للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَعْلَمْ فَلَا زَكَاةَ لِفَقْدِ إسَامَةِ الْمَالِكِ الْمَذْكُورِ، وَالْمَاشِيَةُ تَصْبِرُ عَنْ الْعَلَفِ يَوْمًا وَيَوْمَيْنِ لَا ثَلَاثَةً.

(وَأَمَّا الْأَثْمَانُ فَشَيْئَانِ) وَهُمَا (الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ) . وَالْأَصْلُ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي ذَلِكَ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} [التوبة: ٣٤] وَالْكَنْزُ هُوَ الَّذِي لَمْ تُؤَدَّ زَكَاتُهُ. تَنْبِيهٌ: قَضِيَّةُ تَفْسِيرِ الْمُصَنِّفِ الْأَثْمَانَ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ شُمُولُ الْأَثْمَانِ لِغَيْرِ الْمَضْرُوبِ، فَإِنَّ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ يُطْلَقُ عَلَى الْمَضْرُوبِ وَعَلَى غَيْرِهِ وَلَيْسَ مُرَادًا وَإِنَّمَا هِيَ الدَّنَانِيرُ وَالدَّرَاهِمُ خَاصَّةً كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَحْرِيرِهِ، وَحِينَئِذٍ فَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ غَيْرُ مُطَابِقٍ لِتَفْسِيرِ الْأَثْمَانِ وَإِنْ كَانَ حَسَنًا مِنْ حَيْثُ شُمُولُ الْمَضْرُوبِ وَغَيْرِهِ فَإِنَّهُ الْمُرَادُ هُنَا.

(وَشَرَائِطُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهَا) أَيْ الْأَثْمَانِ وَلَوْ قَالَ فِيهِمَا لِيَعُودَ عَلَى الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لَكَانَ أَوْلَى لِمَا تَقَدَّمَ (خَمْسٌ) وَهِيَ (الْإِسْلَامُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالْمِلْكُ التَّامُّ وَالنِّصَابُ وَالْحَوْلُ) وَمُحْتَرَزَاتُهَا مَعْلُومَةٌ مِمَّا تَقَدَّمَ، وَلَوْ زَالَ مِلْكُهُ فِي الْحَوْلِ عَنْ النِّصَابِ أَوْ بَعْضُهُ بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ فَعَادَ بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ اسْتَأْنَفَ الْحَوْلَ لِانْقِطَاعِ الْأَوَّلِ بِمَا فَعَلَهُ فَصَارَ مِلْكًا جَدِيدًا فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ حَوْلٍ لِلْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ، وَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ بِقَصْدِ الْفِرَارِ مِنْ الزَّكَاةِ كُرِهَ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ لِأَنَّهُ فِرَارٌ مِنْ الْقُرْبَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

فَتْحِ الْجَوَادِ وَالتُّحْفَةِ شَوْبَرِيٌّ.

قَوْلُهُ: (أَوْ وَرِثَهَا) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ " سَامَتْ " بِأَنْ كَانَ يَسُومُهَا الْوَارِثُ جَاهِلًا بِأَنَّهَا مِلْكُهُ، وَهَذَا خَرَجَ بِقَوْلِهِ " إسَامَةِ الْمَالِكِ " مَعَ مُلَاحَظَةِ الْمُقَدَّرِ كَمَا تَقَدَّمَ وَهُوَ عِلْمُ الْمَالِكِ بِأَنَّهَا فِي مِلْكِهِ لِاسْتِحَالَةِ الْقَصْدِ إلَيْهَا مَعَ عَدَمِ الْعِلْمِ. اهـ. سم.

قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَعْلَمْ) أَيْ وَكَانَ هُوَ الْمُسِيمُ لَهَا. قَوْلُهُ: (فَلَا زَكَاةَ) أَيْ فِي الصُّوَرِ الثَّمَانِيَةِ، وَيُضَمُّ لَهَا صُورَةُ جَزِّ الْكَلَأِ الْمُبَاحِ وَتَقْدِيمِهِ لَهَا فَإِنَّهُ كَالْعَلَفِ كَمَا قَالَهُ ق ل وَغَيْرُهُ. قَوْلُهُ: (لَا ثَلَاثَةً) أَيْ بِلَا ضَرَرٍ بَيِّنٍ فَلَا يُنَافِي أَنَّهَا تَعِيشُ حِينَئِذٍ لَكِنْ بِضَرَرٍ بَيِّنٍ ح ف.

قَوْلُهُ: (وَأَمَّا الْأَثْمَانُ) جَمْعُ ثَمَنٍ كَجَمَلٍ وَأَجْمَالٍ. قَوْلُهُ: (وَالْكَنْزُ هُوَ الَّذِي إلَخْ) هُوَ تَفْسِيرٌ مُرَادٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: {وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: ٣٤] وَإِلَّا فَالْكَنْزُ لُغَةً الْمَالُ الْمَكْنُوزُ، فَكَأَنَّهُ شَبَّهَ الْمَالَ الَّذِي لَمْ تُؤَدَّ زَكَاتُهُ بِالْمَالِ الْمَدْفُونِ الَّذِي لَا يُنْتَفَعُ بِهِ حَالَ دَفْنِهِ اهـ ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (تَنْبِيهٌ إلَخْ) غَرَضُهُ بِذَلِكَ الِاعْتِرَاضُ عَلَى تَفْسِيرِ الْأَثْمَانِ بِذَلِكَ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُطَابِقٍ لُغَةً؛ لِأَنَّ الْأَثْمَانَ لُغَةً الْمَضْرُوبُ مِنْهُمَا، وَهُمَا أَيْ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ يَشْمَلَانِ الْمَضْرُوبَ وَغَيْرَهُ.

وَبَعْدَ ذَلِكَ أَجَابَ بِأَنَّ غَرَضَ الْمَتْنِ بَيَانُ الْمَعْنَى الْمُرَادِ هُنَا لَا الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ لِلْمَعْنَى الْعَامِّ لَا الْخَاصِّ، وَالْحُكْمُ هُوَ وُجُوبُ الزَّكَاةِ بِالشُّرُوطِ الْآتِيَةِ. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَثْمَانِ مَا يَشْمَلُ الْمَضْرُوبَ وَغَيْرَهُ مِنْ إطْلَاقِ الْخَاصِّ وَإِرَادَةِ الْعَامِّ.

قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ مُرَادًا) أَيْ فِي اللُّغَةِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ مُرَادٌ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ كَمَا تَجِبُ فِي الْمَضْرُوبِ تَجِبُ فِي غَيْرِهِ.

قَوْلُهُ: (وَحِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذْ كَانَ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ شَامِلَيْنِ لِلْمَضْرُوبِ وَغَيْرِهِ وَالْأَثْمَانُ خَاصَّةٌ بِالْمَضْرُوبِ.

وَقَوْلُهُ: (فَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ " الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ " فَإِنَّهُمَا شَامِلَانِ لِغَيْرِ الْمَضْرُوبِ. قَوْلُهُ: (لِتَفْسِيرِ الْأَثْمَانِ) أَيْ لُغَةً، وَقَوْلُهُ " فَإِنَّهُ " أَيْ شُمُولَ الْمَضْرُوبِ وَغَيْرِهِ، وَقَوْلُهُ " لِمَا تَقَدَّمَ " وَهُوَ شُمُولُ الْمَضْرُوبِ وَغَيْرِهِ.

قَوْلُهُ: (بِقَصْدِ الْفِرَارِ) بِكَسْرِ الْفَاءِ، قَالَ تَعَالَى: {قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ} [الأحزاب: ١٦] وَإِنَّمَا كُرِهَ بِقَصْدِ الْفِرَارِ هُنَا بِقَصْدِ تَرْكِ الْقُرْبَةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (لِزِينَةٍ وَحَاجَةٍ) أَيْ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ، وَقَوْلُهُ: فَقَوِيَ الْمَنْعُ فَلِذَاكِرِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>