للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَبْلَ أَدَائِهَا وَضَاقَتْ التَّرِكَةُ عَنْهُمَا قُدِّمَتْ عَلَى الدَّيْنِ تَقْدِيمًا لِدَيْنِ اللَّهِ تَعَالَى.

وَفِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «دَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ بِالْقَضَاءِ» وَخَرَجَ بِدَيْنِ الْآدَمِيِّ دَيْنُ اللَّهِ تَعَالَى كَزَكَاةٍ وَحَجٍّ، فَالْوَجْهُ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَ النِّصَابُ مَوْجُودًا قُدِّمَتْ الزَّكَاةُ وَإِلَّا فَيَسْتَوِيَانِ، وَبِالتَّرِكَةِ مَا لَوْ اجْتَمَعَا عَلَى حَيٍّ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ قُدِّمَ حَقُّ الْآدَمِيِّ إذَا لَمْ تَتَعَلَّقْ الزَّكَاةُ بِالْعَيْنِ وَإِلَّا قُدِّمَتْ مُطْلَقًا.

(وَ) الشَّرْطُ (الرَّابِعُ النِّصَابُ) بِكَسْرِ النُّونِ بِقَدْرٍ مَعْلُومٍ مِمَّا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ. قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَحْرِيرِهِ فَلَا زَكَاةَ فِيمَا دُونَهُ. (وَ) الْخَامِسُ (الْحَوْلُ) لِخَبَرِ «لَا زَكَاةَ فِي مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ» وَهُوَ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا مَجْبُورٌ بِآثَارٍ صَحِيحَةٍ عَنْ الْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعِ وَغَيْرِهِمْ، وَالْحَوْلُ كَمَا فِي الْمُحْكَمِ سَنَةٌ كَامِلَةٌ فَلَا تَجِبُ قَبْلَ تَمَامِهِ وَلَوْ بِلَحْظَةٍ. وَلَكِنْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَالَ: أَسْلَمْت إلَيْك هَذِهِ الدَّنَانِيرَ فِي مِائَةِ مَقْطَعِ قُمَاشٍ أَتَّجِرُ فِيهَا، وَنَوَى بِهَا التِّجَارَةَ؛ وَكَأَنْ أَقْرَضَ الْعُرُوضَ لِآخَرَ فَإِنَّهَا تَصِيرُ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ الْمُقْتَرِضِ، فَإِذَا مَضَى حَوْلٌ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ فِي الصُّورَتَيْنِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ. وَعِبَارَةُ الْمَرْحُومِيِّ: قَوْلُهُ " وَعَرْضِ تِجَارَةٍ " خَرَجَ بِذَلِكَ زَكَاةُ الْمَاشِيَةِ الَّتِي فِي الذِّمَّةِ فَلَا تَجِبُ فِيهَا زَكَاةٌ لِأَنَّ شَرْطَ زَكَاتِهَا السَّوْمُ وَمَا فِي الذِّمَّةِ لَا يُسَامُ اهـ. قَوْلُهُ: (لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ) لِأَنَّ قَوْلَهُ: {وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: ٤٣] وَ {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [التوبة: ١٠٣] شَامِلٌ لِمَالِ التِّجَارَةِ وَلِمَا فِي ذِمَّةِ الْمُقْتَرِضِ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ بَعْدَ هَذَا: بِخِلَافِ غَيْرِ اللَّازِمِ كَمَالِ كِتَابَةٍ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ غَيْرُ تَامٍّ فِيهِ إذْ لِلْعَبْدِ إسْقَاطُهُ مَتَى شَاءَ، وَبِخِلَافِ اللَّازِمِ مِنْ مَاشِيَةٍ وَمُعَشَّرٍ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الزَّكَاةِ فِي الْمَاشِيَةِ السَّوْمُ وَمَا فِي الذِّمَّةِ لَا يُسَامُ وَفِي الْمُعَشَّرِ الزَّهْوُ أَيْ النُّمُوُّ فِي مِلْكِهِ وَلَمْ يُوجَدْ.

قَوْلُهُ: (قُدِّمَتْ عَلَى الدَّيْنِ) أَيْ وَإِنْ تَعَلَّقَ بِالْعَيْنِ قَبْلَ الْمَوْتِ كَالْمَرْهُونِ، وَلَا يُشْكِلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُمْ: حُقُوقُ اللَّهِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُسَامَحَةِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْحُدُودِ وَنَحْوِهَا، أَوْ يُقَالُ الزَّكَاةُ فِيهَا جِهَتَانِ حَقُّ اللَّهِ وَحَقُّ الْآدَمِيِّ.

