للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهَا) أَيْ الثِّمَارِ (أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ) بَلْ خَمْسَةٌ كَمَا سَتَعْرِفُهُ وَهِيَ (الْإِسْلَامُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالْمِلْكُ التَّامُّ وَالنِّصَابُ) وَقَدْ عَلِمْت مُحْتَرَزَاتِهَا مِمَّا تَقَدَّمَ.

وَالْخَامِسُ بُدُوُّ الصَّلَاحِ وَهُوَ بُلُوغُهُ صِفَةً يُطْلَبُ فِيهَا غَالِبًا فَعَلَامَتُهُ فِي الثَّمَرِ الْمَأْكُولِ الْمُتَلَوِّنِ أَخْذُهُ فِي حُمْرَةٍ أَوْ سَوَادٍ أَوْ صُفْرَةٍ وَفِي غَيْرِ الْمُتَلَوِّنِ مِنْهُ كَالْعِنَبِ الْأَبْيَضِ لِينُهُ وَتَمْوِيهُهُ وَهُوَ صَفَاؤُهُ وَجَرَيَانُ الْمَاءِ فِيهِ إذْ هُوَ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ لَا يَصْلُحُ لِلْأَكْلِ

(وَأَمَّا عُرُوضُ التِّجَارَةِ) جَمْعُ عَرْضٍ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ اسْمٌ لِكُلِّ مَا قَابَلَ النَّقْدَيْنِ مِنْ صُنُوفِ الْأَمْوَالِ (فَتَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهَا) لِخَبَرِ الْحَاكِمِ بِإِسْنَادَيْنِ صَحِيحَيْنِ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ: «فِي الْإِبِلِ صَدَقَتُهَا وَفِي الْغَنَمِ صَدَقَتُهَا وَفِي الْبُرِّ صَدَقَتُهُ» وَهُوَ يُقَالُ لِأَمْتِعَةِ الْبَزَّازِ وَلِلسِّلَاحِ وَلَيْسَ فِيهِ زَكَاةُ عَيْنٍ فَصَدَقَتُهُ زَكَاةُ تِجَارَةٍ وَهِيَ تَقْلِيبُ الْمَالِ بِمُعَاوَضَةٍ لِغَرَضِ الرِّبْحِ (بِالشَّرَائِطِ) الْخَمْسَةِ (الْمَذْكُورَةِ فِي) زَكَاةِ (الْأَثْمَانِ) .

وَتَرَكَ سَادِسًا وَهُوَ أَنْ يُمْلَكَ بِمُعَاوَضَةٍ كَمَهْرٍ وَعِوَضِ خُلْعٍ وَصُلْحٍ عَنْ دَمٍ فَلَا زَكَاةَ فِيمَا مُلِكَ بِغَيْرِ مُعَاوَضَةٍ كَهِبَةٍ بِلَا ثَوَابٍ وَإِرْثٍ وَوَصِيَّةٍ لِانْتِفَاءِ الْمُعَاوَضَةِ.

وَسَابِعًا وَهُوَ أَنْ يَنْوِيَ حَالَ التَّمَلُّكِ التِّجَارَةَ لِتَتَمَيَّزَ عَنْ الْقِنْيَةِ، وَلَا يَجِبُ تَجْدِيدُهَا فِي كُلِّ تَصَرُّفٍ بَلْ تَسْتَمِرُّ مَا لَمْ يَنْوِ الْقِنْيَةَ، فَإِنْ نَوَاهَا انْقَطَعَ الْحَوْلُ فَيَحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِ النِّيَّةِ مَقْرُونَةً بِتَصَرُّفٍ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

مَحَلُّ الِاخْتِصَاصِ فَهُوَ تَقْيِيدٌ لِلنَّفْيِ الْعَامِّ قَبْلَهُ، فَلَا يُنَافِي أَنَّ كُلَّ نَوْعٍ مِنْ الْأَشْجَارِ بَلْ سَائِرُ النَّبَاتِ فِيهِ ذَكَرٌ وَأُنْثَى. وَانْظُرْ هَلْ يَدُلُّ لَهُ: {وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ} [الذاريات: ٤٩] . اهـ. م د.

قَوْلُهُ: (عَيْنَ الدَّجَّالِ) أَيْ الَّتِي يُبْصِرُ بِهَا وَأَمَّا الْأُخْرَى فَهِيَ مَمْسُوخَةٌ.

