للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِانْتِفَاءِ الْقَصْدِ الْمُحَرَّمِ وَالْمَكْرُوهِ، وَكَذَا لَوْ انْكَسَرَ الْحُلِيُّ الْمُبَاحُ لِلِاسْتِعْمَالِ وَقَصَدَ إصْلَاحَهُ وَأَمْكَنَ بِلَا صَوْغٍ فَلَا زَكَاةَ أَيْضًا وَإِنْ دَامَ أَحْوَالًا لِدَوَامِ صُورَةِ الْحُلِيِّ أَوْ قَصَدَ إصْلَاحَهُ، وَحَيْثُ أَوْجَبْنَا الزَّكَاةَ فِي الْحُلِيِّ وَاخْتَلَفَتْ قِيمَتُهُ وَوَزْنُهُ فَالْعِبْرَةُ بِقِيمَتِهِ لَا بِوَزْنِهِ بِخِلَافِ الْمُحَرَّمِ لِعَيْنِهِ كَالْأَوَانِي فَالْعِبْرَةُ بِوَزْنِهِ لَا بِقِيمَتِهِ، فَلَوْ كَانَ لَهُ حُلِيٌّ وَزْنُهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ وَقِيمَتُهُ ثَلَثُمِائَةٍ تَخَيَّرَ بَيْنَ أَنْ يُخْرِجَ رُبْعَ عُشْرِهِ مَشَاعًا ثُمَّ يَبِيعَهُ السَّاعِي بِغَيْرِ جِنْسِهِ وَيُفَرِّقَ ثَمَنَهُ عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ، أَوْ يُخْرِجَ خَمْسَةً مَصُوغَةً قِيمَتُهَا سَبْعَةٌ وَنِصْفٌ نَقْدًا.

وَلَا يَجُوزُ كَسْرُهُ لِيُعْطِيَ مِنْهُ خَمْسَةً مُكَسَّرَةً لِأَنَّ فِيهِ ضَرَرًا عَلَيْهِ وَعَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ، أَوْ كَانَ لَهُ إنَاءٌ كَذَلِكَ تَخَيَّرَ بَيْنَ أَنْ يُخْرِجَ خَمْسَةً مِنْ غَيْرِهِ أَوْ يُكَسِّرَهُ وَيُخْرِجَ خَمْسَةً أَوْ يُخْرِجَ رُبْعَ عُشْرِهِ مَشَاعًا

وَيَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ حُلِيُّ الذَّهَبِ وَلَوْ فِي آلَةِ الْحَرْبِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أُحِلَّ الذَّهَبُ وَالْحَرِيرُ لِإِنَاثِ أُمَّتِي وَحُرِّمَ عَلَى ذُكُورِهَا إلَّا الْأَنْفَ إذَا جُدِعَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُتَّخَذَ مِنْ الذَّهَبِ» لِأَنَّ بَعْضَ الصَّحَابَةِ قُطِعَ أَنْفُهُ فِي غَزْوَةٍ فَاِتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ فِضَّةٍ فَأَنْتَنَ عَلَيْهِ، فَأَمَرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَتَّخِذَهُ مِنْ ذَهَبٍ " وَإِلَّا الْأُنْمُلَةَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ اتِّخَاذُهَا لِمَنْ قُطِعَتْ مِنْهُ وَلَوْ لِكُلِّ أُصْبُعٍ مِنْ الذَّهَبِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

اسْتِعْمَالُهُ لِوُجُودِ سَرَفٍ قَلِيلٍ، مَرْحُومِيٌّ.

وَهَذَا عَلَى كَلَامِ الشَّارِحِ، وَسَيَأْتِي أَنَّ الْمُعْتَمَدَ حُرْمَةُ السَّرَفِ مُطْلَقًا وَعَلَى كُلٍّ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ.

قَوْلُهُ: (وَأَمْكَنَ بِلَا صَوْغٍ) بِأَنْ أَمْكَنَ بِإِلْحَامِ، شَرْحُ الْمَنْهَجِ. قَوْلُهُ: (وَقَصَدَ إصْلَاحَهُ) أَيْ عِنْدَ عِلْمِهِ بِالِانْكِسَارِ، فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِالِانْكِسَارِ إلَّا بَعْدَ عَامٍ أَوْ أَكْثَرَ فَقَصَدَ إصْلَاحَهُ فَلَا زَكَاةَ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ يُبَيِّنُ أَنَّهُ كَانَ مُرْصِدًا لَهُ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْوَسِيطِ. فَلَوْ عَلِمَ انْكِسَارَهُ وَلَمْ يَقْصِدْ إصْلَاحَهُ حَتَّى مَضَى عَامٌ وَجَبَتْ زَكَاتُهُ، فَإِنْ قَصَدَ بَعْدَهُ إصْلَاحَهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا وُجُوبَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ اهـ بِحُرُوفِهِ. فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ إصْلَاحَهُ بَلْ قَصَدَ جَعْلَهُ تِبْرًا أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ كَنَزَهُ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا أَوْ أَحْوَجَ انْكِسَارُهُ إلَى سَبْكٍ وَصَوْغٍ فَيَجِبُ زَكَاتُهُ، وَيَنْعَقِدُ حَوْلُهُ مِنْ حِينِ انْكِسَارِهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَعْمَلٍ وَلَا مُعَدٍّ لِلِاسْتِعْمَالِ؛ شَرْحُ الرَّوْضِ.

