للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَ) الثَّالِثُ (الْمِلْكُ التَّامُّ) فَلَا تَجِبُ فِيمَا لَا يَمْلِكُهُ مِلْكًا تَامًّا كَمَالِ كِتَابَةٍ إذْ لِلْعَبْدِ إسْقَاطُهُ مَتَى شَاءَ، وَتَجِبُ فِي مَالِ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ وَالْمُخَاطَبُ بِالْإِخْرَاجِ مِنْهُ وَلِيُّهُ، وَلَا تَجِبُ فِي مَالِ وَقْفٍ لِجَنِينٍ إذْ لَا وُثُوقَ بِوُجُودِهِ وَحَيَاتِهِ.

وَتَجِبُ فِي مَغْصُوبٍ وَضَالٍّ وَمَجْحُودٍ وَغَائِبٍ، وَإِنْ تَعَذَّرَ أَخْذُهُ وَمَمْلُوكٍ بِعَقْدٍ قَبْلَ قَبْضِهِ لِأَنَّهَا مُلِكَتْ مِلْكًا تَامًّا، وَفِي دَيْنٍ لَازِمٍ مِنْ نَقْدٍ وَعَرْضِ تِجَارَةٍ لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ وَلَا يَمْنَعُ دَيْنٌ وَلَوْ حُجِرَ بِهِ وُجُوبَهَا، وَلَوْ اجْتَمَعَ زَكَاةٌ وَدَيْنُ آدَمِيٍّ فِي تَرِكَةٍ بِأَنْ مَاتَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

فَاسِدَةً، فَإِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ صَارَ مَا بِيَدِهِ لِسَيِّدِهِ وَابْتَدَأَ حَوْلَهُ مِنْ حِينَئِذٍ وَإِنْ عَتَقَ ابْتَدَأَ حَوْلَهُ مِنْ حِينِ عِتْقِهِ.

قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: وَلَا زَكَاةَ عَلَى السَّيِّدِ وَلَا مُكَاتَبِهِ فِي مَالِ الْمُكَاتَبِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِلْكًا لِلسَّيِّدِ وَالْمُكَاتَبُ لَيْسَ بِحُرٍّ وَمِلْكُهُ ضَعِيفٌ، فَإِنْ زَالَتْ الْكِتَابَةُ لِعَجْزٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ غَيْرِهِ انْعَقَدَ حَوْلُهُ مِنْ حِينِ زَوَالِهَا اهـ.

قَوْلُهُ: (الْمِلْكُ) دَخَلَ الْأَنْبِيَاءُ لِأَنَّهُمْ يَمْلِكُونَ فَتَجِبُ عَلَيْهِمْ الزَّكَاةُ، خِلَافًا لِمَالِكٍ حَيْثُ قَالَ: لَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ الزَّكَاةُ لِأَنَّهُمْ لَا مِلْكَ لَهُمْ مَعَ اللَّهِ، وَأَنَّ مَا فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ وَدَائِعِ اللَّهِ لَهُمْ يَبْذُلُونَهَا لِمَنْ يَسْتَحِقُّهَا، وَلِأَنَّ الزَّكَاةَ طُهْرَةٌ وَهُمْ مُبَرَّءُونَ مِنْ الدَّنَسِ أج مُلَخَّصًا. قَوْلُهُ (كَمَالِ كِتَابَةٍ) أَيْ فَلَا يَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ زَكَاةُ نُجُومِ الْكِتَابَةِ قَبْلَ قَبْضِهَا، فَانْدَفَعَ قَوْلُ م د إنَّ مَالَ الْكِتَابَةِ خَارِجٌ بِقَيْدِ الْحُرِّيَّةِ فَذِكْرُهُ تَكْرَارٌ اهـ؛ لِأَنَّ الْخَارِجَ بِقَيْدِ الْحُرِّيَّةِ عَدَمُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ عَلَى الْمُكَاتَبِ فِيمَا بِيَدِهِ سَوَاءٌ نُجُومُ الْكِتَابَةِ وَغَيْرِهَا، وَالْكَلَامُ هُنَا فِي السَّيِّدِ أَيْ فِي عَدَمِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ عَلَيْهِ فِي النُّجُومِ قَبْلَ قَبْضِهَا.

قَوْلُهُ: (فِي مَالِ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ) وَهُوَ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ وَالسَّفِيهُ وَتَلْزَمُ النِّيَّةُ الْوَلِيَّ عَنْ مَحْجُورِهِ، فَلَوْ دَفَعَ بِلَا نِيَّةٍ لَمْ يَقَعْ الْمَوْقِعَ وَعَلَيْهِ الضَّمَانُ وَلِوَلِيِّ السَّفِيهِ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يُفَوِّضَ النِّيَّةَ لَهُ كَغَيْرِهِ شَرْحُ الْمَنْهَجِ.

قَوْلُهُ: (وَالْمُخَاطَبُ بِالْإِخْرَاجِ إلَخْ) وَمَحِلُّ وُجُوبِ ذَلِكَ عَلَيْهِ حَيْثُ كَانَ مِمَّنْ يَعْتَقِدُ وُجُوبَهَا عَلَى الْمُوَلَّى عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ لَا يَرَاهُ كَحَنَفِيٍّ فَلَا وُجُوبَ وَالِاحْتِيَاطُ لَهُ أَنْ يَحْسُبَ زَكَاتَهُ، فَإِذَا كَمُلَ أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ وَلَا يُخْرِجْهَا فَيُغَرِّمَهُ الْحَاكِمُ شَرْحُ م ر. قَوْلُهُ: (وَلَا تَجِبُ فِي مَالِ وَقْفٍ) لَوْ قَدَّمَهُ عَلَى قَوْلِهِ " وَتَجِبُ فِي مَالِ إلَخْ " لَكَانَ أَوْلَى لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي عَدَمِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ.

