وَيُكَفَّرُ جَاحِدُهَا وَإِنْ أَتَى بِهَا وَهَذَا فِي الزَّكَاةِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهَا بِخِلَافِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا كَالرِّكَازِ، وَيُقَاتَلُ الْمُمْتَنِعُ مِنْ أَدَائِهَا عَلَيْهَا وَتُؤْخَذُ مِنْهُ قَهْرًا كَمَا فَعَلَ الصِّدِّيقُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَفُرِضَتْ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ بَعْدَ زَكَاةِ الْفِطْرِ
(تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي خَمْسَةِ أَشْيَاءَ) مِنْ أَنْوَاعِ الْمَالِ (وَهِيَ الْمَوَاشِي وَالْأَثْمَانُ وَالزُّرُوعُ وَالثِّمَارُ وَعُرُوضُ التِّجَارَةِ) وَهَذِهِ الْأَنْوَاعُ ثَمَانِيَةُ أَصْنَافٍ مِنْ أَجْنَاسِ الْمَالِ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ الْإِنْسِيَّةُ وَالذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ وَالزَّرْعُ وَالنَّخْلُ وَالْكَرْمُ، وَمِنْ
ــ
[حاشية البجيرمي]
بِمَعْنَى تَرَكَّبَ وَعَلَى بِمَعْنَى مِنْ وَالتَّقْدِيرُ تَرَكَّبَ الْإِسْلَامُ مِنْ خَمْسٍ عَلَى حَدِّ قَوْله تَعَالَى {الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ} [المطففين: ٢] أَيْ مِنْهُمْ أَوْ شَبَّهَ الْإِسْلَامَ بِقَصْرٍ مُشَيَّدٍ عَلَى دَعَائِمَ خَمْسٍ تَشْبِيهًا مُضْمَرًا فِي النَّفْسِ وَطَوَى ذِكْرَ الْمُشَبَّهِ بِهِ وَذَكَرَ شَيْئًا مِنْ خَوَاصِّهِ وَهُوَ قَوْلُهُ بُنِيَ فَيَكُونُ تَخْيِيلًا
قَوْلُهُ وَيُكَفَّرُ جَاحِدُهَا عِبَارَةُ الْعَنَانِيِّ وَيُكَفَّرُ جَاحِدُهَا عَلَى الْإِطْلَاقِ أَوْ فِي الْقَدْرِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ دُونَ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ وَهُوَ الْأَقْرَبُ كَوُجُوبِهَا فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَمَالِ التِّجَارَةِ وَمَنْ جَهِلَهَا عُرِّفَ فَإِنْ جَحَدَهَا بَعْدَ ذَلِكَ كَفَرَ وَيُقَاتَلُ الْمُمْتَنِعُ مِنْ أَدَائِهَا وَتُؤْخَذُ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يُقَاتَلْ قَهْرًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ النَّاسَ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَضْرُبٍ ضَرْبٌ يَعْتَقِدُ وُجُوبَهَا وَيُؤَدِّيهَا فَيَسْتَحِقُّ الْحَمْدَ وَفِيهِ نَزَلَ قَوْله تَعَالَى {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: ١٠٣] الْآيَةَ
