للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهَا وَكَذَا إذَا كَانَتْ مَجْهُولَةً عَلَى الْأَصَحِّ كَبَيْعِ الْغَالِيَةِ وَالْمَعْجُونَاتِ.

وَيُكْرَهُ لِغَيْرِ الْإِمَامِ ضَرْبُ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَلَوْ خَالِصَةً لِأَنَّهُ مِنْ شَأْنِ الْإِمَامِ وَلِأَنَّ فِيهِ افْتِيَاتًا عَلَيْهِ

(وَلَا تَجِبُ فِي الْحُلِيِّ الْمُبَاحِ) مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ كَخَلْخَالٍ لِامْرَأَةٍ (زَكَاةٌ) لِأَنَّهُ مُعَدٌّ لِاسْتِعْمَالٍ مُبَاحٍ فَأَشْبَهَ الْعَوَامِلَ مِنْ النَّعَمِ، وَيُزَكِّي الْمُحَرَّمَ مِنْ حُلِيٍّ وَمِنْ غَيْرِهِ كَالْأَوَانِي بِالْإِجْمَاعِ وَكَذَا الْمَكْرُوهُ كَالضَّبَّةِ الْكَبِيرَةِ مِنْ الْفِضَّةِ لِلْحَاجَةِ وَالصَّغِيرَةِ لِلزِّينَةِ، وَمِنْ الْمُحَرَّمِ الْمِيلُ لِلْمَرْأَةِ وَغَيْرِهَا فَيَحْرُمُ عَلَيْهِمَا.

نَعَمْ لَوْ اتَّخَذَ شَخْصٌ مِيلًا مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ لِجَلَاءِ عَيْنِهِ فَهُوَ مُبَاحٌ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ، وَالسِّوَارُ وَالْخَلْخَالُ لِلُبْسِ الرَّجُلِ بِأَنْ يَقْصِدَهُ بِاِتِّخَاذِهِمَا فَهُمَا مُحَرَّمَانِ بِالْقَصْدِ، وَالْخُنْثَى فِي حُلِيِّ النِّسَاءِ كَالرَّجُلِ وَفِي حُلِيِّ الرِّجَالِ كَالْمَرْأَةِ احْتِيَاطًا لِلشَّكِّ فِي إبَاحَتِهِ، فَلَوْ اتَّخَذَ الرَّجُلُ سِوَارًا مَثَلًا بِلَا قَصْدٍ لَا لِلُبْسٍ وَلَا لِغَيْرِهِ أَوْ بِقَصْدِ إجَارَتِهِ لِمَنْ لَهُ اسْتِعْمَالُهُ بِلَا كَرَاهَةٍ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

عَلَيْهِ، وَهِيَ نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ الطِّيبِ مُرَكَّبٌ مِنْ كَافُورٍ وَعُودٍ وَعَنْبَرٍ. قَوْلُهُ: (وَالْمَعْجُونَاتِ) أَيْ فَإِنَّهَا يَصِحُّ بَيْعُهَا، وَلَوْ كَانَتْ أَجْزَاؤُهَا مَجْهُولَةً.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ خَالِصَةً) مَا قَبْلَ الْغَايَةِ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِغَيْرِ الْإِمَامِ ضَرْبُ الْمَغْشُوشِ، بَلْ يَحْرُمُ وَيُكْرَهُ ضَرْبُ السَّالِمِ.

وَأَمَّا الْإِمَامُ فَيُكْرَهُ لَهُ ضَرْبُ الْمَغْشُوشِ إذَا كَانَ مُسْتَهْلَكًا، وَلَا يُكْرَهُ ضَرْبُ السَّلِيمِ. وَكَانَ الْأَوْلَى إذَا كَانَتْ خَالِصَةً؛ لِأَنَّ مَفْهُومَ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْغَيْرِ ضَرْبُ الْمَغْشُوشِ مَعَ أَنَّهُ حَرَامٌ عَلَيْهِ وَلَوْ مُسْتَهْلَكًا.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ) أَيْ ضَرْبَ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ، وَقَوْلُهُ: " مِنْ شَأْنِ الْإِمَامِ " أَيْ طَرِيقَتُهُ، وَقَوْلُهُ: " افْتِيَاتًا " أَيْ تَعَدِّيًا.

قَوْلُهُ: (وَلَا تَجِبُ فِي الْحُلِيِّ الْمُبَاحِ) أَيْ إنْ عَلِمَهُ وَلَمْ يَنْوِ كَنْزَهُ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْهُ بِأَنْ وَرِثَهُ وَلَمْ يَعْلَمْهُ حَتَّى مَضَى حَوْلٌ فَتَجِبُ زَكَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِ إمْسَاكَهُ لِاسْتِعْمَالٍ مُبَاحٍ، وَكَذَا لَوْ نَوَى كَنْزَهُ؛ شَرْحُ الْمَنْهَجِ مُلَخَّصًا. وَعَدَمُ وُجُوبِهَا فِي الْحُلِيِّ الْمُبَاحِ مَذْهَبُنَا وَكَذَا عِنْدَ مَالِكٍ وَرِوَايَةٌ مُخْتَارَةٌ عَنْ أَحْمَدَ. وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَتَجِبُ الزَّكَاةُ فِي الْحُلِيِّ مُطْلَقًا، أَيْ سَوَاءٌ كَانَ لِرَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ كَمَا نَقَلَهُ م د عَلَى التَّحْرِيرِ.

