للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذَلِكَ وَجَبَتْ لِثَمَانِيَةِ أَصْنَافٍ مِنْ طَبَقَاتِ النَّاسِ (فَأَمَّا الْمَوَاشِي) جَمْعُ مَاشِيَةٍ وَهِيَ تُطْلَقُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مِنْ الدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ وَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ لَيْسَ بِمُرَادٍ بَيَّنَ الْمُصَنِّفُ الْمُرَادَ مِنْهَا بِقَوْلِهِ (فَتَجِبُ الزَّكَاةُ فِي ثَلَاثَةِ أَجْنَاسٍ مِنْهَا) فَقَطْ (وَهِيَ الْإِبِلُ) بِكَسْرِ الْبَاءِ اسْمُ جَمْعٍ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ وَتُسَكَّنُ بَاؤُهُ لِلتَّخْفِيفِ وَيُجْمَعُ عَلَى آبَالٍ كَحَمْلٍ وَأَحْمَالٍ (وَالْبَقَرُ) وَهُوَ اسْمُ جِنْسٍ وَاحِدُهُ بَقَرَةٌ وَبَاقُورَةٌ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يَبْقُرُ الْأَرْضَ أَيْ يَشُقُّهَا بِالْحِرَاثَةِ (وَالْغَنْمُ) وَهُوَ اسْمُ جِنْسٍ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ فَلَا تَجِبُ فِي الْخَيْلِ وَلَا فِي الرَّقِيقِ وَلَا فِي الْمُتَوَلِّدِ مِنْ غَنَمٍ وَظِبَاءٍ، وَأَمَّا الْمُتَوَلِّدُ مِنْ وَاحِدٍ مِنْ النَّعَمِ وَمِنْ آخَرَ مِنْهَا كَالْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ إبِلٍ وَبَقَرٍ فَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهَا تَجِبُ فِيهِ.

وَقَالَ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ: يَنْبَغِي الْقَطْعُ بِهِ. قَالَ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُزَكِّي زَكَاةَ أَخَفِّهِمَا، فَالْمُتَوَلِّدُ بَيْنَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ يُزَكَّى زَكَاةَ الْبَقَرِ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ

(وَشَرَائِطُ وُجُوبِهَا) أَيْ زَكَاةِ الْمَاشِيَةِ الَّتِي هِيَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ (سِتَّةُ أَشْيَاءَ) الْأَوَّلُ (الْإِسْلَامُ) لِقَوْلِ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: هَذِهِ فَرِيضَةُ الصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْمُسْلِمِينَ. فَلَا تَجِبُ عَلَى كَافِرٍ وُجُوبَ مُطَالَبَةٍ وَإِنْ كَانَ يُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِهَا فِي الْآخِرَةِ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ.

نَعَمْ الْمُرْتَدُّ تُؤْخَذُ مِنْهُ بَعْدَ وُجُوبِهَا عَلَيْهِ أَسْلَمَ أَمْ لَا مُؤَاخَذَةً لَهُ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ هَذَا إذَا لَزِمَتْهُ قَبْلَ رِدَّتِهِ، وَمَا لَزِمَهُ فِي رِدَّتِهِ فَهُوَ مَوْقُوفٌ كَمَا لَهُ إنْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ لَزِمَهُ أَدَاؤُهَا لِتَبَيُّنِ بَقَاءِ مِلْكِهِ وَإِلَّا فَلَا.

(وَ) الثَّانِي (الْحُرِّيَّةُ) فَلَا تَجِبُ عَلَى رَقِيقٍ وَلَوْ مُدَبَّرًا وَمُعَلَّقًا عِتْقُهُ بِصِفَةٍ، أَوْ مُكَاتَبًا لِضَعْفِ مِلْكِ الْمُكَاتَبِ وَلِعَدَمِ مِلْكِ غَيْرِهِ. نَعَمْ تَجِبُ عَلَى مَنْ مَلَكَ بِبَعْضِهِ الْحُرِّ نِصَابًا لِتَمَامِ مِلْكِهِ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

أَجْنَاسٍ) لَعَلَّهُ أَرَادَ بِهِ اللُّغَوِيَّ الشَّامِلَ لِلنَّوْعِ لِيُلَائِمَ مَا مَرَّ.

قَوْلُهُ: (الْإِنْسِيَّةُ) هَذَا قَيْدٌ لِلْبَقَرِ، وَكَانَ الْأَنْسَبُ تَقْدِيمَهُ عَلَى لَفْظِ الْغَنَمِ لِأَنَّ الظِّبَاءَ إنَّمَا تُسَمَّى شِيَاهَ الْبَرِّ لَا غَنَمَ الْبَرِّ. اهـ. ز ي أج.

قَوْلُهُ: (وَالذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ) وَمِنْ ذَلِكَ عُرُوضُ التِّجَارَةِ لِأَنَّهَا تَرْجِعُ لِلْقِيمَةِ وَهِيَ هُمَا.

قَوْلُهُ: (وَمِنْ ذَلِكَ) مِنْ لِلتَّعْلِيلِ أَيْ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ، وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا يَظْهَرُ إلَّا لَوْ كَانَ كُلُّ زَكَاةٍ مِنْ نَوْعٍ مِنْ ذَلِكَ أَيْ مِنْ الثَّمَانِيَةِ تُدْفَعُ لِصِنْفٍ مِنْ الثَّمَانِيَةِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ كُلُّ زَكَاةٍ تُدْفَعُ لِلثَّمَانِيَةِ.