وَضَرْبٌ يَعْتَقِدُ وُجُوبَهَا وَيَمْتَنِعُ مِنْ إخْرَاجِهَا فَإِنْ كَانَ فِي قَبْضَةِ الْإِمَامِ أَخَذَهَا مِنْ مَالِهِ قَهْرًا وَإِلَّا قَاتَلَهُ كَمَا فَعَلَتْ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - بِمَانِعِ الزَّكَاةِ وَضَرْبٌ لَا يَعْتَقِدُ وُجُوبَهَا فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ قَرِيبَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ عُرِّفَهُ أَيْ الْوُجُوبَ وَيُنْهَى عَنْ الْعَوْدِ وَإِلَّا حُكِمَ بِكُفْرِهِ اهـ قَوْلُهُ فِي الزَّكَاةِ الْمُجْمَعِ إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِيَكْفُرُ
قَوْلُهُ كَالرِّكَازِ وَكَمَالِ الصَّبِيِّ وَلِبَعْضِهِمْ مِنْ الْوَافِرِ
أَقُولُ لِشَادِنٍ فِي الْحُسْنِ أَضْحَى ... يَصِيدُ بِلَحْظَةٍ قَلْبَ الْكَمِيِّ
مَلَكْت الْحُسْنَ أَجْمَعَ فِي نِصَابٍ ... فَأَدِّ زَكَاةَ مَنْظَرِكَ الْبَهِيِّ
وَذَاكَ بِأَنْ تَجُودَ لِمُسْتَهَامٍ ... بِرَشْفٍ مِنْ مَقْبَلِك الشَّهِيِّ
فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لِي إمَامٌ ... يَرَى أَنْ لَا زَكَاةَ عَلَى الصَّبِيِّ
فَإِنْ تَكُ شَافِعِيَّ الرَّأْيِ أَوْ مَنْ ... يَرَى رَأْيَ الْإِمَامِ الْمَالِكِيِّ
فَلَا تَكُ طَالِبًا مِنِّي زَكَاةً ... فَإِخْرَاجُ الزَّكَاةِ عَلَى الْوَلِيِّ
وَلِبَعْضِهِمْ
يَا مَنْ تَفَرَّدَ فِي الْوَرَى بِجَمَالِهِ ... وَبِهِ الْكَوَاكِبُ فِي السَّمَا تَتَبَاهَى
إنَّ الْفَقِيرَ يُرِيدُ مِنْك تَعَطُّفًا بِزَكَاةِ حُسْنٍ ... قَدْ مَنَعْت عَطَاهَا لَمَّا طَلَبْت زَكَاتَهُ
فَأَجَابَنِي وَرْدُ الْخُدُودِ بِأَنَّهُ أَدَّاهَا
قَوْلُهُ (وَفُرِضَتْ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ) وَاخْتُلِفَ فِي أَيِّ شَهْرٍ مِنْهَا وَاَلَّذِي قَالَهُ شَيْخُنَا الْبَابِلِيُّ أَنَّ الْمَشْهُورَ عَنْ الْمُحَدِّثِينَ أَنَّهَا فُرِضَتْ فِي شَوَّالٍ مِنْ السَّنَةِ الْمَذْكُورَةِ
قَوْلُهُ: (مِنْ أَنْوَاعِ الْمَالِ) الْأَوْلَى مِنْ أَجْنَاسِ الْمَالِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِيمَا بَعْدُ، لَكِنْ سَيَأْتِي أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْجِنْسِ الْجِنْسَ الْمَنْطِقِيَّ بَلْ مَا دَلَّ عَلَى مُتَعَدِّدٍ فَأَشْبَهَ النَّوْعَ اهـ.
قَوْلُهُ: (وَهَذِهِ الْأَنْوَاعُ ثَمَانِيَةُ أَصْنَافٍ) وَتَرْجِعُ إلَى ضَرْبَيْنِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْقِيمَةِ وَهُوَ زَكَاةُ التِّجَارَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ: نَبَاتٌ وَجَوْهَرُ النَّقْدَيْنِ وَحَيَوَانٌ زي قَوْلُهُ: (أَصْنَافٍ) فِيهِ مُسَامَحَةٌ؛ لِأَنَّ الْإِبِلَ مَثَلًا لَيْسَ صِنْفًا مِنْ نَوْعٍ بَلْ هُوَ نَوْعٌ مِنْ جِنْسٍ وَهُوَ الْمَاشِيَةُ، وَلَمْ يَذْكُرْ عُرُوضَ التِّجَارَةِ مَعَ أَنَّهَا مَذْكُورَةٌ فِي الْإِجْمَالِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهَا دَاخِلَةٌ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لِأَنَّهَا تُقَوَّمُ بِأَحَدِهِمَا.
قَوْلُهُ: (مِنْ