وَالْحُلِيُّ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِهِ مَعَ كَسْرِ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَاحِدُهُ " حَلْيٌ " بِفَتْحِ الْحَاءِ وَإِسْكَانِ اللَّامِ، وَهُوَ مَا يَتَحَلَّى أَيْ يُتَزَيَّنُ بِهِ لُبْسًا أَوْ نَحْوَهُ، وَأَصْلُهُ أَيْ الْحُلِيِّ الْمُشَدَّدِ الْيَاءِ " حَلُوي " عَلَى وَزْنِ فَعُولٍ قُلِبَتْ الْوَاوُ يَاءً لِاجْتِمَاعِهَا مَعَ الْيَاءِ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ وَأُدْغِمَتْ فِي الْيَاءِ ثُمَّ كُسِرَتْ اللَّامُ صِيَانَةً لِلْيَاءِ، وَيَجُوزُ كَسْرُ الْحَاءِ لِإِتْبَاعِ كَسْرَةِ اللَّامِ اهـ. وَنَظِيرُ حُلِيٍّ جَمْعُ حَلْيٍ ثُدِيٌّ جَمْعُ ثَدْيٍ. وَقَوْلُهُ " الْمُبَاحِ " هَلَّا قَالَ الْمُبَاحَاتِ لِأَجْلِ الْمُطَابَقَةِ، أُجِيبُ بِأَنَّ عَدَمَ الْمُطَابَقَةِ أَوْلَى لِأَنَّ حُلِيًّا جَمْعُ كَثْرَةٍ وَالْأَفْصَحُ فِي وَصْفِهِ عَدَمُ الْمُطَابَقَةِ، لِقَوْلِهِ:

وَجَمْعُ كَثْرَةٍ لِمَا لَا يَعْقِلُ ... الْأَفْصَحُ الْإِفْرَادُ فِيهِ يَافُلُ

وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ " الْمُبَاحِ " غَيْرُهُ وَهُوَ الْمُحَرَّمُ كَحُلِيِّ النِّسَاءِ اتَّخَذَهُ الرَّجُلُ لِيَلْبَسَهُ، وَبِالْعَكْسِ كَمَا فِي السَّيْفِ وَالْمِنْطَقَةِ فَتَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهِ؛ وَمِنْهُ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ الْمَثْقُوبَةُ إذَا جُعِلَتْ فِي قِلَادَةٍ بِنَاءً عَلَى مَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا مِنْ تَحْرِيمِهَا، أَمَّا عَلَى مَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ مِنْ جَوَازِهَا فَلَا زَكَاةَ فِيهَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَحْتَمِلُ كَرَاهَتَهَا، وَعَلَيْهِ فَفِيهَا الزَّكَاةُ كَسَائِرِ الْمَكْرُوهَاتِ، وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: تَجِبُ زَكَاتُهَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.

قَوْلُهُ: (كَخَلْخَالٍ لِامْرَأَةٍ) أَيْ لِلُبْسِهَا بِالْفِعْلِ أَوْ بِالْقُوَّةِ كَأَنْ تَعَدَّدَتْ أَنْوَاعُهُ، وَمِنْهُ حُلِيٌّ اتَّخَذَهُ رَجُلٌ لِيُؤَجِّرَهُ مَثَلًا لِامْرَأَةٍ ق ل. وَقَوْلُهُ " لِيُؤَجِّرَهُ إلَخْ " أَيْ أَوْ لِيُعِيرَهُ لَهَا أَوْ اتَّخَذَهُ لَا بِقَصْدِ شَيْءٍ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ؛ وَلِذَا قَالَ ق ل: مَثَلًا اهـ.

قَوْلُهُ: (وَيُزَكَّى الْمُحَرَّمُ) وَمِنْ الْمُحَرَّمِ مَا يَقَعُ لِنِسَاءِ الْأَرْيَافِ مِنْ الْفِضَّةِ الْمَثْقُوبَةِ أَوْ الذَّهَبِ الْمَخِيطَةِ عَلَى الْقُمَاشِ فَحَرَامٌ كَالدَّرَاهِمِ الْمَثْقُوبَةِ الْمَجْعُولَةِ فِي الْقِلَادَةِ كَمَا مَرَّ، وَقِيَاسُ ذَلِكَ حُرْمَةُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ ثَقْبِ دَرَاهِمَ وَتَعْلِيقِهَا عَلَى رُءُوسِ الْأَوْلَادِ الصِّغَارِ كَمَا قَالَهُ ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (فَيُحَرَّمُ عَلَيْهِمَا) لِأَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْأَوَانِي. قَوْلُهُ: (لِجِلَاءِ) بِكَسْرِ الْجِيمِ وَالْمَدِّ.

قَوْلُهُ: (وَالسِّوَارُ) بِكَسْرِ السِّينِ أَكْثَرُ مِنْ ضَمِّهَا، شَرْحُ الْمَنْهَجِ.

قَوْلُهُ: (وَفِي حُلِيِّ الرِّجَالِ إلَخْ) كَتَحْلِيَتِهِ آلَةَ حَرْبٍ بِالْفِضَّةِ بِلَا سَرَفٍ وَرُمْحٍ فَإِنَّهَا تَحِلُّ لِلرَّجُلِ لِأَنَّهَا تَغِيظُ الْكُفَّارَ لَا لِلْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى كَالْمَرْأَةِ.

قَوْلُهُ: (بِلَا كَرَاهَةٍ) بِخِلَافِ مَا كُرِهَ

<<  <  ج: ص:  >  >>