قَوْلُهُ: (وَالْأَنْعَامِ) عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ وَالنُّكْتَةُ فِيهِ كَوْنُ الْكَلَامِ فِيهَا. قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَالنَّعَمُ تُذَكَّرُ وَتُؤَنَّثُ وَجَمْعُهُ أَنْعَامٌ وَأَنْعَامٌ جَمْعُهُ أَنَاعِمُ وَسُمِّيَتْ نَعَمًا لِكَثْرَةِ نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى فِيهَا عَلَى خَلْقِهِ مِنْ النُّمُوِّ وَعُمُومِ الِانْتِفَاعِ بِهَا اهـ.

قَوْلُهُ: (مِنْ لَفْظِهِ) بَلْ لَهُ وَاحِدٌ مِنْ مَعْنَاهُ وَهُوَ بَعِيرٌ وَجَمَلٌ وَنَاقَةٌ.

قَوْلُهُ: (وَهُوَ اسْمُ جِنْسٍ) أَيْ جَمْعِيٌّ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: وَاحِدُهُ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (اسْمُ جِنْسٍ) وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ اسْمُ جَمْعٍ لِأَنَّهُ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ، وَلَا يَصِحُّ كَوْنُهُ اسْمَ جِنْسٍ جَمْعِيٍّ لِعَدَمِ وَاحِدٍ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ.

قَوْلُهُ: (فَلَا تَجِبُ فِي الْخَيْلِ) هُوَ اسْمُ جَمْعٍ لِأَنَّهُ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا فِي الْمُتَوَلِّدِ مِنْ غَنَمٍ وَظِبَاءٍ) وَهَذَا مِنْ قَاعِدَةِ الْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ زَكَوِيٍّ وَغَيْرِهِ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ، فَقَوْلُ م د هُوَ مِنْ قَاعِدَةٍ يَتْبَعُ الْفَرْعَ إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِ الشَّارِحِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُزَكِّي زَكَاةَ أَخَفِّهِمَا إلَخْ.

قَوْلُهُ: (زَكَاةَ أَخَفِّهِمَا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ أَيْ مِنْ حَيْثُ الْعَدَدُ لَا مِنْ حَيْثُ السِّنُّ، فَالْمُتَوَلِّدُ بَيْنَ ضَأْنٍ وَمَعْزٍ يَجِبُ فِيهِ مَا لَهُ سَنَتَانِ. اهـ. ق ل.

وَقَالَ سم: يَكْفِي مَا لَهُ سَنَةٌ، وَقَالَ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى حَجّ: الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَتْبَعُ أَعْلَى السِّنِّ قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ) وَإِذْ كَانَ يُزَكِّي زَكَاةَ الْبَقَرِ فَلَا تَجِبُ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثِينَ وَلَوْ كَانَ عَلَى صُورَةِ الْإِبِلِ.

قَوْلُهُ: (لِقَوْلِ الصِّدِّيقِ وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي قُحَافَةَ) .

قَوْلُهُ: (نَعَمْ الْمُرْتَدُّ تُؤْخَذُ مِنْهُ) وَإِنْ أَخْرَجَ حَالَ رِدَّتِهِ أَجْزَأَهُ كَمَا لَوْ أَطْعَمَ عَنْ الْكَفَّارَةِ، بِخِلَافِ الصَّوْمِ لَا يَصِحُّ مِنْهُ لِأَنَّهُ عَمَلٌ بَدَنِيٌّ وَتَكْفِي نِيَّتُهُ فِي الزَّكَاةِ وَإِنْ كَانَ شَرْطُهَا الْإِسْلَامَ لِلضَّرُورَةِ وَتَكُونُ لِلتَّمْيِيزِ.

قَوْلُهُ: (مَوْقُوفٌ) أَيْ لُزُومُ الْأَدَاءِ وَالْإِخْرَاجِ، وَأَمَّا الْوُجُوبُ فَثَابِتٌ لَا وَقْفَ فِيهِ.

قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ أَدَاؤُهَا) وَلَوْ أَخْرَجَهَا حَالَ رِدَّتِهِ أَجْزَأَتْهُ إنْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ، فَلَوْ لَمْ يَعُدْ إلَى الْإِسْلَامِ رَجَعَ الْإِمَامُ عَلَى الْآخِذِ م ر.

قَوْلُهُ: (وَإِلَّا) بِأَنْ مَاتَ مُرْتَدًّا فَلَا تُخْرَجُ الزَّكَاةُ عَنْهُ لِتَبَيُّنِ أَنَّ الْمَالَ لَيْسَ عَلَى مِلْكِهِ بَلْ هُوَ فَيْءٌ.

قَوْلُهُ: (الْحُرِّيَّةُ) أَيْ وَلَوْ بَعْضًا كَمَا سَيَأْتِي.

قَوْلُهُ: (أَوْ مُكَاتَبًا) وَلَوْ كِتَابَةً

<<  <  ج: ص:  >  >>