قَوْلُهُ: (وَحَيْثُ أَوْجَبْنَا إلَخْ) أَيْ بِأَنْ كَانَ مُحَرَّمًا أَوْ مَكْرُوهًا؛ فَالْأَوَّلُ كَأَنْ قَصَدَ الرَّجُلُ اسْتِعْمَالَهُ وَكَأَنْ أَسْرَفَ فِي حِلْيَةِ آلَةِ الْحَرْبِ، وَالثَّانِي كَأَنْ أَسْرَفَتْ الْمَرْأَةُ فِي حُلِيِّهَا وَكَأَنْ قَصَدَ الرَّجُلُ إجَارَتَهُ لِمَنْ يَسْتَعْمِلُهُ بِكَرَاهَةٍ. فَفَرْقٌ بَيْنَ سَرَفِ الرَّجُلِ وَسَرَفِ الْمَرْأَةِ، فَالْأَوَّلُ حَرَامٌ وَالثَّانِي مَكْرُوهٌ. قَوْلُهُ: (فَالْعِبْرَةُ بِقِيمَتِهِ) أَيْ وَوَزْنِهِ، وَقَوْلُهُ لَا بِوَزْنِهِ، أَيْ فَقَطْ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ " أَوْ يُخْرِجَ خَمْسَةً مَصُوغَةً قِيمَتُهَا سَبْعَةٌ وَنِصْفٌ " كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ.

قَوْلُهُ: (قِيمَتُهَا سَبْعَةٌ وَنِصْفٌ) أَيْ لِأَنَّ السَّبْعَةَ وَالنِّصْفَ رُبْعُ عُشْرِ الثَّلَثِمِائَةِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ كَانَ لَهُ إنَاءٌ كَذَلِكَ) أَيْ وَزْنُهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ وَقِيمَتُهُ ثَلَثُمِائَةٍ، وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ عَلَى الْمَنْهَجِ: وَلَوْ اخْتَلَفَ قِيمَةُ الْحُلِيِّ الْمُحَرَّمِ أَوْ الْمَكْرُوهِ وَوَزْنُهُ كَأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ ثَلَثَمِائَةٍ وَوَزْنُهُ مِائَتَيْنِ اُعْتُبِرَتْ الْقِيمَةُ أَيْ إذَا كَانَ تَحْرِيمُهُ عَارِضًا بِأَنْ صِيغَ لِامْرَأَةٍ وَاسْتَعْمَلَهُ الرَّجُلُ وَإِلَّا اُعْتُبِرَ الْوَزْنُ فَقَطْ كَالْإِنَاءِ اهـ. فَلَوْ كَانَ آنِيَةً فَلَا أَثَرَ لِزِيَادَةِ الْقِيمَةِ لِأَنَّ ارْتِفَاعَ الْقِيمَةِ بِالصَّنْعَةِ وَهِيَ مُحَرَّمَةٌ. اهـ. ح ل. وَنَقَلَهُ ع ش عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ يُكَسِّرَهُ) وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحُلِيِّ الْمُحَرَّمِ حَيْثُ لَا يَجُوزُ كَسْرُهُ كَمَا سَبَقَ بِأَنَّ الْإِنَاءَ مُحَرَّمٌ لِعَيْنِهِ وَلَا كَذَلِكَ الْحُلِيُّ، لَكِنْ قَدْ يُقَالُ فِي الْكَسْرِ ضَرَرٌ عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ لِأَنَّ الْخَمْسَةَ الْمَكْسُورَةَ لَا تُسَاوِي قِيمَتَهَا فِي حَالِ اتِّصَالِهَا وَهِيَ سَبْعَةٌ وَنِصْفٌ.

قَوْلُهُ: (وَيُخْرِجَ خَمْسَةً) أَيْ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ.

قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ حُلِيُّ الذَّهَبِ) نَعَمْ إنْ صَدِئَ بِحَيْثُ لَا يَتَبَيَّنُ الذَّهَبُ لَمْ يَحْرُمْ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ، أَيْ وَكَثُرَ الصَّدَأُ بِحَيْثُ يَحْصُلُ مِنْهُ شَيْءٌ بِعَرْضِهِ عَلَى النَّارِ؛ يُقَالُ: صَدِئَ يَصْدَأُ بِالْهَمْزِ مِنْ بَابِ تَعِبَ.

وَلَا يُنَافِي هَذَا قَوْلُهُمْ: إنَّ الذَّهَبَ لَا يَصْدَأُ؛ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْغَالِبِ أَوْ عَلَى نَوْعٍ مِنْهُ أَوْ عَلَى الْخَالِصِ دُونَ مَا خَالَطَهُ غَيْرُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (إلَّا الْأَنْفَ) جُمْلَةُ الْمُسْتَثْنَى ثَلَاثَةٌ. قَوْلُهُ: (إذَا جُدِعَ) بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، أَيْ قُطِعَ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ بَعْضَ الصَّحَابَةِ) هُوَ عَرْفَجَةُ بْنُ أَسْعَدَ قُطِعَ أَنْفُهُ يَوْمَ الْكُلَابِ بِضَمِّ الْكَافِ وَتَخْفِيفِ اللَّامِ اسْمٌ لِمَكَانٍ كَانَتْ الْوَقْعَةُ عِنْدَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، مَرْحُومِيٌّ.

قَوْلُهُ: (أَنْ يَتَّخِذَهُ مِنْ ذَهَبٍ) فَاتَّخَذَهُ.

قَوْلُهُ: (وَإِلَّا الْأُنْمُلَةَ) أَيْ الْعُلْيَا لَا السُّفْلَى وَلَا الْأُنْمُلَتَيْنِ؛ وَالْأُنْمُلَةُ بِتَثْلِيثِ الْهَمْزَةِ وَالْمِيمِ كَمَا قَالَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>