قَوْلُهُ: (كَزَكَاةٍ وَحَجٍّ) أَوْ كَفَّارَةٍ وَنَذْرٍ.

قَوْلُهُ: (إنْ كَانَ النِّصَابُ) أَوْ بَعْضُهُ شَوْبَرِيٌّ، وَعِبَارَةُ حَجّ: إنْ تَعَلَّقَتْ بِالْعَيْنِ بِأَنْ بَقِيَ النِّصَابُ وَإِلَّا بِأَنْ تَلِفَ بَعْدَ الْوُجُوبِ وَالتَّمَكُّنِ اسْتَوَتْ مَعَ غَيْرِهَا فَيُوَزَّعُ عَلَيْهِمَا.

قَوْلُهُ: (فَيَسْتَوِيَانِ) أَيْ فَيُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا بِالْقِسْطِ عِنْدَ الْإِمْكَانِ وَإِلَّا فَيُقَدَّمُ الْأَهَمُّ فَالْأَهَمُّ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ س ل، أَيْ فَإِذَا اشْتَدَّ احْتِيَاجُ الْفُقَرَاءِ قُدِّمَتْ الزَّكَاةُ. وَكَتَبَ بَعْضُهُمْ عَلَى قَوْلِهِ " فَيَسْتَوِيَانِ ": أَيْ فَيُوَزَّعُ عَلَيْهِمَا فَيُدْفَعُ مَا خَصَّ الزَّكَاةَ لَهَا وَمَا خَصَّ الْحَجَّ لَهُ وَيَجِبُ الْحَجُّ إنْ كَفَى الْحَجُّ وَإِلَّا فَلَا؛ وَهَلْ يَكُونُ لِلْوَرَثَةِ حِينَئِذٍ أَوْ يَبْقَى فَرُبَّمَا حَصَلَ لَهُ مَالٌ كَمَّلَ بِهِ مَالَ الْحَجِّ؟ فَتَدَبَّرْ.

وَحَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ " فَيَسْتَوِيَانِ " أَيْ فِي التَّعَلُّقِ أَيْ لَا يُقَدَّمُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ، وَبَعْدَ ذَلِكَ يُوَزَّعُ الْمَالُ الْمَوْجُودُ عَلَى قَدْرِهِمَا بِالنِّسْبَةِ؛ فَإِذَا كَانَ قَدْرُ الزَّكَاةِ خَمْسَةً وَالْحَجُّ أُجْرَتُهُ عَشَرَةٌ فَالْمَجْمُوعُ خَمْسَةَ عَشَرَ فَالزَّكَاةُ ثُلُثٌ فَيَخُصُّهَا الثُّلُثَ وَالْجَمْعُ الثُّلُثَانِ وَبَعْدَ ذَلِكَ لَا شَيْءَ يَجِبُ فِي الزَّكَاةِ سِوَى ذَلِكَ، وَأَمَّا الْحَجُّ فَإِنْ كَانَ الَّذِي خَصَّهُ يُوفِي بِأُجْرَتِهِ فَظَاهِرٌ وَإِنْ كَانَ لَا يَفِي فَيُحْفَظُ إلَى أَنْ يَحْصُلَ مَا يُكَمِّلُهُ وَيَحُجُّ بِهِ وَلَا يَمْلِكُهُ الْوَارِثُ؛ هَكَذَا قَرَّرَهُ بَعْضُهُمْ.

قَوْلُهُ: (مَا لَوْ اجْتَمَعَا عَلَى حَيٍّ) أَيْ وَضَاقَ مَالُهُ عَنْهُمَا.

قَوْلُهُ: (إذَا لَمْ تَتَعَلَّقْ الزَّكَاةُ بِالْعَيْنِ) بِأَنْ تَعَلَّقَتْ بِالْقِيمَةِ كَعُرُوضِ التِّجَارَةِ، وَقَالَ سم: قَوْلُهُ " قُدِّمَ حَقُّ الْآدَمِيِّ " لَعَلَّ صُورَتَهُ إنْ كَانَ النِّصَابُ تَالِفًا، فَإِنْ كَانَ النِّصَابُ بَاقِيًا قَدَّمْت مَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَلَوْ حُجِرَ بِهِ اهـ.

قَوْلُهُ: (وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ تَعَلَّقَتْ بِالْعَيْنِ قُدِّمَتْ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ أَوْ لَا. قَوْلُهُ: (بِقَدْرِ إلَخْ) الْأَوْلَى حَذْفُ الْبَاءِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهَا بَاءُ التَّصْوِيرِ أَوْ التَّقْدِيرِ، وَيَتَحَقَّقُ بِقَدْرٍ مَعْلُومٍ؛ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: قَدْرٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>