للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَجْمُوعِ، وَالْمُرَادُ بِالدَّرَاهِمِ الدَّرَاهِمُ الْإِسْلَامِيَّةُ الَّتِي كُلُّ عَشَرَةٍ مِنْهَا سَبْعَةُ مَثَاقِيلَ، وَكُلُّ عَشَرَةِ مَثَاقِيلَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا وَسَبْعُونَ، وَكَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مُخْتَلِفَةً ثُمَّ ضُرِبَتْ فِي زَمَنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَقِيلَ عَبْدِ الْمَلِكِ عَلَى هَذَا الْوَزْنِ وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ، وَوَزْنُ الدِّرْهَمِ سِتَّةُ دَوَانِقَ وَالدَّانَقُ ثَمَانُ حَبَّاتٍ وَخُمْسَا حَبَّةٍ، فَالدِّرْهَمُ خَمْسُونَ حَبَّةً وَخُمْسَا حَبَّةٍ، وَمَتَى زِيدَ عَلَى الدِّرْهَمِ ثَلَاثَةُ أَسْبَاعِهِ كَانَ مِثْقَالًا وَمَتَى نَقَصَ مِنْ الْمِثْقَالِ ثَلَاثَةُ أَعْشَارِهِ كَانَ دِرْهَمًا لِأَنَّ الْمِثْقَالَ عَشَرَةُ أَسْبَاعٍ، فَإِذَا نَقَصَ مِنْهَا ثَلَاثَةٌ بَقِيَ دِرْهَمٌ (وَفِيهَا) أَيْ الدَّرَاهِمِ الْمَذْكُورَةِ (رُبْعُ الْعُشْرِ) مِنْهَا (وَهُوَ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَفِي الرِّقَّةِ رُبْعُ الْعُشْرِ»

(وَمَا زَادَ) عَلَى النِّصَابِ وَلَوْ يَسِيرًا (فَبِحِسَابِهِ) وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْمَوَاشِي ضَرَرُ الْمُشَارَكَةِ، وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ مُعَدَّانِ لِلنَّمَاءِ كَالْمَاشِيَةِ السَّائِمَةِ، وَهُمَا مِنْ أَشْرَفِ نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ إذْ بِهِمَا قِوَامُ الدُّنْيَا وَنِظَامُ أَحْوَالِ الْخَلْقِ فَإِنَّ حَاجَاتِ النَّاسِ كَثِيرَةٌ وَكُلُّهَا تُقْضَى بِهِمَا بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا مِنْ الْأَمْوَالِ،

ــ

[حاشية البجيرمي]

عَنْ اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا وَعِنْدَ الطِّيبِيِّ عَشْرُ دَرَاهِمَ وَخَمْسَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ، وَبَعْضُهُمْ سَمَّى هَذِهِ الْأُوقِيَّةَ أُوقِيَّةَ الطِّيبِ قَوْلُهُ: (أَرْبَعَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا إلَخْ) وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْعَشَرَةَ مَثَاقِيلَ تَبْلُغُ سَبْعَمِائَةٍ وَعِشْرِينَ حَبَّةً حَاصِلَةً مِنْ ضَرْبِ عَشَرَةٍ فِي اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ مِقْدَارِ الْمِثْقَالِ، وَالْأَرْبَعَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا تَبْلُغُ سَبْعَمِائَةِ حَبَّةٍ وَخَمْسَةٌ وَثَلَاثَةُ أَخْمَاسٍ حَاصِلَةٌ مِنْ ضَرْبِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ فِي خَمْسِينَ وَخُمْسَيْ حَبَّةٍ مِقْدَارِ الدِّرْهَمِ، يَبْقَى مِنْ السَّبْعِمِائَةِ وَالْعِشْرِينَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ وَخُمُسَانِ وَهِيَ مِقْدَارُ سُبْعَيْ الدِّرْهَمِ، تَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (وَكَانَتْ) أَيْ الدَّرَاهِمُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إلَخْ. وَقَوْلُهُ " مُخْتَلِفَةً " وَإِذَا أَرَدْت مَعْرِفَةَ أَخْذِ الدَّرَاهِمِ مِنْ الْمَثَاقِيلِ فَخُذْ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ مِنْ عَشَرَةِ مَثَاقِيلَ يَفْضُلُ مِنْ كُلِّ مِثْقَالٍ ثَلَاثَةُ أَعْشَارِهِ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَسْبَاعِ الدِّرْهَمِ، فَإِذَا ضَرَبْت الثَّلَاثَةَ فِي عَشَرَةٍ تَبْلُغُ ثَلَاثِينَ سُبْعًا ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ مِنْهَا بِأَرْبَعَةِ دَرَاهِمَ يَفْضُلُ سُبْعَانِ.

