للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِنْهَا لَا أَعْلَاهَا وَلَا أَدْنَاهَا رِعَايَةً لِلْجَانِبَيْنِ، وَلَوْ تَكَلَّفَ وَأَخْرَجَ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ قِسْطَهُ جَازَ بَلْ هُوَ الْأَفْضَلُ.

وَالسُّلْتُ بِضَمِّ السِّينِ وَسُكُونِ اللَّامِ جِنْسٌ مُسْتَقِلٌّ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الشَّعِيرَ فِي بُرُودَةِ الطَّبْعِ وَالْحِنْطَةَ فِي اللَّوْنِ وَالْمَلَاسَةِ فَاكْتَسَبَ مِنْ تَرَكُّبِ الشَّبَهَيْنِ طَبْعًا انْفَرَدَ بِهِ وَصَارَ أَصْلًا بِرَأْسِهِ فَلَا يُضَمُّ إلَى غَيْرِهِ

(وَأَمَّا الثِّمَارُ فَتَجِبُ الزَّكَاةُ فِي شَيْئَيْنِ مِنْهَا) فَقَطْ وَهُمَا (ثَمَرَةُ النَّخْلِ وَثَمَرَةُ الْكَرْمِ) أَيْ الْعِنَبِ لِأَنَّهُمَا مِنْ الْأَقْوَاتِ الْمُدَّخَرَةِ، وَلَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِالْعِنَبِ لَكَانَ أَوْلَى لِوُرُودِ النَّهْيِ عَنْ تَسْمِيَتِهِ بِالْكَرْمِ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تُسَمُّوا الْعِنَبَ كَرْمًا إنَّمَا الْكَرْمُ الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

قِيلَ سُمِّيَ كَرْمًا مِنْ الْكَرْمِ بِفَتْحِ الرَّاءِ لِأَنَّ الْخَمْرَةَ الْمُتَّخَذَةَ مِنْهُ تُحْمَلُ عَلَيْهِ فَكُرِهَ أَنْ يُسَمَّى بِهِ وَجُعِلَ الْمُؤْمِنُ أَحَقَّ بِمَا يُشْتَقُّ مِنْ الْكَرْمِ يُقَالُ رَجُلٌ كَرْمٌ بِإِسْكَانِ الرَّاءِ وَفَتْحِهَا أَيْ كَرِيمٌ.

وَثَمَرَاتُ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ أَفْضَلُ الثِّمَارِ وَشَجَرُهُمَا أَفْضَلُ بِالِاتِّفَاقِ، وَاخْتَلَفُوا فِي أَيُّهَا أَفْضَلُ، وَالرَّاجِحُ أَنَّ النَّخْلَ أَفْضَلُ لِوُرُودِ " أَكْرِمُوا عَمَّاتِكُمْ النَّخْلَ الْمَطْعَمَاتِ فِي الْمَحَلِّ وَإِنَّهَا خُلِقَتْ مِنْ طِينَةِ آدَمَ " وَالنَّخْلُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعِنَبِ فِي جَمِيعِ الْقُرْآنِ، وَشَبَّهَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - النَّخْلَةَ بِالْمُؤْمِنِ فَإِنَّهَا تَشْرَبُ بِرَأْسِهَا، فَإِذَا قُطِعَ مَاتَتْ، وَيُنْتَفَعُ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهَا وَهِيَ الشَّجَرَةُ الطَّيِّبَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْقُرْآنِ، فَكَانَتْ أَفْضَلَ وَلَيْسَ فِي الشَّجَرِ شَجَرٌ فِيهِ ذَكَرٌ وَأُنْثَى تَحْتَاجُ الْأُنْثَى فِيهِ إلَى الذَّكَرِ سِوَاهُ، وَشَبَّهَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَيْنَ الدَّجَّالِ بِحَبَّةِ الْعِنَبِ لِأَنَّهَا أَصْلُ الْخَمْرِ وَهِيَ أُمُّ الْخَبَائِثِ

(وَشَرَائِطُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

بَعْضًا مِنْ كُلٍّ لِلْمَشَقَّةِ زِيّ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ عَسِرَ إخْرَاجُهُ) أَيْ الْقِسْطِ. قَوْلُهُ: (لَا أَعْلَاهَا) أَيْ لَا يَجِبُ إخْرَاجُهُ فَلَوْ أَخْرَجَ الْأَعْلَى أَجْزَأَ وَزَادَ خَيْرًا ع ش وق ل قَوْلُهُ: (وَلَا أَدْنَاهَا) أَيْ لَا يُجْزِئُ الْإِخْرَاجُ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (لِلْجَانِبَيْنِ) أَيْ جَانِبِ الْمَالِكِ وَجَانِبِ الْآخِذِ. قَوْلُهُ: (وَالسُّلْتُ) وَهُوَ الَّذِي تُسَمِّيهِ الْعَامَّةُ شَعِيرَ بِنْتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ع ش وق ل.

قَوْلُهُ: (طَبْعًا) أَيْ وَصْفًا.

قَوْلُهُ: (فَلَا يُضَمُّ إلَى غَيْرِهِ) وَالْقَوْل الثَّانِي أَنَّهُ شَعِيرٌ فَيُضَمُّ إلَى الشَّعِيرِ، وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ أَنَّهُ بُرٌّ فَيُضَمُّ إلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (سُمِّيَ إلَخْ) حَكَاهُ بِقِيلَ لِعَدَمِ صِحَّةِ مَا ذُكِرَ فِيهِ ق ل.

