِ لِأَنَّ الزَّائِدَ عَلَيْهَا حَقٌّ لِلْمَيِّتِ كَمَا مَرَّ، وَأَمَّا الْأَفْضَلُ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ فَسَيَأْتِي، وَسُنَّ مَغْسُولٌ لِأَنَّهُ لِلصَّدِيدِ، وَأَنْ يَبْسُطَ أَحْسَنَ اللَّفَائِفِ وَأَوْسَعَهَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَقِيلَ: فِي ثَوْبٍ؛ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يُكَفَّنُ فِي ثَلَاثَةٍ، فَتَكُونُ هَذِهِ أَيْ مَسْأَلَةُ الِاتِّفَاقِ فِيهَا خِلَافٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يُكَفَّنُ فِي ثَلَاثَةٍ.

قَوْلُهُ: (وَهُوَ) أَيْ كَوْنُهُ عَلَى الْخِلَافِ أَقْيَسُ، فَيَكُونُ الْمُعْتَمَدُ فِي مَسْأَلَةِ الِاخْتِلَافِ مُعْتَمَدًا هُنَا كَمَا يَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُهُ " أَيْ فَيَجِبُ إلَخْ ".

قَوْلُهُ: (أُجِيبَ الْوَرَثَةُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ، فَيُكَفَّنُ بِوَاحِدٍ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ حَقِّ اللَّهِ مَعَ حَقِّ الْمَيِّتِ، فَغَلَبَ حَقُّ اللَّهِ فَلَا يَسْقُطُ بِإِسْقَاطِ أَحَدٍ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ اتَّفَقَتْ الْغُرَمَاءُ وَالْوَرَثَةُ إلَخْ) أَيْ وَلَا نَظَرَ لِبَقَاءِ ذِمَّتِهِ مُرْتَهِنَةً بِالدَّيْنِ لِأَنَّ رِضَاهُمْ قَدْ يَقْتَضِي فَكَّ ذِمَّتِهِ، قَالَ شَيْخُنَا: وَيَظْهَرُ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ أَنَّ الْغُرَمَاءَ لَوْ كَانُوا غَائِبِينَ يُكَفَّنُ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَلَا عِبْرَةَ بِقَوْلِ الْوَرَثَةِ اهـ قُلْت: وَبِالْأَوْلَى إذَا كَانَ الْغُرَمَاءُ مَحْجُورًا عَلَيْهِمْ أَوْ مُفْلِسِينَ اهـ أج.

قَوْلُهُ: (جَازَ بِلَا خِلَافٍ) فَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ وَلَمْ يَحْصُلْ مِنْ الْغُرَمَاءِ مَنْعٌ وَلَا إذْنٌ كُفِّنَ بِوَاحِدٍ، فَإِنْ زَادَ الْوَارِثُ عَلَيْهِ ضَمِنَ الزَّائِدَ كَمَا ذَكَرَهُ م د.

قَوْلُهُ: (وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْكَفَنَ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ سَاتِرَ الْعَوْرَةِ مَحْضُ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَالزِّيَادَةُ عَلَيْهِ إلَى سَتْرِ جَمِيعِ الْبَدَنِ حَقٌّ لِلَّهِ وَلِلْمَيِّتِ وَالثَّانِي وَالثَّالِثُ مَحْضُ حَقِّ الْمَيِّتِ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا م د وَمِثْلُهُ ح ل.

قَوْلُهُ: (وَبِالنِّسْبَةِ لِلْوَرَثَةِ ثَلَاثَةٌ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْوَرَثَةُ صِغَارًا أَوْ مُكَلَّفِينَ، خِلَافًا لِمَنْ مَنَعَ الثَّانِيَ وَالثَّالِثَ إذَا خَلَّفَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ؛ وَإِنَّمَا الْمَمْنُوعُ الرَّابِعُ وَالْخَامِسُ إذَا خَلَّفَ مِنْ ذَكَرٍ وَالْفَرْقُ أَنَّ الثَّلَاثَةَ وَاجِبَةٌ وَالرَّابِعَ وَالْخَامِسَ خِلَافُ الْأَوْلَى اهـ أج.

قَوْلُهُ: (فَلَيْسَ لِلْوَارِثِ الْمَنْعُ مِنْهَا) وَإِنْ كَانَ فِي الْوَرَثَةِ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لق ل.

قَوْلُهُ: (وَفَارَقَ) أَيْ الْوَارِثُ وَقَوْلُهُ الْغَرِيمُ حَيْثُ يَجُوزُ لَهُ الْمَنْعُ مِنْهُمَا وَالْهَاءُ فِي حَقِّهِ لِلْغَرِيمِ، وَكَذَا فِي قَوْلِهِ لَهُ وَقَوْلُهُ تَعُودُ إلَى الْمَيِّتِ وَهِيَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ.