قَوْلُهُ: (فَالدِّرْهَمُ خَمْسُونَ حَبَّةً) وَجْهُهُ أَنَّ السِّتَّةَ تُضْرَبُ فِي ثَمَانِيَةٍ تَبْلُغُ ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعِينَ ثُمَّ تُضْرَبُ السِّتَّةُ أَيْضًا فِي الْخَمْسِينَ تَبْلُغُ اثْنَيْ عَشَرَ خُمُسَا عَشَرَةٍ مِنْهَا بِحَبَّتَيْنِ فَتَصِيرُ خَمْسِينَ وَيُضَمُّ إلَى ذَلِكَ الْخُمُسَانِ الْبَاقِيَانِ تَبْلُغُ مَا قَالَهُ قَوْلُهُ: (وَمَتَى زِيدَ إلَخْ) وَجْهُهُ أَنَّ ثَلَاثَةَ أَسْبَاعِ الدِّرْهَمِ إحْدَى وَعِشْرُونَ حَبَّةً وَثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ حَبَّةٍ؛ لِأَنَّ تِسْعَةً وَأَرْبَعِينَ ثَلَاثَةُ أَسْبَاعِهَا أَحَدٌ وَعِشْرُونَ؛ لِأَنَّهَا قَائِمَةٌ مِنْ ضَرْبِ سَبْعَةٍ فِي سَبْعَةٍ، يَبْقَى حَبَّةٌ وَخُمْسَانِ ثَلَاثَةُ أَسْبَاعِهَا ثَلَاثَةُ أَخْمَاسٍ، يُضَافُ ذَلِكَ إلَى الْخَمْسِينَ وَخُمُسَيْ الْحَبَّةِ يَحْصُلُ اثْنَانِ وَسَبْعُونَ ثَلَاثَةُ أَعْشَارِهَا أَحَدٌ وَعِشْرُونَ وَثَلَاثَةُ أَخْمَاسٍ؛ شَوْبَرِيٌّ قَوْلُهُ: (عَشَرَةُ أَسْبَاعٍ) أَيْ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ، أَيْ بِالثَّلَاثَةِ أَسْبَاعِ الَّتِي زِيدَتْ عَلَى الدِّرْهَمِ حَتَّى صَارَ مِثْقَالًا.

قَوْلُهُ: (وَفِيهَا رُبْعُ الْعُشْرِ) أَيْ لِكُلِّ عَامٍ كَانَ النِّصَابُ فِيهِ كَامِلًا، بِخِلَافِ الْحُبُوبِ تَجِبُ فِيهَا زَكَاتُهَا سَنَةً فَقَطْ وَلَوْ بَقِيَتْ سِنِينَ. وَالْفَرْقُ أَنَّ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ مُعَدَّانِ لِلنَّمَاءِ، فَمَا دَامَا بَاقِيَيْنِ تَجِبُ زَكَاتُهُمَا بِخِلَافِ الْحُبُوبِ فَإِنَّهَا مُعَرَّضَةٌ لِلْفَسَادِ

قَوْلُهُ: (وَمَا زَادَ إلَخْ) مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ فَبِحِسَابِهِ خَبَرُهُ، وَزِيدَتْ الْفَاءُ لِأَنَّ الْمُبْتَدَأَ أَشْبَهَ الشَّرْطَ فِي الْعُمُومِ. وَهَذَا التَّرْكِيبُ غَيْرُ التَّرْكِيبِ الْمُتَقَدِّمِ فِي الذَّهَبِ قَوْلُهُ: (ضَرَرُ الْمُشَارَكَةِ) أَيْ مُشَارَكَةِ الْفُقَرَاءِ فِي الْمَوَاشِي لَوْ قُلْنَا فِيهَا وَمَا زَادَ فَبِحِسَابِهِ قَوْلُهُ: (وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ دُونَ غَيْرِهِمَا مِنْ الْأَمْوَالِ كَاللُّؤْلُؤِ وَالْيَاقُوتِ قَوْلُهُ: (وَكُلُّهَا تُقْضَى بِهِمَا) وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ أَنَّ آدَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمَّا أَكَلَ مِنْ الشَّجَرَةِ وَأُهْبِطَ إلَى الْأَرْضِ وَأُخْرِجَ مِنْ الْجَنَّةِ بَكَى عَلَيْهِ كُلُّ شَيْءٍ فِيهَا مَا عَدَا الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ، فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إلَيْهِمَا: قَدْ جَاوَرْت بِكُمَا وَلِيًّا مِنْ أَوْلِيَائِي فِي الْجَنَّةِ فَلَمَّا خَرَجَ مِنْهَا بَكَى عَلَيْهِ كُلُّ شَيْءٍ وَأَنْتُمَا لَمْ تَبْكِيَا عَلَيْهِ؟ فَقَالَا: لَا نَبْكِي عَلَى مَنْ عَصَاك، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَأُعِزَّنَّكُمَا، وَلِأَجْعَلَنكُمْ قِيمَةَ كُلِّ شَيْءٍ وَلَا يُشْتَرَى شَيْءٌ إلَّا بِكُمَا اهـ مِنْ كِتَابِ كَشْفِ الْأَسْرَارِ فِيمَا خَفِيَ مِنْ الْأَفْكَارِ لِابْنِ الْعِمَادِ.

وَلَا يَنْبَغِي ذِكْرُ هَذِهِ عِنْدَ الْعَوَامّ لِمَا فِيهَا مِنْ نِسْبَةِ الْعِصْيَانِ لِرَسُولِ اللَّهِ آدَمَ عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ، إذْ لَا يَجُوزُ ذِكْرُهُ إلَّا فِي مَقَامِ تَفْسِيرِ الْآيَةِ كَمَا ذَكَرَ السَّنُوسِيُّ وَغَيْرُهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>