وَالضَّمِيرُ الْمُسْتَتِرُ فِي " سُمِّيَ " عَائِدٌ عَلَى الْعِنَبِ. قَوْلُهُ: (فَكُرِهَ) الْمُنَاسِبُ ذِكْرُهُ عَقِبَ الْحَدِيثِ. قَوْلُهُ: (بِمَا يُشْتَقُّ مِنْ الْكَرْمِ) وَهُوَ كَرِيمٌ. قَوْلُهُ: (أَيْ كَرِيمٌ) فَهُوَ مِنْ الْوَصْفِ بِالْمَصْدَرِ كَرَجُلٍ عَدْلٍ. قَوْلُهُ: (فِي أَيُّهَا أَفْضَلُ) أَيْ فِي جَوَابِ هَذَا الِاسْتِفْهَامِ. قَوْلُهُ: (أَنَّ النَّخْلَ أَفْضَلُ) وَذَكَرَ لَهُ أَدِلَّةً خَمْسَةً مَجْمُوعُ الْأَدِلَّةِ خَاصٌّ بِالنَّخْلِ وَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا يُوجَدُ فِي الْعِنَبِ: الْأَوَّلُ قَوْلُهُ: " لِوُرُودِ إلَخْ ".

الثَّانِي: أَنَّهَا خُلِقَتْ مِنْ طِينِ آدَمَ الثَّالِثُ: أَنَّ النَّخْلَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعِنَبِ: الرَّابِعُ: أَنَّهُ شَبَّهَ النَّخْلَةَ بِالْمُؤْمِنِ. الْخَامِسُ: أَنَّهَا الشَّجَرَةُ الطَّيِّبَةُ. وَهَذَا كُلُّهُ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ النَّخْلِ؛ فَلِذَلِكَ فَرَّعَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ " فَكَانَتْ أَفْضَلَ " وَقَوْلَهُ " أَكْرِمُوا إلَخْ " وَإِكْرَامُهَا أَنْ يُقَلِّمَهَا وَيُنَظِّفَهَا مِنْ الْجَرِيدِ وَالْكِرْنَافِ وَالسَّعَفِ وَاللِّيفِ الزَّائِدِ مِنْ غَيْرِ إجْحَافٍ وَيَذَرَهَا بِالطَّلْعِ وَيَسْقِيَهَا عِنْدَ احْتِيَاجِهَا لَهُ وَقَطْعُ ثَمَرِهَا بِرِفْقٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الْإِكْرَامِ. وَهَذَا الْحَدِيثُ مَوْضُوعٌ كَمَا قَالَهُ ح ف وَقِيلَ ضَعِيفٌ.

قَوْلُهُ: (الْمُطْعِمَاتِ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ، أَيْ الَّتِي تُطْعِمُ ثِمَارَهَا فِي الْمَحَلِّ أَيْ الْقَحْطِ وَالْمَجَاعَةِ.

قَوْلُهُ: (وَإِنَّهَا) أَيْ وَلِأَنَّهَا أَفْضَلُ، فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى " لِوُرُودِ " وَفِيهِ أَنَّ هَذَا لَا يُنْتِجَ الْأَفْضَلِيَّةَ؛ لِأَنَّ الْعِنَبَ وَالرُّمَّانَ خُلِقَا أَيْضًا مِنْ طِينَةِ آدَمَ أَيْ مِنْ فَضْلِ طِينَةِ آدَمَ كَمَا فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ لِلسُّيُوطِيِّ.

قَوْلُهُ: (وَالنَّخْلُ مُقَدَّمٌ) هَذَا يَصْلُحُ دَلِيلًا لِلْأَفْضَلِيَّةِ فَيَصِحُّ نَسَبُ النَّخْلِ عَطْفًا عَلَى اسْمِ " إنَّ " أَيْ وَلِأَنَّ النَّخْلَ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (وَشَبَّهَ إلَخْ) هَذَا أَيْضًا يَصْلُحُ دَلِيلًا لِلْأَفْضَلِيَّةِ تَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (فِي جَمِيعِ الْقُرْآنِ) أَيْ إذَا اجْتَمَعَا وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا فَاصِلٌ، فَلَا يَرِدُ قَوْله تَعَالَى فِي سُورَةِ عَبَسَ: {وَعِنَبًا وَقَضْبًا} [عبس: ٢٨] {وَزَيْتُونًا وَنَخْلا} [عبس: ٢٩] فَإِنَّهُ قَدَّمَ فِيهَا الْعِنَبَ عَلَى النَّخْلِ تَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (فَإِنَّهَا تَشْرَبُ بِرَأْسِهَا) أَيْ لِأَنَّ الْمَاءَ يَصْعَدُ مِنْ جِذْرِهَا إلَى رَأْسِهَا اهـ.

قَوْلُهُ: (وَهِيَ الشَّجَرَةُ الطَّيِّبَةُ) الْأَوْلَى أَنْ يَجْعَلَ هَذَا دَلِيلًا لِلْأَفْضَلِيَّةِ بِأَنْ يَقُولَ: وَلِأَنَّهَا الشَّجَرَةُ الطَّيِّبَةُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ " فَكَانَتْ أَفْضَلَ " قَوْلُهُ: (تَحْتَاجُ الْأُنْثَى إلَخْ) هَذَا هُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>