للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّعْرَةِ الْوَاحِدَةِ كَمَا قَالَهُ فِي الْعِدَّةِ وَإِنْ خَالَفَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَإِنَّمَا يُصَلَّى عَلَى الْجُزْءِ بِقَصْدِ الْجُمْلَةِ لِأَنَّهَا فِي الْحَقِيقَةِ صَلَاةٌ عَلَى غَائِبٍ

(وَ) الرَّابِعُ (دَفْنُهُ) فِي قَبْرٍ، وَأَقَلُّهُ حُفْرَةٌ تَمْنَعُ بَعْدَ رَدْمِهَا ظُهُورَ رَائِحَةٍ مِنْهُ فَتُؤْذِي الْحَيَّ، وَتَمْنَعُ نَبْشَ سَبُعٍ لَهَا فَيَأْكُلُ الْمَيِّتَ فَتُنْتَهَكُ حُرْمَتُهُ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَالْغَرَضُ مِنْ ذِكْرِهِمَا إنْ كَانَا مُتَلَازِمَيْنِ بَيَانُ فَائِدَةِ الدَّفْنِ وَإِلَّا فَبَيَانُ وُجُوبِ رِعَايَتِهِمَا فَلَا يَكْفِي أَحَدُهُمَا. اهـ. وَالظَّاهِرُ الثَّانِي. وَخَرَجَ بِالْحُفْرَةِ مَا لَوْ وُضِعَ الْمَيِّتُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَجُعِلَ عَلَيْهِ مَا يَمْنَعُ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَتَعَذَّرْ الْحَفْرُ وَسَيَأْتِي أَكْمَلُهُ فِي كَلَامِهِ.

(وَاثْنَانِ لَا يُغْسَلَانِ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِمَا) لِتَحْرِيمِ ذَلِكَ فِي حَقِّهِمَا. الْأَوَّلُ (الشَّهِيدُ) وَلَوْ أُنْثَى وَرَقِيقًا أَوْ غَيْرَ بَالِغٍ إذَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

هُوَ الظَّاهِرُ لِاقْتِصَارِهِمْ عَلَى الْخِرْقَةِ، وَمِثْلُ الْغُسْلِ التَّيَمُّمُ إنْ كَانَ تَيَمُّمٌ كَالْوَجْهِ وَالْيَدِ وَإِلَّا فَلَا صَلَاةَ عَلَيْهِ أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ مَحِلَّ تَيَمُّمٍ وَتَعَذَّرَ غُسْلُهُ فَلَا صَلَاةَ عَلَيْهِ كَمَا قَالَهُ ح ل.

قَوْلُهُ: (لَكِنْ لَا يُصَلَّى عَلَى الشَّعْرَةِ الْوَاحِدَةِ) عَلَى الْمُعْتَمَدِ اهـ أَيْ وَلَا تُغَسَّلُ وَتُدْفَنُ وُجُوبًا وَيُنْدَبُ سَتْرُهَا بِخِرْقَةٍ، قَالَ م د: بِخِلَافِ الظُّفْرِ الْوَاحِدِ فَيُصَلَّى عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (بِقَصْدِ الْجُمْلَةِ) فَيَقُولُ نَوَيْت أُصَلِّي عَلَى جُمْلَةِ مَا انْفَصَلَ مِنْهُ هَذَا الْجُزْءُ ح ل قَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ: أَيْ وُجُوبًا إنْ كَانَتْ بَقِيَّتُهُ غُسِّلَتْ وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهَا، وَنَدْبًا إنْ كَانَتْ صُلِّيَ عَلَيْهَا فَإِنْ لَمْ تُغَسَّلْ الْبَقِيَّةُ وَجَبَ الصَّلَاةُ عَلَى الْعُضْوِ بِنِيَّتِهِ فَقَطْ، فَإِنْ نَوَى الْجُمْلَةَ لَمْ تَصِحَّ، فَإِنْ شَكَّ فِي غُسْلِ الْبَقِيَّةِ لَمْ تَجُزْ نِيَّتُهُ إلَّا إذَا عَلَّقَ اهـ حَجّ وَنَقَلَهُ شَيْخُنَا م د وَقَوْلُهُ: " إلَّا إذَا عَلَّقَ " بِأَنْ يَقُولَ: نَوَيْت أُصَلِّي عَلَى جُمْلَةِ مَا انْفَصَلَ مِنْهُ هَذَا الْجُزْءُ إنْ كَانَتْ غُسِّلَتْ وَإِلَّا فَعَلَى هَذَا الْجُزْءِ فَقَطْ؛ وَهَذَا تَعْلِيقٌ بِمُقْتَضَى الْحَالِ فَلَا يَضُرُّ وَمَحِلُّ قَوْلِهِمْ أَنَّ التَّعْلِيقَ يُنَافِي النِّيَّةَ فِيمَا إذَا كَانَ تَعْلِيقًا بِغَيْرِ مُقْتَضَى الْحَالِ، وَعِبَارَةُ م ر:.