وَفِي شَرْحِ م ر تَفْرِيعُ هَذَا عَلَى شَرْطٍ آخَرَ، وَعِبَارَتُهُ: وَيَتَعَيَّنُ وُجُودُ الْمَالِكِ فَلَا زَكَاةَ فِي مَالِ وَقْفٍ لِجَنِينٍ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (الْجَنِينُ) أَيْ وَلَوْ انْفَصَلَ حَيًّا كَمَا قَالَهُ سم، وَاللَّامُ فِي " لِجَنِينٍ " تَعْلِيلِيَّةٌ أَيْ لِأَجْلِ جَنِينٍ، فَيَشْمَلُ التَّرِكَةَ كُلَّهَا حَتَّى لَوْ انْفَصَلَ مَيِّتًا لَا تَجِبُ عَلَى الْوَرَثَةِ لَا فِي نَصِيبِهِ وَلَا فِي نَصِيبِهِمْ لِضَعْفِ مِلْكِهِمْ بِمَنْعِهِمْ مِنْ التَّصَرُّفِ كَمَا قَالَهُ ع ش عَلَى م ر وَقَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ.

قَوْلُهُ: (إذْ لَا وُثُوقَ بِوُجُودِهِ) أَيْ شَأْنُهُ ذَلِكَ، فَلَوْ تَيَقَّنَ وُجُودَهُ لَا تَجِبُ أَيْضًا؛ قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ: فَلَوْ انْفَصَلَ الْجَنِينُ مَيِّتًا، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: الْمُتَّجَهُ عَدَمُ لُزُومِهَا بَقِيَّةَ الْوَرَثَةِ لِضَعْفِ مِلْكِهِمْ اهـ.

قَالَ ع ش: قَوْلُهُ " الْمُتَّجَهُ عَدَمُ لُزُومِهَا " أَيْ فِي جَمِيعِ الْمَالِ الْمَوْقُوفِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ لَا فِيمَا يَخْتَصُّ بِالْجَنِينِ لَوْ كَانَ حَيًّا، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَقِيَاسُ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ عَلَى الْوَرَثَةِ إذَا تَبَيَّنَ عَدَمُ الْحَمْلِ لِلتَّرَدُّدِ بَعْدَ مَوْتِ مَنْ لَهُ الْمَالُ فِي عَيْنِ مَنْ انْتَقَلَ الْمَالُ لَهُ، وَلَكِنْ نُقِلَ عَنْ زي وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِيمَا لَوْ تَبَيَّنَ لَا حَمْلَ لِحُصُولِ الْمِلْكِ لِلْوَرَثَةِ بِمَوْتِ الْمُوَرِّثِ اهـ.

وَهَذِهِ الْعِلَّةُ بِعَيْنِهَا مَوْجُودَةٌ فِيمَا لَوْ انْفَصَلَ مَيِّتًا اهـ بِالْحَرْفِ.

وَفِي وُجُوبِهَا فِي ذَلِكَ وَقْفَةٌ.

قَوْلُهُ: (وَتَجِبُ فِي مَغْصُوبٍ إلَخْ) وَمِنْهُ الْمَسْرُوقُ، وَالْمُرَادُ بِوُجُوبِهَا فِي هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ اسْتِقْرَارُهَا فِي ذِمَّتِهِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ إخْرَاجُهَا إلَّا بِحُضُورِهَا أَوْ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا كَمَا فِي الْمَنْهَجِ، قَالَ م ر: وَاَلَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْمَغْصُوبِ وَفِي نَحْوِ الْغَائِبِ بِمُسْتَحِقِّي مَحَلِّ الْوُجُوبِ لَا التَّمَكُّنِ اهـ؛ أَيْ فَيُخْرِجُ الزَّكَاةَ لِمُسْتَحِقِّ الْبَلَدِ الَّتِي كَانُوا فِيهَا حَالَةَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ أَيْ حَالَةَ حَوَلَانِ الْحَوْلِ وَقَوْلُهُ وَضَالٍّ، وَمِنْهُ الْوَاقِعُ فِي بَحْرٍ وَالْمَدْفُونُ الْمَنْسِيُّ مَحَلُّهُ وَيَتَصَوَّرُ إسَامَةَ الضَّالَّةِ بِأَنْ يَقْصِدَ مَالِكُهَا إسَامَتَهَا وَتَسْتَمِرُّ سَائِمَةً وَهِيَ ضَالَّةٌ إلَى آخِرِ الْحَوْلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ قَصْدُ الْإِسَامَةِ فِي كُلِّ مَرَّةٍ كَمَا قَالَهُ الْعَنَانِيُّ.

قَوْلُهُ: (وَمَجْحُودٍ) أَيْ مُودَعٍ جَحَدَهُ الْوَدِيعُ أَوْ دَيْنٌ جَحَدَهُ مَنْ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ تَعَذَّرَ أَخْذُهُ) أَيْ أَخْذُ كُلٍّ مِنْ الْأَرْبَعَةِ. قَوْلُهُ: (وَمَمْلُوكٍ بِعَقْدٍ قَبْلَ قَبْضِهِ) بِأَنْ بَاعَ شَيْئًا وَلَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ حَتَّى مُضِيِّ الْحَوْلِ، أَوْ اشْتَرَى شَيْئًا وَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا مُلِكَتْ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِلْكُلِّ وَلِأَنَّهُ يَمْلِكُ إسَامَةَ الْمَالِكِ لَهَا قَبْلَ الْقَبْضِ. قَوْلُهُ: (وَعَرْضِ تِجَارَةٍ) كَأَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>