قَوْلُهُ: (بِحَبَّةِ الْعِنَبِ) أَيْ الْبَارِزَةِ الْخَارِجَةِ عَنْ بَقِيَّةِ الْحَبَّاتِ. وَلَوْ قَيَّدَ الشَّارِحُ بِذَلِكَ لَكَانَ أَوْلَى؛ وَوَجْهُ الشَّبَهِ خُرُوجُ عَيْنِهِ وَبُرُوزُهَا فِي وَجْهِهِ. فَقَوْلُ الشَّارِحِ " لِأَنَّهَا أَصْلُ الْخَمْرِ إلَخْ " غَيْرُ مُنَاسِبٍ. اهـ. ق ل. قَوْلُهُ: (وَهِيَ) أَيْ الْخَمْرَةُ. وَحُكِيَ أَنَّ آدَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمَّا غَرَسَ الْكَرْمَةَ جَاءَ إبْلِيسُ فَذَبَحَ عَلَيْهَا طَاوُسًا فَشَرِبَتْ دَمَهُ، فَلَمَّا طَلَعَتْ أَوْرَاقُهَا ذَبَحَ عَلَيْهَا قِرْدًا فَشَرِبَتْ دَمَهُ، فَلَمَّا طَلَعَتْ ثَمَرَتُهَا ذَبَحَ عَلَيْهَا أَسَدًا فَشَرِبَتْ دَمَهُ، فَلَمَّا انْتَهَتْ ثَمَرَتُهَا ذَبَحَ عَلَيْهَا خِنْزِيرًا فَشَرِبَتْ دَمَهُ؛ فَكَذَا شَارِبُ الْخَمْرِ تَعْتَرِيهِ هَذِهِ الْأَوْصَافُ الْأَرْبَعَةُ؛ وَذَلِكَ أَنَّهُ أَوَّلَ مَا يَشْرَبُهَا تَدِبُّ فِي أَعْضَائِهِ فَيَزْهُو لَوْنُهُ وَيَحْسُنُ كَمَا يَحْسُنُ الطَّاوُسُ، فَإِذَا جَاءَ مَبَادِئُ السُّكْرِ لَعِبَ وَصَفَّقَ وَرَقَصَ كَمَا يَفْعَلُ الْقِرْدُ، فَإِذَا قَوِيَ السُّكْرُ وَجَاءَتْ الصُّورَةُ الْأَسْدِيَةُ عَبَثَ وَعَرْبَدَ وَهَذَى بِمَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ ثُمَّ يَتَنَقَّصُ كَمَا يَتَنَقَّصُ الْخِنْزِيرُ وَيَطْلُبُ النَّوْمَ. اهـ. نَسَّابَةٌ.

قَوْلُهُ: (وَالْخَامِسُ بُدُوُّ الصَّلَاحِ) كَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَذْكُرَ اشْتِدَادَ الْحَبِّ فِيمَا تَقَدَّمَ كَمَا ذَكَرَ بُدُوَّ الصَّلَاحِ هُنَا؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا شَرْطٌ لِلْوُجُودِ.

قَوْلُهُ: (يُطْلَبُ فِيهَا) أَيْ بِسَبَبِهَا أَوْ فِي أَوَانِهَا، فَيَكُونُ كَلَامُهُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ. وَقَوْلُهُ " فَعَلَامَتُهُ " أَيْ بُدُوِّ الصَّلَاحِ.

قَوْلُهُ: (وَفِي غَيْرِ الْمُتَلَوِّنِ) الْمُرَادُ بِالْمُتَلَوِّنِ الَّذِي يَحْدُثُ لَهُ لَوْنٌ بَعْدَ آخَرَ كَمَا تُشْعِرُ بِهِ الصِّيغَةُ فَصَحَّ التَّمْثِيلُ بِقَوْلِهِ كَالْعِنَبِ الْأَبْيَضِ؛ لِأَنَّ الْبَيَاضَ لَازِمٌ لَهُ مِنْ حِينِ ظُهُورِهِ فَلَا يُقَالُ لَهُ مُتَلَوِّنٌ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ.

قَوْلُهُ: (لَا يَصْلُحُ لِلْأَكْلِ) أَيْ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الزَّكَاةُ.

قَوْلُهُ: (وَهِيَ) أَيْ لُغَةً وَكَذَا شَرْعًا بِزِيَادَةٍ مَعَ النِّيَّةِ م د. وَقَدْ يُقَالُ تَقْلِيبُ الْمَالِ لِغَرَضِ الرِّبْحِ يَلْزَمُ مِنْهُ نِيَّةُ التِّجَارَةِ. قَوْلُهُ: (لِغَرَضِ) الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ، قَوْلُهُ: (بِلَا ثَوَابٍ) أَيْ عِوَضٍ.

قَوْلُهُ: (وَهُوَ أَنْ يَنْوِيَ إلَخْ) فَإِذَا اشْتَرَى عَرْضًا لِلتِّجَارَةِ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّتِهَا فِي كُلِّ تَصَرُّفٍ إلَى أَنْ يَفْرُغَ رَأْسُ مَالِ التِّجَارَةِ، وَقَوْلُهُ " وَلَا يَجِبُ تَجْدِيدُهَا فِي كُلِّ تَصَرُّفٍ " أَيْ بَعْدَ شِرَائِهِ بِجَمِيعِ رَأْسِ مَالِ التِّجَارَةِ لِانْسِحَابِ حُكْمِ التِّجَارَةِ عَلَيْهِ ح ل وح ف. وَقَالَ ح ف: وَأَوَّلُ الْحَوْلِ مِنْ أَوَّلِ الشِّرَاءِ.

قَوْلُهُ: (وَهُوَ أَنْ يَنْوِيَ حَالَ التَّمَلُّكِ التِّجَارَةَ) وَقَالَ ح ل: تَكْفِي النِّيَّةُ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ، وَنَقَلَهُ الْإِطْفِيحِيُّ عَنْ شَيْخِهِ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ نَوَاهَا) أَيْ الْقِنْيَةَ وَهِيَ الْإِمْسَاكُ لِلِانْتِفَاعِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>