قَوْلُهُ " بِقَصْدِ الْجُمْلَةِ " مَحِلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ صُلِّيَ عَلَى الْجُزْءِ الْغَائِبِ، أَمَّا لَوْ كَانَ صُلِّيَ عَلَيْهِ فَتَجُوزُ الصَّلَاةُ بِقَصْدِ الْجُزْءِ الْحَاضِرِ فَقَطْ، وَمَحِلُّهُ أَيْضًا إذَا كَانَ قَدْ غُسِّلَ بَاقِيهِ وَإِلَّا قَصَدَ الصَّلَاةَ عَلَى الْجُزْءِ الْحَاضِرِ فَقَطْ

قَوْلُهُ: (وَأَقَلُّهُ حُفْرَةٌ إلَخْ) وَالضَّابِطُ لِلدَّفْنِ الشَّرْعِيِّ مَا يَمْنَعُ الرَّائِحَةَ وَالسَّبُعَ سَوَاءٌ كَانَ فَسْقِيَّةً أَوْ غَيْرَهَا، خِلَافًا لِمَنْ مَنَعَ الدَّفْنَ فِي الْفَسْقِيَّةِ اهـ شَرْحُ م ر.

قَوْلُهُ: (ظُهُورَ رَائِحَةٍ) وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ فِي مَحِلٍّ لَا يَدْخُلُهُ مَنْ يَتَأَذَّى بِالرَّائِحَةِ بَلْ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ رَائِحَةٌ أَصْلًا كَأَنْ جَفَّ وَعَبَّرَ بِظُهُورٍ لِوُجُودِ الرَّائِحَةِ فِي حَدِّ ذَاتِهَا؛ وَالْمَقْصُودُ إنَّمَا هُوَ مَنْعُ ظُهُورِهَا أَيْ عَمَّنْ عِنْدَ الْقَبْرِ بِحَيْثُ لَا يَتَأَذَّى بِهَا تَأَذِّيًا لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً كَمَا قَالَهُ الشَّوْبَرِيُّ.

قَوْلُهُ: (فَتُؤْذِيَ الْحَيَّ) بِالنَّصْبِ بِأَنْ مُضْمَرَةٍ مَعْطُوفٌ عَلَى ظُهُورِ، وَكَذَا قَوْلُهُ " فَيَأْكُلُ الْمَيِّتَ وَتُنْتَهَكُ إلَخْ " عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ: وَلُبْسُ عَبَاءَةٍ وَتَقَرُّ عَيْنِي.

قَوْلُهُ: (نَبْشَ سَبُعٍ) وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ فِي مَحِلٍّ لَا يَصِلُهُ السِّبَاعُ أَصْلًا. اهـ. ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (الثَّانِي) أَيْ أَنَّهُمَا غَيْرُ مُتَلَازِمَيْنِ، كَالْفَسَاقِيِ الَّتِي لَا تَمْنَعُ الرَّائِحَةَ مَعَ مَنْعِهَا السَّبُعَ فَلَا يُكْتَفَى بِهَا شَرْحُ م ر

قَوْلُهُ: (وَاثْنَانِ لَا يُغَسَّلَانِ) أَيْ لَا يُفْعَلُ ذَلِكَ لِتَحْرِيمِهِ، فَلَا يُقَالُ إنَّ فِيهِ تَعْلِيلَ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَعْنَى لَا يَجُوزُ غُسْلُهُمَا إلَخْ كَانَ فِيهِ تَعْلِيلُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ، وَهَذَا بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ قَوْلِهِ وَيَلْزَمُ فِي الْمَيِّتِ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ، فَكَأَنَّهُ قَالَ " إلَّا الشَّهِيدَ وَالسَّقْطَ إلَخْ " وَلَكِنَّ كَلَامَهُ يَقْتَضِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَجِبُ فِيهِ اثْنَانِ وَيَحْرُمُ فِيهِ اثْنَانِ مَعَ أَنَّهُ ظَاهِرٌ فِي الشَّهِيدِ، وَأَمَّا السَّقْطُ فَلَيْسَ لَنَا فَلَا يَجِبُ فِيهِ أَمْرَانِ وَيَحْرُمُ فِيهِ أَمْرَانِ بَلْ أَحْوَالُهُ ثَلَاثَةٌ سَتَأْتِي إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ كَلَامَ الْمَتْنِ بِالنَّظَرِ لِلْمَجْمُوعِ وَالْمَجْمُوعُ يَصْدُقُ بِالْبَعْضِ وَهُوَ الشَّهِيدُ.

قَوْلُهُ: (لِتَحْرِيمِ ذَلِكَ فِي حَقِّهِمَا) هُوَ ظَاهِرٌ بِالنِّسْبَةِ لِلشَّهِيدِ دُونَ السَّقْطِ لِأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ غُسْلُهُ فَمُرَادُهُ الْمَجْمُوعُ أَوْ بِالنَّظَرِ لِلصَّلَاةِ.

قَوْلُهُ: (الشَّهِيدُ) أَيْ الْمَقْتُولُ فَنُجَرِّدُهُ عَنْ بَعْضِ مَعْنَاهُ ع ش وَإِنَّمَا اُحْتِيجَ إلَى ذَلِكَ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الشَّهِيدِ مَنْ قَتَلَهُ الْكُفَّارُ فِي الْمَعْرَكَةِ، فَيَكُونُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي مَعْرَكَةِ الْمُشْرِكِينَ ضَائِعًا فَبِالتَّجْرِيدِ تَصِيرُ لَهُ فَائِدَةٌ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ إنَّمَا قَالَ فِي مَعْرَكَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>