قَوْلُهُ: (فِيهِمَا) أَيْ فِي التَّعْلِيلَيْنِ الْمَذْكُورِينَ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ وَهُوَ الْإِرْثُ مُتَأَخِّرٌ عَنْ الْمَوْتِ، وَلِأَنَّهُ لَا نَفْعَ لِلْمَيِّتِ بِمَا يَأْخُذُهُ الْوَارِثُ مِنْ الْمَالِ.

قَوْلُهُ: (وَزَوْجٍ) وَكَالزَّوْجَةِ الْبَائِنِ الْحَامِلِ شَرْحُ الْمَنْهَجِ وَهَلْ يُؤْخَذُ الثَّانِي وَالثَّالِثُ مِنْ تَرِكَتِهَا إنْ كَانَ لَهَا تَرِكَةٌ؟ فِيهِ تَفْصِيلٌ، وَهُوَ أَنَّ الزَّوْجَ إنْ كَانَ مُوسِرًا بِسَاتِرِ الْعَوْرَةِ فَقَطْ كَمُلَ وَأَخَذَ ثَانٍ وَثَالِثٌ مِنْ تَرِكَتِهَا، وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا بِمَا يَسْتُرُ جَمِيعَ الْبَدَنِ اقْتَصَرَ عَلَى الْوَاحِدِ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهَا شَيْءٌ. اهـ. م د، فَتَأَمَّلْ وَحَرِّرْ الْفَرْقَ وَعِبَارَةُ ح ل فَإِنْ أَعْسَرَ عَنْ تَجْهِيزِ الزَّوْجَةِ الْمُوسِرَةِ أَوْ عَنْ تَمَامِهِ جُهِّزَتْ أَوْ تَمَّمَ تَجْهِيزَهَا مِنْ مَالِهَا وَعِبَارَةُ ز ي وَالْعَنَانِيِّ: وَلَا يَجِبُ الثَّانِي وَالثَّالِثُ مِنْ مَالِهَا إذَا كَفَّنَهَا الزَّوْجُ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ اهـ وَقَوْلُ م د " إنْ كَانَ مُوسِرًا بِسَاتِرِ الْعَوْرَةِ إلَخْ " فِيهِ أَنَّ سَاتِرَ عَوْرَةِ الْمَرْأَةِ يَكُونُ سَاتِرًا لِجَمِيعِ بَدَنِهَا فَمَا مَعْنَى التَّكْمِيلِ، إلَّا أَنْ يُرَادَ الْعَوْرَةُ عِنْدَ الْمَحَارِمِ تَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (وَيَكُونُ سَابِغًا) أَيْ سَاتِرًا لِجَمِيعِ الْبَدَنِ.

قَوْلُهُ: (وَسُنَّ مَغْسُولٌ) هَكَذَا فِي الْمِنْهَاجِ وَفَرْعُهُ وَغَيْرُهُمَا وَجَرَى عَلَيْهِ م ر وَغَيْرُهُ، فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ صَنِيعُ الْمَرْحُومِيِّ حَيْثُ قَالَ: وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الْمَذْهَبَ نَقْلًا وَدَلِيلًا أَوْلَوِيَّةُ الْجَدِيدِ وَمِنْ ثَمَّ كُفِّنَ فِيهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ بِاتِّفَاقِهِمْ أَيْ الصَّحَابَةِ اهـ فَأَوْرَدَ الِاعْتِرَاضَ وَلَمْ يُجَبْ عَنْهُ، وَمَا دَرَى أَنَّ شَيْخَهُ الْمُحَقِّقَ الشَّوْبَرِيَّ قَالَ فِي حَوَاشِي الْمَنْهَجِ: قَوْلُهُمْ إنَّهُ لِلصَّدِيدِ يَرُدُّ مَا أَوْرَدَهُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُفِّنَ فِي جَدِيدٍ بِحَضْرَةِ جَمْعٍ مِنْ الصَّحَابَةِ؛ لِأَنَّهُ لِمَعْنًى فِيهِ وَهُوَ عَدَمُ الْبِلَى لَا يُقَالُ يَرُدُّ الشُّهَدَاءَ؛ لِأَنَّا نَقُولُ هَذِهِ حِكْمَةٌ وَهِيَ لَا يَجِبُ اطِّرَادُهَا اهـ خ ض.

قَوْلُهُ: (وَأَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>